ابنتي الفاضلة ..
جاء في استفتاء نشره موقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام
1430هـ ، عن أسباب انتشار ظاهرة الابتزاز ، شارك فيه : (
2269 ) مصوتاً ، كانت قائمة الأسباب لحدوث الابتزاز :
قلة الوعي الديني بنسبة 49 % ،
تلتها : الفضائيات الهابطة بنسبة 24 %
ثم انشغال الأسرة بنسبة : 16 %
ثم صحبة السوء ، بنسبة : 11 %
هذه أبرز أسباب الابتزاز فتغلَّبي عليها ، فأنت في طريقٍ ليست ممهَّدة ، وإن كانت لذيذة طيبة ، تحتاجين خلالها إلى بذل جهدك ، واستفراغ وسعك ، والتحلِّي بالصبر، والتَّغلب على حظوظ النفس ، والتقرب إلى مولاك الرحيم ؛ لتحصدي ثماراً يانعة ، وحياة طيبة ، ومرضاة من ربِّك الرحيم ، يقول مطرف بن عبدالله رحمه الله : "
صلاح القلب بصلاح العمل ، وصلاح العمل بصلاح النيَّة "
[4] ، فإن عَلِمَ الله منكِ نيَّةً صالحة ، وكُنْتِ حيث أمركِ الله ، كَتَبَ قبولكِ في السماء والأرض ، (
إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبَّهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَـاءِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ )
[5].
قال النووي رحمه الله : (
قال العلماء محبة الله تعالى لعبده هي إرادته الخير له ، وهدايته ، وإنعامه عليه ، ورحمته ، وبغضه إرادة عقابه أو شقاوته ، ونحوه ، وحب جبرائيل والملائكة يحتمل وجهين : أحدهما استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم ، والثاني أن محبتهم على ظاهرها المعروف من المخلوقين وهو ميل القلب إليه واشتياق إلى لقائه ، وسبب حبهم إياه كونه مطيعا لله تعالى محبوبا له )
[6].
بُنيَّتي الكريمة ..
خذي قرارك الآن الآن ، واحتسبي عودتك عن سلوكيات السوء قربى إلى مولاك الكريم القادر ، فإن الله مطلع على فِعالك ، ولا تجعليه أهون الناظرين إليك ، (
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا )
[7]
الأمر جد خطير ، تأملي هذا الحديث : (
لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء منثورا. قال ثوبان : يا رسول الله ! صفهم لنا جلهم لنا ؛ أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم . قال : أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها )
[8].
(
اشتر نفسك اليوم فإن السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة ، وسيأتي على تلك السوق والبضايع يوم لا تصل فيها إلى قليل ولا كثير ، ذلك يوم التغابن ، يوم يعض الظالم على يديه )
[9].
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
انجي بنفسك ، ولا يغرَّنكِ حلمُ الله عليك ، (
إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )
[10] ، فأنتِ أجنبية عنه، لا تحلين له ، وليس من رابطة شرعية تُسوِّغ هذه العلاقة ، وإذاً لم يتبق إلا مباركة الشيطان الرجيم لها ، وتذكري أن لسانك وعينك وأذنك وجوارحك كلها غداً تشهد عليك ، (
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون َ)
[11] ،
(
وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ )
[12] .
[1] : سورة النساء : 25 .
[2] : متفق عليه .
[3] : صحَّحه الألباني رحمه الله ، صحيح الجامع : 7957 .
[4] : جامع العلوم والحكم ( 1 / 13 ) .
[5] : رواه البخاري .
[6] : شرح صحيح مسلم . الإمام النووي رحمه الله .
[7] : سورة نوح : 13 .
[8] : رواه الإمام ابن ماجة ، وصححه الشيخ الألباني رحمهما الله .
[9] : الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد .
[10] : سورة هود : 102 .
[11] : سورة النور : 24 .
[12] : سورة فصلت : 22 .