كم من فتاة دخلت العمل المختلط وهي لابسة اللباس الشرعي، ثم بدأ ينقص شيئًا فشيئًا فبدلت العباءة الفضفاضة إلى عباءة الكتف اللاصقة، والغطوة الساترة إلى نقاب موسع معطر مجمل، وبدأ التكسير في الكلام والتغنج والضحك والجرأة، لماذا؟
هذا أثر المخالطة بالجنس الآخر، وقد أعجبني أحد الفضلاء بقصة جرت معه.
فيقول: توظفت في مكان عملي فتاة ذات نسب وشرف، والذي لفت انتباهي أنها فتاة متسترة، تسترًا شديدًا وقد وُضعت في القسم الذي أديره وكان كله من الرجال، ومما أغاظني أنها كانت من مجتمع محافظ مع الأسف الشديد وقد رأيتها في كل يوم تأتي منكسة رأسها لا تتحدث مع أحد حتى نهاية الدوام فتنصرف.
فسألتها عن والدها وعنوان منزلها فأخبرتني، وقلت أستغل الفرصة ما دام في الأمر مهلة فذهبت إلى والدها في عصر أحد الأيام فلما جاءني بالقهوة وجلس معي قلت:
يا أبا فلان، لو ناديت فلانة تأتي وتجلس معنا.
قال: أنت مجنون ما تستحي!
قلت: لماذا؟ هي كل يوم تجلس معنا من الصبح إلى الظهر إيش فيها!
فاستحى وعرف خطأه وانتبه لفعله المشين فشكرني على مقصدي من النصيحة.
ولما جاء صباح اليوم التالي فإذا هي جليسة البيت قد تركت العمل.
فليسأل نفسه من ترك نساءه في وظائف الاختلاط لماذا تستحي أن تدعو ابنتك لتجلس مع أصحابك إذا أتوا إلى منزلك، وأكثرهم تعرفهم و تثق بهم، ولا يمنعك هذا الحياء المزيف أن تتركها بين صفوف الشباب الذين لا تعرفهم في الوظائف؟
عجبًا إننا في زمن المتناقضات.