الكذبهو الإخبار بما يخالف الواقع ،سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل .
فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلتيوم الخميس ، أو يوم الثلاثاء ( وهو يوم الأربعاء ) فهذا كذب ؛ لأنه لا يطابقالواقع ؛ لأن اليوم يوم الأربعاء .
والمنافق كاذب؛ لأن ظاهره يدل على أنه مسلم وهو كافر ، فهو كاذب بفعله .
عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجلليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلىالنار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا )) ( متفق عليه ) .
الفجور : الخروج عن طاعة الله ؛ لأن الإنسان يفسقويتعدى طوره ويخرج عن طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر ـ والعياذ بالله ـ؛ فإن الكفر فجرة ، كما قال الله : ( أُولَئِكَ هُمُالْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (عبس:42)، وقال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَمَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَيُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (المطففين : 7 ـ 11 )، وقال تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار:14) .
فالكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النارنعوذ بالله منها .
وقوله : (( وإن الرجل ليكذب )) وفي لفظ (( لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللهكذابا))
الكذب من الأمور المحرمة ،بل قال بعض العلماء : إنه من كبائر الذنوب ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توعدهبأنه يكتب عند الله كذابا .
ومن أعظم الكذب : ما يفعله بعض الناس اليوم ، يأتي بالمقالةكاذبا يعلم أنها كذب ، لكن من أجل أن يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد علىهذا ، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ، ويلله ، ويل له ))(167) ، وهذا وعيد على أمر سهل عند كثير من الناس .
فالكذب كله حرام ، وكله يهدي إلىالفجور ، ولا يستثنى منه شيء .
ورد فيالحديث، أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديثالمرأة زوجها وحديثه إياها .
وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا : لا مزحا ، ولا جدا ، ولا إذا تضمن أكل مال أو لا .
وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلف ليأكل أموالالناس بالباطل ، مثل أن يدعي عليه بحق ثابت فينكر ويقول : والله ما لك علي حق ، أويدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا ، وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب؛ فإن ذلك هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار والعياذبالله .
وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان ))
فالحاصل أن الكذب حرام ، ولا يجوز للإنسان أن يكذب مطلقا ، لا هازلا ولاجادا ، إلا في المسائل الثلاث ،
إذن علينا أن نصدق، وعلينا أن نكون صادقين ، وعلينا أن نكون صرحاء ، وعلينا أن لا نخفي الأمر عنغيرنا مداهنة أو مراءاة .
كثير من الناس إذا حدثعن شيء فعله وكان لا يرضيه كذب وقال : ما فعلت .
لماذا ؟ لا تستح من الخلق وتبارز الخالق بالكذب ؟ ! قل الصدق ولا يهمنكأحد ، وأنت إذا عودت نفسك الصدق فإنك في المستقبل سوف تصلح حالك ، أما إذا أخبرتبالكذب وصرت تكتم عن الناس وتكذب عليهم ، فإنك سوف تستمر في غيك ، ولكن إذا صدقتفإنك سوف تعدل مسيرتك ومنهاجك .
فعليك بالصدق فيمالك وفيما عليك ؛ حتى تكون مع الصادقين الذين أمرك الله أن تكون معهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَالصَّادِقِينَ) (التوبة:119) .
منكتاب شرح رياض الصالحين المجلد الأول, باب الصدق لفضيلة الشيخ محمد بن صالحالعثيمين رحمه الله تعالى