انشراح النفس ، انشراح النفس وقت الضيق ، النظر للفرج واليسر
الأمل : كلمة بسيطة لكنها ذات دلالآت ، ومعاني كثيرة لا يعرفها الكثير منا والأمل .. انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات ..والنظر للفرج واليسر ، وهو الضوء الذي نراه ، عندما يحل الظلام.. الأمل والرجاء خلق من أخلاق الأنبياء ، وهو الذي جعلهم يواصلون دعوة أقوامهم إلى الله دون يأس أو ضيق ، أملاً في الهداية والصلاح ..
وهو الطاقة التى يودعها الله في قلوب البشر؛ لتحثهم على التعمير ،عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : (.. إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَفي ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها ..)رواه أحمد
فضل الأمل..
فمن المعروف أن الأمل يدفع الإنسان إلى العمل ، ولولاه لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها ، وأصبح يحرص على الموت، فالمسلم لا ييأس من رحمة الله ؛ لأن الأمل في عفو الله هو الذي يدفع إلى التوبة.. واتباع صراط الله المستقيم ، وقد حث الله سبحانه وتعالى على ذلك، ونهى عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى: (.. قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ..)الزمر53. وإذا فعل المسلم ذنبًا فهو يسارع بالتوبة الصادقة إلى ربه، وكله أمل في عفو الله عنه .. وقَبُول توبته..
الأمل عند الرسول :
كان رسولنا الكريم حريصًا على هداية قومه، ولم ييأس يومًا من تحقيق ذلك ، وكان دائماً يدعو ربه أن يهديهم، ويشرح صدورهم للإسلام. وقد جاءه جبريل عليه السلام بعد رحلة الطائف الشاقة، وقال له: (.. وقَدْ بَعَثَني رَبِّي إِلَيْكَ لِتأْمُرَني بِأَمْرِكَ ، فَمَا شئتَ : إِنْ شئْتَ : أَطْبَقْتُ عَلَيهمُ الأَخْشَبَيْن..) وهو اسم جبلين فقال : (.. بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" ..)متفق عليه. فأي أمل هذا الأمل العريض في القبول والاستجابة ، لكنه رسول ، وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله تعالى ، وكان رسول الله دائم الثقة في نصر الله له، وبدا ذلك واضحاً في رده على أبي بكر الصديق، أثناء وجودهما في الغار ومطاردة المشركين لهما، فقال له بكل ثقة وإيمان: (.. لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ..)التوبة40
أمل سيدنا نوح عليه السلام: ظل نبي الله نوح عليه السلام ، دون أن يمل أو يضجر أو يسأم ، يدعو قومه إلى الإيمان بالله ألف سنة إلا خمسين عاماً ، بل كان يدعوهم بالليل والنهار في السر والعلن فُرَادَى وجماعات ،لم يترك طريقاً من طرق الدعوة إلا سلكه معهم أملاً في إيمانهم بالله قال .. (.. قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا ، وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ، ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ،ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ..) نوح . فأوحى الله تعالى إليـه أنه لن يؤمن معه أحد إلا من اتبعه، فصنع السفينة ، وأنجاه الله هو والمؤمنين.
أمل يعقوب عليه السلام: ابتلى الله سبحانه نبيه يعقوب عليه السلام بفقد ولديْه يوسف وبنيامين، فحزن عليهما حزنًا شديدًا حتى فقد بصره ، لكن يعقوب عليه السلام ظل صابراً بقضاء الله، ولم ييأس من رجوع ولديه،وازداد أمله ورجاؤه في الله سبحانه أن يُعِيدَهما إليه، وطلب يعقوب عليه السلام من أبنائه الآخرين أن يبحثوا عنهما دون يأس أو قنوط، لأن الأمل بيد الله، فقال لهم: (.. يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ..)يوسف 87 وحقق الله أمل يعقوب ورجاءه، وَرَدَّ عليه بصره وولديه.
أمل موسى عليه السلام: ظهر الأمل والثقة في نصر الله بصورة جليَّة في موقف نبي الله موسى عليه السلام مع قومه، حين طاردهم فرعون وجنوده ، فظنوا أن فرعون سيدركهم، وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم، وليس أمامهم سوى البحر، فقالوا لموسى
.. إِنَّا لَمُدْرَكُونَ..)الشعراء.61 فقال لهم نبي الله موسى عليه السلام في ثقة ويقين: (.. قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ..)الشعراء62 فأمره الله سبحانه أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، ومشى موسى وقومه، وعبروا البحر في أمان، ثم عاد البحر مرة أخرى كما كان،فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه.
أمل أيوب عليه السلام: ابتلى الله سبحانه نبيه أيوب عليه السلام في نفسه وماله وولده إلا أنه لم يفقد.. أمله في أن يرفع الله الضر عنه، وكان دائم الدعاء لله, يقول تعالى : (.. وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ..)الأنبياء83 فلم يُخَيِّب الله أمله، فحقق رجاءه، وشفاه الله وعافاه، وعوَّضه عما فقده
هذا هو الأمل الذي يدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه؛ لأن الأمل محله نور القلب الذى سببه الإيمان ومن فقد الإيمان فقد كل شىء وصدق عندما قال أحد الحكماء : لولا الأمل ما بنى بانٍ بنيانًا، ولا غرس غارس شجرًا. ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، وذلك لأن المخترع لم يتمكن من تحقيق إنجازه من أول مرة في أغلب الأحيان، وإنما حاول تحقيقه مرة بعد مرة دون يأس أو ملل، ولذلك قيل: الأمل يُنَمِّي الطموح والإرادة واليأس يقتلهما. لذلك يجب أن نجعل الأمل موجود في القلوب، لأنه من الإيمان ، وهو نور.. وأعظم هندسة في الحياة أن .. تبنى جسرآ من الأمل .. أما اليأس هو سلم القبر.. نسأل الله أن يجعل حياتنا كلها آمل ويقين بالله سبحانه وتعالى..