عدىّ بن حاتم الطائي (ت67 للهجرة)، يكني أبو طريف صحابي جليل وفارس معروف
ومشهور،أخباره مستفيضه. ولد في العصر الجاهلي قبل الهجرة بنحو خمسين سنة ،كان
طويلاً جسيماً،إذا ركب الفرس كادت رجلاه تخطان في الأرض.
كان في الجاهلية رئيساً عظيم، يسير في قومه بالمرباع . ولما بعث سيدنا- محمد صلى
الله عليه- وسلم لم يفد عليه عدياّ، وتحمل بأهله إلى الشام، قبل قدوم خيل المسلمين
إلى جبلي طيئ، وخلف أخته سفانه فأسرت. ولما أطلق النبي عليه السلام سفانه، أتت
أخاها، وأنبته على فراره من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت له فيما قالت: أرى
أن تلحق به سريعاً، فإن يكن نبياً فالسابق إليه فضله، وان يكن ملكاً فلن تذل في عز
اليمن، وأنت أنت "فرجع عدىّ نفسه ورأى رأيها، وشرح الله صدره للإسلام، فقدم على
النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر.
وشهد عدىّ كثيراً من المشاهد فقد سار مع خالد بن الوليد رضي الله عنه لقتال
طليحة،وقد عقد له خالد لواء طيئ، وشارك في فتح العراق ووقعة القادسية، وكان مع خالد
حين توجه للشام.
وحسب عدىّ شرف ومكانه انه ما دخل على النبي صلي الله عليه وسلم إلا وسع له أو تحرك
له، دخل عليه يوماً في بيته وقد امتلأ من أصحابه فوسع له صلي الله عليه وسلم حتى
جلس إلى جنبه "
وأعقب عدىّ طريفاً و به كان يكني، وذكر بعض المؤرخين أن عقب حاتم من قبل ابنه عبد
الله أما عدىّ فلا عقب له.
وكان عدىّ رضي الله عنه كريماً كآل حاتم : أرسل إليه الأشعث بن قيس يستعير قدور
حاتم، فملأها عدىّ وحملها إليه. فقال الأشعث: أنما أردنها فارغة.
ودخل عليه ابن دارة الشاعر، فقال: قد مدحتك. فقال عدىّ: امسك حتى آتيك بمالي
فتمدحني على حسبه، فإني أكره ألا أعطيك ثمن ما تقول، لي ألف ضائنه،وألف درهم،
وثلاثة أعبد، وفرسي هذا حبيس في سبيل الله، فامدحني على حسب ما أخبرتك، فقال ابن
دارة :
نحن قلوصى في معدٍ وإنما**** تُلاقي الربيع في ديار بني ثعل
فلما وصل إلى البيت الرابع قال عدىّ: امسِك، لا يبلغ مالي أكثر من هذا، وشاطره
ماله. فلم يكن غريباً من رجل هذا عطاؤه أن يقول لشخص جاء يسأله مائة درهم: تسألني
مائة درهم وأنا عدىّ بن حاتم! والله لأعطيك.
وكان عدىّ-كأبيه- جم التواضع، فحين ارتفت به السن- وكان جسيما لحيماً-آذاه برد
الأرض- فأستأذن قومه في وطاء يجلس عليه في ناديهم ، كراهية أن يظن احد منهم انه
يفعل ذلك تعاظماً، فأذنوا له وقالوا: أنت شيخناً وسيدّنا وابن سيدّنا، وما فينا أحد
يكره ذلك أو يدفعه.
و توفي عدىّ رضي الله عنه عن مائة وعشرين سنة ، سنة سبع وستين، وقيل ثمان وستين.
"قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه:أسلمت إذ كفروا، وعرفت إذ أنكروا، ووفيت إذ
غدروا، وأقبلت إذ أدبروا وأول صدقة بيضت وجوه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم
صدقة طيئ "