[align=center]لحظة التقاءك به يفرض عليك المهاجم النصراوي الدولي سعد الحارثي احترامه.. بأدبه الجم وحديثه الممتع, كنت قد التقيته في إحدى المناسبات الرياضية وكان بيننا حديثاً سريعاً حول تجديد عقده لفريقه العالمي من عدمه فقال جملة واحدة: من يستطيع أن يترك النصر؟ وتوارى بعيداً بعد أن رمى بجملته التي كانت تأكيد على عشقه لعالمه النصراوي.
جاء الحارثي للنصر في وقت جدبت فيه المواهب في الفريق الذي وصل للعالمية حتى أصبح شاغل الدنيا ومالئ الناس، فوصل لحدود البرازيل ويومها كانت المواقع التي أعطت للعالم فكرة أن هناك موهبة سعودية قادمة للصفوف الأولى لامحالة, ليأتي حظ الحارثي العاثر في وقت باشر فيه النصراويون بتغيير جلد فريقهم والدخول في مراحل التجديد الصعبة على فرق كبيرة ومنها العالمي, ولأن الموهبة لايمكن أن تطأطئ رأسها لأية عوامل كان الصغير سعد الحارثي يقدم نفسه كهدية لجيل قادم في حضارة النصر الكروية.
لم يعرفه الجمهور النصراوي حتى سجل الحارثي اسمه في دورة دولية ودية أقيمت في سوريا وعلى رأس هدافيها وهو الاسم المجهول لازال حتى بين النصراويين وعندها تسابق الجمهور النصراوي لمشاهدة الفارس الجديد في فريقهم الذي يخوض مرحلة التجديد، وبالرغم من صعوبة المرحلة إلا أنه استطاع أن يؤدي دوره بمهارة الكبار, وبالفعل لم ينته الموسم الرياضي في تلك الفترة حتى كان الحارثي علماً بدأ يرفرف في أيدي عشاق النصر.
وقبل أربعة مواسم كان الحارثي هو المحور الرئيسي لأي عمل هجومي نصراوي, وفي ظل التقلبات التي أحاطت بالعالمي خلال الفترة الأخيرة كان (الذابح) هو حلال المشاكل الهجومية وصاحب البصمات المتميزة في شباك المنافسين, وتحول الشاب النحيل إلى مصدر فرح كبير في عالم النصر فهتف الجمهور باسمه ولقي الحضوة بين كبار النصراويين وبات الحارثي اسماً مهماً لأي مدرب يشرف على العالمي.
وأفرز هذا التناغم الجميل بين الحارثي وجمهوره النصراوي إلى تناغم بمساحة الوطن الكبير بعد أن انضم الحارثي إلى القائمة الوطنية فأصبح حديث الجميع من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، أثبت الحارثي أنه على قدر المسؤولية وهو يشكل مع زملاءه في الأخضر السعودي منتخباً هز أصقاع القارة الآسيوية وأناخ ركاب الآسيويين بكل مهارة واتقان وبسرعة البرق كان الحارثي مصدراً هجومياً مزعجاً في القافلة الوطنية ليضيف أوجاعاً جديدة في رؤوس المنافسين الآسيويين بعد أن ارتاحوا من صداع الأسطورة ماجد ومن المفارقات أن الصداع الجديد الحارثي هو من ذات المدرسة الماجدية التي فتح عيونه عليها وآمن أن المجد بالاتباع والنهل من الأسطورة السعودية الكروية ماجد عبد الله فكان انضمام الحارثي وعشقه للنصر هو من باب هذا الأسطورة الذي أعطى للكرة طعماً ولوناً ورائحة.
يتذكره الجمهور السعودي بعد تسجيله هدف تاريخي على المنتخب الكويتي في أرض استاد الملك فهد الدولي ذلك الهدف الذي قرأه الحارثي وتعلمه من تاريخ الأسطورة الماجدية فتجاوز كل المدافعين وركن الحارس الكويتي في احدى زوايا المرمى ليتجه الحارثي إلى الجهة الأخرى, طار يومها سعيداً فرحاً بتحليقته التي لاتزال في الأذهان.
وفي كأس العالم الأخيرة في المانيا كان الفتى الغض يتحين الفرصة للمشاركة في ظل مفهوم عفا عليه الزمن بمشاركة الطاعنين في السن من أجل التوثيق ليس أكثر لكن الفرصة جاءت للحارثي بعد فقدان الأمل في التأهل ليجد تسمية الجماهير السعودية (راؤول العرب) نفسه أمام الإسبان وليقدم في ذلك اللقاء مستوى كبيراً أكد أن كل المطالبات بمشاركته من البداية كانت في موقعها.
وفي العاصمة الرياض كان ظهور الحارثي في النصر بمثابة الكارثة على الجيران الذين لم يفيقوا من سهام السهم الملتهب حتى يظهر سهم سعد الذابح وهو الاسم المحبب لسعد والذي جاء بعد حركته عقب تسجيل أحد الأهداف ووضع يده على رقبته في اشارة لذبحه لشباك المنافسين, وإزاء ظهور الحارثي كان لابد أن تعمل الآلة الإعلامية الزرقاء بكامل طاقتها لدرء هذا الخطر فبدأت في نسج الحكايات عنه برفضه اللعب لفريقه إلا بمقابل ومرات بعلاقته مع شخصيات نصراوية تقف ضد الإدارة النصراوية الحالية، لكن في كل الأحوال كان سعد يرد بذبح المرمى فهي لغته الوحيدة التي يتعامل بها.
ومع انطلاق دوري المحترفين السعودي لهذا العام كان الحارثي كبيراً في حضارة العالمي فقدم نفسه بمفهوم النجومية.. أسقطه الأهلاويون في لقاء الافتتاح داخل منطقة الجزاء فعاقبهم بالخروج خالين الوفاض، واستخدم الوحداويون كل الطرق لإيقافه فكان عقابه أليماً برأسية اعتاد الجمهور النصراوي على مشاهدتها من نجمهم فكان نجم المرحلتين التي أقيمت في الشهر الكريم, وإزاء هذا التألق كان لابد للحارثي أن يقطف ثمرة جهده وهو يحقق الأفضلية في أولى جوائز الجريدة الشابة (الرياضي) التي فتحت باب التنافس على مصراعيه بين اللاعبين السعوديين وبشكل شهري لتقديم أنفسهم بمزيد من المتعة والإثارة ولتخلق أرضاً خصبة لكل اللاعبين السعوديين في اثبات جدارتهم.[/align]