لم يكن الهلال بقوته المعروفة ولا بجزء منها حاضراً مساء الجمعة الماضي في "درة الملاعب" بعد أن غاب أولاً ثم غابت جماهيره ثم اختفى لاعبوه بعد الكرة الأولى التي استقرت في شباك عملاقه غير الملام على مستوى الأهداف ويلام بكونه القائد والشاهد الأول على حضور الأشباح الزرقاء وبالثلاثة القابلة للزيادة ودون أن يشعروا بحالة الإحباط التي أقلقت مضاجع جماهير الهلال العاشقة وليست جماهيرهم.
في ذلك المساء الحزين على الهلاليين جميعاً لم يكن السبب مسألة الخسارة فهؤلاء اللاعبون قد أسعدوهم بانتصارات مبهرة وجندلوا الخصوم الواحد تلو الآخر في مناسبات سابقة لا يمكن للمداد حتى وإن كان أزرقا أن يحصيها ولكن الحزن الدفين جاء نتيجة رؤية انعدام كبير في الروح المعنوية ينتشر كانتشار الوباء الخطير في الجسد المنهك والآيل للسقوط ولو استمر أكثر فربما يصل لمرحلة أخطر إذ التخاذل واللامبالاة وإلا كيف يفسر حصول نجم الفريق الأول وأكثر اللاعبين مهارةً وحباً من الجماهير ياسر القحطاني على بطاقة حمراء مجانية بعد حركة لا مسؤولة لإعاقة مدافع الشباب وبعد أن تدخل عنوة لأخذ الكرة من زميله الشلهوب، وكان قبلها قد تحصل على أخرى، أنهى مشواره مع الفريق خارجياً وتحديدا في دوري المحترفين الآسيوي، وقبل أن يضمن الفريق التأهل من عدمه ليفتح الباب على مصراعيه للتكهنات، وكأنه يبحث عن إجازة مفتوحة ليلتقط أنفاسه بعد موسم شاق لقي فيه من الرعاع مالقيه وأعطاهم في نهاية المشوار جزءاً من مخططهم النتن في انتظار بقية الفيلم المرعب؛ وكان قبله حصل رمانة الفريق خالد عزيز على بطاقة حمراء غير مبررة إلا بالتصرفات الحمقاء، وفي مباراة قطف الثمار حتى أصبحت البطاقات الملونة عنوانا بارزا للفريق بعد هزة رحيل كوزمين، ودون أن يكون هناك موقف من إدارة الكرة إذ يلزمها البحث عن الأسباب والدوافع حتى تصل للعلاج الناجع خصوصاً وأن هذا الجهاز يشرف عليه الخبير سامي الجابر، والذي يحتاج الفريق لبصمته الإدارية في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، وللعودة لقصة أشباح الثلاثية والذين أسقطوا فريقهم بالضربة القاضية الفنية بعد أن ساهم العجوز ليكينز في مسلسل الإنهيار حين أخرج المحاور من المناطق الواجب تواجدهم بها وترك الدفاع وحراسة المرمى دون ساتر يمنع من التسديدات المباشرة، ورغم أنهم كانوا جيدين إلى اللحظة التي عانقت فيها كرة عطيف الكبير شباكهم إلا أن ما يؤخذ عليهم هو الإنهيار التام بعد ذلك إذ ظلوا في الشوط الثاني كمن يبحث عن صافرة النهاية دون أن يكون هناك من يرغب في التعديل أو تذليل الفارق لمباراة الرد ويستثنى من ذلك العملاق روحاً ومستوى أسامة الهوساوي، في حين ظل غالبية البقية مع اختلاف الدرجات أشباح تسير في ظلام دامس لاتعرف الطريق، ولا تريد أن تعرفه أصلا، ومع ذلك ظلت الجماهير "الزرقاء" مترقبة بين حافتي الخوف والأمل؛ فالخوف يكون من استمرار مسرحية الإحباط والأمل في معرفتها بقدرة نجوم فريقها على التغلب على كل الظروف والعودة مجدداً لجادة الصواب، وهذه تحتاج لجهد جماعي ومكثف.