عبد الله محمد أبكر
التعامل والمعاملة مع الآخرين بمبدأ قد يكون مآله الفشل في المودة الأخوية من حيث يرى المجامل نماءها أو تكونها، مبدأ يرفضه الجميع.
وفي نفس الوقت يفسد للود قضية، ويقفل أبواباً قد تفتح مصراعيها لقبول الأخ الودود الذي لا يتغير وصفه في هذا البيت:
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
مودته تدوم لكل هول = وهل كل مودته تدوم [/poem]
كما لا يتغير هذا البيت لو قرىء طردا، من اليسار إلى اليمين.
فهل يستقبل هول من الأهوال بمبدأ (المجاملة),؟
والمجامل أول ما يخدع نفسه، ومن ثم: (على نفسها جنت براقش).
وعدم المصارحة والمصادقة أو التباحث حولها والمناقشة الهادفة قد يربي حقداً معنوياً في أذن السامع قبل أن يصل إلى قلبه.
ومن ثم تروِّج المجاملة بعد ذلك بوادر الكذب البواح، وما ذاك إلا من نقص الحقيقة في طرح المسائل لإيجاد الحلول لها، أو عدم الاقتناع المسلم به، والذي يرضى به الغير, وكما قيل: المناقشة لا تفسد للود قضية، فهي أداة لفحص المخبوءات المنطوية ووسيلة إلى إخراج النظام التوافقي، واستجلاب الرضا المتساوي علىكفتي ميزان الأخوة والمودة.
ومن المجاملة يبدأ الشك أو الحذر الشخصي المرفوض في المعاملة والسلوك، وقد ينتهي باختلاف في الرأي والفكر بعد اجتلاء الطروحات والخطابات اللينة.
إذن قد يكون المجامل (نائب كاذب) وقد يتمادى في نيابته إلى أن يذمه أحد ما، فإذا عرف المجامل من يذمه انسلخ منه بأسلوب مردود، وذلك بعرض الآراء الصعبة والمردودة الحاسمة لتلك المودة، أو الاعتذار بأسلوب من أساليب السخافة والإسفاف، إذن الصدق والمصارحة الحسنة وعدم التقيد بما لا يستطاع ولا يُصلِح، وعدم الظهور بوجه مموَّه ومن ثم الخيبة في الأخلاق والخسران في المعاملة.
إذن فلنترك المجاملة والمخادعة والمراوغة، ولنظهر بوجه واحد أمام الناس، ونترك لصاحب الحق مقالا، وللمخطىء الاستئناف في طريقه إلى التصويب.
وقد قيل: من كثر صدقه جاز كذبه أي نفذ ومن كثر كذبه لم يجز صدقه.
لذلك من كثرت مجاملته صغر أمام الصدق، ومن صغر أمام الصدق لم يجد له إلى الناس مدخلا إلا المدخل الذي يرى الناس فيه احتمالات الهزل، ومن الهزل
إلى الجد في الخداع والكذب.