** عجيب حال الإنسان مع ربه يغدق عليه النعم فينأي ويذكره غيره. فإذا نزلت به شدة لم يجد من يلجأ إليه سوي مولاه الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.
* وقد قال الله تعالي "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".
ولقبول الدعاء شروط منها:
* أن يتوب العبد من آثامه أن يكون مطعمه وملبسه ومشربه من حلال. فإذا أضاف إلي ذلك خشوع القلب واستقبال القبلة. وكان علي طهارة. وصادف وقتاً من أوقات الإجابة
وهي الثلث الأخير من الليل. وعند الأذان. وبين الإقامة. وعقب الصلوات المفروضة. وعند صعود الإمام يوم الجمعة علي المنبر حتي تقضي الصلاة. وآخر ساعة بعد عصر يوم الجمعة.
وأن يبدأ الدعاء بالثناء علي الله. والصلاة والسلام علي رسوله صلي الله عليه وسلم فإن هذا الدعاء لايكاد يرد أبداً.
شاركت في الأيام القليلة الماضية في منتدى فكري في مركز محمد علي في ولاية كنتاكي في أمريكا مع مجموعة من الزملاء الأكاديميين، وقد شارك في هذا المنتدى لفيف من المثقفين والمفكرين الأمريكيين، وكان المنتدى حياً بأطروحاته، ساخناً بمناقشاته، حيث وجهت لنا نحن السعوديين أسئلة عديدة حول كثير من القضايا الدينية، والتي غالباً ما يروج لها بعض وسائل الإعلام المختلفة هنا وهناك، والمثير أن كثيراً من هذه الأسئلة يحمل طابع الاتهام لا الاستفهام! والمدهش - أيضاً - أنها كانت صادرة في الغالب من مسلمي الهوية وإن كانوا أمريكيين ثقافة وفكرا! وكان من ضمن الأسئلة المطروحة سؤال عن الوهابية وطبيعة هذا الدين الجديد الذي يدين به السعوديون، ولماذا يحكم الوهابي على غيره بالكفر؟ وللأسف أن هذا السؤال كان من مسلم أمريكي مثقف! وهو يعطي انطباعاً واضحاً عما ينعم به هذا المثقف من ضحالة فكرية لا يحسد عليها، كما يعطي انطباعاً أكثر وضوحاً عن أمثاله من المثقفين الأمريكيين غير المسلمين، فضلاً عمن سواهم من العامة. وقد ذكرني هذا السؤال بالحادثة الطريفة التي رواها لنا فقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - وهي حادثة فريدة من نوعها، عاصرها هو في الماضي، ونعاصرها نحن اليوم في وقتنا الحاضر, قال الطنطاوي في ذكرياته (3/56): "كانت الوهابية شيئاً مخيفاً، حتى إن الأستاذ المودودي- رحمه الله - حدثني عن رجل هندوسي تاجر، كان يعامل المسلمين هناك ويعاملونه، فكان خصام بينه وبين أحد التجار المسلمين، فأعلن في المسجد أن فلاناً (أي الهندوسي) وهابي، فقاطعوه حتى اختلت تجارته، ولم يخلصه إلا أن أرضى التاجر المسلم، فجاء المسجد فأعلن أنه تاب من الوهابية، ورجع إلى بوذيته، فرجعوا إلى معاملته!" أهـ. لقد رسخ في أذهان أولئك العامة البسطاء أن هناك بشراً يعرفون بالوهابية، وأنهم قد بلغوا من الكفر أو الشرك ما لا يبلغه الهندوسي أو البوذي! هكذا رسخت المعلومة في الآذان، أو هكذا ينبغي لها أن ترسخ، كما رسخ في ذهن ذلك المثقف أن هناك ديناً يسمى الوهابية، وأن ما سواه كفر في نظر معتنقيه! وقد أوضحنا خطأ هذا المفهوم، وأنه لا يوجد دين في المملكة يدعى بالوهابية، ولا يوجد فيها مذهب يعرف بهذا الاسم، وأن هذا الاسم ما هو إلا لقب أطلقه بعض خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وذلك للتنفير مما كان يدعو إليه من العقيدة الإسلامية الصافية التي كان عليها سلفنا الصالح منذ القرون الأولى، فأطلق الخصوم هذا الوصف لإيهام الناس بأنه جاء بدين جديد، وقد كان لهذه الشائعة أثرها السيئ في العصر الماضي، وحتى عصرنا الحاضر، ولا سيما بعد أحداث سبتمبر الشهيرة، حيث روج لها بعض المغرضين وبعض من لديه أجندة سياسية في المنطقة؛ لينالوا من الدولة السعودية المسلمة ومن شعبها المحافظ، فهي شنشنة نعرفها من أخزم، إلا أن أخزم هذه المرة كان مسلماً أمريكياً، وقد تلقينا هذا السؤال الغريب وغيره من الأسئلة في مركز الملاكم المسلم محمد علي كلاي، وكانت الأسئلة على صورة لكمات، وقد استطعنا أن نصدها بكل حكمة وثبات، وأن نبادلهم لكمات محمد علي الشهيرة حتى ترنح منهم كثيرون، ثم كانت اللكمة القاضية لصالحنا حين سأل أحدهم عن مناهجنا الدينية، فشهد شاهد من أهلها، ورفع رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في كنتاكي أصبعه مشاركاً، وقال : لقد درست في السعودية الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فما تعلمت شيئاً يحث على الإرهاب، بل كانت المناهج التي تلقيتها علمية وسطية، بعيدة كل البعد عن مسلك الغلو والجفاء، بل فيها من العلم بالثقافات الأخرى ما لا نراه هنا في أمريكا، ثم ضرب مثالاً على ذلك بمادة الجغرافيا، وأنه تلقى فيها بالسعودية معلومات عن الدول الشرقية والغربية ما لا يتلقاه الطالب في أمريكا، حيث لا يدرس الطلاب فيها سوى جغرافيا الولايات المتحدة، دون باقي دول العالم، ولهذا - وغيره من وسائل التغييب - يغط كثير من الشعب الأمريكي في نوم عميق!! وقد استدعت شهادة هذا الشاهد تصفيقاً حاراً من الجمهور.