مع بزوغ فجر اليوم
بدا الأحد تعيسا
الظلام تطاول على نور الفجر . . والحق !!
في المزرعة الخضراء
أجمع أبناء المتعة ومبشري الحضارات الغربية على إعدام النخوة والعزة والمهابة
ليس بوسعي أن أكتب عن بغداد الوطن والحب والتاريخ
فقد تشوهت لتخرج أكثر حقدا وغدرا
صدام حسين استفزني ليخرجني عن صمت العاجزين
وحتى لا أزعج السحاب آثرتها بياضا له وحده ولبقية رفاقه عبر هذا العالم ...
أعرف أنك لن تركب أول طائرة لتودّع فيها خبز الجياع، ومناظر الحب والطفولة
..
ولن تصفّق طويلاً للموت الذي يغتال جرحَك قطعةً قطعةً ... فقد أخذتْ منك المصائبُ أكثرَ من عمرك ..
هل تحتمل ..؟!
ومشهد بغداد الطفلة والمرأة والحب والعجوز ..تغتال بيد القادمين إليها...
وبقيتَ وحدَك تداوي جرحَ وطنك ...جرحَ إبنيك .. جرحَ التراب والنهر ...
ثمّة أماكنُ تستغيث من أهلها بقاتليها ... و أظنّ وطنَك منها ..
ليس بيدك غير دواة ووطن وكفن ... أشعلْتَ الأولى للثانية .. ودفنْتَ الثالثة حتى لا يهرب الصغار إلى قبورهم ..
..
لست وحدك مَن تعب من مفردات الرثاء، حتى رغد تعبْتَ من البحث عن اغتيال بغداد في والدها عن اغتيال بغداد في صدام عن اغتيال الليل في النهار ...
وحينما تتحول الحروب إلى مسرحيات فالكلُّ يصفّق والكلُّ يتفرّج ... فقط (الكومبارس) من يدفعون الثمن.. والمخلصون مَن يكرمون (الكومبارس) حينما تصيح الديكة ...
أتريد أن تشاركها عرس الخونة ...؟
أم أنك ستزأر بعيدا لتشويه جمالها ونهريها ومزارعها
رأيت حروب العالم فوجدتُها رصاصاً من اليمين للشمال ومن الشمال لليمين ..إلاّ بغداد، إلاّ العراق ، فقد كانت تتلقى الحب والعذاب من كل الاتجاهات... لم تعرف كيف تقاوم؛ فاستجمعتْ نفسها، وهدمتْ كل أحجارها باكية حزينة أسيفة، وصديقُ الأمس عدوُّ اليوم ..وأيُّ الناس تُرجى مودّته..؟!!
علّموها ..أنّها هي حبُّهم الوحيد .. أنها مأوى أفئدتِهم .. أن الأرضَ هي امتدادٌ طويلُ لحبهم وتاريخهم .. وحينما فتحتْ ذراعيْها لمعانقتهم ..خرجتْ الخناجر .. وكلٌّ يريد أن يظفر بعناق دموي من نوع آخر ...
علّموها أن جورج بوش ليس صديقاً ...علّموها أن المغتربين هم بضعة من الخونة .. وأنّ الدينار مخنوق في هجعة الليل ...لكنهم لم يخبروها .. أن السماء حينما تمطر على بغداد فهي تمطر على قلوب أهلها هناك في المهجر ..وحينما تسقط الصواريخ الموقّعة من أطفال واشنطن دي سي فهي تسقط على أطفالهم...
لم يخبروها ... كيف دخل اللصوص قبل ليلة الطلاق والمخاض، وكيف هرّبوهم ...لم يخبروها .. كيف اصطفت الدبابات لنقل أصحاب الجيوب الممتلئة خيانة وغدرا.
أما رفاقك الذين عانوا من قلة النصير، فسبحت بغداد بحمد الله أنهم خرجوا؛ لأنها لا تريدهم وقت الألم ..فقد يقتلُ المولودُ أمَّه ... حمدتِ اللهَ أنها لفظتهم حتى لايمتصوا ما تبقى فيها من جمال وقت المخاض ...
قد تستجيرُ بغداد بالاخرين .. لكنها تبقى منكفئةً على نهريها وبحرها، وإذا أردْتَ يا صدام أن تعرف مَن الذي يوزع الحلوى وقت الألم فاعلم أنها تلك الأصوات النشاز التي تخرج في وسائل الإعلام، توزّع صكوك الخيانات على هذا وذاك، وصكوك الغفران على البقية الباقية ..كل هؤلاء هم من يتاجر على حساب بغداد ومن يعبّئ أرصدته من جيوب فقراء ومشردي العراق ... وحتى لو خرجت دموعُهم في شاشات التلفاز؛ لأن القاتل قد يقتل وهو يبكي.
...
لا تكسرْ نايَك ... فالجبل لن يدمع إلاّ من المطر
لا تحطّم قلمك ... حتى لايتلفع الصغار بشالات الحزن..
والسلامُ عليك حينما ترى خريطةَ العراق عابثةً متموجةً في فنجانِ قهوتِك