اسمه وكنيته
لم يزل اسمه في الجاهلية و الإسلام عمر و كناه رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا حفص و كان ذلك يوم بدر، و ذكره ابن إسحاق وسماه رسول الله صلى الله عليه و سلم الفاروق. عن ابن عباس قال: "سألت عمر لأي شيء سميت الفاروق؟ فقال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ثم شرح الله صدري للإسلام فقلت: و الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، فما في الأرض نسمة هي أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقلت: أين رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ قالت أختي: هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم عند الصفا، فأتيت الدار و حمزة و أصحابه جلوس في الدار و رسول الله صلى الله عليه و سلم في البيت فضربت الباب فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا عمر بن الخطاب. قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نتره فما تمالك إلا أن وقع على ركبتيه: فقال: "ما أنت بمنته يا عمر؟" قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أنك محمدا عبده ورسوله، قال: فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، قال: فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا و إن حيينا؟ قال: "بلى و الذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم و إن حييتم"، قلت: ففيما الاختفاء؟ و الذي بعثت بالحق لنخرجن، فأخرجنا صلى الله عليه و سلم في صفين حمزة في احدهما و أنا في الآخر و لي كديد ككديد الطين حتى دخلنا المسجد، قال فنظرت إلي قريش و إلى حمزة فأصابتهم كآبه لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ الفاروق، فرق الله بي بين الحق و الباطل" أخرجه صاحب الصفوة و الرازي. و عن النزال بن سبرة قال: "وافقنا من علي يوما أطيب نفسا و مزاجا فقلنا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن عمر بن الخطاب قال: ذاك امرؤ سماه الله الفاروق فرق به بين الحق و الباطل"، أخرجه بن السمان في الموافقة.
نسبه
أمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقالت طائفة: بنت هشام بن المغيرة، و من قال ذلك فقد أخطأ، و لو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام و الحارث بن هشام، و ليس كذلك، وإنما هي بنت هاشم و هاشم و هشام أخوان، و هاشم جد عمر أبو أمه، و هشام أبو الحارث و أبي جهل ابني هشام بن المغيرة، و كان له من الولد ثلاثة عشر و أسلموا كلهم.
اسلامه رضي الله عنه
ذكر بدء إسلامه: قال ابن إسحاق: كان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الحبشة، و عن عمر بن الخطاب قال: " خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال فقلت: هذا و الله شاعر كما قالت قريش، قال فقرأ "إنه لقول رسول كريم و ما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون"، قال: قلت: كاهن قال: "و لا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين* و لو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين"، قال فوقع الإسلام في قلبي كل موقع. أخرجه أحمد.
استبشار أهل السماء باسلامه
عن ابن عباس قال: "لما أسلم عمر أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه و سلم فقال: "يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر". أخرجه أبو حاتم والد أرقطني و الخلعي و البغوي. وفي طريق غريب بعد قوله "بإسلام عمر"، قلت: وكيف لا يكون ذلك كذلك و لم تصعد إلى السماء للمسلمين صلاة ظاهرة و لا نسك و لا معروف إلا بعد إسلامه حيث قال: "و الله لا يعبد الله سرا بعد اليوم".
هجرته رضي الله عنه
عن ابن عباس قال: قال علي: ما علمت أن أحد من المهاجرين هاجر إلا متخفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هاجر تقلد سيفه، و تنكب قوسه، و امتضى في يده أسهما و اختصر عنزته و مضى قبل الكعبة و الملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعا متمكنا ثم أتى المقام فصلى متمكنا ثم وقف على الحلق واحدة واحدة فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده، أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي فإني مهاجر، قال علي: فما اتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه.أخرجه ابن السمان.
عزة الإسلام به رضي الله عنه
عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا لعمر بن الخطاب و أبي جهل ابن هشام، فأصبح و كانت الدعوة يوم الأربعاء و أسلم عمر يوم الخميس، فكبر النبي صلى الله عليه و سلم و أهل البيت تكبيرة سمعت من أعلى مكة، فقال عمر يا رسول الله على ما نخفي ديننا و نحن على الحق و هم على الباطل، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: " إنا قليل" فقال عمر: و الذي بعثك بالحق نبيا لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان، ثم خرج فطاف بالبيت ثم مر بقريش و هم ينظرونه فقال أبو جهل بن هشام: زعم فلان أنك صبوت، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله، فوثب المشركون فوثب عمر على عتبة بن ربيعة فبرك عليه و جعل يضربه و أدخل إصبعيه في عينيه، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس عنه، فقام عمر فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ شريف من دنا منه حتى أحجم الناس عنه، و اتبع المجالس التي كان يجلس فيها فأظهر الأيمان ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هو ظاهر عليهم فقال: ما يحبسك، بأبي أنت و أمي فوالله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا ظهرت فيه بالإيمان، غير هائب و لا خائف، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم و عمر أمامه و حمزة بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت و صلى الظهر معلنا، ثم انصرف النبي صلى الله عليه و سلم إلى دار الأرقم و من معه. أخرجه أبو القاسم الدمشقي.
أخوته للنبي صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "بينما أنا جالس في مسجدي أتحدث مع جبريل إذ دخل عمر بن الخطاب فقال جبريل: أليس هذا أخوك عمر ابن الخطاب فقلت بلى يا أخي".
خصائص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عن جابر قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال أبو بكر: "ما أنك إن قلت ذلك فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "ما طلعت شمس على رجل خير من عمر". أخرجه الترمذي . و قال غريب، و هذا محمول على انه كذلك بعد أبي بكر جمعا بين هذا و بين الأحاديث المتقدمة في أبي بكر. و عن ثابت بن الحجاج قال: خطب عمر ابنة أبي سفيان فأبوا أن يزوجوه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما بين لابتي المدينة خير من عمر". أخرجه البغوي، و أراد بعده صلى الله عليه و سلم و بعد أبي بكر، أما الأول فبالإجماع، و أما الثاني فلما تقدم.
عن جابر قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال أبو بكر: "ما أنك إن قلت ذلك فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "ما طلعت شمس على رجل خير من عمر". أخرجه الترمذي . و قال غريب، و هذا محمول على انه كذلك بعد أبي بكر جمعا بين هذا و بين الأحاديث المتقدمة في أبي بكر. و عن ثابت بن الحجاج قال: خطب عمر ابنة أبي سفيان فأبوا أن يزوجوه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما بين لابتي المدينة خير من عمر". أخرجه البغوي، و أراد بعده صلى الله عليه و سلم و بعد أبي بكر، أما الأول فبالإجماع، و أما الثاني فلما تقدم.
عن عقبه بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب". أخرجه أحمد و الترمذي، و قال حسن غريب: و في بعض طرق هذا الحديث. "لو لم أبعث لبعثت يا عمر". و في بعضها: "لو لم أبعث فيكم لبعث عمر" أخرجه القلعي.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "إن الله قد جعل الحق على لسان عمر و قلبه". أخرجه أحمد و أبو حاتم و الترمذي و صححه. و عن ابن عمر مثله. أخرجه أبو حاتم . و في رواية بعد قوله "وقلبه" يقول "الحق و لو كان مرا"أخرجهما القلعي.
و في رواية على لسان عمر يقول به أخرجهما المخلص. و في رواية "أن الله نزل الحق على قلب عمر و لسانه" أخرجها البغوي. و قد تقدم في باب الأربعة من حديث الترمذي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "رحم الله عمر يقول الحق و إن كان مرا، تركه الحق و ما له من صديق".
عن ابن عمر قال: قال عمر: "وافقت ربي في ثلاث، مقام إبراهيم و في الحجاب، وفي أساري بدر" أخرجه مسلم. و عن طلحة بن مصرف قال: قال عمر: يا رسول الله أليس هذا مقام إبراهيم أبينا؟ قال: "بلى". قال عمر: فلو أتخذه مصلى؟ فأنزل الله تعالى: "و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" أخرجه المخلص الذهبي.
عن طلحة بن عبيد الله قال: ما كان عمر بأولنا إسلاما و لا أقدمنا هجرة، و لكنه كان أزهدنا في الدنيا و أرغبنا في الآخرة أخرجه الفضائلي.
عن ابن مسعود: "أن رجلا من أصحاب محمد الله صلى الله عليه و سلم لقي رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الجني: عاود فعاوده فصرعه أيضا، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلا سخيفا كأن ذراعيك ذراعا كلب، أفكذلك أنتم معشر الجن أم أنت منهم كذا؟ قال: هات علمني، قال: هل تقرأ آية الكرسي؟ قلت: نعم، قال: فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان ثم لا يدخله حتى يصبح، فقال رجل من القوم: من ذلك الرجل يا أبا عبد الله من أصحاب محمد أهو عمر؟ قال: من يكون إلا عمر بن الخطاب؟".
عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: لقد دخل عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه و سلم و عنده نسوة من قريش يسألنه و يستكثرنه رافعات أصواتهن، فلما سمعن صوت عمر انقمعن و سكن،فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عمر: يا عدوات أنفسهن تهبنني و لا تهبن رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يا عمر ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك". أخرجه النسائي و أبو حاتم و أبو القاسم، وأخرجاه و أحمد و قالوا: فلما استأذن عمر قمن فبادرن الحجاب فدخل عمر و رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب". قال عمر: يا عدوات أنفسهن تهبنني و لا تهبن رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقلن: نعم!! أنت أفض و أغلظ من رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يا ابن الخطاب و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان" و ذكر باقي الحديث. و عن علي رضي الله عنه قال: "و الله إن كنا لنرى أن شيطان عمر يهابه أن يأمره بالخطيئة".
عن علي قال: "كنا نرى و نحن متوافرون أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أن السكينة تنطق على لسان عمر" أخرجه ابن السمان، و الحافظ أبو الفرج.
قال بن إسحاق: إن أبا سفيان لما أراد الانصراف أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته، إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، أعل هبل!! فقال صلى الله عليه و سلم: "قم يا عمر فأجبه"، فقال: الله أعلى و أجل لا سواه، قتلانا في الجنة و قتلاكم في النار، فلما أجاب عمر أبا سفيان قال له: هلم يا عمر، فقال صلى الله عليه و سلم لعمر: "إئته فانظر ما شأنه"، فجاءه عمر فقال:أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟ قال عمر: "اللهم لا، و إنه ليسمع كلامك الآن، قال: أنت أصدق عندي من ابن قمئة، إنه يقول إني قتلت محمدا".
__________________