البشر و بمجرد سماع اسم ( حمار ) يتردد في أذهانهم أصداء نهقاته القوية النكراء
كأنه في نظرهم لم يخلق إلا للنهيق فقط !!
متجاهلين محاسنه الأخرى و فضائلة المتعددة شأنه كشأن بقية
الثدييات..ومن بينهم البشر له حسنات و سيئات، ولعل ( الحمار ) خير من بعض البشر
فحسناته أكثر من سيئاته خلافا للكثير منهم ممن لا حسنات لهم
( الحمار ) له حظوة و حضور قوي ، يفوق حضور الكثير من الشخصيات البارزه في المجتمع
من منا لم يسمع بـ ( حمار ) جحا الذي ضاع فكان ضياعه أشهر ضياع في
التاريخ العربي.. وذلك بعد ضياع فلسطين من بين أيدي بعض الحمير .
ذلك أنه قيل لجحا ذات يوم إن ( حمارك ) قد ضاع فخر ساجداً حامداً
فقيل له: ماهذا السجود ؟ أيسجد أحد على مصيبة ضياع حماره ؟
فقال : الحمد لله الذي لم يجعلني على ظهره عندما ضاع و إلا كنت ضعت معه .
و( للحمار ) مفاخر عظيمه فقد تسمى به جملة من الأكابر و الشرفاء و العظماء ..
فمما يروى أن أحد خلفاء بني أمية كان قد حمل - من باب المدح و الثناء -
لقب ( الحمار ) لجلده و صبره و قوة شكيمته في مكافحة الفساد
ومواجهة الأزمات الماليه والاقتصاديه التي كانت تعصف بالدولة في آخر أيامها ،
وكلكم يعلم أنه هذه الصفة الحميدة يحملها اليوم كثير من رجال الإقتصاد في العالم العربي
الذين يناضلون لمواجهة الأزمة المالية الحاليه التي تهدد وتمس الأمن الأقتصادي العالمي
ليحافظوا على الرخاء والنهضة والإزدهار لرعاياهم من البشر ، فهم ( حمير ) بإمتياز ..
عندما حاولت معرفة وضع الأقتصاد السعودي ومدى تأثره من جراء هذه الازمه ,
بكل أسف وأسى قمت بزياره لموقع وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودي
تفاجأت جداً عندما قرأت رسالة الوزارة والرؤيا المستقبلة للإقتصاد السعودي
والتي تقول :-
سيكون الاقتصاد السعودي بحلول عام 2025م متنوعاً ومزدهراً يقوده القطاع
الخاص ويوفر فرص عمل مجزية وتعليم عالي الجودة وعناية صحية فائقة إضافة
إلى المهارات اللازمة لرفاهية جميع المواطنين وحماية القيم الإسلامية وتراث المملكة
الثقافي.
هذا يفيد بأن إقتصادنا الأن غير متنوع و غير مزدهر و يحكمه قطاع واحد و لا يوفر فرص عمل مجزية ..
و التعليم في المملكة يفتقر للجوده .. والعناية الصحية لا ترتقي إلى المستوى المطلوب .. كما أننا نفتقر إلى المهارات اللازمة لرفاهية المواطن..
والقيم الإسلامية تمر بمرحله حرجة تحتاج إلى حماية.. كما يحتاجها تراثنا الثقافي .. ,
هذا يعني أن أطفالنا الذين سيولدون في 2025م , سينعمون بظروف معيشة أفضل من تلك التي نعيشها نحن أبائهم و أجدادهم ..
في 2025 سيستمتع أطفالنا بإقتصاد متنوع و مزدهر .. و سيتلقون تعليم عالي الجودة , و رعاية صحية فائقة , و سيحصلون على وظائف مجزية ,
وستكون حياتهم محاطة بكافة سبل و أدوات الرفاهية ..
ستكون عقيدتهم في مأمن عن عبث العابثين و كذلك تراثهم الثقافي سيكون في أيدٍ أمينة تحافظ عليه من الإندثار والسرقه !
سيكون حالهم أفضل من حالنا الأن .. سيحبون الوطن بصدق أكبر وسيؤدون النشيد الوطني
في طابور الصباح دون أن يتوسل إليهم مدير المدرسه والمعلمين..
عندما يكبر احدهم لن يسافر إلى العواصم الأُوربيه لينفق الملايين التي حصل عليها بحكم منصبه لإنشاء مشاريع تنمويه في البلد..
سيكون سفره على حسابه الخاص
لن يكون هناك من لا يتورع عن اغتصاب الأراضي!
في عام 2025م سيكون لدينا مواطن مبدع , ومسؤول مبدع , و مدير مبدع ..
سيدخلون الوطن دائرة الإبداع .
الأمر الذي قد يمكننا من دخول قائمة الإبداع الدولي التي تصدرتها امريكا والمانيا وبريطانيا والتي ضمت سريلانكا و بنغلاديش ونيبال ,
في حين خرجنا نحن منها صفراليدين..
وزارة الإقتصاد والتخطيط ستقوم بتحقيق ذلك في عام 2025م ..
هذه الرسالة والرؤيا المستقبلية لوزارة الإقتصاد والتخطيط والصريحة طبعاً..
تذكرني بالرؤيا المستقبلية لجحا مع الحمار والسلطان..
وذلك عندما اعلن السلطان عن جائزة كبيرة لمن يعلم الحمار الكلام .. وإن فشل فإن حكمه الاعدام ..
حينها تقدم جحا وأخبره بقدرته على تولي هذا الأمر وأنه بحاجة إلى عشرين سنه كمهله..
كما يحتاج إلى ميزانيه وأموال طائلة لتعليم الحمار الكلام..
فوافق الملك وأمر بإعطاء جحا كل ما يريد لمدة عشرين سنه..
فتعجب الناس من تصرف جحا وأخبروه أن السلطان قاتله لا محاله.. فلا يمكن للحمير أن تنطق..
فتبسم لهم وقال من هنا إلى عشرين سنه..
يا أموت أنا..
يا يموت السلطان..
يا يموت الحمار...
...
..
.