محمد الرطيان
سعدون العواجي.. لماذا؟.. وإلى أين؟!
منذ طفولتي وأنا أسمع من كبار السن حكايات "الغزوات" التي كانت تحدث بين "قبيلتنا" وبين أحد أشهر الفرسان في ذلك الوقت: الفارس والشاعر والشيخ "سعدون العواجي" وأحفظ الكثير من الحكايات والقصائد، وأذكر كما هائلا من القصص غير المتفق عليها بين قبيلة شمر وقبيلة أخرى عريقة هي قبيلة عنزة.. وأذكر ردود الفعل التي فعلها كتاب "أبطال من الصحراء" عند صدوره.. وبعد صدوره بسنوات.. وأعرف أنه لا يزال في أعماقنا بقايا جاهلية، والكثير الكثير من النعرات القبلية.. لهذا، أتساءل نيابة عن قبيلة عنزة وشمر - وبقية قبائل وعائلات جزيرة العرب- وذلك بعد أن قرأت عن قرب عرض مسلسل يروي قصة حياة الفارس البطل "سعدون العواجي":
ما الذي سيفعله بنا هذا المسلسل؟.. ومن الذي يقف وراءه؟
من هو المستفيد من نبش قبور أجدادنا، وإعادة الحكايات "القبلية" في زمن الدولة المدنية؟
(2)
ولأنني عربي ما أزال أؤمن بالمؤامرة (!) يخيّل لي أحيانا ً أن ما يحدث أمر مخطط:
بدأ بما يسمى بمهرجانات "المزاين" وتطوّر إلى المسابقات الشعريّة، والتي يخرج فيها المتسابق يتباهى بقبيلته (وكأنها حررت القدس!)
وانتهى الأمر إلى ما هو أخطر.. حين وصل الأمر إلى "الدراما التلفزيونية".. وتذكرون معي ما الذي حدث العام الماضي في الأردن بسبب مسلسل "نمر بن عدوان"!
(3)
سأروي لكم حكاية أول مرة أكتبها:
قبل سنوات، وفي بهو فندق الإنتركونتننتال (يا رب كتبتها صح!) وبالصدفة، التقى الصديق عبدالرحمن المطيري بالمخرج العالمي "مصطفى العقاد" - رحمه الله - ودار بينهما حديث طويل طلب العقاد عدم نشره، ومما قاله في هذه الجلسة (ونقله لي المطيري) أنه أتى لإنتاج فيلم عالمي عن الملك عبدالعزيز، وذلك لعرضه في أنحاء العالم بمرور المئوية على فتح الرياض، ولكن المشروع توقف.. ما السبب؟.. أوقف الأمير سلمان بن عبدالعزيز المشروع لأن - وكما قال الأمير عبدالعزيز بن فهد- سيناريو الفيلم سيذكر بعض العائلات والقبائل التي حاربها الملك الموحد وهو يعمل لمشروعه العظيم لتوحيد البلد وهذا الأمر سيثير بعض المشاعر.. وتقديرا لهذه المشاعر تم إيقاف المشروع.
يا الله .. يا لحكمة أبي فهد.. ويا لرجاحة عقل أبي تركي..
هذا شيخ الشيوخ ، وملك ملوك القرن العشرين، وأحد أعظم الزعامات التي أنجبها القرن الماضي.. الملك الموحد، والذي قاتل لفكرة نبيلة وصنع لنا وطنا رائعا(ونحلم أن يكون أروع وأجمل) .. يوقف فيلم يروي سيرة حياته العظيمة.. فقط لكيلا ينزعج البعض مما سيروى عن أجدادهم!
(4)
لا يوجد أحد أقرب من "العنزي" إلى روح "الشمري" .. والعكس صحيح.
وعندما يلتقيان في الأماكن الغريبة: كأن أخا يلتقي بأخيه..
ولكن .. انتظروا .. وشاهدوا ما الذي سيفعله بهم مسلسل تلفزيوني! ومن لا يصدقني، فليأخذ جولة في المنتديات الإلكترونية، ويرى ما يكتبه بعض الحمقى فيها.
(5)
بدلا من نبش قبور الأجداد بحثا عن الحكايات المجيدة تعالوا لنبتكر لأولادنا حكاية جديدة يحكونها في المستقبل ولتبدأ الحكاية بهذا الشكل :
قبيلتك: المملكة العربية السعودية .
بنو عمومتك: كل من يعيش على هذه الأرض أيا كان لونه وفصله وأصله ولهجته وفكرته ومذهبه.
http://www.alwatan.com.sa/news/write...=7164&Rname=80