بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديثي للسجين الأول " نفسي " فأقول: يا نفسي الفرار الفرار، كلٌ منا قد حُبس أو هو محبوس الآن ولكن الحذر أن يسيطر عليك جنود الحبس بحيلهم وأفكارهم، وإنه الحبس الحقيقي لا حبس الجسد بل " حبس النفس " الحابس هو إبليس وأعوانه؛ والمقذوف في الحبس هو أنا وأنت يا مسكين.
إنها سجون الدنيا المتنوعة حبستنا وطال حبسنا فيها؛ شهوات شبهات ملذات ترهات لسان حال كلِ سجين: يا ليتني لم أُحبس فأفوز فوزاً عظيماً وأكن حراً طليقاً في حياتي من الحبس.
إنها الصحبة والرفقة تُشارك في حبسك وأنت لا تشعر آه ثم آه لقد زينوا لي كل شبهةٍ وشهوة فسقطت على وجهي وإذ بقيد الشيطان يُكبِلُنِي فيا ليته اكتفى باليدين أو القدمين ولكنه قيد قلبي وكبله فيا حسرتا لأني محبوس.
والمحبوس حقاً من حُبس قلبه عن ربه والمأسور من أسره هواه لكني عزمت وعزيمتي صادقة أن أفرَ من الحبس دون رجوع أو التفات.
أتدري لماذا؟ إنه حبيبي إنه الشفاء إنه الهناء " جاء رمضان " حبيب الطائعين وسلوة العاصين وملاذ الهاربين وفراري " هو من عظيمٍ إلى عظيم " من الله إلى الله (( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين )).
معاشر الفارين إلى الله إن من رحمة الله تعالى بنا وبكم أنه إذا علم من عبده صدق الفرار إليه أعانه ووفقه ولم يتركه وحده.
واستمعوا معي إلى وعد من لا يخلف الميعاد يوم أن قال: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )).
فليست هذه الدنيا بشيءٍ تسوؤُكَ حقبة وتسرُ وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها كفيئِك أو كحُلمِكَ إذ حلُمتَا
سُجِنْتَ بها وأنت لها محبٌ فكيف تحب ما فيه سُجِنتا
أتاك رمضان فرغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك رمضان فلم يُغفر له.
فيارب فك قيدي وأطلق صراحي وأعتق رقبتي.