[c]إن من عباد الله أناساً ربما ازدرتهم الأعين ، واحتقرهم الرائي ، بذلة ثيابهم ، منكسرة نفوسهم ، شعثة رؤوسهم ، مغبرة وجوههم ، مدفوعون بالأبواب ، لو أقسم أحدهم على الله لأبره .
ذلك أن المقياس التفاضلي في الإسلام إنما يبنى بمقدار تقوى الله والخوف منه ، وتعلق القلوب به ، لا يطلع عليه أحد ، و لا يدركه إنسان .
وهذه قصة لواحد من الصحابة الأجلاء الكرام دعا الله في حادثة واحدة ثلاث مرات فاستجاب الله دعاءه إكراماً له ، ولمكانته عنده سبحانه وتعالى ، وإليكم القصة :
عن سهم قال : غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين [ وهي موضع في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية ] ، فدعا بثلاث دعوات ، فاستجاب الله فيهن كلهن .
قال: فسرنا معه ، قال : فنزلنا منزلاً ، وطلبنا الوضوء فلم نقدر عليه .
فقام وصلى ركعتين ، ثم دعا الله فقال : اللهم يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم ، إنا عبيدك ، وفي سبيلك نقاتل عدوك ، فاسقنا غيثاً نشرب منه ، ونتوضأ من الأحداث ، وإذا تركناه فلا تجعل لأحد منه نصيباً غيرنا .
قال : فما جاوزنا غير بعيد ، فإذا نحن بنهرين من ماء بينهما يتدفق ، فنزلنا فتزودنا ، وملأت دواتي ، وتركتها ..
وقلت : لأنظرن هل استجيب له ؟
قال : فسرنا ميلاً أو نحوه ، فقلت لأصحابي : إني نسيت إداوتي ، فذهبت إلى المكان فكأنما لم يكن فيه ماء قط ، فأخذت إداوتي فجئت بها .
فلما أتينا دارين وبيننا وبينهم البحر فدعا الله أيضاً فقال : يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك ، فاجعل لنا سبيلاً إلى عدوك ، ثم تقحم بنا البحر ، فوالله ما ابتلت سروجنا حتى خرجنا إليهم .
الفرج بعد الشدة ، للقاضي التنوخي [/c]