سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 2 ) : الشيخ زيد البحري
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 2 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
أما بعد ، فيا عباد الله :
مازال الحديث يتتابع عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
أسلمت طائفة من المسلمين ، وكانت دعوته عليه الصلاة والسلام دعوة رحمة لجميع الخلق .
فغدا بهم في ذات يوم من الأيام غدا بهذه الطائفة عامدا إلى سوق عكاظ
وحضرت صلاة الفجر ، فلما حضرت صلاة الفجر صلى بهم عليه الصلاة والسلام عند نخلة .
وإذا بطائفة من الجن يقدر الله عز وجل أن يكونوا في هذا المكان ، فيسمعون قراءة الرسول عليه الصلاة والسلام .
فرجعوا إلى قومهم وقد أسلموا .
وهو عليه الصلاة والسلام لم يرهم هذه المرة ، وهذا هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
أما رؤيتهم عليه الصلاة والسلام فقد رآهم مرة أخرى لما اجتمع بهم كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ، وبين لهم طعامهم وطعام دوابهم إنما هذا في حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
فأسلمت هذه الطائفة فأنزل الله عز وجل سورة " الجن " : ((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً{1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً)) إلى آخر السورة
ولما كان عليه الصلاة والسلام حُمِّل من الدعوة ما حُمِّل جاءه الأمر من الله عز وجل :
جاء في صحيح البخاري أن الله عز وجل أنزل قوله تعالى : {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } وزيد في ذلك في مسلم : " ورهطك منهم المُخلَصِين "
يقول النووي رحمه الله : " هذه الجملة وهي الجملة الأخيرة " ورهطك منهم المخلصين " يقول : كانت آية تُتلا فنُسخت .
الشاهد من هذا :
أنه لما جاء أمر الله عز وجل لم يكن هناك بد من أن يصدع بدعوته ، فصعد عليه الصلاة والسلام على الصفا ، ونادى في بطون قريش :(( أنقذوا أنفسكم من النار))
فلما اجتمعوا ، ومن لم يستطع أن يأتي أرسل رسولا ، فلما اجتمعوا حول النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : لو أخبرتكم أن خلف الوادي جيشا يريد أن يصبحكم أكنتم مصدقي ؟
قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا
فقال عليه الصلاة والسلام : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب عمه : تبا لك ألهذا جمعتنا ؟
فأنزل الله سورة المسد :{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }
بدأت آيات القرآن تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع والأحداث .
وكان أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم القرآن : عبد الله بن أبي السرح
فجلس يكتب لكن الشيطان أزاغه وأزاغ قلبه ، فكان يكتب بدل الظالمين يكتب الكافرين ، وبدل والله سميع عليم يكتب والله غفور رحيم فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه .
إلى أن جاء يوم الفتح فتح مكة وشفع له عثمان رضي الله عنه ، وأسلم عبد الله بن أبي السرح وحسن إسلامه وعاد إلى دين الله
الشاهد من هذا :
أن الوحي لما نزل كان يكتب له عليه الصلاة والسلام في أول الأمر عبد الله بن أبي السرح .
أما أول من كتب له في المدينة فهو أبي بن كعب كما أوضحت ذلك بعض روايات مسلم .
وكان مما يكتب له في المدينة : زيد بن ثابت
وكان من جملة ما يكتب له الوحي الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم
وأنزل الله عز وجل في عبد الله بن أبي السرح ما جاء في سورة الأنعام :((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ))
ولتعلم – عبد الله - : أن معظم السور كما نقل ذلك بعض أهل العلم معظم السور هي سور مكية
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : (( وعامة السور المكية كـ " الأنعام والأعراف " ونحوها إنما تدعو إلى ما دعت إليه أصول الشرائع المتقدمة ))
أصول الشرائع شرائع الأنبياء من :
الإخلاص
من الصدق
من الأمانة
من التحذير من أن يقال على الله عز وجل قولا بلا علم
جاء النبي عليه الصلاة والسلام فقلب حياتهم ــــ لم ؟
لأنه صادم بدعوته تلك العقائد الفاسدة .
فماذا كان عليهم ؟
ما كان منهم إلا أنهم لجئوا إلى المفاوضات مع النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا قالوا : يا محمد اعبد إلهنا يوما ، ونعبد إلهك يوما {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } اعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فأنزل الله عز وجل :} قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ{1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ{2} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ{4} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ{5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ{6}{