يا كهل . . ما سرك ؟
عبثت بك الحياة
وأفنت عمرك
وأنت . . من أنت ؟
أما آن أن ندركك !!
[align=justify]
من قلب التاريخ، وفي خرابة الجغرافيا، استوطن كهل ملثم أطراف الخفجي، هناك في السكراب، حيث الحديد يحتضن الحديد، مزجه بالطوب، واعتبره مسكنا له، فيما هو يكاد أن يكون كذلك.
إرتضى إبراهيم الدماك أن يجاور الموتى، ليتعطر برائحة الكافور الكريهة، ويستمد قوته من صبر القبور، ليواجه بها صلد الحياة، التي مزقته . . شتته. . طحنته !!
من منا لا يعرف إبراهيم الدماك ؟
الكهل الذي يتنقل بدراجته الهوائية . . يدفعها ولا يقودها
الوحيدة التي ظلت وفية له، بعدما ابتعد عن الديار
الرجل الذي نادرا ما يميط اللثام عن وجهه الشاحب، والذي تغطي وجهه تجاعيد رسمتها المصاعب بمزيدا من الاقتدار والآلام.
30 سنة، وهو يحمل هذا الرجل بجسمه الهزيل، سره الكبير.
30 سنة ، وهو يعيش وحيدا لا عائل ولا معيل.
30 سنة، ويتساءل أهالي الخفجي : ما حقيقة الرجل، وما هويته؟
وتمضي الأيام قدما، ويبقى سر هذا الرجل غامضا، لم يكشفه الوقت، حتى أصبح أمره، أشبه بالجرائم المعقدة، التي تسجل عادة ضد مجهول.
ولربما سيحكى لنا حينما نشيخ، بروايته الحقيقية، بعد أن تتكشف خيوطها، مثل الكشف عن الجرائم السياسية، والتي تكشف عنها المخابرات الغربية، بعد عقود من الزمن.
ينتعل الدماك حذائيه، ويرتدي ملابسه الرثه التي لم ينزعهم، ليسير بخطى مرهقة . . مثقلة . .متعبة، يقطع من خلالهم تفاصيل الحياة، إلى المجهول، ليستجمع قواه والعلب التي يقتات من وراءها، من أجل أن يلجم أنين المعدة.
يا لصعب الحياة وحجم الألم !!
لا يعلم في أي محطة من محطات الزمن ستتوقف خطاه عن السير . . سيترجل
ليحمل إلى الجوار.
حينها لا يحتاج إلا لسواعد نحيلة لحمله
وقد لا يعلم به أحد
لأنه رجل الغربة
وستنقله دراجته في موكب جنائزي غير متضخم
لأن الحديد أحيانا يكون ألطف من البشر . . أرق من البشر
حينها سيفقده الصمت
وسيبكيه الحديد
هنالك رجال يأبون إلا أن يطوون فصلا مهما من التاريخ، يخلدون اسماءهم، لتبقى من أجل الذكرى، ولتتناقلها الألسن الملتوية.
بحة: هذه المساحة ليست نافذة لإطلاق الشائعات، بل كتبت لمن استوطن التاريخ.
[/align]