التربية التي كبلت الفكر الإسلامي !!!!!
الفكر هو الذي يحدد سلوك الإنسان وتصرفاته
و الفكر صناعة يتم صنعه من خلال التربية و التعليم في المدارس والجامعات و من خلال وسائل الإعلام المختلفة المرئي و المسموع و المقروء و من خلال الشبكة العنكبوتية
فإذا كانت المدخلات لهذا الفكر سليمة فينتج عنها فكر سليم متوازن و هذا يؤدي إلى سلوك سليم متوازن و عقلاني
و إذا كانت غير سليمة فينتج فكر مضطرب غير متوازن و هذا يؤدي إلى سلوك مضطرب و تصرف غير متوازن و غير عقلاني
و إذا أمعنا النظر في العملية التربوية و الإعلام لمعظم الدول العربية خلال الفترة الماضية نجدها تتصف بالثورية
و الصفات الرئيسية للفكر الثوري هي العنف في التغيير و سيطرة العاطفة و ثقافة الحقد و ثقافة الإقصاء
و هذا الفكر دخيل على ثقافتنا الإسلامية التي تدعوا إلى السلم و الإقناع في التغيير و تؤمن بالخطوط المنحنية في التغيير بخلاف الفكر الثوري الذي يؤمن بالخطوط المنكسرة في التغيير
فالشخص الذي يحمل الفكر الثوري يتصف بالآتي:
- طبعه حاد ، يثور و يغضب بسرعة و يميل إلى العنف في التغيير و الإصلاح و الإدارة و لا يجيد السياسة و فن الإقناع .
- يجري وراء عواطفه بعيدا عن العقل
- لا يفكر في العواقب ولا يجيد التحليل
- ضيق الأفق و ليس لديه نظرة بعيدة المدى .
- لا يقبل الرأي الآخر المختلف و شديد الهجوم عليه و متطرف في أحكامه عليه .
- التبعية وعدم الاستقلالية.
- يفكر باتجاه واحد و يرفض البدائل
- متحجر و متقوقع و ليس لديه مرونة يرفض الإصلاح و المراجعة
- غير حيادي منحاز لنفسه و هواه فهو يقيم العالم من خلاله و يرفض المعايير العلمية المنطقية.
- يؤمن بتقديس الأشخاص فلا تجد له رأي أمامهم .
- تبعي غير مستقل يسهل قيادته في أي اتجاه.
- يحقد على الذي يختلف معه و يقصيه .
- شديد التقبل للإشاعات المغرضة و الترديد لها.
- يتقبل الخنوع لمن له مصلحة عنده و يثور في وجه ممن لا مصلحة له عنده لأدنى أمر .
فغالب الفكر العربي مكبل بالفكر الثوري المستورد من الشرق دون أن يشعر أصحابه لأنه متجذر في هذه المجتمعات رغم أن أصحابه الأصليين تخلوا عنه و معظم الحكومات العربية تخلت عنه و لا تدري كيف تتخلص من تبعاته لأنها ورثته و لم تأت به
و لكنها تلجئ إليه أحيانا لتغطية إخفاقات داخلية و رميها على جهات لا علاقة لها بالموضوع و لتصدير مشاكلها للخارج.
و لا يزال بعض الناس متمسك بهذا الفكر لأنه لم يفهم الإشارة
و لن ينعتق الفكر العربي ما لم يتحرر من هذا القيد فإذا تحرر منه فسيصبح حرا طليقاً يقبل الرأي الآخر و يصبح يفكر في عدة اتجاهات و يطرح عدة بدائل.
و لشدة تجذر هذا الفكر فقد مضى على السير في هذا الطريق و هذا النهج أكثر من ستون عاما و لم يعطي ثمرة بل جر مصائب اكبر على الأمة و لا يزال الكثير لا يقبل أي طرح بديل و يتهم كل من يطرح طرح آخر
و التاجر الصغير يراجع حساباته على الأكثر كل عام ليعرف مقدار الربح و الخسارة ليعدل من أسلوبه و يطور مصلحته
بينما هؤلاء غير مستعدين لمراجعة حساباتهم بعد ستون عاماً و يثورون في وجه كل من يذكرهم بضرورة مراجعة الحساب
و الحل و البديل لهذه المناهج هي المناهج المصبوغة بصبغة إسلامية
و كنموذج واقعي هي المناهج السعودية و هي بحاجة إلى إصلاح و تطوير أيضا و لكنها أفضل الموجود من وجهة نظري
أما عن كيفية صبغها بصبغة إسلامية فهو أن يتم تنقيتها مما يتنافى مع العقيدة الإسلامية و الإشارة إلى النظريات التي تخالف العقيدة الإسلامية و أن يكون لدى المدرس توجيهات و إرشادات بأن يكون أحد أهدافه غرس العقيدة الإسلامية و نشر الثقافة الإسلامية لدى طلابه فتجده يغتنم أي فرصة ليشير إلى عظمة الله و عظمة رسول الإسلام لأن القرآن الكريم و السنة المطهرة مليئة بالمعجزات العلمية
و كذلك الأمر بالنسبة للمناهج فيتم اغتنام أي فرصة للإشارة لذلك و لو في مقدمة الكتاب
فمثلا كتاب الرياضيات يمكن كتابة العبارة التالية في مقدمة الكتاب (الرياضيات تنمي مدارك الإنسان و توسع أفق تفكيره و هذه يمكن استغلالها في التفكر في عظمة الله و في اكتشاف أمور علمية من القرآن الكريم المعجز و من الأحاديث النبوية الشريفة)
و حتى في كتاب الانكليزي يمكن وضع نصوص من ثقافتنا الإسلامية لمعرفة الألفاظ الانكليزية التي تخص الإسلام و الدعوة إليه و التعريف به
و مما لا يخفى عليكم أيضاً مدى تأثير الصورة على سلوك الإنسان و خاصة في المراحل العمرية الأولى فعندما يتم وضع صور في الكتب المدرسية بلباس يتنافى مع الحشمة التي أمر بها الإسلام و تخالف عادتنا و تقاليدنا الشرقية فهذا يدل على غزو ثقافي و ذوبان في الآخر و سوف يكون له تأثير على سلوك الطفل و تفكيره
وفي المناهج السعودية هناك كتب علم نفس و فلسفة و اجتماع و وطنية و تربية و إدارة و غير ذلك و لكن يتم وضع النظريات الإسلامية فيها بالإضافة إلى النظريات الغير إسلامية و لكن إذا كانت هناك نظريات تخالف العقيدة الإسلامية فيتم الإشارة إليها و التنبيه لها
و هناك اختصاصيين من السعودية و دول الخليج في هذه المواد و التخصصات العلمية أيضا درسوا في الغرب و نالوا أعلى الشهادات و لكنهم لم يذوبوا في ثقافته و بالعكس تشعر أنهم تذوقوا و فهموا معاني الإسلام فعشقوه و تغلغل في كيانهم أكثر من بعض طلاب الشريعة الإسلامية الذي اخذوا بظاهر الشريعة و لم يغوصوا في أعماقها
بينما في مناهج الدول العربية التي تعرضت لاحتلال غربي و طبق عليها النظام الثوري فغالب الكتب هي عبارة عن ترجمة حرفية لمناهج من دول غربية و لكن من فترة الستينات و من المعروف أن ثقافتنا تختلف عن ثقافتهم فالطالب لديه ثقافة من مجتمعه و يتلقى ثقافة أخرى متناقضة من مدرسته فأنتجت هذه المناهج أفراد بدون هوية و في حالة ضياع و مضطربين فكرياً و نفسياً و لا مبالين
هذا من جهة و من جهة أخرى التوجه الثوري لهذه الدول و الثورة تميل للعنف في التغيير و الحقد على الذي يختلفون معه و تقديس الذات اثر أيضا على المناهج و على التوجيه السلوكي للطلاب فأنتجت أفراد عنيفين و انفعاليين و حاقدين و متطرفين في أحكامهم و عندهم شره للسلطة و التسلط
و الغريب أن الذين قاموا بترجمة و وضع المناهج التعليمية في كثير من الدول العربية لم يتنبهوا إلى أمور بسيطة و خطيرة فمثلا يسمى الاحتلال الغربي استعمار و في الحقيقة هذا اللفظ مدح و ليس ذم فالاستعمار معناه التعمير و البناء و التشييد
بينما يسمى الحكم العثماني احتلال وهذه الكلمة ذم و الأتراك مسلمون فلاحظوا التناقض و لاحظوا السموم.
و طريقة التفكير هذه تؤثر على الجميع حتى الإسلاميين فالإسلاميين الذين تربوا على مناهج ثورية يختلفون عن الذين تربوا على غيرها و هذا الأمر احد أسباب وجود التطرف الإسلامي
فالفكر الثوري صنم يجب تكسيره لتعود إبداعات هذا الفكر الذي ملئ الأرض نوراً و ضياءً .