لماذا نحب الدعوة إلى الله
لأن الدعوة إلى الله تجديد لأصالة الدين، وروح الملة، ومعدن الشريعة، إنها رجوعٌ بالناس إلى رأس الأمر، وأصل النبع.
فهي دعوة لم يقم بها العسكر تحت رصاص البنادق، وزحف الدبابات، فهي لا تؤمن بالاختلاس والنهب، هي دعوة لم تتبنَّ حمايتها الأحزاب الخاسرة التي ترفع شعارات تؤمن بها في الأوراق، وتتنكر لها في الميدان؛ ولأنها ليست دعوة سياسية صرفة مقصدها الوصول إلى كرسي الحاكم، وابتزاز عصا السلطان، وتصدر الجموع، إنها دعوة أصلها ثابت من الدليل الشرعي، والإقتداء بالمعصوم صلى الله عليه وسلم والسير على خطاه على بصيرة، وفرعها في السماء من العطاء المبارك، والنفع العام، والأثر المحمود.
إن الدعوة إلى الله لم تدلف تحت هتافات الغوغاء، والشعارات الجوفاء، ولم تقم بأغلبية الأصوات، ونتائج صناديق الاقتراع، لم تفعل ذلك لأن هذه الدعوة توقد من شجرة الوحي المبارك، لا شرقية ولا غربية، بل سُنِّية ربّانية.
أحببناها واستمرت لأنها دعوة بدأت من المسجد، وانطلقت من المحراب، وهبّت من المآذن علنية، تعلن مبادئها على المنبر، وتشرح مواثيقها في العامة، ليست سرية لها رموز لا يفكها إلا سلاطينها؛ بل دعوة بينة بيان الحق، ساطعة سطوع الحقيقة، ظاهرة ظهور الفجر.
إنها بإيجاز تدعو لأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، وتعبد الناس لخالقهم ورازقهم، لا ترى التقليد، ولكنها لا تجرح الأئمة، ولا تقر بالجور، ولكنها لا تخرج على الحاكم المسلم، وترفع شعار الجهاد، ولكن لإعلاء كلمة الله، وتتخذ من الحكمة أسلوبا ومن الموعظة الحسنة طريقا والرحمة على الخلق منهجا .