اسباب البركة في كل شيء، ليس في الرزق فقط بل في الطعام والشراب والاهل والاولاد والعمل والمال وغير ذلك من نواحي الحياة وجوانبها.. فنقول وبالله التوفيق:
إن الله سبحانه وتعالى عندما كتب مقادير الرزق، بين الوسائل التي يطلب بها الرزق، وقسم سبحانه وتعالى هذه الوسائل إلى: وسائل حسية ووسائل معنوية.
فأما الوسائل الحسية في طلب الرزق، فإن الناس لا يجهلونها، وهي الوسائل المشروعة المباحة التي ليس فيها ضرر على النفس ولا على الآخرين.
وأما الوسائل المعنوية في طلب الرزق وحصول البركة، والتي لا يهتم بها كثير من الناس، فقد أشار الله تعالى إليها في كتابه العزيز، وهي الأمور المهمة التي يستجلب بها الرزق وتستمطر بها السماء ويطلب بها الكريم سبحانه..
ونحن نذكرها هنا لنذكر بها كل من طغت عليه الماديات، ونسي تدبير خالق الأرض والسماوات، والمتكفل برزق البريات.
السبب الأول احبت في الله من الأسباب المعنوية لتحصيل الرزق:
الاستغفار والتوبة من الذنوب، الاستغفار الحقيقي والتوبة الحقيقية.
وهو الأمر المهم الذي حرص الأنبياء عليهم السلام على تذكير أقوامهم به.
فهذا نوح عليه السلام يذكر قومه فيقول: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا...
وهذا هود عليه السلام يذكر قومه فيقول: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا...
قال القرطبي رحمه الله: في هاتين الآيتين دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار.
وقد فهم ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يخرج يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع فأمطروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت يا أمير المؤمنين فقال: بلى والله لقد طلبت المطر بمجاديح السماء أي مفاتيح السماء التي يستنزل بها المطر. ثم قرأ قوله تعالى: استغفروا ربكم إنه كان غفارا...
وهذا الحسن البصري رحمه الله جاءه رجل يشكو إليه الجدوبة فقال له: استغفر الله, وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله, وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدا فقال له: استغفر الله, وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له: استغفر الله, فقالوا له: أتاك رجال يشكون أنواعا من البلاء فأمرتهم كلهم بالاستغفار!. فقال: ما قلت من عندي شيئا, إن الله تعالى يقول في سورة نوح: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين...
قد تقول يا أخي المسلم: إني أستغفر الله تعالى كثيرا.
أقول: نعم يوجد كثير من الناس ربما يستغفرون الله تعالى كثيراً لكنهم لا يزدادون إلا فقراً، فتتعجب من ذلك؟
نقول: نعم، هم يستغفرون الله لكنه استغفار باللسان فقط، يستغفرون الله تعالى بألسنتهم، وقلوبهم لاهية غافلة عن معنى الاستغفار وحقيقته، هذا الاستغفار الذي ربما أنت تستغفره كل يوم وبعد كل صلاة قد يكون نوعاً من العبث، بل إن استغفارك أخي المسلم دون وعي ودون عمل ربما يكون ذنباً يجب عليك أن تقلع منه، ولذلك قال أحدهم: استغفر الله، من كلمة أستغفر الله إذا قلتها وأنت لا تدري معناها.
قل لي بربك اخي المؤمن واختي المؤمنة: هل في يوم من الأيام - واستعرض معي شريط حياتك - هل في يوم من الأيام إذا نزلت بك ضائقة، لجأت إلى الله تعالى بالاستغفار والتوبة. أترك الجواب لك.
يقول الله تعالى: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله...
قال القرطبي رحمه الله: هذه ثمرة الاستغفار والتوبة، أي يمتعكم بالمنافع من سعة الرزق ورغد العيش ولا يهلككم بالعذاب كما فعل بمن أهلك قبلكم.
وهذا النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالاستغفار فيقول: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا, ورزقه من حيث لا يحتسب.
فيا أيها الأحبة إن كلام الله حق وصدق، فإذا استغفرت يا عبد الله ولم تجد نتيجة فاعلم أن الخلل فيك أنت لا في غيرك، وأن استغفارك كان بلسانك ولم يكن بقلبك، فابحث في حالك، وفتش في نفسك، لعلك واقع في ذنب عظيم حرمك الله بسببه أثر الاستغفار.
قال صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. يكون الرزق نازلا إليك فتعصي الله تعالى فتحرم منه.
فينبغي علينا ان نكثر من الاستغفار والدعاء ليبارك الله لنا في كل شئ 0