الشخصية.. بين الإيجابية والسلبية
الشخصية من المواضيع المهمة في المجال النفسي بكافة أنماطها وصفاتها و تحولاتها وذلك أمر لا بد أن يستمر عليها مسيرة الإنسانية الصالحة و أن يسخر لها كافة العلوم المتعلقة بكشف خفاياها أو تصحيح إعوجاجها أو إزالة ضعفها. و العلوم المتعلقة بموضوع الشخصية، علم النفس بشكل عام و علم النفس التربوي و علم النفس الاجتماعي وعلم تشخيص الجينات وكذلك علم النفس السلوكي والأخلاقي.
الشخصية هي المفهوم الشامل للذات الإنسانية ظاهراً وباطنا بكافة ميوله وتصوراته وأفكاره واعتقاداته وقناعاته وصفاته الحركية والذوقية والنفسية. وتتعدد صفات الشخصية في كتب علم النفس و الدراسات النفسية في كافة مجالات الحياة وكذلك تشمل الجوانب الطبيعة الإنسانية. ولكن بما ان موضوعنا تتعلق بالشخصيتين الإيجابية والسلبية نذكر هنا الصفات الشخصية المتعلقة في هذين المجالين فقط.
أولاً: الشخصية الإيجابية:
هي الشخصية المنتجة في كافة مجالات الحياة حسب القدرة والإمكانية.
هي الشخصية المنفتحة على الحياة ومع الناس حسب نوع العلاقة.
يمتلك النظرة الثاقبة…. ويتحرك ببصيرة.
هي الشخصية المتوازنة بين الحقوق والواجبات (أي ما لها وما عليها).
يمتلك أساسيات الصحة النفسية مثل:
التعامل الجيد مع الذات.
التعامل المتوازن مع الآخرين.
التكيف مع الواقع.
الضبط في المواقف الحرجة.
الهدوء في حالات الازعاج.
الصبر في حالات الغضب.
السيطرة على النفس عند الصدمات (أي القدرة على التحكم).
يتعامل مع المادة حسب المطلوب ولايهمل الجانب المعنوي.
يتاثر بالمواقف حسب درجة الإيجابية والسلبية (أي ان يقيس الإيجابية بالمصلحة العامة لايضخم السلبية اكثر من الواقع).
يعمل على تطوير الموجود ويبحث عن المفقود ويعالج العقبات.
بنيانها المبدئية وتمتلك الثوابت الأخلاقية.
ترعى مقومات الاستمرارية مثل:
الجدية عند تقلب الحالات.
الهمة العالية والتحرك الذاتي.
التصرف الحكيم.
المراجعة للتصحيح.
احتساب الاجر عند الله.
تنمية الدوافع الذاتية والموضوعية.
الاستعانة بالله.
الدعاء للتوفيق بإلحاح.
لا تستخف بالخير من شق التمرة والى قنطار من ذهب.
تتعامل مع كل شخص حسب درجة الصلاح فيهم ولايغفل عن سلبياتهم.
تحب المشاركة لتقديم ما عندها من الخير والايجابية.
تفكر دائما لتطوير الإيجابيات وازالة السلبيات.
تكره الانتقام يذم الحقد وينتقد الحسود ولايجلس في مجالس الغيبة والنميمة.
هذه هي الشخصية الايجابية المقبولة عند الرحمن والمحبوبة عند الانسان، سليمة في نفسيتها تواقة للخير، وتتامل في سبب وجودها، تتقدم بايجابيتها، وتتفاعل بكل ما عندها من عطاء. اذاً هي الشخصية الصالحة والمُصلحة، وهي الشخصية الخيّرة بمعنى الكلمة.
النظرة التشاؤمية هي الغالبة عليها في كافة تصرفاتها و قناعاتها.
باطنها مملوءة بالانتقام و العدوان، و في أكثر الأحيان لا تستطيع أن ينفذ ما يريد، إذاً ينعكس ذلك في كلماته وآرائه.
هذه الشخصية ضعيفة الفعالية في كافة مجالات الحياة، و لا يرى للنجاح معنى ،أو ليس عندها مشروعاً اسمه النجاح بل يحاول إفشال مشاريع النجاح.
لا يؤمن بمسيرة ألف ميل تبدأ بخطوة، بل ليس عندها همة الخطوة الأولى، و لهذا لا تتقدم و لا تحرك ساكناَ و إن فعل في مرة يتوقف مئات المرات.
لا ترى أن هناك فراغاً يجب أن يملأه و أن يكون لها دور أن تؤديها.
ليس للإلتزام و الإنضباط معنى أو قيمة في قائمة أعمالها اي لا تتأثر بالمواعظ و لا تلبي أي نداء و لا تسمع التوجيهات النافعة.
دائماً تقوم بدور المعوق و المشاغب بكل ما هو تحت تصرفها أو ضمن صلاحياتها.
هذه الشخصية مطعمة بالحجج الواهية و الأعذار الخادعة بشكل مقصود.
و هي دائمة الشكوى و الإعتراض و العتاب والنقد الهدام.
و إذا ناقش في موضوع ما ناقش بغضب و توتر و الإنحيازية لذاتها و مصالحها.
لا شك أن هذه الشخصية مريضة و ضارة في ذاتها و إن لم تظهر فيها أعراض المرض لأن هذه الصفات تنعكس على أساليب حياتها في البيت و المؤسسة أو اي وسط اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي ... الخ.
ثالثاً: الشخصية المزدوجة:
يحتمل أن يتسائل أحد القراء هل الشخصية تنقسم الى شخصية سلبية وأخرى إيجابية و يحسم الأمر وينتهي بالخصال الموجودة في كليهما؟
كلا ليس الامر كذلك! لأن في ميزان كل المقاييس و التصورات و وفق الشريعة الربانية السمحاء، أن هناك شخصيات من نوع آخر أفسد من الشخصية السلبية، ضارة بوجودها منحرفة في أساليبها مريضة في حقيقتها.
الإزدواجية في التعامل حسب ذوقها ومصلحتها وحسب المقاصد الخفية في نفسيتها.
تتقمص في لباس الحيل و الخدع من وراء ستار البراءة والمصلحة العامة.
تعترف بالخير والثناء والمكانة إذا كانت هي المعنية وإلاّ ديدنها الحسد وباطنها مملوءة بالحقد.
تحب المدح ويعمل عليها وينشط بها (بل المدح من الدوافع الرئيسية لتحركها ومبادرتها).
تتقرب إلى أصحاب القرار لذاتها وللوقاية من فقدان تأييدهم.
تحرص على الفرص، بل تستغل الفرص بكل الوسائل المشروعة والممنوعة.
النظرة التآمرية هي الغالبة عليها في تصرفاتها و إذا أبدت رأياً ظهرت ذلك في رأيها.
في ذاتها متكونة من نقيضين، العدو والصديق ينفعل بهما حسب الضرورة (أي معيار العداء و الولاء هي مصلحتها).
التعامل النفساني هو الغالب عليها ولاترى للأساليب الأخرى من معانٍ حميدة.
مفرطة في مقاييسها في ذم الآخرين و تزكيتهم، أيضاً وفق معاييرها و رضاها.
أليست هذه الشخصية هي شخصية المنافق؟
بلى والله هذه الشخصية ممزوجة بالنفاق ومطعَّمة بخبثهم و تتمنى أن يجلس في مجالسهم. نعوذ بالله منها و من صفاتها.