الوقفة العاشرة : العصبية القبلية ..!
تبين لنا أن الانتماء الحق والولاء الحق الاعتزاء والافتخار والاجتماع بالإسلام دون من سواه فمن الخطورة بمكان - بعدما تبين لنا أن العروبة وحدها لا تبني مجدا ولا تقيم صرحا - الانتساب والعصبية لها .
تبين لنا أننا بمجرد أن نذكر لأحد من الأمم الأخرى غير العربية سواء كانوا مسلمين أم كفار يأتي في أذهانهم الإسلام وبالأخص الصحابة وأننا أبناء ذاك الجيل وهذا حق فمن أراد الانتساب والافتخار بالآباء فعليه بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن سار من التابعين وتابعيهم على المنهج وماتوا عليه.
ومما قيل في الأشعار العربية الفصحى والنبطية:
* بن جرير بن فاتك
أَبي الإِسلامُ لا أَبَ لي سِواهُ إِذا فَخَروا بِبَكرٍ أَو تَميمِ
كِلا الحَيَّينِ يَنصُرُ مُدَّعيهِ لِيَلحَقَهُ بِذي الحَسَبِ الصَميمِ
وَما حَسَبٌ وَلَو كَرُمَت عُروقٌ وَلكِنَّ التَقِيَّ هُوَ الكَريمُ
* نهار بن توسعة
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
دعي القوم ينصر مُدَّعيهِ فيلحقه بذي النسب الصميم
وما كَرٌم ولو شَرُفَت جُدُود وَلكِنَّ التَقِيَّ هُوَ الكَريمُ
* عبد الرحمن الخالدي
إسلامنا هو عزنا يــــا عربنا
يبقى لنا عزٍ على مــر الأجيال
تعبنا مــــن ذل العروبة تعبنا
لكن أحبتي مع إقرارنا بأن الصواب الانتساب والحمية للإسلام فالشيطان موجود فيقول النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ».
وفعلا أمر العصبية باق ففي صحيح مسلم أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِىَّ قال : قال النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- « أَرْبَعٌ في أمتي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِى الأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِى الأَنْسَابِ وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ ».
وإليكم بعضا من الأحاديث الناهية عن العصبية القبلية القائمة على النسب فحسب :
* النهي عن التعصب للقبلية:
* ففي سنن أبى داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ التي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ».حسنه الألباني .الشرح : "عبية الجاهلية" : فخرها وتكبرها ونخوتها الجعلان" : مفردها جعل وهو حشرة سوداء كالخنفساء تدير الخراء بأنفها ..
* زجر من تعصب للقبلية وللجنس :
*الموقف الأول:
في شعب الإيمان للبيهقي وأصله عند البخاري قال الْمَعْرُورَ :رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلامِهِ حُلَّةٌ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنَّنِي سَابَبْتُ رَجُلا " يقصد بلال الحبشي" فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟" أي قال أبو ذر لبلال:يا ابن السوداء" قُلْتُ : نَعَمْ ، قال له الرسول–صلى الله عليه وسلم- :إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ "خصلة من خصال الجاهلية وهي التفاخر بالآباء "
* الموقف الثاني:
ففي صحيح البخارى عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ-رضى الله عنهما-قَالَ كُنَّا فِى غَزَاةٍ - أي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق-فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ.وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ.فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-فَقَالَ « مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ . فَقَالَ « دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ».معنى كسع:أي ضرب دبره بيده أو رجله ففي رواية عَنْ جَابِر"أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار بِرِجْلِهِ"وَذَلِكَ عِنْد أَهْل الْيَمَن شَدِيد . "دعوها فإنها منتنة ":أي قبيحة كريهة مؤذية.
* الموقف الثالث :
ففي مسند الإمام أحمد عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُتَيْ بْنِ ضَمْرَةَ السَّعْدِيِّ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلا ، قَالَ : يَا لَفُلانٍ ، وَيَا لَبَنِي فُلانٍ ، فَقَالَ لَهُ : اعْضَضْ بِهَنِ أَبِيكَ ، وَلَمْ يُكْنِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا الْمُنْذِرَِ مَا كُنْتَ فَحَّاشًا ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقًُولُ:مَنْ تَعزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّة،فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلا تَكْنُوا "صححه الألباني,وسبب قول ذلك له والله أعلم لأن مصدر انتسابه للقبيلة كان هذا العضو فليذهب إلى مصه وإكرامه.قال عمر بن الخطاب"من اعتز بالقبائل فأعضوه،أو فأمصوه "رواه ابن شيبة في مصنفه
سئل ابن عثيمين كما في لقاءات الباب المفتوح عن معنى قوله عليه الصلاة والسلام :
(من تعزى بعزاء الجاهلية ....)
فقال الجواب: ومعنى: (تعزى بعزاء الجاهلية) أي: افتخر بالحسب والنسب؛ لأن التعزية بمعنى التقوية،
وقوله: (عضوه بهني أبيه ولا تكنوا) أي: ذكر أبيه، أي: قولوا له: عض ذكر أبيك..
وإن شاء أن يقوله باسمه المعروف عند العوام، وهذا مثل قول أبي بكر رضي الله عنه في صلح الحديبية قال له: [امصص بضر اللات] (البضر) الفرج، وهي كلمة تقبيح وتهجين.
وإلى اللقاء مع وقفة جديدة من مسبوك الذهب في فضل العرب ..