نفحــات روحانيــــة
بسم الله الرحمن الرحيم
حزن القلب في القلب والوجه صفحة مفتوحة فلا تري معالم قلبك الحزين
ابصر بعين الرضى ولا ترضى بالنقيصة وان المت بك الاحزان وعرتك الهموم
فقل
حسبي الله ونعم الوكيل
اقتفي اثر الخير بين جنبات صحراء الحياة المقفرة ولا تترك نفسك للضياع بين اوهــامها
اياك من سراب الكلمات و عبث الحروف جُرّعقال قلبك نحو غايته المنشودة
فإن فعلت فقد بلغت الغاية وتذكر ان الله معك
كن سلطان نفسك واحكم فيها بعدل لا تظلم رعيتك ولا تخطو بها نحو هلاكها المحتوم
ليكن عقلك وزيرك وقلبك مستشارك وقدمك جندك ويدك خدمك ولسانك ترجمانك
وكلهم منك ولك فلا تبطش بهم ولا عليهم
وتذكر انهم سيشهدون يوم القيامة بما كانو يفعلون
احمل هم روحك المثقلة بهموم الحياة ولا تتركها معذبة بنار الشكوك
اقطع دابر الشك بسيف اليقين
وانر قلبك بنور الايمان تزل عنك الهموم وتنجلي الاحزان
وتوكل على الله فهو حسبك
يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ، يا اسير المعاصي إبك على الذنوب الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟
قيل للحسن البصري رحمه الله :
ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال
لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره .
أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور
كان الإمام أبو حنيفة يمشي في الطريق ، رأى غلاما أمامه حفرة
فقال له : يا غلام إياك أن تسقط .
فقال هذا الغلام كلمة حاسمة مفحمة ، قال له :
بل أنت يا إمام إياك أن تسقط ..
أنا إن سقطت سقطت وحدي ، وإنك إن سقطتَ سقط معك العالم .
بلسم الحياة
عندما دخل ابن تيميه رحمه الله سجن القلعة برز له بلسم الحياة " الإيمان "
فقال :
( ما يصنع أعدائي بي؟
أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنى رحت فهي معي لا تفارقني ،
حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة.
إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، إنها جنة الإيمان).
الطريق إلى الله
قال الداعية محمد قطب : هل أحسست بالألم يعتصر فؤادك ؟
هل أحسست أنك تتهاوى تحت وطأته ، وأنك لا تستطيع احتماله
هل أحسست وخزه يدفعك إلى الصياح .. إلى التأوه ..
إلى الانفطار .. إلى انهيار السلطان على النفس ؟
ثم هل تمالكت نفسك رغم هذا ، وقلت تواسي نفسك وتجمع شتاتها
و تصبرها فليكن ذلك في سبيل الله ؟
إنها الطريق إلى الله .
كن عظيما
كن عظيما فيما تفكر ، وفيما تعمل ، وفيما تهدف ، تجدك ارتقيت وارتقى بك
من حولك ، وبلغت منازل العظماء في الدنيا قبل الآخرة .
فكر بالآخرة
إذا شغلتك الدنيا وأهمتك ، فدع نصف تفكيرك في الآخرة ، فتكون قد حققت
مراد عيشك في الدنيا وتخففت من همومك .
احكم نفسك
النفس ليس لها ضابط إلا صاحبها ، فهي كسولة ، خمولة ، تشتهي المعاصي
والسوء ، لا تستقر على رأي ، إذا هوت شيئا طوعت له كل طاقة
وإذا عافت أمرا نصبت له شراكا جسورة .
فكن حاكما حازما في قيادتها تسلم ، قال تعالى :
(( ونهى النفس عن الهوى ))
هَيتَ لك
تقول امرأة العزيز ليوسف عليه السلام :
هيت لك
قال : معاذ الله
وكلمة هيت لك فيها من الجذب والإغراء والفتنة ما يقود النفس الأمارة
للاستجابة ، ولكن الله سلم وعصم ولطف.
ويا لمقام يوسف عليه السلام ، وقوته وصلابة عزيمته وجلالة نفسه
يوم هزم هذا الإغراء الفاتن بالكلمة الطاهرة الخالدة
معاذ الله .
وياليت كل مسلم إذا ماجت أمامه الفتن وتعرضت له الإغراءات
أن يفزع إلى : معاذ الله
ليجد الحفظ والصون والرعاية
ويحتاج المسلم كل وقت إلى عبارة معاذ الله ،
فالدنيا بزخرفتها وزينتها تناديه : هيت لك
والمنصب ببريقه وطلائه يصيح : هيت لك
والمال بهالته وصولته يقول : هيت لك
والمرأة بدلالها وحسنها وسحرها تعرض نفسها وتصيح : هيت لك
فمن ليس عنده معاذ الله ماذا يصنع ؟
وإن الفتنة التي تعرض لها يوسف لهي كبرى ، وإن الإغراء الذي لقيه
لهو عجيب ، فهو عليه السلام شاب غريب في الخلوة وفي أمن الناس
لأنها زوجة الملك ، ثم هي مترفة متزينة ذات منصب وجمال وشرف ومال
وهي التي غلقت الأبواب ودعته إلى نفسها فاستعصم ، ورأي برهان ربه
ونادي : معاذ الله
فكان الانتصار على النفس الأمارة والهوي الغلاب ، فصار يوسف مثلا
لكل عبد غلب هواه ، خاف ربه ، وحفظ كرامته ، وصان عرضه.
ونحن في هذا العصر بأمس الحاجة إلى مبدأ :
معاذ الله
فالمرأة السافرة ، والشاشة الهابطة ، والمجلة الخليعة ، والأغنية الماجنة
كلها تنادي : هيت لك
وجليس السوء ، والصاحب الشرير ، وداعية الزور ، وشاعر الفتنة
كلهم يصيحون هيت لك
فإن وفق الله وحصلت العناية ، وحلت الرعاية صاح القلب
صيحة الوحداني : معاذ الله.
لارواحكـــــم النقية سلسبيل السعادة
دمتم برعايـــــــة الله