دخل ابو العتاهية على امير المؤمنين هارون الرشيد حين بنى قصره و زخرف مجلسه و اجتمع اليه خواصه فقال له الرشيد صف لنا ما نحن فيه من الدنيا
فقال ابو العتاهية
عش مابدا لك سالما
في ظل شاهقة القصور
فقال الرشيد احسنت ثم ماذا
فقال
يسعى اليك بما اشتهيت
الرواح و في البكور
فقال الرشيد احسنت ثم ماذا
فقال
فاذا النفوس تغرغرت
في ضيق حشرجت الصدور
فهناك تعلم موقنا
ما كنت الا في غرور
فبكى الرشيد بكاء شديدا حتى رحم فقال الوزير لابي العتاهية
بعث اليك امير المؤمنين لتسره فاحزنتهفقال له الرشيد دعه فانه رانا في عمى فكره ان يزيدنا عمى
و قال الرشيد يوما لابي العتاهية
عظني بابيات شعر و اوجز
فقال ابو العتاهية
لا تامن في طرف و في نفس
و لو تمنعت بالحجاب و الحرس
و اعلم بان سهام الموت قاصدة
لكل مدرع منا و مترس
ترجو النجات و لم تسلك مسلكها
ان السفينة لا تجري على اليبس
فخر الرشيد مغشيا عليه
و له ايضا
الموت لا والدا يبقي و لا ولدا
و لا صغيرا و لا شيخا و لا احدا
للموت فينا سهام غير مخطئة
من فاته اليوم سهما لم يفته غدا