سحائب الرحمة
فضل الصلاة في القرآن الكريم وثمراتها :
بث القرآن الكريم حديثه عن فضائل الصلاة في مواضع متعددة منه وأماكن مختلفة يذكر في كل موضع من فضائلها ما يناسب مقام الحديث.
فمن فضائلها
1- أنها من علامات الهداية والإيمان
وكيف لاتكون الصلاة علامة على ذلك وهي عمود الدين الذي لايقوم بدونه وقد عدالله سبحانه وتعالى صفات عباد الرحمن فعد منها { والذين يبيتون لربهم سجدا وقيماً }آية 64 الفرقان
ووصف عباده المؤمنين بقوله سبحانه: { قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون } آية 1ـ2 المؤمنون وهكذا لا تكاد تجد آية تعدد صفات عباد الرحمن المؤمنين المتقين المحسنين إلا وكانت الصلاة من أظهر صفاتهم ومما يؤكد هذا المعنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) الترمذي .
2- أنها من أسباب الاستقامة:
وكيف لاتكون الصلاة كذلك والمصلي إنما يقوم ويركع ويسجد لله تعالى وهو في جميع أحواله يدرك أن الله يراقبه ويطلع على سائر أعماله وأنه مجازيه على الخير خيراُ وعلى الشر مثله إن هذا الشعور يولد في نفسه قوة في داخله تجذبه إلى الخير وتدفعه عن الشر وتجعل من نفسه رقيباً على نفسه.
اضافه إلى ماتضيفه الصلاة من تهذيب للأخلاق وتقويم للسلوك بل تورث انقياد إرادة العبد لإرادة الله وخشيته ومحبته سبحانه والإنسلاخ من الطبيعة البهيمية التي تقود إلى الشهوات والهوى قال الله تعالى { إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون }آية 45 العنكبوت
3ـ أنها من أسباب رحمة الله بعباده:
وقد جعل الله أسباباً عديدة لنزول رحمته سبحانه على عباده ومن أهم هذه الأسباب وأولها إقامة الصلاة ويرشد إلى ذلك قوله تعالى:{ وأقيمواالصلوةوءاتواالزكوة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون }آية 56 النور . فقد ذكر الله في هذه الآية ثلاثة أسباب لرحمة الله تعالى فكان أولها إقامة الصلاة ..
ذلكم أن في الصلاة استجابة وغريزة الإعتصام والدعاء والمناجاة والإطراح على عتبة القوي الغني . وأحسب أن هذا من دواعي رحمة الله لهذا العبد المتذلل بين يديه والواقف على عتبات بابه.
4ـ أنها سبب للرزق وزيادة الفضل:
وردت في القرآن الكريم عدة آيات تعد الذين يقيمون الصلاة بالرزق وزيادة الفضل قال تعالى: {وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها *لانسئلك رزقاً نحن نرزقك والعقبة للتقوى}آية 132 طه .وحين سمع بعض الصحابة رضوان الله عليهم عن قدوم تجارة يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب ظنوا أن فيها رزقا فانفضوا فأنزل الله آيات تبين لهم أن الصلاة ة خير مما انفضوا إليه
وختم الآية بأن الله خير الرازقين وكأن في هذا إشارة إلى أن الرزق الذي في الصلاة هو الرزق الواسع فقال تعالى { وإذا رأوا تجرة أولهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ماعند الله خير من اللهو ومن التجرة والله خير الرازقين }آية 11 الجمعة
5ـ ومن فضائل الصلاة في القران الكريم :الأمر بالاستعانة بها:
قال تعالى : {واستعينوا بالصبروالصلوة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}آية 45 البقرة
وقد بينت آنفاً وجه اقتران الصبر بالصلاة أما الأمر بالإستعانة بالصلاة فقد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله فكان يقول لبلال رضي الله عنه "أقم الصلاة أرحنابها " وكان عليه الصلاة والسلام إذا حز به أمر صلى
بل احتسب بعض العلماء الصلاة عند المصيبة فقال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في قوله تعالى{ واستعينوا بالصبر والصلوة }
"فيه استحباب الصلاة عند المصيبة وأنها تعين صاحبها أخرج سعيد بن منصور وغيره وعن ابن عباس أنه كان في مسير فنعى إليه ابن له فنزل فصلى ركعتين ثم استرجع وقال: فعلنا كما أمرنا: { واستعينوا بالصبر والصلوة }
6ـ ومن فضائل الصلاة في القرآن الكريم: تكفير السيئات.
وفي السنة أحاديث كثيرة تبين ذلك منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لايبقى من درنه شيء. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر " مسلم
وبين القرآن الكريم أن الصلاة وسيلة من وسائل مغفرة الذنوب وإزالة آثارها على النفس الإنسانية قال تعالى
{ وأقم الصلوة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذكرين }آية 114 هود
وقصة هذه الآية كما أمر تذكر هذا الرجل الذي أصاب ذنبا فأشغله إحساسه به فأتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معترفا بذنبه مستسلما لحكمه منتظراً العقاب أي عقاب فهو عنده أهون من ذلك الإحساس الذي أقض مضجعه فإذابالآيه تنزل داعية إلى إقامة الصلاة طرفي النهاروزلفًا من الليل ومبينة أنها حسنات تزيل السيئات فإذا بالرجل لشدة إحساسه بالذنب يعتقد أن هذا خاص به ولعلاج مشكلته التي ملأت ذهنه فلم يتسع لعلاج ذنب الآخرين فيسأل ألي هذه ؟ وإذا برحمة الله أوسع فيجيبه الرسول صلى الله عليه وسلم " لمن عمل بها من أمتي " فكانت هذه الآية الشريفة بلسما على قلوب الخطائين وكلنا كذلك ترسم طريق النجاة وتشرق بالأمل في لجة الظلمات فما أفضلها من عبادة ترفع درجة وتجلب حسنة وتدفع سيئة وتجدد العزم على الإستمرار في طريق الصلاح وتنقذ المتردي في طريق الضلال وتأخذ بيد اليائس من يأسه إلى طريق النجاة بل الحياة.