لو قدمت له حذاءه ، وأحضرت له طعامه ، وناولته شرابه ، وألبسته ثوبه ‘ وهيأت
له وضوءه ، وفرشت له بساطه ، وكنست له بيته ، فإنك لا تزال عدوه أبداً ، لأن
سبب العداوة لازال فيك ‘ وهوه فضلك أو علمك أو أدبك أو مالك أو منصبك ، فكيف
تطلب الصلح معه وأنت لم تتب من مواهبك ؟! والحاسد ينظر متى تتعثر ، ويتحرى
متى تسقط ويتمنى متى تــهوي .
أحسن أيامه يوم تمرض ، أجمل لياليه يوم تفتقر ، وأسعد ساعاته يوم تنكب ، وأحب
وقت لديه يوم يراك مهموماً مغموماً حزيناً منكسراً ، وأتعس لحضه عنده إذا
اغتنيت، وأفظع خبر عنده إذا علوت ، وأشد كارثة لدية إذا ارتقيت ، وضحكت بكاء
له، وعيدك مأتم له‘ ونجاحك فشل لديه ، ينسى كل شيء عنك إلا الهفوات ، ويغفل
عن كل أمر فيك إلا الزلات ، خطأك الصغير عنده أكبر من جبل أحد‘ وذنبك الحقير
لديه أثقل من الثقلان ، لو كنت أفصح من سبحان ، فأنت عنده أعى من باقل ، ولو
كنت أسخى من حاتم فأنت لديه أبخل من مارد ، ولو كنت اعقل من الشافعي فهو يراك
أحمق من هبنقة ، الذي يمدحك عنده كذاب ، والذي يثني عليك لديه منافق ، والذي
يذب عنك في مجلسه ثقيل حقير ، يصدق من يسبك ، ويحب من يبغضك ، ويقرب من
يعاديك ، ويساعد من يكرهك ويجافيك ، الأبيض في عينك سواد عنده ، والنهار في
نظرك ليل في نظره لا تجعله حكماً بينك وبين الآخرين فيحكم عليك قبل سماع الدعوى
وحضور البينة ، ولا تطلعه على سرك فأكبر همه أن يذاع ويشاع، ويفض عليك الزلة
ليوم الحاجة ، ويسجل عليك الغلطة ليوم الفاقة لا حيلة فيه إلا العزلة عنه، والفرار
منه، والاختفاء عن نظره والبعد عن بيته ، والانزواء عن مكانة .
أنت الذي أمرضه وأسقمه أنت الذي أسهره وأضناه ، أنت الذي جلب له همه، وحزنه
وتعبه ووصبه، ، وهو الظالم في صورة مظلوم ، لكن يكفيك ما هو فيه من غصص،
وما يعايشه من آلام ، وما يعالجه من أحزان ، وما يذوقه من ويلات:
أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني فلا أعاتبه صفحاً وإهوانا
كذلك قد كنت في أهلي وفي وطني أن النفيس غريب حيثما كانا
محسد الفضل مكذوب على أثري اغتاب سراً ويثني في إعلانا
قال تعالى ( ومن شر حاسد اذا حسد ) " الفلق ايه 5 "
وقال تعالى (ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) "النساء ايه 54 "
وقال صلى الله عليه وسلم " اياكم والحسد فان الحسد ياكل الحسنات كما تاكل النار الحطب "
وقال ايضا " لا يزال الناس بخير مالم يتحاسدوا "
استغفرك اللهم واتوب اليك واعوذ بك من شر حاسد اذا حسد
الساهـــــــــــر