لا شك أن الجميع يعرف أهمية وظائف اللسان كعضو عضلي يساهم بشكل كبير في عملية مضغ الطعام وبلعه، وكذلك دوره الرئيسي في عملية الكلام والمساعدة على ضبط مخارج الحروف ونطقها ، ودوره الأساسي أيضا في عملية التذوق والتعرف على خواص المواد بفضل ما يقرب من عشرة لآلاف برعم ذوقي تنتشر على سطح اللسان وحوافه .
لكن قد لا يدري الجميع أن اللسان مرآة صادقة تعكس حالة صحة الجسم وأنه يشكل إحدى الأدوات المهمة التي يرتكز عليها الطبيب في تشخيص كثير من الحالات المرضية التي تصيب الجسم . فهل خطر على بال أحدكم أن يتأمل لون لسانه أو لون ألسنة أولاده ؟!
فاللسان في حالة الصحة يكون لونه أحمر ورديا فاتحا ، فإذا تغير هذا اللون فثمة خطب قد أصاب الجسم
إذا أصبح لونه ورديا باهتا أو شاحبا فهذا يعني فقرا في الدم أو الإصابة ببعض الديدان أو الطفيليات ، أو عند المرأة قد يرافق الحمل.
أما إذا تلون بالأصفر وخاصة أطرافه فهذا يعني ارتفاع مادة البايلروبين ( الصفراء ) في الدم كما في اليرقان الناجم عن التهابات الكبد وأمراضه وكذلك الآفات التي قد تصيب القنوات المرارية.
أما إذا أصبح أحمر ناري فإنه يدل على نقص فيتامين b المركب بشكل عام ، أو نتيجة المثيرات أو الالتهابات الموضعية التي تصيب اللسان من آثار التدخين أاو المشروبات الكحولية.
اللون الأزرق للسان يدل على أمراض الجهاز الدوراني كقصور القلب والتنفس وآفات القلب الولادية.
اللون الأسود للسان يعني الإصابة بنوع من الفطريات أو نتيجة تناول بعض أنواع المضادات الحيوية
أما اللون البني أاو الأصفر الداكن فينجم عن التدخين أو الانسمام البولي .
التغير المؤقت للون اللسان ينجم طبعا عن بعض الأغذية والفواكه وبعض المشروبات الطبيعية أو الصنعية وكذلك عن بعض الأدوية كمركبات الحديد أو المضادات الحيوية .
إن سطح اللسان الطبيعي غير أملس نتيجة وجود حليمات الذوق على سطحه فإذا أصبح أملسا ناعما فهذا يدل على
نوع معين من فقر الدم وهو النوع الخبيث الناجم عن نقص فبتامين ب 12وكذلك في مرض البلاجرا الناجم عن نقص النيكوتينك اسيد او نتيجة تناول المضادات الحيوية لفترة طويلة .
اللسان الطبيعي رطب مبلل باللعاب دائما ويصبح جافا عند التجفاف كما في حالات الإسهال الشديدة أو عند التسمم البولي أو عند الخوف والانفعال الشديد ، وكذلك يصبح جافا عند التنفس من الفم في حالات ضخامة الناميات الأنفية .
اللسان الطبيعي مغطى بغطاء أبيض ناعم فإذا أصبح هذا الغطاء سميكا فهذا يعني حدوث الجفاف مثلما يحدث في كثير من الحميات واهما التيفوئيد والاسهال والتسمم البولي
وعند الرضع من الأطفال فهو يغطى بطبقة بيضاء جيرية ناجمة عن الحليب لكن إذا زادت فهذا يعني إصابة فطرية تستدعي العلاج.
قد يكون في اللسان تشققات طبيعية منذ الولادة ( اللسان الجغرافي ) فإن لم تكن ولادية فهي تعني التهاب مزمن في اللسان ، وتنجم ايضا عن مرض الزهري.
أما تقرحات اللسان فهي قد تكون تخريشية نتيجة لتشوهات الأسنان والفكين و هي أيضا علامة مهمة لاضطراب
التوازن الغذائي في الجسم الذي يؤدي لنقص في المعادن الهامة الأساسية وقد تكون مؤشرا للإصابة بأورام الدم اللمفاوية وخاصة أن كانت منتشرة ومزمنة.
أما حجم اللسان فهو يتضخم في مرض داون او الداء المنغولي عند الأطفال وعند نقص إفراز الغدة الدرقية
لذلك من المهم جدا الانتباه الى حجم اللسان عند الرضع للمبادرة لعلاج النقص الهرموني الذي يؤدي إلى تخلف عقلي دائم .
ويتضخم أيضا في حال فرط إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية.
يقل حجم اللسان في التجفاف ومرض الزهري.
هناك شكل خاص يأخذه اللسان في مرض الحمى القرمزية عند الأطفال الذي يبدأ بالتهاب بلعوم حاد يتبعه طفح ناعم قرمزي اللون يغطي الأجزاء لمركزية من الجسم وخصوصا الجذع يتبعه تقشر الجلد ، أما اللسان فأولا يغطى بطبقة بيضاء تبرز من خلالها حليمات اللسان الحمراء فتعطي منظر ثمرة التوت وبعد ذلك تسقط الطبقة البيضاء تاركة اللسان احمر اللون مع بروز حليماته الحمراء فيشبه ثمرة الفريز او الفراولة . لذلك الانتباه إلى شكل اللسان مهم في الحمى القرمزية لأنه خاص به ويساعد في سرعة علاجه وحماية الطفل من أهم مضاعفاته وهي الإصابة الكلوية الحادة.
مما سبق ندرك أهمية تأمل اللسان بين فترة وأخرى وذلك لمساعدتنا في مراقبة صحتنا والمبادرة السريعة في أخذ المناسب من التدابير الوقائية و العلاجية لمنع تطور الحالات المرضية .