لماذا تتخوف السلطات الصحية في العالم من مرض إنفلونزا الدجاج إلى هذا الحد؟ ما هذا المرض؟ وكيف ينتقل بين الطيور؟ وكيف ينتقل إلى الإنسان؟ وهل له علاج وما طرق الوقاية منه؟
فيروس أفيان
فيروس الإنفلونزا عموما يمكن أن يصيب أنواعا كثيرة ومتعددة من الحيوانات مثل الطيور والخنازير والخيول وحتى عجول البحر والحيتان. أما الإنفلونزا التي تصيب الطيور تحديدا فيطلق عليها "فيروس إنفلونزا أفيان" أو فيروس إنفلونزا الدجاج كما اشتهرت به تسميته. واكتسب فيورس أفيان هذه التسمية لأن الدجاج هو أكثر أنواع الطيور الحاضنة لهذا الفيروس والناقلة له.
أنواع الفيروس
استطاع العلماء حتى الآن حصر 15 نوعا من فيروس إنفلونزا الدجاج وتأكدوا من أن خمسة أنواع فقط منها هي التي تصيب الإنسان، وهذه الأنواع هي HA1, HA2, HA3 و NA1, NA2.
هذا الفيروس غير مؤذ للطيور في عمومها أي أن الطيور في مجملها يمكن أن تتعايش معه، لكن ضرره وتأثيره الكبير يظهران بصورة واضحة في الطيور الداجنة مثل الدجاج والحبش (الديوك الرومية) وبالأخص إذا أصيبت بالفيروس من نوع H5 وH7 . فإذا أصيبت هذه الطيور بهذا الفيروس فإنه تظهر عليها أعراض مرضية مثل الإعياء الشديد الذي يصل إلى النفوق.
الفيروس والدجاج
يفضل فيروس أفيان الكمون في دماء الطيور ولعابها وأمعائها وفي أنوفها، ويخرج مع ذراقها (برازها) وهنا مكمن الخطورة حيث يجف هذا الذراق ويتحول إلى ذرات للغبار يستنشقها الدجاج السليم وكذلك يستنشقها الإنسان.
وأكثر طرق انتقال العدوى تتمثل في الرذاذ المتطاير من أنوف الدجاج، لكن الطريقة الأكثر انتشارا للفيروس هي طريق البراز.
الفيروس والإنسان
تصيب إنفلونزا الدجاج الإنسان خاصة القريب الصلة بتجمعات الدجاج حيث يتبرز الدجاج المصاب بالفيروس.
وفور إصابة الإنسان بالفيروس تظهر عليه أعراض مشابه لأعراض إصابته بفيروس الإنفلونزا العادية مثل ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالتعب والسعال ووجع في العضلات، ثم تتطور هذه الأعراض إلى تورمات في جفون العينين والتهابات رئوية قد تنتهي بأزمة في التنفس ثم بالوفاة.
مضادات الفيروس
أثبتت الدراسات العلمية حتى الآن أن المضادات التي تؤخذ لعلاج الإنفلونزا العادية يمكن أن تؤخذ لعلاج إنفلونزا الدجاج. فمن أين تأتي التخوفات الحالية إذن؟.
يتخوف العلماء من تحول فيروس أفيان إلى وباء لأن له القدرة على التحور والاتحاد مع فيروس الإنفلونزا العادية الذي يصيب الإنسان، وهنا سوف يصبح الانتقال عن طريق العدوى من شخص إلى شخص أكثر سرعة وخطورة من الانتقال عن طريق الطيور خاصة أن الأجساد البشرية لم تنتج مضادات لهذا النوع الجديد حتى الآن.
وفي هذه الحالة (تحور الفيروس واتحاده بفيروس الإنفلونزا العادية وإصابة الإنسان به) فإن العالم سوف يدخل أجواء مشابهة لتلك التي عاشها أوائل القرن العشرين حينما تعرف الإنسان على وباء الإنفلونزا لأول مرة وعاش معه سنوات مريرة على النحو التالي:
1918-1919 الإنفلونزا الإسبانية H1N1: وتسببت هذه الإنفلونزا في أكبر عدد من الوفاة بهذا الوباء الذي عرفته البشرية في العصر الحديث حيث مات ما بين 20 و50 مليون في العالم من بينهم 500 ألف في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.
1957-1958 الإنفلونزا الآسيوية H2 N2: اكتشف هذا الفيروس للمرة الأولى في الصين أواخر فبراير/شباط 1957 ثم انتشر على مستوى العالم في العام التالي وتسبب في وفاة أعداد كبيرة لم تتوفر إحصائيات دقيقة عنها، لكن الثابت أنه تسبب في وفاة حوالي 70 ألف على الأقل في الولايات المتحدة الأميركية.
1968-1969 إنفلونزا هونغ كونغ H3H2: المشهد الثالث لوباء الإنفلونزا الذي لا يزال في ذاكرة العلماء هو ذاك الذي تسبب في وفاة حوالي 34 ألف شخص في الولايات المتحدة الأميركية كذلك بعد انتقاله إليها من هونغ كونغ الذي اكتشف فيها للمرة الأولى أواخر عام 1968.
أكل الدجاج المصاب
وإلى الآن لم تثبت بالدليل العلمي القاطع إمكانية إصابة الإنسان بالفيروس عن طريق أكل لحم الطيور المصابة. وإن كانت دول الاتحاد الأوروبي -وأخذا بالأحوط- منعت استيراد الدجاج من البلدان التي ثبت انتشار الفيروس فيها بصورة كبيرة مثل تايلند وإندونيسيا وتايوان وكمبوديا وباكستان.
ولا يزال العالم يتابع انتشار هذا الفيروس وهو يحبس أنفاسه متمنيا ألا يعيد التاريخ الوبائي المقيت نفسه
بريد