في قاعة الامتحان يعيش أبنائنا وبناتنا هذه الأيام امتحان نهاية العام , واستُنفرت البيوت لهذا الظرف , وحشدت طاقاتها , وحُق لها ذلك فنحن في زمان أصبحت الشهادة مطلب رئيس , وصار البحث عن الوظيفة يتطلب الحصول عليها .
ولئن كان الكثير سيقول هانحن نحمل الشهادات ومع ذا فلم نجد الوظيفة , فأقول لهم نوافق على هذا ولكن يبقى للشهادة أهميتها , وحتما ستحتاجها يوماً من الأيام والواقع خير شاهد .
بل إن كثير من الموظفين اليوم كانت الشهادة لهم بعد فضل الله سبباً لنيل الوظيفة , والحصول على المراكز المرموقة .
وعوداً على الامتحان :
- في أيام الامتحانات : يعرف الطالب وأهله قيمة الوقت , فيحرصون على عدم تضييع أي لحظة منه , وتجدهم شحيحين على أوقاتهم - وهكذا هي الحياة – فأغلى ما فيها وقت المرء , فإذا ضاع ضاع منه كل شيء , فلنحرص على أوقاتنا , ولنعمرها بما يفيدنا في الدارين .
- في أيام الامتحانات : يشتد اتصال الآباء بأبنائهم , وتتضاعف المراقبة لهم , وملاحظة تصرفاتهم , فجدير بهم أن يكون هذا ديدنهم على الدوام , ولا أدعو هنا للمراقبة المنفَِّرة , وإنما هي دعوة للزيادة في الحرص عليهم وملاحظتهم والعناية بهم , لأننا نرى وللأسف الشديد التفريط من قِِبل الآباء , ثم يبكي ويندم عليهم في ساعة لا ينفع فيها الندم .
- في أيام الامتحانات : يأتي الترقب للنتائج , والخوف من الإخفاق , فهلا حرصنا جميعا على أفضل النتائج لنا في الامتحان الأكبر , وعلى النجاح في الدارين.
والحديث حول الامتحان لا ينتهي لكن لعلي أن أختم بتذكير من أحب من المسلمين : بتذكّر الامتحان اليومي الذي نعيشه في حياتنا ( فنحن في قاعة امتحان كبرى ) أسئلتها بين أيدينا والجواب في متناولنا بإحسان العمل , والقيام بما أوجبه الله علينا في قاعة امتحاننا : المراقبون كثر ( ملائكة الرحمن , وضميرك الطاهر, والأرض والخلق , والرب فوق الجميع سبحانه في علاه) .
في قاعة امتحاننا : لا تملك الإمهال لو طلبته من الملائكة بل هي لحظة كلمح البصر , وتصير إلى دار الجزاء والحساب .
في قاعة امتحاننا : التنوع في الابتلاء ظاهر , فهذا ممتحن بفقر , وذاك بغنى , وآخر بمرض , ورابع في عافية في تنوعٍ لا منتهى له , وكله ممتحن والناجح من قام بالعبودية في كل ابتلاءاته .
وهناك امتحان قد ابُتلي فيه الجميع – وهو ابتلاء الجوارح والشهوات – فكم رسب فيه من خلق , وأخفق فيه من فئام .
في قاعة امتحاننا : ليس هناك دور ثانٍ ولا فرصة للإعادة , ولا مجالا فيها للتعويض , بل هي حياة تعيشها لمرة واحدة تحدد مصيرك الأبدي ( إما إلى جنة قد جمعت الخير كله - جعلك الله من أهلها - أو نار تلظى - أعاذك الله من شرها ) وليكن لك في الناجحين في قاعة امتحاننا أسوة .
فكم من أب قرة عينيه بأولاده, وكم شاب فاز فوزاً عظيما , وكم من فتاة ربحت فصار لها الذكر الحسن في الدنيا والكرامة في الآخرة.
واجعل هذا الآية نصب عينيك طيلة الحياة (( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )).
رزقنا الله جميعا الفوز العظيم , وجنبنا ما لا يرضيه إنه جواد كريم .