اثبتت أحدث الدراسات أن الإساءة بالقول والإهانة, التي يمارسها بعض الآباء والامهات تجاه الطفل مثل الصراخ والتوبيخ والتحقير وتقليل الشأن أشد قسوة وضررا عليه من الضرب, ويؤكد الدكتور محمد عبدالتواب معوض أبوالنور أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية ومدير مركز التدريب التربوي بكلية التربية بجامعة الفيوم أن الإساءة للطفل تشمل الإساءة الكلامية, والعقلية, والنفسية, وقد تكون علي شكل استخدام طرق عقاب غريبة, منها حبس الطفل في الحمام, أو بغرفة مظلمة, أو الاستخفاف به أو تحقيره, أو نبذه واستخدام كلمات تحط من مكانته, أو تعنيفه ولومه وإهانته, وأهم أشكال الإساءة النفسية التي يواجهها الأطفال في مراحل نموهم المختلفة هي:
1 التجاهل إما البدني أو النفسي: وتتمثل في رفض الآباء أو مقدمي الرعاية للطفل التواصل البصري معه وعدم النظر إليه أثناء الحديث, وربما عدم مناداته باسمه.
2 النبذ أو الرفض: بعدم الاستجابة لاحتياجات الطفل أو السخرية الدائمة منه.
3 العزل: وفيه يمنع الآباء الطفل من المشاركة في التفاعلات الاجتماعية العادية مع الأقران وبعض أفراد الأسرة.
4 الاعتداء أو الهجوم اللفظي: سواء كان تحقير الطفل أو التقليل من شأنه, أو التهديد اللفظي بإيقاع الأذي به.
5 التخويف أو الترويع أو التهديد: فقد يطلب الكبار أشياء مبالغا فيها من الصغار تتجاوز بكثير قدراتهم وإمكانياتهم ويجبرونهم علي تحقيقها, مع التهديد الدائم بالعقاب في حالة الفشل في تحقيقها مما يلحق الأذي بهم.
6 اثارة الألم النفسي: من خلال التذكير بالأشياء التي تعتبر خبرات سيئة للطفل, فيشعر بأنه أقل من أقرانه, مما ينعكس سلبيا علي مفهوم الذات لديه.
من أشكال الإساءة النفسية التي تمارس علي الأطفال نجد أن تحقير الأطفال يحتل22%, يليه الشتم والسب بنسبة21%, ثم التخويف والتهديد بنسبة16%, ثم معاقبته بعزله عن الآخرين بنسبة13%, يأتي بعد ذلك الاهمال ورفض التعامل معه بنسبة11%, ثم مقارنته مع غيره بنسبة9%, والاستهزاء به والسخرية منه بنسبة8%.
ويري آرثر جرين مدير مركز دراسات الأسرة بجامعة كولومبيا أن هذه الإساءة ليست واقعة أو حدثا يقع لمرة واحدة, إنما المقصود بها الإساءة النفسية للأطفال التي يمارسها الكبار ـ وبشكل خاص الأمهات المريضات أو المضطربات ـ بشكل منتظم علي الطفل والتي تؤدي إلي اهتزاز ثقته بنفسه والاحباط, والعدوان, والقلق وصعوبة التركيز والكوابيس والسلوك الانسحابي السلبي وتضخم الشعور بالذنب والبلادة, والحزن والكآبة, والإحساس بأنه غير مرغوب فيه, كما تظهر لديه بعض أعراض الاضطرابات النفسية, مثل مص الأصبع والعض واضطرابات الكلام, وعدم اللعب, والمعاناة من الخوف.
ويؤكد د. محمد عبدالتواب ان الإساءة النفسية لا ترتبط بمستوي ثقافي أو اجتماعي معين, ولكنها موجودة في كل أنماط الأسر وسببها الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض الآباء لها, وربما يرتكبها الآباء لتعرضهم أنفسهم لها في مرحلة طفولتهم, كما يعتبر ازدياد عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر وضيق المسكن سببا أساسيا في ممارسة هذا النوع من الإساءة تجاه الأطفال.
وينوه الدكتور عبدالتواب إلي أن الاساءة النفسية لاينتج عنها أي أذي بدني قابل للملاحظة مثل الحروق أو الجروح, ولهذا فإنه يكون من الصعب تشخيصها, ويحتاج الأمر إلي:
تثقيف الأسر ومؤسسات المجتمع المعنية برعاية الطفل ـ كالمدرسة ـ بالأساليب التربوية المناسبة للتعامل مع الطفل في جميع مراحل نموه.
التوعية الإعلامية حول الآثار السلبية للإساءة النفسية علي الأطفال, ودور المجتمع في مواجهتها.
اتخاذ التدابير القانونية والتشريعية التي تكفل حماية الطفل من شتي أنواع الإساءة, ويعد قانون الطفل الجديد في مصر خطوة ايجابية في هذا الاتجاه.
تشجيع الأطفال علي الإفصاح عن مشاعرهم وتدريبهم علي أساليب الوقاية من الإساءة, وتأهليهم للتغلب علي وصمة العار التي لحقت بهم والتي تسببت في اصابتهم بالعزلة والخوف.