فصائل الدم وعلم الجريمة
لعقود طويلة مضت قبل تطوير اختبارات الحمض النووي, كانت فصائل الدم تلعب
دورا هاما في علم الطب الجنائي. فمثلا تحديد فصيلة بقعة من الدم على جسد الضحية
قد يساعد في إدانة أو تبرئة المتهم.
لو افترضنا مثلا أن فصيلة دم المتهم هي Α وكانت فصيلة بقعة الدم مختلفة,
فهذا على الأقل, إن لم يساعد في تبرئة المتهم, سيشير إلى وجود شخص آخر في
مسرح الجريمة.
في الوقت الحاضر يعتبر تحليل الحمض النووي أكثر دقة ومصداقية من تحليل فصائل
الدم, الأمر الذي أدى لتقليل الاعتماد على تحليل فصائل الدم في علم الطب الجنائي.
هناك أيضا استعمالات أخرى لفصائل الدم ليست بالضرورة تتعلق بعلم الجريمة.
من أهمها, وبما أن فصائل الدم تحدد وراثيا, هو استخدام فصائل الدم في تحديد الأبوة.
لذلك نجد أن فصائل الدم تستخدم في بعض الأحيان لتحديد الأبوة المتنازع عليها
أو في المستشفيات عندما يحصل خلط بين الأطفال حديثي الولادة.
وحاليا تقدم بعض المواقع الإلكترونية خدمة "حاسبة فصيلة الدم"
للتعرف على فصيلة دم الرضيع عن طريق فصيلة دم الأب والأم .
الجدير ذكره هو أن تحليل فصائل الدم لا يمكن الاعتماد عليه وحده في كل الأحيان
لتحديد الأبوة بسبب عدم دقته.
التغذية وفصائل الدم
نظرية العلاقة بين فصائل الدم والتغذية
طورها الدكتور بيتر دي ادامو قبل عدة عقود.
النظرية تقترح وجود علاقة بين مركبات تسمى ليكتينات (أو بروتينات صمغية)
في الغذاء تتفاعل مع فصائل الدم المختلفة مما قد يتسبب في مضاعفات صحية.
الدكتور دي ادامو يقترح أن الأشخاص يجب أن يتناولوا المأكولات التي تحتوي
على ليكتينات متطابقة مع فصائل دمهم, فهو يعتقد أن هناك أنواع من اللكتينات
قد تتناسب أو لا تتناسب مع الشخص بناء على فصيلة دمه.
لذلك قام الدكتور دي ادامو بتبسيط الموضوع أكثر لنا وخرج بقائمة طويلة
من المأكولات التي تتناسب مع كل فصيلة دم.
كون الدكتور دي ادمو ثروة وشهرة كبيرتين من خلال هذه النظرية
وألف عشرات الكتب تناقش كلها تقريبا ذات الموضوع.
لكن السؤال
هو ما رأي المتخصصين في علم التغذية في هذا النوع من الحمية؟
الحقيقة أن هذه النظرية لا تستند على أساس علمي كما أن كثير من أخصائيي التغذية
لا ينصحون به لكونه نظام غذائي غير متوازن .
الجدير ذكره أن الكثير من الهيئات الصحية العالمية لم تعترف بهذا النوع من الحمية
بل إن هيئة الغذاء والدواء السعودية حذرت من إتباعه .
أما سبب نجاح هذه الحمية مع بعض الأشخاص فهو ببساطة
أنه بعد التدقيق في قائمة المأكولات التي يقترحها الدكتور دي ادامو نجد أن المأكولات
التي يوصي بها للأشخاص الذين فصيلة دمهم Оأو Α هي قاسية
(على عكس من فصيلة الدم Β وΒΑ).
وبما أن الإحصائيات تشير إلى أن أغلبية الأشخاص يحملون فصيلة الدم Α أوО
فليس من المستغرب أن يشيع نجاح هذا النوع من الرجيم في انقاص الوزن .
الخلاصة
أنه ليس هناك دراسات علمية محكمة تثبت هذه العلاقة.
بل إن بعض العلماء يشككون في أمانة الدكتور دي ادموا العلمية حيث أنه ذكر في كتبه
الصادرة قبل أكثر من عشرين سنة أنه في الأطوار الأخيرة من دراسات إكلينيكية
تثبت ما يدعيه لكنه إلى الآن لم ينشر أيا منها.
فالسبب إما أن نتائج الدراسات كانت عكس مايدعيه ولذلك أثر أن لا ينشرها,
أو أنه لم يعمل أي دراسات إكلينيكية أصلا.
علاقة فصائل الدم بالشخصية
خلال البحث لإعداد هذا المقال ذهلت من انتشار نظرية علاقة فصائل الدم بنوع
الشخصية في شرق أسيا وخصوصا في اليابان. حسب الإحصائيات فإن أكثر من 70%
من اليابانيين يؤمنون بأن هناك علاقة بين فصيلة الدم والشخصية.
في اليابان السؤال عن فصيلة الدم من أكثر الأسئلة شيوعا بل أن اليابانيين يدهشون
عندما يكتشفون أن هناك من لا يعرف فصيلة دمه. لتقريب الأمر أكثر فإن اليابانيين
يستخدمون فصائل الدم كما يستعمل الكثير في بقية البلدان ما يعرف بالأبراج.
لكن يبدو أن ولع اليابانيين بفصائل الدم أكثر من ولع الغربيين, مثلا, بالأبراج.
وداعا فصائل الدم..
نعم قد نودع يوما فصائل الدم. والسبب أن فريق دنمركي توصل إلى طريقة يتم فيها
إزالة المركباتΑوΒ من على سطح الخلايا الحمراء باستخدام انزيم معين مما يجعلها
تتشابه مع خلايا الدم الحمراء من فصيلة الدم О وبذلك يمكن نقلها إلى أي شخص بأمان.
هذه الدراسة, والتي نشرت في مجلة "نيتشر بايوتكنولوجي" منذ فترة قريبة,
قد تساعد في المستقبل (بالطبع بعد إجراء الدراسات اللازمة) إلى حل المشكلة الأزلية
في بنوك الدم وهي عدم توفر الكميات اللازمة دائما من كل فصائل الدم ..
الله يحفظكم