بسم الله الرحمن الرحيم
\
إن من أعظم نعم الله تعالى أن منّ علينا بالقدرة على القراءة والكتابة, فكانت سبيلاً عظيماً في نقل العلم والمعرفة وكل ما يجول في خاطر المرئ وخلده. وأصبحت الكتابة طريقاً للتبليغ والهداية وبث العلم الذي ينتفع به, فحري بكل ذي لب أن يستفيد من هذا الأمر في إداء تكليفه الشرعي والقيام بدوره الاجتماعي. بيد أن للكتابة فنون وآداب, ونحن نذكر هنا خلاصة (كيف تكتب مقالاً) .
لدينا ثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : قبل كتابة المقال.
المرحلة الثانية : كتابة المقال.
المرحلة الثالثة : بعد كتابة المقال.
المرحلة الأولى : قبل كتابة المقال :
( أ ): ما الهدف الذي تسعى إليه من خلال الكتابة؟
كلما كان هدفك أكثر تحديداً ووضوحاً لديك؛ كنت أقدر على اختيار الموضوع المناسب, وبالتالي سيؤثر ذلك بشكل كامل على الخطوات التالية.
إذا كان هدفك الإثارة ولفت النظر إليك, فأنت بحاجة إلى موضوع ساخن مثير للجدل, كالمواضيع السياسية الحادة, أو الجنسية, أوحقوق المرأة أو ما شابه.
وإذا كان هدفك المال فقط, فاكتب ما تريده الجرائد والمجلات التي تبذل أموالاً.
وإذا كانت بغيتك سد نقص ما, فابحث عما يحتاجه الناس. وهكذا.
( ب ): حدد نوعية المقال(علمي – أدبي – اجتماعي – رياضي ...الخ), وحدد الشريحة المستهدفة (عموم الناس- الآباء- الأمهات- المعلمون- المثقفون- المراهقون......الخ).
( ج ): اختر موضوعاً يناسب الهدف والشريحة اللذين تسعى إليهما.
( د ): هل لديك القدرة على إيفاء موضوعك حقه ؟
مثلاً : إذا كان الموضوع علمياً, فهل لديك المؤهلات العلمية للكتابة في هذا المجال؟ إذا كان الجواب بالنفي فابحث عن موضوع آخر .
( هـ ): ابدأ في جمع المصادر والإحصائيات والشواهد التي تحتاجها في المقال. واقرأ بالمقدار اللازم. ابحث وادرس بعناية موضوع المقال ثم ابدأ بالكتابة.
المرحلة الثانية : كتابة المقال :
1- اختر عنوان المقال: يجب أن يكون العنوان جذاباً, مثيراً, غير متكلف, بحجم الموضوع. والأفضل في البداية اختيار عنوان بسيط بسرعة, وبعد أن تنتهي من المقال تعيد النظر في العنوان. ويجب أن يكون الرابط بين العنوان والمعنون وثيقاً, فلا يكون العنوان في وادٍ, والمقال في وادٍ آخر.
مثال للعنوان الصحيح: صرخة استغاثة.
السبب : هذا العنوان يثير فضول القارئ.
مثال للعنوان الخاطئ : الإجهاض.
السبب : للإجهاض جوانب عديدة ومتشعبة, ولا يمكن أن تفي حق هذا الموضوع في مقال مهما كان مفصلاً.
واعلم أن وقت الناس ومزاجهم لا يتسع لقراءة جميع ما يكتب, لذا عليك أن تصطاد القارئ وتلفت نظره إلى موضوعك من خلال العنوان. إذن العنوان بمثابة الطُعم الذي تصطاد به القارئ الكريم.
2- المقدمة أو التمهيد: من الخطأ أن تدخل مباشرة في صلب الموضوع بل لا بد من التهيئة النفسية للقارئ.
3- متن المقال: ويحوي مجموعة الأفكار أو التصورات أو المشاعر التي تريد زرعها في ذهن القارئ وروحه, أو تستهدف إبرازها و التحليق معها في عالم آخر.
في البداية اطلق لقلمك العنان, ليكتب جميع ما يدور في خلدك من معاني وأفكار دون قيد, ثم قم بإجراء التعديلات على ما كتبت.
يجب أن تراعي في المقال ما يلي :
أ- ترتيب الأفكار وتسلسلها.
ب- الابتعاد عن الأسلوب العادي المبتذل أو الغريب الوحشي, وليكن سهلاً ممتنعاً.
ت- عبارات واضحة ومنتقاة.
ث- الإقناع والإمتاع.
ج- التنويع في استخدام المؤثرات داخل المقال (نداء، واستفهام، وأمر، ونهي ، ونفي ، وتعجب).
ح- ابتعد عن تكرار اللفظ الواحد أو العبارة ذاتها بشكل ملفت للنظر, واستعن بالمترادفات عند الحاجة, والتقديم والتأخير في مفردات الجملة.
خ- الاستعانة بشواهد مأثورة أو أبيات شعر.
د- اجتناب الجمل الطويلة قدر الإمكان.
ذ- تأكد من سلامة التراكيب والقواعد النحوية. واستعمل علامات الترقيم (الفواصل والنقط والفقرات) بشكل صحيح.
ر- الدقة في النقل (الآيات الكريمة – الأحاديث الشريفة – الأقوال- الإحصائيات) .
ز- لكل إنسان ذوق وأسلوب. فلا تحاول تقليد غيرك في كل شيء.
مثال للتقريب: لو طلبنا من عدة نساء القيام بطبخة واحدة حسب وصفة واحدة, ستجد أن الطعم أيضاً مختلف, وهو ما يعبّرون عنه بـ (نَفَس المرأة).
4- الخاتمة: وهي توحي للقارئ أن الكاتب قد أدى رسالته المنتظرة منه في المقال. فلا تضف فكرة جديدة تحتاج إلى شرح وبسط, فالخاتمة وداع للقارئ الكريم. وهي بمثابة المصافحة بعد نهاية اللقاء.
المرحلة الثالثة : بعد الكتابة :
1- أعد النظر في المقال كاملاً (من العنوان إلى الخاتمة) وقم بالتغيير إلى الأفضل – إن لزم ذلك- .
مثلاً :
( أ ) إبدال بعض الكلمات والتعبيرات التي تشعر أنها غير مناسبة أو ركيكة أو هناك أفضل منها.
( ب ) تقديم وتأخير في بعض الأفكار, لتكون متسلسلة.
( ج ) إضافة شرح وبيان عند الحاجة, أو اختصار عند اللزوم.
2- لا تتسرع في نشر ما كتبت, بل ارجع له بعد يوم أو أيام, واقرأه مرة أخرى, وأجرِ التعديلات الضرورية – إن وجدت-.
3- احتفظ بنسخة من مقالاتك وأبحاثك على قرص Cd أو ما شابه, لعلك تحتاجها في المستقبل.
4- اختر وسيلة النشر المناسبة واتكل على الله تعالى .
وأخيراً: ليكن قلمنا جميعاً فيما يرضي الله سبحانه, والحمد لله رب العالمين.