(كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل )
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال :
كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) .
عندما نتأمل في حقيقة هذه الدنيا ، نعلم أنهالم تكن يوما دار إقامة ،
أو موطن استقرار ، ولئن كان ظاهرها يوحي بنضارتها وجمالها ،
إلا أن حقيقتها فانية ، ونعيمها زائل ،
كالزهرة النضرة التي لا تلبث أن تذبل ويذهب بريقها .
تلك هي الدنيا التي غرّت الناس ، وألهتهم عن آخرتهم ،
فاتخذوها وطنا لهم ، ومحلا لإقامتهم ، لا تصفو فيها سعادة ،
ولا تدوم فيها راحة ، ولا يزال الناس في غمرة الدنيا يركضون ،
وخلف حطامها يلهثون ، حتى إذا جاء أمر الله انكشف لهم حقيقة زيفها ،
وتبين لهم أنهم كانوا يركضون وراء وهم لا حقيقة له
،
وصدق الله العظيم إذ يقول :
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
( آل عمران : 185 ) .
وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليترك أصحابه دون أن يبيّن لهم ما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في الدنيا ،
ودون أن يحذّرهم من الركون إليها ؛ فهو الرحمة المهداة ،
والناصح الأمين ، فكان يتخوّلهم بالموعظة ، ويضرب لهم الأمثال ،
ولذلك جاء هذا الحديث العظيم بيانا وحجة ووصية خالدة .
لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛
ليسترعي بذلك انتباهه ، ويجمع إليه فكره ، ويشعره بأهمية ما سيقوله له ،
فانسابت تلك الكلمات إلى روحه مباشرة :
( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )
وفقكم البارئ