إذا هممت أن تنتقد أحداً :
فابدأ بالثناء والمدح على ما يمكن أن تراه فيه مما يستحق المدح عليه ،
واجهد جهدك أن ترسم على وجهك ابتسامة صافية ،
وعلى شفتيك كلمات طيبة معطرة ،
وتقدم إليه وكأنك تتقدم بهدية غالية ثمينة ، وأنت تحسن فن إعطاء الهدايا ..!
وأفضل النصح ما كان على انفراد ..
وبالتلميح قبل التصريح ..
وبالإشارة قبل العبارة ..
فإن استطعت أن تفتح شهيته لتقبل ما ستقوله له ، فقد قطعت الطريق كله ،
ولا يبقى إلا أن تلقي كلمتك بهدوء وثقة عالية .. !
المهم في هذا كله :
أن تحسب حسابك أن لا تجرح قلب الآخر ..
تجنب لغة الاستثارة والتوبيخ ، ونبرة الاستعلاء والاستخفاف ، ونحو هذا
إن من يستعمل مثل هذه الأساليب ، إنما يهيج بيت النحل في وجهه !!
بل كن ودوداً باشا هاشاً ،،
يشعر الطرف الأخر أنك : له محب ، وعليه حريص وبه رفيق ..!
ولا يفوتك أن تلح على الله بالدعاء أن يعينك فيما تود الوصول إليه ..
تدعوه أن يوفقك في كسب قلب من تنصح ،
وأن يعينك على حسن أداء مهمتك ،
وأن يهيئ قلب صاحبك لما ترغب إن تقوله له ..
وثق أن سلاح الدعاء هو أخطر أسلحتك في هذه المهمة .. فلا تغفل عنه .. !
ونصيحة أخيرة أسوقها إليك _ حتى في حال نجاحك بما سقته إليك آنفاً _ :
لا تجعل انتقاد الآخرين هوايتك المحببة ..!
فإن الناس سيكرهونك ولابد !
فإن أكثر الخلق يخافون النقد ويكرهون من يمتهنه معهم دائما .. !
لا سيما إذا كان هذا الناقد يذبحهم بسكين بارد ..!
وفي الوقت نفسه لا تترك النقد بالكلية ..!
ولكن وازن وانظر وقلب الأمور ، ،
وحيث تكون المصلحة راجحة ، فاستعن بالله ولا تعجز..
ومع الاستعانة أحسن فن المهمة التي تقوم بها ، لتخرج وقد كسبت ولم تخسر ..!
أما وصيتي لك إذا كنت محلا لنقد غيرك ، فأختصرها في كلمات :
كن من عباد الله القليل ..!
فقلة قليلة من عباد الله هم أندر من الألماس ، تجدهم يفرحون بالنقد يوجه إليهم !!
ويشكرون من ينقدهم على رؤوس الملأ ، لأنهم يرونه قد أحسن إليهم !!
وهم على تمام الثقة أن هذا الناقد _ أصاب أم أخطأ _ يرى أنه محق ومصيب !
وبغض النظر عن أسلوب الناقد لك ، فعليك أن تحسن الأدب معه ..
لتكون أنت المحسن إليه ..!!
وفي كثير من الأحيان يكشف لك النقد جوانب في حياتك لم تكن ملتفتاً إليها ..!
ثم ما أروع ما قيل :
عليك أن تفرح بالنقد _ حتى مع إساءة الناقد _ لأن ذلك معناه أنك ( حي ) !!
فليس في الدنيا أحد يرجم ميتاً ..!!
يبقى أن تنظر فيما يقال لك :
فإن كان حقاً ، فليس أمامك إلا قبوله رغم أنفك المتورم ، ومع القبول شكر الناقد ..!
وإن كان الناقد مخطئا متوهما مجانبا للصواب ..
فكن من الكاظمين الغيظ .. العافين عن الناس .. والله يحب المحسنين !!
بهذا وهذا تكون متميزاً ، كأنك الشامة حيثما كنت .
فاحمد الله كثيرا على ما حباك .!
وقد وعدك ربك سبحانه بالمزيد : ( ولئن شكرتم لأزيدنكم )