اعجبني وحبيت أطرحة للمعلمين
العدد 2185 | 22 ربيع الأول 1430 هـ
تحقيق: فيصل الحربي:
أربع قيادات تربوية جديدة تسنمت قيادة وزارة التربية والتعليم، وورثت من سابقيها تركةً مثقلةً بالمشكلات المتراكمة منذ عدة عقود: المباني المستأجرة التي تشكل 55% من مجمل منشآت الوزارة، وعدم تحسين الأوضاع الوظيفية لعشرات الألوف من المعلمين، فضلاً عن تعثر ربط مشروع "تطوير" الجبار الذي رصدت له الدولة سبعة مليارات ريال.
فيا ترى ماذا يريد المعلمون والتربويون من القيادات التربوية الجديدة؟ وما هي تطلعاتهم؟ وما الذي يودون البدء به في المرحلة القادمة؟
وإذا كان سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله أعلن للإعلاميين عن نيته الصوم عن التصريحات الإعلامية لمدة 001 يوم.. فإننا نضع أمام سموه ملفاً صحفياً قد يكون أحد "المجسات" التي تساعد صانع القرار على تكوين رؤية شاملة للقطاع التعليمي.
إذاً المعلمون.. ومسؤولو التعليم وجهاً لوجه على الصفحات التالية:
بداية أشار موسى عوض الصنهات مدرس علوم شرعية إلى سرعة إنجاز مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم "تطوير" باعتباره الحاضن لكافة برامج التطوير المختلفة في وزارة التربية والتعليم، وقال: بدأ مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم يدخل عامه الثالث ولم يبق له سوى ثلاث سنوات، وثمة مشاريع كبيرة مع شركات تقنية وأخرى متعلقة بالمشاريع الإنشائية وأخرى متداخلة مع صلب العملية التعليمية، ومن نظرة عامة للمشروع يلاحظ أنه يسير ببطء، فالمشروع لم ينفذ إلا في 50 مدرسة على مستوى المملكة، هل ستتمكن الوزارة الحالية من السير بمشروع الملك عبد الله بخطى أسرع لتشمل عملية التطوير جميع مدارس المملكة في نفس مدة المشروع (6 أعوام).
وذكر عيسى محمد العسيري مدرس خدم في مجال التعليم 25 عاماً أن أنظار المعلمين تتجه حالياً إلى ملفهم الذي يتعلق بمنحهم الدرجة المستحقة، هل سيؤدي هذا التغيير الوزاري إلى نسيان هذا الملف واستمرار المعاناة؟ أم ستعمل الوزارة الحالية على حل هذه المشكلة وإنهاء قضيتهم المتمثلة في منحهم الدرجة المستحقة على المستوى الجديد الذي نالوه بتوجيه من المقام السامي؟
وضرورة ضمان مخرجات تعليمية متسلحة بالقيم والحوار والاعتدال والوسطية والتسامح، متطلعا إلى أن يسهم من موقعه الجديد في تطوير العمل التربوي والتعليمي وفق البرامج والخطط التطويرية الطموحة في وزارة التربية والتعليم، القائمة على الشراكة الفاعلة بين المؤسسات التربوية والتعليمية وبين مؤسسات المجتمع الفاعلة، في طليعتها مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المملكة.
أما محمد فهد الجربوع مدرس لغة عربية قال: يجب تطوير المعلمين وتأهيلهم علمياً وعملياً لتحمل هذه المهمة الصعبة، وتحسين أوضاعهم ولا اعتقد أن هناك مشكلة في المناهج وإنما في كيفية تدريسها وتقييم الطلاب والتركيز على المعلوماتية ووضع المكتبات المجهزة بتقنيات الحاسب، وتطوير مباني المدارس وجعلها متكاملة
والاهتمام بالجانب الرياضي في المدارس وعدم إهماله كما هو حاصل الآن، واختيار فريق عمل مخلص وقوي ينفذ القرارات بحذافيرها.
محضرو المعامل
الأستاذ محمد الكريمي خدمه 24 سنة في مجال التعليم، قال عن محضري معامل الحاسب الآلي: يجب النظر في بناء وتجهيز المختبرات على أحدث الطرق والمواصفات العالمية وتأثيثها بكل ما تحتاج إليه، وأن نعرف ما وصلت إليه الدول المتقدمة في مجال المختبرات وأن نبدأ من حيث انتهوا وليس العكس، و أن يكمل محضرو ومحضرات المختبرات دراستهم ويحصلوا على درجة البكالوريوس وأن يتم تأهيلهم علمياً وفنياً وإدارياً، وأن يتخصص في أحد التخصصات التالية:
(فيزياء عملي، وكيمياء عملي، وأحياء عملي) على أن يكون المحضر هو المسئول عن المختبر في تحضير التجارب وشرح التجربة، وأن يتم تغيير مسمى التخصص من محضر مختبر إلى معلم علوم عملي، ووضع منهج خاص بالتجارب العملية يقوم بها محضر المختبر ويوضع لها جدول يومي مثل باقي المواد.
كما يعطى محضر المختبر المستوى الخامس ليضمن له ولعائلته حياة كريمة بدل أن يشغل ذهنه في كيفية زيادة دخله. فهو مسئول عن عائلة مثل باقي البشر.
ويجب أن يعطى محضر المختبر دورة لا تقل عن ثلاثة أشهر في الحاسب الآلي واستخداماته.
فضلاً عن إقامة الدورات وورش العمل لرفع كفاءته ومستواه.والتدريب على كل ما هو جديد في عالم المختبرات، واختيار المشرفين الذين اثبتوا كفاءتهم وجدارتهم وحرصهم على التعليم وليس الذين اختاروا الإشراف من أجل الراحة. ويكون عمله السابق محضر مختبر ليكون ذا خبرة قي نفس المجال، وتوفير جهاز كمبيوتر لكل محضر مختبر وطابعة لعمل الإرشادات والتوجيهات اللازمة للمختبر، وتوفير كميرا وثائقية بكل مختبر لأهميتها في العملية التعليمية وخاصة في العرض العملي وعرض العينات.
كما يتم تزويد مخصصات كافية للمختبر لشراء بعض مستلزمات التجارب من المواد المستهلكة والحيوانات وغيرها، وعدم تكليف محضر المختبر بأي عمل يتعارض مع طبيعة عمله وإرسال تعاميم في ذلك ومعاقبة المديرين الذين يخالفون الأنظمة. بالإضافة إلى تأمين ثلاثة محضري مختبر بكل مدرسة فيها برنامج تفعيل مختبر - وبرنامج حوسبة مختبر - وبرنامج تطوير للفيزياء + وللكيمياء + وللأحياء.
فالمختبرات المدرسية هي النواة الأولى في التعليم وهي التي تبني عقول أبنائنا وتحفزهم للاكتشاف والبحث والاختراع.
أهمية المختبرات المحوسبة
وتحدث الكريمي عن أهمية المختبرات المحوسبة قائلاً بأهمية أن تدمج التقنية في عمليتي التعليم والتعلم، لأنها تمكن الطلاب من إجراء التجارب الواقعية والافتراضية وتربط النظريات العلمية بالمشاهدات العلمية التي تحدث في بيئة الطالب، كما تنمي قدرة الطلاب على قراءة الرسوم البيانية والجداول، وتختصر الوقت اللازم لإجراء التجارب مما يعطي الطالب فرصة أكبر لدراسة النتائج، وتنمي الميول العلمية للطلاب.
وتعطي نتائج صحيحة ودقيقة، وتمنح المختبر بيئة تربوية تعاونية، وتحول المعلم إلى مدرب ومصمم ومطور للمادة الدراسية، وتساعد على التعاملات الرقمية والتعليم الإلكتروني.
خطة عشرية
وليد فرحان الزهراني معلم قال: نتمنى أن تكون هناك خطة عشرية محورها الرئيسي المعلم وتطوير قدراته وأن تتضمن الخطة سرعة تنفيذ رتب المعلمين للاستفادة من ذوي الخبرة، كما نأمل أن يكون هناك عدل في تقديم الحوافز لكل معلم فليس معلم الثانوي كمعلم الابتدائي، وليس معلم العلوم الطبيعية والرياضيات كغيره من أصحاب التخصصات البسيطة الذين تجد أنصبتهم قليلة بينما من يستحق التقليل والتخفيف تجده بنصاب كامل بغض النظر عن خدمته ومقدار ما يقدم من جهد في الحصة يماثل أضعاف ما يقدمه زملاؤه الذين يدرسون التخصصات الأخرى، كما نأمل أن يكون للمناهج نوع من الدمج والترابط فمثلاً مواد العلوم يمكن دمجها في مادة واحدة وكذلك مواد الدين واللغة العربية مع الإبقاء على الحصص مما سيكون له الأثر في رفع ثقافة المعلم وتنويع خبراته وربط المواضيع المختلفة فمثلاً درس في الدين يمكن أن يبدأ بسورة ثم شرحها وتفسيرها واستخراج الفوائد الفقهية والحديثية والعقدية..الخ.
كما نأمل أن يكون هناك تطوير للاشراف التربوي واختيار الأكفاء أو إعادة تأهيل الموجودين وكم سيكون رائعاً أن يكون التكليف للمشرف لا يزيد عن أربع سنوات يعود بعدها للميدان ليحل محله دم جديد وفكر وحماس جديد وتكون مكافأة للمتميزين، كما نأمل عمل اختبار كفاءات في المادة العلمية والتربوية للقائمين على الإشراف حيث للأسف توجد عينة ليست قليلة تحتاج إلى الكثير من الخبرة والمعرفة وتنقص من قدر الإشراف ولا تستطيع تقديم أي فائدة ولو عمل استفتاء عن ذلك لدى المعلمين لوجدنا ما يندى له الجبين عن هذا القسم المهم والحساس ولعلمنا السبب الرئيسي في ضعف الأداء والتحصيل في الميدان ولو كانت هناك متابعة دقيقة للميدان لوجدنا الكثير من الأكفاء الذين لم يتمكنوا من أخذ مواقعهم القيادية بسبب غياب المعايير المهنية.
تحقيق الرضا الوظيفي
الأستاذ محمد الحربي أمين مكتبة قال: إن أمناء المكتبات المدرسية جزء من رسالة المدرسة التعليمية والتربوية فهم يقومون بأعمال شاقة وملموسة في البيئة المدرسية جنباً إلى جنب مع زملائهم المعلمين ولهم احتكاك مباشر بالطلاب والمعلمين لإبراز دور المكتبة المدرسية (مصادر التعلم) للطالب والمعلم وتذليل وتسهيل كل العقبات التي تواجه الطالب وتشجيعه على البحث عن المعلومة من مصادرها الصحيحة فهم عون في العملية التعليمية، بعضهم بل أغلبهم يحملون البكالوريوس مع الدبلوم العام في التربية ولديهم دورات بالحاسب الآلي يأملون أن يتحرك وضعهم الوظيفي الذي طال عليه الزمن من الدراسة ولم يجد الحل الشافي وهو ضمهم إلى سلم الوظائف التعليمية وإعطاؤهم الحوافز والبدلات المقررة لهم حتى يتفرغوا لعملهم بنفوس راضية فالرضا الوظيفي هو مطلب كل موظف، وأيضاً النظر في إجازاتهم في نهاية العام الدراسي فبقاؤهم بالمدرسة بعد نهاية العام الدراسي لا فائدة منه في ظل تمتع الطلاب والمعلمين بإجازاتهم الدراسية.
إشعال جذوة التنافس
أما عبدالعزيز بن درويش المالكي، بكالوريوس رياضيات وماجستير مناهج وطرق تدريس الرياضيات قال: يجب الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة كاملة وليس بطريقة اختزالية أو جزئية أي أننا نأخذ ما لم يكلفنا مالياً ونترك الجزئيات الأخرى فهذا غير صحيح، يجب التوسع في برامج الإيفاد والابتعاث لإيجاد بيئة خصبة متنوعة من المعلمين، كثير ما تكلم البعض من الاخوة المعلمين عن حقوق المعلمين بأنها مسلوبة من مستويات وفروقات ولكنني أقول إذا لم يكن الموظف لديه الرضا الوظيفي والنفسي فإنه سيقل عطاؤه بالتأكيد، النظر في تخفيض أنصبة المعلمين حسب تخصصاتهم والمرحلة التي يدرسونها لنخلق بذلك الراحة النفسية للمعلمين والمعلمات وكذلك لنشعل وقود التنافس، فمثلاً معلم الصف الأول الابتدائي ليس كمعلم اللغة العربية ومعلم الرياضيات ليس كمعلم التربية البدنية أو الفنية، المستوى السادس لماذا لا يعطى مباشرة لمن يستحقه، ويجب إنشاء نقابة عامة للمعلمين والمعلمات، وإلغاء التقويم المستمر المعمول به بالمراحل الأولى من التعليم والذي أرى بأنه من أسباب تدني المستوى العلمي للطلاب، وإعطاء المعلمين حقوقهم وعدم إشغالهم عما أوكل لهم، ويجب الأخذ بآراء العاملين في الميدان التربوي "المدارس" لأنهم الأقرب والأعلم بما به فالعاملون بالمكاتب تنقصهم الدراية بواقع الميدان.
ميزانية لكل مدرسة
بندر فهد السدحان، معلم قال: يجب وضع رؤية واضحة لعشرين سنة قادمة للتربية والتعليم وتفعيل المجالس في إدارات المدارس وجعل القرارات تنبع منها لأنها هي المباشر للأحداث ومنع الصلاحيات الواسعة لمديري المدارس حتى فصل المعلم ونقله وتوقيع العقوبات عليه، النظر في اختيار القيادات التربوية وفق أسس علمية ورفع مستوى التدريب لمديري المدارس والقيادات التربوية في الإدارات والوزارة وجلب نظم تعليمية من الدول المتقدمة وتعديلها مع سياسات وأهداف التعليم في المملكة وتطبيقها في عدد من الإدارات ومن ثم تقييم هذه النظم وتعميمها وفق أسلوب تقويمي في الحيادية يشارك فيه الطالب والهيئة التعليمية في المدرسة وولي الأمر والقطاع الخاص، وضع بنك معلوماتي للقياديين وتنميتهم والاهتمام بالمعلم لأنه المحور الأساسي في التعليم وعدم تغيير الخطط المدرسية بتغير الأشخاص ووضع ميزانيات لكل مدرسة ووضع برنامج حاسوبي دقيق لإدارة المدارس موظفين وطلاباً ووضع حوافز مالية وأوسمة للمتميزين في الميدان وفق أسس علمية ليس للأهواء مجال فيها وضبط الطلاب تربوياً وتوعيتهم بالمستقبل الذي أمامهم والمخاطر التي تكتنف هذه البلاد وأهمية هذه البلاد دينياً واقتصادياً وثقافياً.
الهيكل الإداري
الأستاذ هاني محمود علي بكار قال: يجب إعادة النظر في المباني المدرسية بما يلائم متطلبات العصر وعدم اقتصارها على سبورة وكرسي، توحيد مصدر التعاميم فقد أرهقت الميدان حيث أن كل جهة تطلب ما يناسبها دون تنسيق، والتركيز على تدريب المعلمين على التجارب قبل الدفع بها إلى الميدان، وتزويد المدارس بالهيكل الإداري، والنظر في تقوية الإشراف التربوي ودعمه بكوادر متكاملة فهو قائد الميدان التربوي، وحركة نقل للمعلمين والمعلمات تكون أكبر حركة نقل على مستوى الوزارة، وتكليف من لديه المسؤولية بالبحث عن احتياج جميع إدارات التربية والتعليم للبحث عن احتياج جميع الأقسام والتخصصات وتحذير جميع الإدارات في المملكة من التقاعس في ذلك. لأنه في كل سنة من السنوات الماضية يتضح عدم الجدية في ذلك والدليل العجز الموجود في جميع إدارات التربية والتعليم والدليل إلى الآن توجد مدارس محتاجة وإلى الآن لم يتم تغطية العجز.
تشير آخر الإحصائيات الصادرة من وزارة التربية والتعليم إلى أن عدد المدارس الحكومية في مراحل التعليم العام في المملكة أكثر من 4735 مدرسة حكومية مقابل 4242 مدرسة مستأجرة لعام 1427/1428هـ، ويدرس فيها نحو 2351819 طالباً وطالبة.
كان نحو 1000 مشروع مدرسي، مستثنية المدارس التي يقل عدد طالباتها عن 50 طالبة وعددها نحو 850 مدرسة. ومعلوم أن وزارة التربية والتعليم قد حددت موعداً أقصاه 1433هـ للانتهاء من المباني الحكومية للقضاء على المباني المستأجرة تماما، هل ستتمكن الوزارة حالياً من الانتهاء من هذه المشكلة في نفس الموعد؟
عبء على المسؤولين
قال الدكتور فهد بن علي العليان: يظل التعليم وفي كل المجتمعات من أكثر الموضوعات طرحاً ومناقشة، ويسعى كثير من الدول المتقدمة اقتصادياً وتقنياً بين وقت وآخر إلى مناقشة ومراجعة أنظمتها التعليمية؛ لرؤية جودتها ومدى ملاءمتها لهذا العصر ومتطلباته. إن أمريكا - على سبيل المثال - وهي أعظم دول العصر مشغولة بإصلاح نظامها التعليمي لأنها شعرت منذ وقت طويل بالمنافسة من دول الشرق والغرب القليلة الموارد والإمكانات، ويكفي أن نعرف أن رؤساء أمريكا يجعلون من التعليم نقطة مهمة في حملاتهم الانتخابية؛ سعياً للفوز بالرئاسة من جهة ولدعم التعليم وإصلاحه من جهة أخرى، وعندما نصوِّب النظر نحو دولة سنغافورة، فإننا نجدها قد استطاعت وفي عقود بسيطة من الزمن أن تلحق بالدول المتقدمة؛ وذلك نظراً لتفوق طلابها في الحساب والعلوم. كما أن الحكومة الماليزية أولت عناية خاصة بالتعليم الأساسي والفني، ونجحت في تأسيس نظام تعليمي قوي ساعدها على تلبية حاجاتها؛ ولذلك حققت نمواً اقتصادياً ملحوظاً.
وفي الحديث عن التعليم في المملكة العربية السعودية، فإنه لا يختلف اثنان على أن ما تم رصده للتعليم من ميزانية أمر مفرح لجميع المهتمين بقضية التعليم، كما أنه يضع عبئاً كبيراً على كاهل المسؤولين عن التعليم في بلادنا في ترجمة أهداف وتطلعات قادة هذه البلاد، وفي تحقيق طموحات أفراد المجتمع بكافة شرائحه ومستوياته انطلاقاً من أن التعليم شأن عام يرتبط بكل بيت، وبعيداً عن المبالغة فإن طموحات وتوقعات أفراد مجتمعنا من مؤسسات التعليم في هذا العام ستكون كبيرة؛ نظراً للميزانية الكبيرة الموجهة للتعليم الذي يعد أهم قطاع تنموي يقود إلى تطور المجتمع ورقيه.
الاستفادة من الميزانية
إن اهتمام دول العالم المتقدم بالتعليم - كما أشرت سابقاً - وحركة الإصلاح والتطوير في مجال التعليم يجعلنا نقف أمام تساؤل مهم - يسنده واجب وطني - وهو: لماذا هذا البطء والتأخر في إصلاح التعليم؟ إني على يقين بأن القائمين على التعليم يدركون تماماً المسؤولية التي أوكلها إليهم قائد مسيرة الإصلاح في بلادنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وهو يوجه ويضع المسؤولين في خدمة الطلاب ويضع ميزانية كبيرة ومن هنا فإن تعليمنا بحاجة إلى الاستفادة القصوى من الميزانية، وذلك فيما يتعلق بتجهيز المباني المدرسية، وتطوير المناهج والمقررات الدراسية، وإعداد المعلم وتدريبه، وتحسين البيئة التعليمية بشكل عام.
إن أهم قضية - من وجهة نظري - في إصلاح التعليم هي التسليم بأهمية التطوير في التعليم من جميع فئات المجتمع بعيداً عن التشكيك في النوايا؛ لأننا محتاجون فعلاً إلى تطوير مناهجنا ومدارسنا، كما تسعى إلى ذلك دول العالم المختلفة، ولأن المنافسة والتقدم والرقي المعرفي والثقافي والاقتصادي لن يكون إلا بتطوير التعليم بجميع جوانبه. إن تطوير المناهج والمقررات الدراسية الذي تقوم به حالياً وزارة التربية والتعليم - من خلال المشروع الشامل - هو الخطوة الأهم والطريق الأمثل في سبيل بناء جيل قادر على المنافسة والتعايش مع الشعوب والثقافات الأخرى مع التمسك بالقيم والمبادئ والفضائل التي يختص بها مجتمعنا السعودي.
إن علينا أن ندرك أن نظامنا التعليمي ومناهجنا ومقرراتنا الدراسية ومدارسنا بحاجة إلى إصلاح وتطوير، وأن العنصر البشري في منظومة التعليم بحاجة إلى تأهيل يتماشى مع التطوير والإصلاح الذي نسعى إليه. ولابد أن ندرك أن تأخرنا في التطوير ليس في صالح مستقبل أجيالنا القادمة؛ إذ إن هناك مشكلات كثيرة تواجهنا اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً تعود إلى قصور النظام التعليمي، وربما تزداد هذه المشكلات إذا نظرنا إليها بمعزل عن علاقتها بإصلاح النظام التعليمي.
إن التسليم بضرورة وأهمية تطوير وإصلاح التعليم لا يعني إطلاقاً إلغاء مبدأ النقاش والحوار حول أفضل السبل التي يتم من خلالها هذا التطوير والإصلاح. وأخيراً فإن ميزانية التعليم لهذا العام تضعنا أمام فرصة سانحة لنقدم لأبنائنا وبناتنا تعليماً يدفع بهم إلى بوابة المنافسة؛ ليرسموا لوطننا الغالي لوحات الإبداع والتفوق اقتصادياً وثقافياً وفي المجالات كافة.
{منقووووووول}مجلوة الدعوة