حُـكم الاحتفال بالمولد النبوي
بتاريخ 13/10/05 11:38 Pm
السؤالتعودتْ عائلتي - بين فترة وأخرى وفي كل مناسبة - أن تقيمَ احتفالاً في البيت لمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويتضمن دعوة شخص مؤمن لديه كتاب اسمه " أشرف الأنام " ، ويتضمن الكتاب مولدَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته بعد النبوة وقبلها ، وأبياتَ شِعر في مدحه - صلى الله عليه وسلم - . وكذلك نقوم بذبح ذبيحة ، ونعمل وجبة ندعو لها جيرانَنا وأقرباءنا متوخين مِن كل هذا أن يستمعَ المدْعوُّون إلى السيرة النبوية ، وخصال النبي الكريم وفضائله ومعجزاته ؛ ليزدادَ إيمانهم بالواحدِ الأحد ، وكذلك نرجو الأجر والثواب مِن جراء إطعامنا لهؤلاء الناس الذين من بينهم الفقير واليتيم وغيرهم .
فهل هذا العمل صحيح أم لا ؟ عِلمًا أن هذا الشخص الذي يقرأ المولد يتقاضى أجرًا نقديًّا منا ، هل يجوز ذلك أم لا ؟
الجوابأولاً: عمل المولد النبوي بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الخلفاء الراشدين وصحابته الكرام، ولا عن القرون المفضلة أنهم كانوا يقيمون هذا المولد وهم أكثر الناس محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحرص الأمة على فعل الخير، ولكنهم كانوا لا يفعلون شيئًا من الطاعات إلا ما شرعه الله ورسوله عملاً بقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [سورة الحشر: آية 7]، فلما لم يفعلوا إقامة هذا المولد عُلِم أن ذلك بدعة.
وإنما حدثت إقامة المولد والاحتفال به بعد مضي القرون المفضلة وبعد القرن السادس من الهجرة وهو من تقليد النصارى؛ لأن النصارى يحتفلون بمولد المسيح عليه السلام، فقلدهم جهلة المسلمين ويقال: إن أول من أحدث ذلك الفاطميون يريدون من ذلك إفساد دين المسلمين واستبداله بالبدع والخرافات.
الحاصل أن إقامة المولد النبوي من البدع المحرمة التي لم يرد بها دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) [رواه النسائي في "سننه" (3/188، 189)، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592)، كلاهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما]، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في الحديث: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (8/156)]، وفي رواية: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) [رواها الإمام البخاري في "صحيحه" (3/167) من حديث عائشة رضي الله عنها]، فهذا من الإحداث في الدين ما ليس منه فهو بدعة وضلالة، وأما قراءة السيرة النبوية للاستفادة منها فهذا يمكن في جميع أيام السنة كلها لا بأس أن نقرأ سيرة الرسول وأن نقررها في مداسنا ونتدارسها وأن نحفظها لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب: آية 21]، ولكن ليس في يوم المولد خاصة وإنما نقرأها في أي يوم من أيام السنة كلها حسب ما يتيسر لنا، ولا نتقيد بيوم معين، وكذلك إطعام المساكين والأيتام، فالإطعام أصله مشروع، ولكن تقييده بهذا اليوم بدعة، فنحن نطعم المساكين ونتصدق على المحتاجين في أي يوم وفي أي فرصة سنحت، وأما الذي يقرأ المولد ويأخذ أجرة، فأخذه للأجرة محرم؛ لأن عمله الذي قام به محرم، فأخذه الأجرة عليه محرم أضف إلى ذلك أن هذه القصائد، وهذه المدائح لا تخلو من الشرك ومن أمور محرمة مثل قول صاحب البردة:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ** سواك عند حلوك الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذًا بيدي ** وإلا يـا زلـــــت القـدم
فإن من جودك الدنيا وضرتهـا ** ومن علومك علم اللوح والـقلم
وأشباه هذه القصيدة الشركية مما يقرأ في الموالد.
[المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، الجزء الثاني، السؤال رقم 160] .