"حصوة"(1)
في عام 1994 أكتشفت وبعد مغادرة المنزل على الفور وجود (حصوة ) بحجم حبة العدس ولكنها أكثر خشونة قد تمركزت في فردة حذائي اليمين وكنت وقتها طالباً في الجامعة الاردنية وبعد رحلة شاقة على طريق الزرقاء ياجوز زارنا خلالها ملك الموت عند كل منعطف هبطنا بسلام على البوابة الشمالية وبعد إعادة التوزان والتأكد من نظافة البنطال وان لمعة الحذاء ما زالت على حالها ، عرفنا ان هناك نشاط لمجلس الطلبة وذلك لأن حرس البوابة الشمالية وعلى غير العادة طلبوا ابراز هوية الطالب الجامعية .
فعلاً كانت بقايا إعلانات قد انتشرت على جذوع الأشجار تمكنت من خلال أكثر من شجرة تركيب الكلمات وحل اللغز وأن هنالك دعوة من قبل مجلس الطلبة والذي يضم في غالبيته طلبة يمثلون الإتجاه الإسلامي وتضمنت الدعوة بالإضافة للمسيرة مهرجان خطابي امام برج الساعة ، تابعت المسير وانا احاول ان اجعل تلك "الحصوة" تستقر في مكان منزوي من الحذاء ولكن دون فائدة وصابني الخجل في ان انحني وأخلع حذائي للتخلص منها لانني لست متأكد اية هي فردة "الجرابات صاحبة الثقب الأكبر"وقررت تركها حتى اتحين مكان "منزوي" عن عيون الصبايا واتمكن خلالها من خلع الحذاء والتخلص من تلك الزائرة المزعجة.
رافقتني تلك "الحصوة" حتى الساعة الـ 12 ظهراً وعندها قررت ان ازور ركن الفلافل الواقع بالقرب من كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية وحتى هذه اللحظة اجد ان من قرر فتح ركن الفلال بالقرب من كلية الاقتصاد كان عنده بعد نظر لان علاقة الاقتصاد والسياسة وإدارة الاعمال بالفلافل علاقة وثيقة جداً تبدأ من نوع الخلطة وتنتهي بالزيت المكرر مروراً بطريقه تصفية الحبات وتجميعها معاً ، وليس هذا موضوعنا ولكن بطريقي إلى هناك مررت من امام برج الساعة وإذ بعدد كبير من الطلبة قد اجتمعوا امام البرج واحدهم قد استولى على مكبر الصوت وأخذ بالصياح والهتاف والتكبير دفعني الفضول للتوقف لبرهة لانه اشعل الحماس لدي فانا عربي غيور، ولكن ما ان توقفت قدماي عن الحركة حتى استقرت "الحصوة" عند باطن قدمي ، اشتد الخطاب من الرغبة في تحرير فلسطين وفك الحصار عن العراق والدعوة للوحدة العربية وتكفير المدخنين والرغبة في جلد واضعي الجل ولابسي الجنز ، وكلما اشتد الخطاب حرارة زادت رغبتي في التخلص من تلك "الحصوة " اللعينة ، يا إلهي ليت الخطيب يدلني على طريقة اتخلص بها من تلك الحصوة بما ان أمر تحرير فلسطين وفك الحصار عن العراق وفرض الإسلام على الامة هو بيد الاخ عضو مجلس الطلبه فانا متأكد ان امر "الحصوة" هو امر سهل حله .
انشغل الجميع بالتكبير والهتاف وحرق العلم الأمريكي والعلم الإسرائيلي بينما كنت مشغولاً بتلك "الحصوة" تفرقت الجموع ومرت سنوات وزاد حال اهلنا في فلسطين سوءاً ودمر العراق وارتفعت الاسعار وزادت فرقة العرب فرقه ....وما زالت تلك الحصوة تطارد راحتي كلما سمعت مسؤولاً ينادي بتلك الشعارات وترتفع حرارة الخطاب بالتحرير والوحدة .
(1)لفظة عامية اردنية جمعها كلمة حصى
هاشم محمود مسلم الزيود