إن معنى هذه الكلمة العظيمة (لا إله إلا الله) هو أنه لا معبود بحق إلا الله، ولا مستحق للعبادة إلا الله وحده، فمن قال: لا إله إلا الله وجب عليه أن يُفرد الله بالعبادة وأن يترك عبادة ما سواه (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ).
إن لا إله إلا الله هي العروة الوثقى، تضمنت نفياً وبراءة من كل معبود سوى الله، وإيماناً وولاء وإثباتاً لألوهية الواحد الأحد، قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا) ، وهي الكلمة التي جعلها إبراهيم عليه السلام باقية في عقبه (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
فمعرفة معناها والعمل بمقتضاها هو الدين .
لذلك لما دعا محمد صلى الله عليه وسلم قومه إلى عباده الله وحده قالوا (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ، وقالوا (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) ، مع أنهم كانوا يؤمنون أن الله هو الخالق والرازق والمحيي المميت (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ، فاستنكروا كيف تكون العبادة لله وحده من دون وسطاء وأولياء يقربونهم إلى الله !
ولقد ضل قوم لا يعلمون معنى لا إله إلا الله، فقالوا معناها أنه لا خالق إلا الله، وهذا معنى خاطيء منحرف، فكفار قريش كانوا يعلمون أن الله هو الخالق الرازق، ولم يؤمنوا بلا إله إلا الله.