0
0
0
كانت الحياة فيما سبق تتسم بالبساطة
وكانت العلاقات الاجتماعية مترابطة بشكل كبير،
وكان الايثار صفة للجميع،
ولكن نمط حياتنا الحالية يتسم
بالتعقيد وضعف العلاقات الاجتماعية والانانية
ولهذا فإن التوتر بات يخيم فوق رؤوسنا
مما ادى لظهور الكثير من الامراض التي باتت تعرف بأمراض العصر
كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري
والبدانة والكولسترول والأورام وغيرها
والتي يساعد على
ازدياد الاصابة بها سوء التغذية وقلة الحركة والتدخين وغير ذلك.
وكمحاولة للتخلص من التأثيرات السلبية لنمط الحياة
ينصح خبراء الصحة النفسية باستخدام الضحك كعلاج فعال لأمراض العصر.
وعن هذه الوسيلة يقول الدكتور خليل فاضل اخصائي الطب النفسي:
ميادين البحث في النفس الإنسانية كثيرة ومتشعبة،
وكلها تحاول بطريقة أو بأخرى الكشف عن خبايا الشخصية
وإلقاء الضوء على جوانبها الخفية التي تتحكم في سلوك الفرد
وتطوره نحو سعادته أو شفائه.
ويجب ألا ننسى أن الضحك هو التعبير الحقيقي عن الإنسانية،
لأن الحيوان لا يتمتع بهذه الميزة...
ونرى أن الشخص القاسي هو الذي يمكنه إخفاء متاعبه النفسية
وخلق جو من المرح في المكان الذي يوجد فيه
وبالتالي ينسى متاعبه بعض الوقت ويتخفف من عبئها.
إيقاع الحياة
هناك أشخاص يتخذون من الضحك وسيلة للتعامل مع
إيقاع الحياة السريع والمتغيرات الكثيرة التي تحيط بهم..
بل أن البعض يضحك في مواجهة المواقف المحرجة أو في مواقف الحزن الشديد
إذ أن الضحك ترتبط بالانفعال
وبالتالي يساعد على إخراج الشحنات النفسية
والطاقات الداخلية الموجودة لدى الإنسان.
ولكن الأفراد يختلفون في مدى قدرتهم على الضحك.
فإن ثمة وجوه هي بطبيعتها عابسة حتى في اكثر المواقف إضحاكا.
ومن المعروف علمياً أن الشخص الذي لا يستطيع الضحك أو البكاء
تبعاً للموقف هو شخص مريض نفسياً
واكثر الناس عرضة لكثير من الأمراض العضوية والنفسية.
فلقياس حالات الاكتئاب النفسي ومدى هذا الاكتئاب لدى الشخص المريض
نعمد إلى إلقاء طرفة أو نكتة، لنرى رد الفعل لدى هذا الشخص
فإذا تجاوب مع الطبيب وضحك لسماعه هذه النكتة
فمرضه يكون رد فعل عرضي لحدث حياتي مر به
وسرعان ما يشفى من الاكتئاب لأنه حالة عرضية تستجيب بسرعة للعلاج
بعكس شخص آخر يظل عابس الوجه غير مكترث بما سمع،
ولا تظهر على وجهه أي أعراض لمشروع ابتسامة،
عندها يعرف الطبيب أن اكتئاب هذا المريض حقيقي
ويحتاج لفترة أطول من العلاج. الهوس الدوري
وان كانت كثرة الضحك بطريقة غير طبيعية دليل أيضا على المرض،
فهناك مرض يعرف بالهوس الدوري
. هذا المرض يتميز بنوبات أو فترات من الكآبة الشديدة
تعقبها نوبات من المرح غير العادي.
فالمريض يكون خفيف الظل لدرجة إضحاك من حوله..
ولكن لا توجد ضوابط على أفعال هذا المريض ولا يشعر بالخجل
لدرجة انه قد يخرج عارياً في الشارع،، وعلاج هذا ليس سهلاً،
فهو مرض عقلي يرتبط بأمراض عضوية أخرى.
وهو مرض وظيفي وله تغيرات كيميائية، ويصيب الفص الأمامي في المخ
وهي تحدث نتيجة لحادث او وجود ورم في المخ او مرض في الفص الأمامي للمخ.
ولعلاج مثل هذه الحالة نلجأ إلى المعقلات والليثيوم.
وهو معدن من معادن الأرض يحدث التوازن المطلوب في مزاج الإنسان
بحيث يستجيب للمواقف المختلفة بالقدر المعقول
فلا يضحك جداً او يحزن جداً إذا كان المؤثر الخارجي لا يحتمل هذا.
كذلك هناك ما يعرف بالفصام العقلي.
و أحد أنواع الفصام الذي يحدث في مرحلة الشباب حتى سن 18 سنة،
وفيها يأتي المريض بحركات هزلية أمام المرآة ويضحك على نفسه،
وتصدر عنه تعليقات ونكات من النوع السخيف الذي يثير سخط من حوله..
ولكنه يضحك على كل ما يصدر منه ويشعر بنوع من السعادة
وهناك أيضا ما يعرف بالهستيريا
وكلمة هستيريا هنا لا تعني الجنون كما يعتقد البعض ـ
بل هي مرض نفسي يصيب النساء اكثر من الرجال
وفيه يحاول المريض شد انتباه الآخرين.
ولما كان الضحك اكثر من البكاء في شد الانتباه
فكثيراً ما تلجأ المرأة المصابة بالهستيريا إلى الضحك
كوسيلة لشد الانتباه ومحاولة التأثير على المحيطين بها والاهتمام بها
وقد يكون رد فعل للتنشئة في الصغر.
فنوع التربية يلعب دوراً هاماً في صحة الإنسان النفسي،
إذ نجد أن بعض الآباء يعامل أبناءه بمنتهى الصرامة والحزم
ويحرم عليهم حتى مجرد الابتسام،
اعتقاداً منه بأن هذه الطريقة المثلى للتنشئة.
فيشب الصغار عابسي الوجه لا يرون إلا الجانب الجدي من الحياة،
وبالتالي يكون هؤلاء الأبناء هم اكثر الأشخاص عرضة للأمراض النفسية،
والانزواء والإحباط. الإهمال العاطفي
ان إشاعة جو المرح مطلوب داخل البيت لكنه يعمل على
تهدئة الأعصاب وتقليل الشعور بالقلق ويخفف من ضغوط الحياة وإرهاق العمل،
وفي المصطلحات النفسية ما يعرف
بسوء المعاملة العاطفي أو الإهمال العاطفي
وهو من الأمراض المنتشرة خاصة بين الأطفال
وهذا المرض لا يؤثر فقط في نفسية الطفل بل أيضا على مظهره الجسماني
ويكون نتيجة للمعاملة الجافة والصارمة من الوالدين أو أحدهما
فلا يجد الصغير الدفء العائلي والحنان.
بل يجد قيوداً على كل تصرفاته وبمنتهى الشدة والحزم،
فلا يجد اللمسة الحانية والمداعبة وبالتالي يتوقف نمو هذا الطفل
وترتسم التعاسة على قسمات وجهه ويخاف من كل شيء.
وقد واجهتنا حالات مماثلة في جلسات العلاج الجماعي
فكانت هناك إحدى عضوات الجماعة تذكر أنها لم تعرف الضحك في طفولتها،
لأن والدها كان دائماً يعنفها إذا سمعها تضحك
بمقولة أن الضحك عيب. فشبت وقد ترسبت في أعماقها أن
الضحك من الممنوعات الاجتماعية للفتاة المهذبة.
وللأسف عندما تزوجت كان زوجها من النوع الصامت قليل الكلام
مما اثر على أعصابها وأصبحت عصبية تثور لأتفه الأسباب.
ومع العلاج الجماعي نلجأ إلى الدعابة بشكل طبيعي كأحد أساليب العلاج.
ومع الوقت أصبحت الابتسامة تعرف طريقها إلى وجه هذه السيدة،
واصبحت قسمات وجهها اكثر راحة وبدأت تعامل أولادها بطريقة افضل
وتشاركهم مرحهم..
فالضحك هنا افضل من استخدام العقاقير والأدوية المهدئة وغيرها
ويجعل الشخص يرى نفسه من منظور آخر وبالتالي يتغلب على مشاكله
ويقبل على الحياة. الضحك والعمود الفقري
في آخر الأبحاث الطبية التي ظهرت حديثاً ذكر أن مريضاً بالتهاب حاد
في فقرات الظهر، كانت هذه الالتهابات تسبب له آلاماً مبرحة
لا يستطيع معها النوم... ولم تفلح معه الأدوية المختلفة والمنومات
لجأ هذا الشخص إلى وسيلة مبتكرة وهي الضحك العميق
الذي يؤدي إلى اهتزازات البطن من كثرة الضحك
وذلك قبل ميعاد النوم ولمدة عشر دقائق متواصلة ونتيجة لهذه الطريقة
أمكنه النوم لمدة ساعتين كاملتين دون الإحساس بألم
والتفسير العلمي لهذه الحالة هو
زيادة نسبة الإندروفين وهو الهرمون المسئول عن الفرح والانتشاء
وعدم الإحساس بالألم.
بل يوجد حالياً في أميركا استشاريين للضحك مثل الاستشاريين النفسيين
ومهمة استشاري الضحك هي إشاعة جو المرح والترفيه عن العاملين
في المؤسسات التي يتسم نظام العمل فيها بالصراحة والانضباط التام
وذلك عن طريق عمل ندوات وأمسيات ترفيهية
ولا يفهم من هذا أن استشاري الضحك مهرج أو بهلوان
وانما هو يعد لقاءات يسودها جو المرح لكسر حلقة الإجهاد والتغلب
على مشاكل العمل المرهقة.
فالناس الذين يضحكون جيداً ترتفع لديهم نسبة هرمون الاندروفين
وبالتالي يتمتعون بصحة جيدة.
وقد عرف فرويد الضحك أو الدعابة بقوله..
.لالا الضحك يطلق الطاقة المخزونة في الإنسان والأفكار والإحساس والمشاعر،
وهو عملية وظيفية لحفظ التوازن النفسي للإنسان
. كما ظهرت في الخارج استبيانات وكتب وشرائط تتناول الضحك
كعلاج لحالات مرضية كثيرة والتغلب على كثير من الأعراض
التي يعاني منها بعض الأشخاص مثل الصداع أو ضيق التنفس.
الضحك ألوان
أن العلاقة وثيقة بين الابتسام والمواقف الاجتماعية،
خصوصاً وأن الابتسامة في بعض المجتمعات المتحضرة
قد أصبحت بمثابة تعبير اصطلاحي عن الأدب والذوق وحسن المعاملة،
أو عن الود والصداقة وحسن النية، حتى أن الشخص الذي لا يبتسم للآخرين
حين ينبغي أن يلقاهم بابتسامة، قد يتسبب في إحداث فجوة
بينه وبين أفراد الجماعة.
وكثيراً ما يتسبب الوجه العابس في جلب المتاعب لصاحبه
من حيث يدري أو لا يدري. وهناك العديد من الابتسامات ذات المغزى،
فقد تحمل معنى الظفر أو الانتصار أو التشجيع أو السخرية،
والابتسامة المكتوبة والابتسامة المهذبة والابتسامة المصطنعة
التي يرسمها البعض لمواجهة المواقف الاجتماعية التي تستلزم الابتسام،
وهنا تؤدي وظيفة اجتماعية معينة وتصبح رد فعل آلي
على بعض المنبهات الخارجية، وبالتالي تفقد معناها الشخصي الوجداني
وهو ما اصطلح على تسميته بالابتسامة الصفراء.،
فهي ضحكة سطحية تظهر فيها الأسنان فقط وتنفرج عنهاالشفاه
دون اي مشاعر قلبية وهي نوع من النفاق الاجتماعي
وبالتالي تسبب تعب لعضلات الوجه وتجلب الصداع
وأحياناً يلجأ الإنسان في المواقف المحرجة إلى الابتسام
للتغلب على الموقف.
غاز الضحك
يكون غاز الضحك من أكيد النيتروجين بنسبة 30 في المائة
بالإضافة إلى الأوكسجين بنسبة 70 في المائة
وهذا الغاز يستخدمه أطباء الأسنان في الحالات التي لا يجوز معها
إعطاء المريض حقنه البنج لأسباب صحية.
كذلك يتم الاستعانة بهذا الغاز مع بعض السيدات أثناء عمليات الولادة،
حيث لا توجد له آثار جانبية على جسم الإنسان
وفي العلاج النفسي يستخدم هذا الغاز لإحداث التنويم لدى بعض المرضى،
فهو نوم غير طبيعي وانما المقصود به حدوث حركة منخفضة من الوعي
فيستنشق المريض هذا الغاز لمدة خمس دقائق،
ونتيجة لهذا الغاز يضحك المريض ويتجاوب مع المريض النفسي المعالج،
فالغاز يؤدي إلى فك الروابط العصبية
التي تجعل الإنسان مشدود الأعصاب ومتوتراً،
ومن خلال الضحكات يتخلص من الشحنات النفسية المكبوتة لديه
والانفعالات التي لم يكن يفصح عنها.
وممما لا شك فيه ان فوائد الضحك عديدة لا يدركها
الا من يمارس هذا النوع من العلاج
الذي يعيد للجسم توازنه النفسي المفقود،
ويمنحه المزيد من الصحة والحيوية.
0