تشعر في كثير من الأحيان وأنت تراقب المشهد العام في البلاد أن هناك أيدي خفية تقوم متعمدة بإثارة القلاقل وزيادة وتيرة حالة عدم الاستقرار في المجتمع، وأن نقاط الخلاف يتم التستر عليها حتى تنفجر مرة واحدة، وتسبب فيما بعد أزمة اقتصادية.
ما يحدث في ميناء العقبة، والاضراب الذي ينفذه العاملون في شركة ميناء العقبة إحدى تلك الأمثلة الحية لحالة التسيب في معالجة الأمور في وقتها.
مطالب عمالية في شركة الميناء منذ أشهر وهي تتصاعد يوما بعد يوم، وإدارة الشركة والمسؤولين في الحكومة والعقبة يشاهدونها دون أي تحرك لمعالجتها أو وأدها منذ البداية، أو الاتفاق مع الجهات العمالية لإزالة مواطن الاحتقان، والاتفاق على برنامج تصويب للأوضاع بشكل منطقي ومتدرج، لتنفجر القضية وتتحول إلى أزمة مفتوحة، وإضراب عام يشل حركة ميناء الحاويات، ويعطل جميع عمليات وانشطة الميناء، ويكبد الاقتصاد خسائر فادحة.
من يتحمل هذا الأمر؟ ومن المسؤول عن تبعات إضراب عمال وموظفي شركة ميناء حاويات العقبة وتأثيرها على حركة انسياب السلع الى السوق المحلية، وبخاصة المواد الغذائية ومستلزمات العيد؟
إدارة شركة ميناء الحاويات / العقبة والحكومة ومفوضية العقبة يتحملون جميعا المسؤولية الكاملة عن هذا الاضراب في هذا الوقت تحديدا، كونهم دفعوا بالعاملين للمطالبة بتحسينات معيشية بعد ان اتفقوا جميعا على زيادة رسوم خدمات المناولة في الميناء من دون ان تراعي المصلحة العليا للاقتصاد الوطني.
هذا ما جنته الحكومة من وراء عقلية الجباية التي تسيطر على فكر مسؤوليها وعلى رأسهم رئيس الوزراء، الذي ضرب بعرض الحائط مبدأ الشراكة مع القطاعين العام والخاص.
إن إضراب عمال شركة ميناء حاويات العقبة الحالي يعتبر دليلا قاطعا على فشل الإدراة الحالية للميناء، والتي قامت خلال الفترة الماضية بزيادة مشاكل الميناء بشكل ملحوظ، والفشل الواضح لحكومة الدكتور عبد الله النسور التي لم تتدارك الامر منذ البداية لانقاذ ميناء الحاويات، والتستر على الاخفاق، الذي حدث من قبل الشركة ومفوضية العقبة، لا بل جاءت التصريحات الرسمية تؤكد ان الميناء يعمل بشكل ممتاز.
إن الاضراب الحالي سيعمل على زيادة المشكلة وتفاقمها في ظل تكدس كبير للحاويات، والتي يصعب بعد استمرار الإضراب إنجازها بالسرعة المطلوبة، إذ سيخلق استمرار الاضراب آثارا سلبية على الحركة التجارية، لجهة انسياب السلع الأساسية التي تصل الى المملكة، خاصة مع قرب حلول عيد الفطر السعيد، وذلك عن طريق البواخر وليس ضمن الحاويات وامكانية تعرضها للتلف والحاق خسائر كبيرة بالمستوردين التجار.
تعطيل ميناء الحاويات سيؤثر سلباً على حركة الترانزيت وقد يؤثر مستقبلاً على قيام المتعاملين بالترانزيت مع ميناء الحاويات للتعامل مع موانئ أخرى، ما سيؤثر سلباً على اقتصاد الأردن وخاصة على قطاع النقل واللوجستيات وتزعزع مكانة الأردن بأن يكون مركز ترانزيت ولوجستي للمنطقة.
حالة مؤسفة التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني من خسائر وتراجع، غالبيتها بأيدي المسؤولين انفسهم، وهي اشبه ما تكون بمؤامرة على الاقتصاد بطريقة منظمة من قبل بعض الايادي الخفية، التي ترغب في رؤية الاقتصاد الاردني في نفق لا يخرج منه ابدا.
المصدر:http://www.maqar.com/?id=60984&&head...ة..-لمصلحة-من؟