اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الإبداعية > منتدى القصص والروايات
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-03-2010, 10:45 PM   رقم المشاركة : 1
أ.محمد العبدلي
شاعر وأديب
الملف الشخصي






 
الحالة
أ.محمد العبدلي غير متواجد حالياً

 


 

من وحي الأحداث الكويتية

بسم الله الرحمن الرحيم

[IMG][/IMG]



1 من وحي الأحداث الكويتية [ضحى]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
كانا متحابين متعاهدين ، على السراء والضراء ’ زميلان بالجامعة ، ولكل واحد منهما أمل وطموح، وهذا الأمـل والطمـوح ، يتمثل في التخرج من الجامعة ، ثمّ مواصلة الدراسة العليا بعد الحصـول على الوظيفة .
لأنّ كل واحد منهما لم يكن بأحسن حال من الآخـر ، في المجال الاقتصادي ، إلا أنّ ياسر وضحى قد جمع الله بينهما لأول نظرة ، حتى أنّ بعض زملائهما ، يعتقـد بأخوّ تهـما ، بل قال آخـر لولا اختلاف اسميهما لقلت أنهما شقيقان .
ويلاحظ ذلك من تلازمهما داخل الحرم الجامعي يدا بيد ،وكأن أحدهم ظل للآخـر ، وكلّ هذا التلازم والاتفاق ، لم يحدث ، إلا داخـل مكتبة الجامعة أو محيطهـا ، أمّا إذا انتهت الدّراسة ينتهي بانتهائها كل شيئ بينهما ، ومن الغريب أنّ أحدهما لايعرف عن الآخر شيئا ، لاعن مقره ولاعن عشيرته ، ولا إلى أي قبيلة ينتمي ’ أو في أي حي أوحارة يسكن .
وقدمنع مابينهما من حب واحترام السؤال عن الفوارق الفردية والاجتماعية ، واكتفى كلّ واحد منهما بصدق الزمالة وطيب التعامل ، وكانت دراستهما في مجال الطب ، وكل واحد منهما تخصص في مجال الأطفال .
2
وتقفل الجامعة أبوابها ، ويبدأ الاستعداد للعطلة الصيفية ، فيودع ياسـر زميلته ضحى وتودعـه ، وكلّ واحـد منهـما يتمنى لولم تكن هناك عطلة .
ولكن نظـام الجامعة يعطي بعض الدكاترة الحق ، بأخذ إجازة صيفية يقضيها مع أهله وذويه ، وهكـذا هي سنة الجامعة ، في خططها للعام الدراسي وكمـا تعود عليهـا ياسـر وضحـى.
وماهي إلا أيّام قليلة من هذة الإجـازة الصيفية حتى وقعت الواقعت الواقعة على دولة الكويت في يو الخميس 11 \ 1\1 141 هـ الموافق 2\ 8 \1990 م ..
والناس في إجازاتهـم داخـل الوطن وخارجـه ، ومنهـم من يمـارس عمله كالمعتـاد ، وحين أشـرقت الشمس ، وخـرج الناس لقضاء حوائجهم ، وإذا بهم يفـاجئون بجنود لم يروهـم من قبل
وتساءلوا مالذي حدث ياترى ؟
وظهـر للجميع كأنّ هناك انقلابا عسكريا في دولة الكويت ، إلا أنّ المواطن الكويتي ، لم يألف الانقلابات العسكـرية ، ولـم يصدق مايشاهد ويرى ، جنود مدججون بالسلاح ، يحيطون بكل
شارع وساحة .
صورهـم غريبة ، وملابسهم العسكرية غريبة ، ومدرعات ودبابات هنا وهناك ، تقصف بمدافعها الثقيلة المباني المرتفعة ، وكلّما خرج مواطن كويتي إلى عمله ، ردّ على عقبيه وهدد بالسلاح .وخرج ياسر مثل أولئك الذين يقضون حوائجـهـم كالمعتاد ، ذهب مبكـّـرا ولم يكن قد نمـا إلى خلده أنّ الجيش العراقي قد احتلّ الكويت ، وذهب ياسر إلى بنك الخليج ليصرف بعض النقود من حسابه الخاص ، فوجد البنك محاطا بالجنود والمدرعات ، فلم يأبه بهم ، ظنا منه أنهم كويتيون ،
وأخذ يشق طريقه إلى البنك ، ولم ينتبه إلا وقد وجّه إليه أحد الجنود السلاح وأمره بالرجوع إلى الخلف ، قال : ياسر وبسذاجة عفوية وبأمر من أرجع ؟
قال : الجندي بأمر سيدي صدّام حسين ! قال : ياسـر وما دخل صدّام بالكويت ؟
فسحبه جندي آخر وقال : يابه إرجع قبل أن تموت ، فرجع ياسر إلى أهله مذعورا يفكّر بما آل إليه الوطن ، وأخـذ يضرب أخماس أسداس ، أمعقول هذا؟ أيحتلّ صدّام الكويت ؟ ولم يصدّق ماحدث من هول مالحق به من سخريّة وهوان ، فرجع إلى بيته مهموما محطـّـم المشاعر، يضع ألف سؤال وسؤال ، أيعقل أن يحتلّ صدّام الكويت ؟ وما ذنب الكويت ؟ لقد وقفت إلى جانبه في كثير من المـواقف ، وكلّ كويتي يرى في صدّام المدافع الأول عن العرب في القادسية والفاو ..
وهذه الأفكار وغيرها دارت بذهن ياسـر ، ولم يجـد لها جـوابا ، ومـاذا يصنع الآن ؟...
3
لقد أحيط بالكويت من كل جانب ،ونهبت المخازن والمؤن ، ولم يبق إلا مـا دّخـره المواطن لنفسـه ’ قبل الاحتلال ليوم أوليومين ، فهل يقبع ياسـر في منزله دون حراك ، ويضع يده على خـدّه ، كما يفعل المغلـوب على أمـره ، ويقفل عليه باب داره ، ولايشا رك الناس همـومهم ،..
إنّه طبيب ولديه مبادئ في مجال الطب ، ولكنّه متخـوّف كأمثاله من الشباب ، متخـوّف على نفسه ، متخوف على أسرته ، ولم يفته التفكير بزميلته ضحى وأسرتها ...
ولكنه ..
لم يعرف أين تسكن ، ولم يعرف أهلها ، وأخـذ منه الحزن والأسى عليهـا كلّ مأخـذ ، ولكن هول المصيبة ، أنست كلّ فرد أن يفكـّر بصاحبه ،في هذا الوقت العصيب ، وقرر ياسربعد هدوء ورويّة،
أن ينخرط مع جماعة الإغاثة والمساعدة ، في حارته فكان يطمئن المنزعج ، ويساعد العاجز ، ويمسح دمعة الصغير، ولمّا طال أمد الاحتلال ، أخذ ياسر على نفسه توزيع المؤن الغذائية ، وجلب الطحين وقرر أن يكون خبّاز الحارة ، ولم يسبق له أن امتهن هـذه المهنـة ...
فأخـذ يعجن العجين ، ويخبز الخبز ، ويوزعه وهو يشعر بسعادة غامـرة ، بما يصنع ، وكأنّه لم يكن ذلك المثقف ، الذي راوده طموحه ، بحياة الرخاء والمجـد ، وبسبب توزيع الخبز على الجيران ، فقد تعرّضت حياته عدة مرّات للخطر ، وبسبب ما يأتي إليه من الجنود ، ويأخذون مايجدونه مخبوزا في المخبز أمامهـم .
وبرغم هذه الظروف لم ينس زميلته ضحى ، فلم يزل ينظر إلى الطوابير ، الغريبة التى تأتى إلى مخبزه ، من الحارات المجاورة ،فلعلّها تحمل إليه نبأ عن حبيبته ضحى ، أو لعله يجدها في وسط الزحام ، إلا أنّ ذلك لم يكن ، وفقد بذلك الأمل في رؤيتها ، ومع ذلك لم يسل قلبه عنها لحظة واحدة .
4
لقد خرجت ضحى مع أسرتها في الأسبوع الثالث من الاحتلال ، إلى الإمارات العربية ، واستقرّت بمدينة العين ، عند أحد أقاربها ، خالها بالأحرى ، خرجت عبر الطريق البري ، بين السعودية والكويت ، عن طريق مزارع الوفرة ، كما خرج غيرها من النازحين ، لخوفهم من البطش والاعتداء من الجيش العراقي .
إلا أنّ ضحى لم يكن حضّها موفقا مع أسرتها قي الهروب ، ففي إحدى نقاط السيطرة والتفتيش للجيش العراقي .
رأت الجنود العراقيين يطلقون النار على سيّارة أوقفوها ، وقد أخرجوا منها ركاّبها وأمروهم بالرجوع إلى الكويت سيرا على الأقدام فأصيبت ضحى بالّذّعر ، وكانت هي التي تقود سيّارتها إلى الحدود السعوديّة ..
فانطلقت بأقصى سرعة لها ممكنة ، فوجّه الجنود إلى سيّارتها بنادقهم ، فأصابت طلقة رأس أمّها العجوز ، وكانت بالكرسي الخلفي ، فلفظت أنفاسها ، على تربة الوطن ، قبل الوصول إلى الحدود السعوديّة ، ولم تشعر بموت أمّها ، إلا بعد أن نبهها عامل الجمارك بالحدود السعودية ،أنّ أمها قد فارقت الحياة بأثر طلق ناري ..
فأصيبت ضحى بالانهيار العصبي ، وكان موقفا مؤ سفا ومحزنا في آن واحـد ..
وأخذت ضحى العلاج والمساعدة ، ثمّ سلّمت أمها إلى اللجنة الكويتية المقيمة بمدينة الخفجي السعودية . وحمل جثمانها إلى الإمارات العربية حسب رغبة ضحى ...
وقضت ضحى سنة كاملة بالإمارات العربية ، وهي تعاني من الاكتئاب النفسي ، وبرغم حسن الضيافة من أهل البلد ، وبرغم ماحباه الله للإمـارات العربية ، من مناظر طبيعية ، ومنتزهات ترفيهية بمدينة العين ، تبعث في النفس البهجة والسرور ، إلا أنّ ضحى لم تنس ارتباطها بوطنها الكويت ،
فأخذت تعاني من الغربة والضياع وتتساءل متى يتحرر الوطن ؟




5
إلا أنّ الاحتلال طال أمده ، وأصبح الكويتي يرى أنّ رجوعه صعب المنال ، ويرى آخر أنّ الصبر والأمل مطلوب ، ولا يأ س مع الأمـل ، وأخذ قادة مجلس التعاون بمناشدة صدّام بالخروج من الكويت ، ولكن لاحيا ة لمن تنادي ، وفقدوا الصبر ، فأصرّوا على رجوع الكويت ، وطمأنّ الخليجيون بموقف قادتهم وعلموا بتصميمهم على تحريرالكويت وما هذه الأحداث إلا سحابة صيف .
وسوف تعود الكويت ويعود أميرها إلى قصر دسمان ، كما كان في سابق عهده ، وفي يوم الأربعاء الموافق 13 \8 \ 1411 هـ
وهو اليوم المسمى 26 \ فبراير | 1991 م ..
تمّ تحرير الكويت وطرد العراقيين شرّ طردة ’ ورفرف علم الكويت وبجانبه أعلام مجلس التعاون الخليجي والدول الحليفة وكان رجوع الكويت يوم عيد مشهود ’ شمل كلّ تلّة مرتفعة وبرج مشيد . وعمّت البهجة أبناء الكويت ، ووصل التحرير إلى مسمع ضحى بالإمارات العربية ،
فكان سرورها عظيما بعودة الوطن ، وبدأت ا لتفكير بالعودة
6
عودة النازحين الكويتيين إلى أرض الوطن ، وبدأ الاستعداد والتنظيم من قبل الحكومة الكويتية وجمع الله شمل النازحين بالقاعدين ، واجتمعت الأم بأبنائهـا والوالد بأولاده ،وعمت البهجة والسرورقلوب المواطنين الكويتيين ، وكانت سعادتهم أكبر وأكبر بسلامة قيادتهم وتماسكها عند العودة بأميرهم جابر وولي عهده سعد .
ولكن هالتهم السحب الكثيفة التي حوّلت النهار إلى ظلام دامس ، فقد حجبت الشمس ، وتحولت الأشجار والرّمال إلى قار أسود ، وأصيب الكثير منهم بالغثيان والتقيوء من روائح الآبار المشتعلة ولكن ّ الله سلّم ولطف ..
وأخذ المهندسون الكويتيون على عاتقهم إ عادة الماء والكهرباء والخدمات الصحيّة وإزالة المتفجّـرات والألغام الخادعة من ملاعب الأطفال والحدائق العامة ، وعادة الكويت إلى سابق عهدها في زمن وجيز ، وتنفس الناس الصعداء وبدأت المدارس والجامعات بفتح أبوابها ، وذهب ياسر إلى جامعته بعد التحرير واستقرار الأمور ، فرحا مسرورا ، لعلّه يشاهد زميلته ضحى .
ولكنه لم يجدها ، فسأل عنها شئون الطلاّب فلم يصل إلى نتيجة أوأثر ، فقد احترقت سجلات الطلاّب وعناوين منازلهم .
وشعر ياسر بخيبة الأمـل والوجوم الذي عقد لسانه ولكنّه لم ييأس فقرر أن يبحث عنها في كلّ مكان ، وفي كلّ شارع ومتجـر ، وفي كل مخفر ومصحة ، فلم يجـد لها عنوانا ، ولم يجد من يدله عليها بخبر أوسبب .
7
فلم ييأس ورجع في اليوم التالي إلى الجامعة لمواصلة دراسته ، ولكنّه لم يشعر بالاستقرار ، أو الرغبة في الدراسة ، وأحسّ أن ضحى هي ملهمة أفكاره بالفعل .. ولكنها لم تكن موجودة بالجامعة ، ولاحظ كأن الجميع يتساءل عنها ، كما يتساءل هو ، ويطلبون منه الجواب ، ألم يكن معها دائما وأبدا ؟
قبل الأحداث في حرم الجامعة ، فأصيب بالقلق والانطواء، وقرر ترك الوطن والسفر إلى بريطانيا لإكمال دراسته في مجال طب الأطفال ، قبل أن يكسل ويفتر طموحه ، وتضعف عزيمته بسبب تفكيره في ضحى ، وقد يهدم ذلك المستقبل الذي اتفق مع زميلته ضحى في تحقيقه ، وأخذ يفكر ، بالسفر كما لازمه التفكير بالبقاء والبحث عن ضحى..
لقد اعتراه الخبال بسبب ما يتوارد إلى ذهنه متذكّرا مرحها ، وابتساماتها العذبة ونظراتها الذابلة الساحرة ، لقد خالجت هذه النظرات ، كلّ قطرة من دمه ، وكلّ خاطرة من وجدانه ، لقد تيّم بالفعل ولكنّه لم يعرف أن هذا هو الوله والهيام ..
8
فقرر الابتعاد والسلو ، قرر السفر إلى الغرب ، إلى بريطانيا ، وودع أسرته وذويه ، بعين دامعة وقلب كليم ، وأغلقت الطائرة أبوابها ، وطارت به على مدينة الكويت ، فنظر من النافذة إلى الأمكنة التي أحبّها ، ولاسيّما مباني الجامعة التي كان يلتقي بها مع زميلته ضحى ..
ووصل إلى بريطانيا ومكث هناك في بريطانيا ، يدرس بجد في مجال تخصصه النمو عند الأطفال .
وبعد سفره بأيام قليلة رجعت ضحى إلى الكويت ، تفكّر في طريق العودة وتقول في نفسها ، أأجد داري سليمة ؟
أأجد جيراني كما عهدتهم ؟
أأجد الناس الذين منحتهم الحبّ ، ومنحوني التقدير ؟
ولكنني مصابة بأغلى الناّس عندي أمي الحبيبة .
وعند وصولها إلى الكويت ن بادرت إلى الجامعة لمواصلة الدّراسة ، ولكن الحال قد تغيّر ، تغيّر كل شيئ في نظرها ، أعضاء الجامعة ، وأشجار ها ، قاعاتها خاوية ، وفصولها حزينة ، تبعث في النفس الخوف والحزن ،
ولكنها تلاحظ أنّ الجميع يؤدي عمله في صمت وهدوء ، وسألت عن زميلها ياسر فقالوا لها ، لقد ترك الدراسة ولا نعلم عنه بعد ذلك شيئا ..
شعرت ضحى بخيبة أمل ، وكيف أنّ كل شيئ قد تغيّر بالكويت بسبب هذا الغزو العراقي الغاشم
وشعرت بهزّة عاطفية عنيفة ، في أعماق قلبها ، أيقضت فيها الحزن الذي بد أ يخفّ عند فقدها لأمها .
وهاهي الآن تفقد زميلا مخلصا كان يقف معها ، جنبا إلى جنب في صنع المستقبل، فأغمضت عينيها ، برهة وهزّت رأسها وتأست بالصبر والاحتساب ، وذرفت على خدها دمعة كحبّة لؤ لؤ مسحتها براحة كفّها حتى لايشعر بها أحد .
وواصلت دراستها كغيرها بالجامعة في هدوء وصمت وحصلت على شهادة التخرّج من الجامعة بتقدير متميّز ومشرّف .
9
وأخذت مكانها في الخدمة الوطنية ، فعملت ، فعملت طبيبة أطفال في أحد المستشفيات الحكومية ولم تقطع ارتباطها بخالها بالإمارات ، فكانت تزوره بصحبة أختها الصغرى ، كلّما سنحت الفرصة أثناء الإجازة ، فعرض عليها خالها أن تتزوج بالإمارات وتعمل بإحدى مستشفياتها لتكون قريبة منه .
ولكنّها اعتذرت لخالها ، وعللت ذلك بأنها كويتية وتعلّمت بالكويت وهي الآن طبيبة وللوطن الحقّ في رد الجميل ، ولو حدث أن تزوّجت فلن يتولّى العقد غيره ، وطلبت من خالها عدم الإلحاح عليها بالزواج ، فهي لازالت مشغولة بأختها التي تدرس بالمرحلة الإبتدائية ، وأنّها ستقف بجانبها حتى تأخذ نصيبها من التعليم ..

10
وبعد فترة من الزمن يعود ياسر ، من دراسته بالخارج ، وقد حمل شهادة الزمالة ، في الطب في الطب ، من أشهر جامعة في بريطانيا لطب الأطفال ، عاد إلى الوطن مسرورا ، لاتكاد الأرض أن تحمل فرحته بالنجاح ، وفرحته برؤية الوطن ،وفرحته برؤية والديه، وجيرانه ، وأصدقائه، ولضحى في مخيّلته نصيب كبير ، في تفكيره ووجدانه ، تلك التي زرعت فيه روح الطّموح والتحدّي ,
إنّه لم يتغيّربحصوله على الدرجة العلمية الكبيرة ، فهو ياسر ذلك الشخص البسيط المتواضع كما كان في الجامعة في الجامعة مع زميلته ضحى .
لم تغيره بيئة الغرب ، ولم يتأثر بطباعهم ، ومشاعرهم الباردة فهو يسأل عن أصدقائه وأحبابه، يسأل عن كل صغير وكبير ، وكأنّه حفظ أسماءهم في قاموس الوفاء ، فوفاؤه هو وفاؤه ، وقيمه هي قيمه ، ففي كل ّ صفاء جو ، ونسمة نسيم ، يعاوده حنين الذكريات ، إلى زميلته ضحى ، فيقف فجأة ، يتحدّث عنها في أعماق قلبه، وكأنّه يراها على الحقيقة ، يتحدّث معها حديثا قلبيا طويلا ينتهي ذلك الحديث ، بابتسامة لايكاد يراها أحد إلا هو ..
وهويعرف معنى الابتسامة ، لاغيره من البشر إنّها تخرج من أعماق قلبه تكاد تشتعل ، من أنفاسه الحارة ، ثمّ يعود فيرعوي برغم هزّة الحنين والذكريات كالطفل الوديع ، وبعد وصوله إلى أرض الوطن ، وبفترة قصيرة قدّم شهادته إلى وزارة الصحة الكويتية فعيّن طبيبا بالمستشفى الأميري ، وعمل ثلاثة أشهر بكلّ جد ّ وإخلاص ، دون كلل أوملل يخدم أطفال الوطن .
وتميّزت شخصيته الطبيّة بالنجاح فعرفه مرضاه وذاع صيته ، ولم ينس الترفيه عن نفسه في أوقات فراغه ، فكان يخرج منفردا بعد الغروب ، ويصعد إلى قبة برج الكويت ، والذي يعدّ معلما سياحيا هاما ومتنفّسا لأبناء الكويت والزوّار من خارجها ...
11
وأهميّة البرج شموخه وارتفاعه ، وكأنّه يرمز إلى الحرّية والأمل كما أنّه يشرف على المدينة ، ويكشف معالمها ، فيأتي ياسر ويجلس في تلك القبة المتحرّكة ، يستمتع بمنظر البحر وأمواجه
المتلاحقة والمتكسّرة ، على أرصفة الشاطئ البحري ، ثمّ ينظر إلى الشوارع المضاءة ، والسيّارات التي تشبه حبّات الخرز المتناثرة على المواقف ، وتلك التي تسير مسرعة في يسر وسهولة
في خطوط متوازية وترتيب فريد ، وكأنها تأتمر بأمر سائقيها يسارا ويمينا ، لاتحيد عن المسار المرسوم لها في منظر عجيب يبعث الأمل والإعجاب في نفس ياسر، وحمد الله أنّ أزمة الاحتلال قد ولّت ، واستقرالأمن والأمان ، وأخذ يتأمل المدينة واتساعها ، والشوارع وحركتها ، والبحر في اضطرابه وسكونه ، أخذ يتامّل مرّات عديدة ، وبينما هوكذلك شارد في تأملاته وهمومه
اقتربت إليه فتاة صغيرة ، وطرقت يده بطرقات خفيفة من يدها الصغيرة فتنبه لها وأفاق من سيطرة التأمل وابتسم لها فناولته آلة تصوير صغيرة ، وطلبت منه أن يأخذ صـورة لها
فقال :نعم
فصوّرها ثمّ طلب منها أن تأخذ له ، هو الآخـر صورة في نفس المكان وبنفس المنظر ، فقالت لامانع لدي ولكن كيف أوصلها إليك ؟
والآلة لاتصوّر على الفور ، قال : ياسر : أنا آتي هنا مساء كلّ جمعة ، فإذا انتهيت من طبع الصور فستجديني بانتظارك هنا ، ولكن بشرط أن يكون طبع الصور على حسابي ، فرفضت الطفلة ، ولكنّ ياسر صمم أن تأخذ عشرة دنانير وتواعدت معه على اللقاء ، ومن عادة الأطفال الوفاء..
وفي المساء قصت الطفلة على أختها أنّها التقت برجل مضحك ، أعطاها عشرة دنانير مقابل صورة واحدة ، ربما تكون قد طمست من الفلم ، وطلب تسليمه الصورة يوم الجمعة المقبلة .. فقالت أختها الكبرى أنت ياسعاد تهوين التصوير وأنا خائفة عليك ، ولاتنسي أنّ بعض الناس
سيئو ا الطّباع ولاسيّما أنّك بالبرج ، ويدخله أجناس مختلفون من البشر ، فقالت سعاد : لايبدو عليه علامات الخبث والمكر، بل الهدوء والسكينة ، وقد ابتسم لي ولا أظنّه كذلك ، وماعليّ سوى تسليمه صورته ، كما وعدته فساعديني .
فقالت ضحى : إذن إذا طبعتي الصورة فاخبريني ..
وطبعت سعاد الصورة ، ثمّ أرتها أختها ضحى ، وقالت هاهي صورة الشخص الذي صورته بالبرج ..
فأخذتها ضحى وكانت جالسة فوقفت ، وصرخت قائلة : هذا غير ممكن .. غير معقول !
ثمّ أطبقت عليها يديها ، وأغمضت عينيها .. ودقّ قلبها دقّات فرح واستبشار ، وكأنّها في حلم
فقالت أختها سعاد : وماهوالشيئ الذي غير ممكن وغير معقول ؟ فأخذت ضحى أختها سعا د وضمتها بأحضانها ، وقبلتها على خدها . وقالت صاحب هذه الصورة ، من أفضل زملائي بالجامعة ، وقدترك الـدّراسة واختفى ، ولابدّ أن آتي معك لنسلّمه صورته .. وأخذت ضحى تعدّ الدقائق والساعات ليأتي مساء الجمعة الموعود ،
ولكن ياسر لم يف بوعده ،مع الطفلة ، فقد أعطاها الدنانير من باب الممازحة والإعجاب ببراءتها
وأخذت ضحى وأختها سعاد يترددان على البرج في كلّ مساء جمعة وأوشكا أن يفقدا الأمل في العثور على صاحب الصورة ، وفي ذات مساء حانت لحظة اللقاء ،وفي نفس الموعد الذي حدد للطفلة ، وبعد الغروب لشمس مساء الجمعة من يوم آخر ، من أيام الأسبوع ، يفاجأ ياسر بالطفلة سعاد ، وهي تربت على يده كالمعتاد .
وترفع في وجهه صورته وبجانبها حبيبته وزميلته ضحى ، والتى فقد الأمل في العثور عليها ،
وكانت لحظة لقاء تعطّلت عندها لغة الكلام ، فقال : ياسر أأنت ؟ ولم يكمل واغرورقت عيناه بالدموع ..
قالت ضحى : أجل وهذه أختي سعاد ، التي نعدها لتكون صحفيّة ممتازة، فقال ياسر : إنّـها سعاد بالفعـل ، واتفقوا على النزول من البرج ..







آخر تعديل أ.محمد العبدلي يوم 08-03-2010 في 06:18 AM.

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2010, 01:35 AM   رقم المشاركة : 2
غدا أجمل
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية غدا أجمل
الملف الشخصي






 
الحالة
غدا أجمل غير متواجد حالياً

 


 


قصة مؤثرة جداً
ولقاااء جميل
أ/محمد العبدلي
كل الشكر لك







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2010, 05:28 AM   رقم المشاركة : 3
شمس الرائدية


▁▂▃▅▆▇☀【نبض المنتــدى】☀▇▆▅▃▂▁
 
الصورة الرمزية شمس الرائدية
الملف الشخصي







 
الحالة
شمس الرائدية غير متواجد حالياً

 


 




يعطيك الف عافيه على الطرح







التوقيع :
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|
|[ .’ استَغفرّ الله العَظيمْ وَ أتوبً إليَه .’ ]|

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2010, 08:41 PM   رقم المشاركة : 4
نور الليل
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية نور الليل
الملف الشخصي







 
الحالة
نور الليل غير متواجد حالياً

 


 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة مؤثرة جداً

يسلمواا و ربي يعطيك العافية










التوقيع :
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2010, 09:12 PM   رقم المشاركة : 5
لواعج الروح
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية لواعج الروح
الملف الشخصي







 
الحالة
لواعج الروح غير متواجد حالياً

 


 

قصة من آلاف القصص
كانت بتلكـ الأشهر المريره
كثير منها ختم بحزن عميق
والقليل منها ماختم بفرح
تحياتي لكـ
بالفعل حبكة جميله
وسرد رائع







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 15-04-2010, 11:14 PM   رقم المشاركة : 6
سارة الحلوه
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
سارة الحلوه غير متواجد حالياً

 


 

شـكـــــرا لك وبارك الله فيك






التوقيع :







( ربعن تعاونوا ) على كلَ مــنوال
..... ما همًــهم ,, ياغير كســب الطــويله ..!

وقروبـنـا ثابت على كل الافــعال
..... والحـمْل مهمــا كان لازم يشيــله ....!

رد مع اقتباس
قديم 16-04-2010, 03:21 PM   رقم المشاركة : 7
أ.محمد العبدلي
شاعر وأديب
الملف الشخصي






 
الحالة
أ.محمد العبدلي غير متواجد حالياً

 


 

لواعج وسارة شكرلكما على مروركما ودمتما بخير .. ألف شكر







رد مع اقتباس
قديم 21-04-2010, 10:28 AM   رقم المشاركة : 8
laith
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
laith غير متواجد حالياً

 


 

سلمت والله يعطيك العافية ..






التوقيع :


رد مع اقتباس
قديم 21-04-2010, 10:29 AM   رقم المشاركة : 9
ألوان الحياة
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ألوان الحياة غير متواجد حالياً

 


 

جزاك الله خير






رد مع اقتباس
قديم 21-04-2010, 12:46 PM   رقم المشاركة : 10
صانع الإبداع
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية صانع الإبداع
الملف الشخصي







 
الحالة
صانع الإبداع غير متواجد حالياً

 


 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .






التوقيع :
( أذكر الله يذكرك )
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كلمة عن الأحداث والمظاهرات والخروج على الحكام <الأثري> المنتدى الإسلامي 18 07-04-2011 09:36 AM
أناقة المخدات في المجالس ..!! ~أصداف~ ديكورات - أثاث منزلي - حفلات ــ أشغال يدوية 24 17-05-2009 12:44 AM
( خطبة الشيخ السديس إمام الحرم حول الأحداث ) الحجاز المنتدى الإسلامي 0 24-08-2006 01:34 AM
( استمع إلى كلام العلماء في الأحداث ) الـراصد المنتدى الإسلامي 21 14-07-2005 03:34 AM



الساعة الآن 03:30 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت