[size="3"]معاوية بن أبي سفيان
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب
أمير المؤمنين ملك الإسلام أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي قيل إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء وبقي يخاف من اللحاق بالنبي من أبيه ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح حدث عن النبي وكتب له مرات يسيرة وحدث أيضا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة وعن أبي بكر وعمر روى عنه ابن عباس وسعيد بن المسيب وأبو صالح السمان وأبو إدريس الخولاني وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وسعيد المقبري وخالد بن معدان وهمام بن منبه وعبد الله بن عامر المقرئ والقاسم أبو عبد الرحمن وعمير بن هانىء وعبادة بن نسي وسالم بن عبد الله ومحمد بن سيرين ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم وحدث عنه من الصحابة أيضا جرير بن عبد الله وأبو سعيد والنعمان بن بشير وابن الزبير ذكر ابن أبي الدنيا وغيره أن معاوية كان طويلا أبيض جميلا إذا ضحك انقلبت شفته العليا وكان يخضب روى سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد رب رأيت معاوية يخضب بالصفرة كأن لحيته الذهبية قلت كان ذلك لائقا في ذلك الزمان واليوم لو فعل لاستهجن وروى عبد الجبار بن عمر عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ سمع معاوية على منبر المدينة يقول أين فقهاؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله نهى عن هذه القصة ثم وضعها على رأسه فلم ار على عروس ولا على غيرها أجمل منها على معاوية وعن أبان بن عثمان كان معاوية وهو غلام يمشي مع أمه هند فعثر فقالت قم لارفعك الله وأعرابي ينظر فقال لم تقولين له فوالله إني لأظنه سيسود قومه قالت لارفعه إن لم يسد إلا قومه قال أسلم مولى عمر قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم
ابن إسحاق عن أبيه رأيت معاوية بالأبطح أبيض الرأس واللحية كأنه فالج قال مصعب الزبيري كان معاوية يقول أسلمت عام القضية ابن سعد حدثنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن عمر بن عبد الله العنسي قال معاوية لما كان عام الحديبية وصدوا رسول الله عن البيت وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي فذكرت لأمي فقالت إياك أن تخالف أباك فأخفيت إسلامي فوالله لقد رحل رسول الله من الحديبية وإني مصدق به ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما لكن أخوك خير منك وهو على ديني فقلت لم آل نفسي خيرا وأظهرت إسلامي يوم الفتح فرحب بي النبي وكتبت له ثم قال الواقدي وشهد معه حنينا فأعطاه من الغنائم مئة من الإبل وأربعين أوقية قلت الواقدي لا يعي ما يقول فإن كان معاوية كما نقل قديم الإسلام فلماذا يتألفه النبي ولو كان أعطاه لما قال عندما خطب فاطمة بنت قيس أما معاوية فصعلوك لا مال له ونقل المفضل الغلابي عن أبي الحسن الكوفي قال كان زيد بن ثابت كاتب الوحي وكان معاوية كاتبا فيما بين النبي وبين العرب عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر عن عبد الله بن عمرو قال كان معاوية يكتب لرسول الله أبو عوانة عن أبي حمزة عن ابن عباس قال كنت ألعب مع الغلمان فدعاني النبي وقال ادع لي معاوية وكان يكتب الوحي رواه أحمد في مسنده وزاد فيه الحاكم حدثنا علي بن حمشاد حدثنا هشام بن علي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة قال فدعوته فقيل إنه يأكل فأتيت فقلت يا رسول الله هو يأكل قال اذهب فادعه فأتيته الثانية فقيل إنه يأكل فأتيت رسول الله فأخبرته فقال في الثالثة لا أشبع الله بطنه قال فما شبع بعدها رواه الطيالسي حدثنا أبو عوانة وهشيم وفيه لا أشبع الله بطنه فسره بعض المحبين قال لا أشبع الله بطنه حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة لأن الخبر عنه أنه قال أطول الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة
قلت هذا ما صح والتأويل ركيك وأشبه منه قوله عليه السلام اللهم من سببته أو شتمته من الأمة فاجعلها له رحمة أو كما قال وقد كان معاوية معدودا من الأكلة جماعة عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم السماعي عن العرباض سمع النبي وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان هلم إلى الغداء المبارك ثم سمعته يقول اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب رواه ابن مهدي وأسد السنة وأبو صالح وبشر بن السري عنه وهذا في جزء ابن عرفة معضل سقط منه العرباض وأبو رهم وللحديث شاهد قوي أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني وكان من أصحاب النبي أن النبي قال لمعاوية اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب
أبو هلال محمد بن سليم حدثنا جبلة بن عطية عن رجل عن مسلمة بن مخلد أنه قال لعمرو بن العاص ومعاوية يأكل إن ابن عمك هذا لمخضد أما إني أقول هذا وقد سمعت رسول الله يقول اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب فيه رجل مجهول وجاء نحوه من مراسيل الزهري ومراسيل عروة بن رويم وحريز بن عثمان مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني ربيعة بن يزيد سمعت عبد الرحمن بن أبي عميرة سمعت رسول الله يقول لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به حسنه الترمذي صفوان بن صالح حدثنا الوليد ومروان بن محمد حدثنا سعيد نحوه وقال أبو زرعة النصري وعباس الترقفي حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد نحوه وفيه سمعت رسول الله أحمد بن المعلي حدثنا محمود حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد عن ربيعة أن بعثا من أهل الشام كانوا مرابطين بآمد وأن عمير بن سعد كان على حمص فعزله عثمان وولى معاوية فبلغ ذلك أهل حمص فشق عليهم فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني سمعت رسول الله يقول لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به واهده أبو بكر بن أبي داود حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد وعمر بن عبد الواحد عن سعيد عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عبد الرحمن بن أبي عميرة سمعت رسول الله يقول لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به عمرو بن واقد عن يونس بن حلبس عن أبي إدريس قال لما عزل عمر عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس في ذلك فقال عمير لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله يقول اللهم اهد به رواه عن الذهلي عن النفيلي عنه هشام بن عمار حدثنا عبد العزيز بن الوليد بن سليمان سمعت أبي يقول إن عمر ولى معاوية فقالوا ولاه حديث السن فقال تلومونني وأنا سمعت رسول الله يقول اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به هذا منقطع
محمد بن شعيب حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة أن رسول الله استأذن أبا بكر وعمر في أمر فقالا الله ورسوله أعلم فقال أشيرا علي ثم قال ادعوا معاوية فقال أحضروه أمركم وأشهدوه أمركم فإنه قوي أمين ورواه نعيم بن حماد عن ابن شعيب فوصله بعبد الله بن بسر أبو مسهر وابن عائذ عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال أردف النبي معاوية خلفه فقال ما يليني منك قال بطني يا رسول الله قال اللهم املأه علما زاد فيه أبو مسهر وحلما قال صالح جزرة لا يشتغل بوحشي ولا بأبيه بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير أن رسول الله كان يسير ومعه جماعة فذكروا الشام فقال رجل كيف نستطيع الشام وفيه الروم قال ومعاوية في القوم وبيده عصا فضرب بها كتف معاوية وقال يكفيكم الله بهذا هذا مرسل قوي فهذه أحاديث مقاربة وقد ساق ابن عساكر في الترجمة أحاديث واهية وباطلة طول بها جدا
وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلوه إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء وإما قد ولدوا في الشام على حبه وتربى أولادهم على ذلك وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة وعدد كثير من التابعين والفضلاء وحاربوا معه أهل العراق ونشؤوا على النصب نعوذ بالله من الهوى كما قد نشأ جيش علي رضي الله عنه ورعيته إلا الخوارج منهم على حبه والقيام معه وبغض من بغى عليه والتبري منهم وغلا خلق منهم في التشيع فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب مفرطا في البغض ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين وتبصرنا فعذرنا واستغفرنا وأحببنا باقتصاد وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة أو بخطأ إن شاء الله مغفور وقلنا كما علمنا الله " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا " وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين كسعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسعيد بن زيد وخلق وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا وكفروا الفريقين فالخوارج كلاب النار قد مرقوا من الدين ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان. فمن الأباطيل المختلقة عن واثلة مرفوعا كاد معاوية أن يبعث نبيا من حلمه وائتمانه على كلام ربي وعن عثمان مرفوعا هنيئا لك يا معاوية لقد أصبحت أمينا على خبر السماء عن أبي موسى نزل عليه الوحي فلما سري عنه طلب معاوية فلما كتبها يعني آية الكرسي قال غفر الله لك يا معاوية ما تقدم إلى يوم القيامة عن مري الحوراني عن رجل نزل جبريل فقال يا محمد ليس لك أن تغزل من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره إنه أمين عن سعد مرفوعا يحشر معاوية وعليه حلة من نور عن أنس هبط جبريل بقلم من ذهب فقال يا محمد إن العلي الأعلى يقول قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية فمره أن يكتب آية الكرسي به ويشكله ويعجمه فذكر خبرا طويلا وعن ابن عباس قال لما أنزلت آية الكرسي دعا معاوية فلم يجد قلما وذلك أن الله أمر جبريل أن يأخذ الأقلام من دواته فقام ليجيء بقلم فقال النبي خذ القلم من أذنك فإذا قلم ذهب مكتوب عليه لا إله إلا الله هدية من الله إلى أمينه معاوية وعن عائشة مرفوعا كأني أنظر إلى سويقتي معاوية ترفلان في الجنة عن علي قال لأخرجن ما في عنقي لمعاوية قد استكتبه نبي الله وأنا جالس فعلمت أن ذلك لم يكن من رسول الله ولكن من الله عن جابر مرفوعا الأمناء عند الله سبعة القلم وجبريل وأنا ومعاوية واللوح وإسرافيل وميكائيل عن زيد بن ثابت دخل النبي عليه السلام على أم حبيبة ومعاوية نائم على فخذها فقال أتحبينه قالت نعم قال لله أشد حبا له منك له كأني أراه على رفارف الجنة عن جعفر أنه أهدى للنبي سفرجل فأعطى معاوية منه ثلاثا وقال القني بهن في الجنة قلت وجعفر قد استشهد قبل قدوم مسلما وعن حذيفة مرفوعا يبعث معاوية وعليه رداء من نور الإيمان عن أبي سعيد مرفوعا يخرج معاوية من قبره عليه رداء من سندس مرصع بالدر والياقوت عن علي أن جبريل نزل فقال استكتب معاوية فإنه أمين أبو هريرة مرفوعا الأمناء ثلاثة أنا وجبريل ومعاوية وعن واثلة بنحوه أبو هريرة أن النبي ناول معاوية سهما وقال خذه حتى توافيني به في الجنة أنس مرفوعا لا أفتقد أحدا غير معاوية لا أراه سبعين عاما فإذا كان بعد أقبل على ناقة من المسك فأقول أين كنت يقول في روضة تحت العرش الحديث وعن بعضهم جاء جبريل بورقة آس عليها لا إله إلا الله حب معاوية فرض على عبادي ابن عمر مرفوعا يا معاوية أنت مني وأنا منك لتزاحمني على باب الجنة، فهذه الأحاديث ظاهرة الوضع والله أعلم
ويروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة تحتمل منها فضيل بن مرزوق عن رجل عن أنس مرفوعا دعوا لي أصحابي وأصهاري أحمد في المسند حدثنا روح حدثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد حدثنا جدي أن معاوية أخذ الإداوة وتبع بها رسول الله فرفع رأسه إليه وقال يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله حتى ابتليت ولهذا طرق مقاربة يحيى بن أبي زائدة عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير قال معاوية والله ما حملني على الخلافة إلا قول النبي لي يا معاوية إن ملكت فأحسن ابن مهاجر ضعيف والخبر مرسل
الأصم حدثنا أبي سمعت ابن راهويه يقول لا يصح عن النبي في فضل معاوية شيء ابن فضيل حدثنا يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن ابي برزة كنا مع النبي فسمع صوت غناء فقال انظروا ما هذا فصعدت فنظرت فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان فجئت فأخبرته فقال اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ودعهما في النار دعا هذا مما أنكر على يزيد ابن لهيعة عن يونس عن ابن شهاب قدم عمر الجابية فبقى على الشام أميرين أبا عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان ثم توفي يزيد فنعاه عمر إلى أبي سفيان فقال ومن أمرت مكانه قال معاوية فقال وصلتك يا أمير المؤمنين رحم وقال خليفة ثم جمع عمر الشام كلها لمعاوية وأقره عثمان قلت حسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم وهو ثغر فيضبطه ويقوم به أتم قيام ويرضي الناس بسخائه وحلمه وإن كان بعضهم تألم مرة منه وكذلك فليكن الملك وإن كان غيره من أصحاب رسول الله خيرا منه بكثير وأفضل وأصلح فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه وسعة نفسه وقوة دهائه ورأيه وله هنات وأمور والله الموعد وكان محببا إلى رعيته عمل نيابة الشام عشرين سنة والخلافة عشرين سنة ولم يهجه أحد في دولته بل دانت له الأمم وحكم على العرب والعجم وكان ملكه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك عن إسماعيل بن أمية أن عمر أفرد معاوية بالشام ورزقه في الشهر ثمانين دينار والمحفوظ أن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان وعن رجل قال لما قدم عمر الشام تلقاه معاوية في موكب عظيم وهيئة فلما دنا منه قال أنت صاحب الموكب العظيم قال نعم قال مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك قال نعم قال ولم تفعل ذلك قال نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم فإن نهيتني انتهيت قال يا معاوية ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس لئن كان ما قلت حقا إنه لرأي أريب وإن كان باطلا فإنه لخدعة أديب قال فمرني قال لا آمرك ولا أنهاك فقيل يا أمير المؤمنين ما أحسن ما صدر عما أوردته قال لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه
ورويت بإسنادين عن العتبي نحوها مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر قال قدم معاوية وهو أبض الناس وأجملهم فخرج مع عمر إلى الحج وكان عمر ينظر إليه فيعجب ويضع أصبعه على متنه ثم يرفعها عن مثل الشراك فيقول بخ بخ نحن إذا خير الناس إن جمع لنا خير الدنيا والآخرة قال يا أمير المؤمنين سأحدثك إنا بأرض الحمامات والريف قال عمر سأحدثك ما بك إلا إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصبحك حتى تضرب الشمس متنيك وذوو الحاجات وراء الباب قال فلما جئنا ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها فوجد عمر منها طيبا فقال يعمد أحدكم يخرج حاجا تفلا حتى إذا جاء أعظم بلد لله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما قال إنما لبستهما لأدخل فيهما على عشيرتي والله لقد بلغني أذاك هنا وبالشام والله يعلم أني قد عرفت الحياء فيه ونزع معاوية الثوبين ولبس ثوبي إحرامه قال المدائني كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال هذا كسرى العرب ابن أبي ذئب عن المقبري قال عمر تعجبون من دهاء هرقل وكسرى وتدعون معاوية
عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده قال دخل معاوية على عمر وعليه حلة خضراء فنظر إليها الصحابة قال فوثب إليه عمر بالدرة وجعل يقول الله الله يا أمير المؤمنين فيم فيم فلم يكلمه حتى رجع فقالوا لم ضربته وما في قومك مثله قال ما رأيت وما بلغني إلا خيرا ولكنه رأيته وأشار بيده فأحببت أن أضع منه قال أحمد بن حنبل فتحت قيسارية سنة تسع عشرة وأميرها معاوية قال يزيد بن عبيدة غزا معاوية قبرص سنة خمس وعشرين وقال الزهري نزع عثمان عمير بن سعد وجمع الشام لمعاوية وعن الزهري قال لم ينفرد معاوية بالشام حتى استخلف عثمان سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال ما رأيت أشبه صلاة برسول الله من أميركم هذا يعني معاوية وكيع عن الأعمش عن أبي صالح قال كان الحادي يحدو بعثمان
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي
فقال كعب بل هو صاحب البغلة الشهباء يعني معاوية فبلغ ذلك معاوية فأتاه فقال يا أبا إسحاق تقول هذا وها هنا علي والزبير وأصحاب رسول الله قال أنت صاحبها قال الواقدي لما قتل عثمان بعثت نائلة بنت الفرافصة امرأته إلى معاوية كتابا بما جرى وبعثت بقميصه بالدم فقرأ معاوية الكتاب وطيف بالقميص في أجناد الشام وحرضهم على الطلب بدمه فقال ابن عباس لعلي اكتب إلى معاوية فأقره على الشام وأطمعه يكفك نفسه وناحيته فإذا بايع لك الناس أقررته أو عزلته قال إنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله وميثاقه أن لا أعزله وبلغ معاوية فقال والله لا ألي له شيئا ولا أبايعه وأظهر بالشام أن الزبير قادم عليكم ونبايعه فلما بلغه مقتله ترحم عليه وبعث علي جريرا إلى معاوية فكلمه وعظم عليا فأبى أن يبايع فرد جرير وأجمع على المسير إلى صفين فبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه وأن يدفع إليه قتلة عثمان فأبى ورجع أبو مسلم وجرت بينهما رسائل وقصد كل منهما الآخر فالتقوا لسبع بقين من المحرم سنة سبع وفي أول صفر شبت الحرب وقتل خلق وضجروا فرفع أهل الشام المصاحف وقالوا ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه وكان ذلك مكيدة من عمرو بن العاص فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا أذرح ويحكموا حكمين قال فلم يقع اتفاق ورجع علي إلى الكوفة بالدغل من أصحابه والاختلاف فخرج منهم الخوارج وأنكروا تحكيمه وقالوا لا حكم إلا لله ورجع معاوية بالألفة والاجتماع وبايعه أهل الشام بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين فكان يبعث الغارات فيقتلون من كان في طاعة علي أو من أعان على قتل عثمان وبعث بسر بن أبي أرطاة إلى الحجاز واليمن يستعرض الناس فقبل باليمن عبد الرحمن وقثما ولدي عبيد الله بن عباس ثم استشهد علي في رمضان سنة أربعين وصالح الحسن بن علي معاوية وبايعه وسمي عام الجماعة فاستعمل معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز وعلى المدينة أخاه عتبة ثم مروان وعلى مصر عمرو بن العاص وحج بالناس سنة خميسن وكان على قضائه بالشام فضالة بن عبيد ثم اعتمر سنة ست وخمسين في رجب وكان بينه وبين الحسين وابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر كلام في بيعة العهد ليزيد ثم قال إني متكلم بكلام فلا تردوا علي أقتلكم فخطب وأظهر أنهم قد بايعوا وسكتوا ولم ينكروا ورحل على هذا وادعى زيادا أنه أخوه فولاه الكوفة بعد المغيرة فكتب إليه في حجر بن عدي وأصحابه وحملهم إليه فقتلهم بمرج عذراء ثم ضم الكوفة والبصرة إلى زياد فمات فولاهما ابنه عبيد الله بن زياد
عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال استعملني عثمان على الحج ثم قدمت وقد بويع لعلي فقال لي سر إلى الشام فقد وليتكها قلت ما هذا برأي معاوية أموي وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني قال علي ولم قلت لقرابة ما بيني وبينك وأن كل من حمل عليك حمل علي ولكن اكتب إليه فمنه وعده فأبى علي وقال لا والله لا كان هذا أبدا مجالد عن الشعبي قال أرسلت أم حبيبة إلى أهل عثمان أرسلوا إلي بثياب عثمان التي قتل فيها فبعثوا بقميصه بالدم وبالخصلة التي نتفت من لحيته ودعت النعمان بن بشير فبعثت به إلى معاوية فصعد معاوية المنبر ونشر القميص وجمع الناس ودعا إلى الطلب بدمه فقام أهل الشام وقالوا هو ابن عمك وأنت وليه ونحن الطالبون معك بدمه ابن شوذب عن مطر الوراق عن زهدم الجرمي قال كنا في سمر ابن عباس فقال لما كان من أمر هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي اعتزل الناس فلو كنت في جحر لطلبت حتى تستخرج فعصاني وايم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذلك أن الله يقول " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا "
يونس عن ابن شهاب قال لما بلغ معاوية هزيمة يوم الجمل وظهور علي دعا أهل الشام للقتال معه على الشورى والطلب بدم عثمان فبايعوه على ذلك أميرا غير خليفة وفي كتاب صفين ليحيى بن سليمان الجعفي بإسناد له أن معاوية قال لجرير البجلي لما قدم عليه رسولا بعد محاورة طويلة اكتب إلى علي أن يجعل لي الشام وأنا أبايع له ما عاش فكتب بذلك إلى علي ففشا كتابه فكتب إليه الوليد بن عقبة
معاوي إن الشام شامك فاعتصم * بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا
وحام عليها بالقنابل والقنا * ولا تك مخشوش الذراعين وانيا
فإن عليا ناظر ما تجيبه * فأهد له حربا بشيب النواصيا
ثم قال الجعفي حدثنا يعلى بن عبيد عن أبيه قال جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية وقالوا أنت تنازع عليا أم أنت مثله فقال لا والله إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه والطالب بدمه فائتوه فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له فأتوا عليا فكلموه فلم يدفعهم إليه
عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي أو أبي جعفر قال لما ظهر أمر معاوية دعا علي رجلا وأمره أن يسير إلى دمشق فيعقل راحلته على باب المسجد ويدخل بهيئة السفر ففعل وكان وصاه فسأله أهل الشام فقال من العراق قالوا وما وراءك قال تركت عليا قد حشد إليكم ونهد في أهل العراق فبلغ معاوية فبعث أبا الأعور يحقق أمره فأتاه فأخبره فنودي الصلاة جامعة وامتلأ المسجد فصعد معاوية وتشهد ثم قال إن عليا قد نهد إليكم فما الرأي فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم ولم يرفع أحد إليه طرفه فقام ذو الكلاع الحميري فقال عليك الرأي وعلينا أم فعال يعني الفعال فنزل معاوية ونودي من تخلف عن معسكره بعد ثلاث أحل بنفسه فرد رسول علي حتى وافاه فأخبره فأمر فنودي الصلاة جامعة واجتمع الناس فصعد المنبر وقال إن رسولي قد قدم وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم فما الرأي فأضب أهل المسجد يقولون الرأي كذا الرأي كذا فلم يفهم علي من كثرة من تكلم فنزل وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب بها ابن أكالة الأكباد
الأعمش عمن رأى عليا يوم صفين يصفق بيديه ويعض عليها ويقول يا عجبا أعصى ويطاع معاوية
أبو حاتم السجستاتي عن أبي عبيدة قال قال معاوية لقد وضعت رجلي في الركاب وهممت يوم صفين بالهزيمة فما منعني إلا قول ابن الإطنابة
أبت لي عفتي وأبى بلائي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإكراهي على المكروه نفسي * وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي
قال الأوزاعي سأل رجل الحسن البصري عن علي وعثمان فقال كانت لهذا سابقة ولهذا سابقة ولهذا قرابة ولهذا قرابة وابتلي هذا وعوفي هذا فسأله عن علي ومعاوية فقال كان لهذا قرابة ولهذا قرابة ولهذا سابقة وليس لهذا سابقة وابتليا جميعا قلت قتل بين الفريقين نحو من ستين ألفا وقيل سبعون ألفا وقتل عمار مع علي وتبين للناس قول رسول الله تقتله الفئة الباغية
الفسوي حدثنا حجاج بن أبي منيع حدثنا جدي عن الزهري عن أنس قال تعاهد ثلاثة من أهل العراق على قتل معاوية وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة وأقبلوا يعد بيعة معاوية بالخلافة حتى قدموا إيلياء فصلوا من السحر في المسجد فلما خرج معاوية لصلاة الفجر كبر فلما سجد انبطح أحدهم على ظهر الحرسي الساجد بينه وبين معاوية حتى طعن معاوية في مأكمته فانصرف معاوية وقال أتموا صلاتكم وأمسك الرجل فقال الطبيب إن لم يكن الخنجر مسموما فلا بأس عليك فأعد الطبيب عقاقيره ثم لحس الخنجر فلم يجده مسموما فكبر وكبر من عنده وقيل ليس بأمير المؤمنين بأس قلت هذه المرة غير المرة التي جرح فيها وقتما قتل علي رضي الله عنه فإن تلك فلق أليته وسقي أدوية خلصته من السم لكن قطع نسله أيوب بن جابر عن أبي إسحاق عن الأسود قلت لعائشة ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة قالت وما يعجب هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر وقد ملك فرعون مصر أربع مئة سنة
زيد بن أبي الزرقاء عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم قال قال علي قتلاي وقتلى معاوية في الجنة صدقة بن خالد عن زيد بن واقد عن أبيه عن أشياخهم أن معاوية لما بويع وبلغه قتال علي أهل النهروان كاتب وجوه من معه مثل الأشعث ومناهم وبذل لهم حتى مالوا إلى معاوية وتثاقلوا عن المسير مع علي فكان يقول فلا يلتفت إلى قوله وكان معاوية يقول لقد حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عتاد
شعبة أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي سمع أبا صالح يقول شهدت عليا وضع المصحف على رأسه حتى سمعت تقعقع الورق فقال اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني وحملوني على غير أخلاقي فأبدلهم بي شرا مني وأبدلني بهم خيرا منهم ومث قلوبهم ميثة الملح في الماء مجالد عن الشعبي عن الحارث عن علي قال لا تكرهوا إمرة معاوية فلو قد فقدتموه لرأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها لما قتل أمير المؤمنين علي بايع أهل العراق ابنه الحسن وتجهزوا لقصد الشام في كتائب أمثال الجبال وكان الحسن سيدا كبير القدر يرى حقن الدماء ويكره الفتن ورأى من العراقيين ما يكره قال جرير بن حازم بايع أهل الكوفة الحسن بعد أبيه وأحبوه أكثر من أبيه وقال ابن شوذب سار الحسن يطلب الشام وأقبل معاوية في أهل الشام فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن جعل له العهد بالخلافة من بعده فكان أصحاب الحسن يقولون له يا عار المؤمنين فيقول العار خير من النار وعن عوانة بن الحكم قال سار الحسن حتى نزل المدائن وبعث على المقدمة قيس بن سعد في اثني ألفا فبينا الحسن بالمدائن إذ صاح صائح ألا إن قيسا قد قتل فاختبط الناس وانتهب الغوغاء سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته وطعنه خارجي من بني أسد بخنجر فقتلوا الخارجي فنزل الحسن القصر الأبيض وكاتب معاوية في الصلح وروى نحوا من هذا الشعبي وأبو إسحاق وتوجع من تلك الضربة أشهرا وعوفي قال هلال بن خباب قال الحسن بن علي يا أهل الكوفة لو لم تذهل نفسي عليكم إلا لثلاث لذهلت لقتلكم أبي وطعنكم في فخذي وانتهابكم ثقلي قال النبي في الحسن إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ثم إن معاوية أجاب إلى الصلح وسر بذلك ودخل هو والحسن الكوفة راكبين وتسلم معاوية الخلافة في آخر ربيع الآخر وسمي عام الجماعة لاجتماعهم على إمام وهو عام أحد وأربعين وقال ابن إسحاق بويع معاوية بالخلافة في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين لما دخل الكوفة وقال أبو معشر بايعه الحسن بأذرح في جمادى الأولى وهو عام الجماعة قال المدائني أقبل معاوية إلى العراق في ستين ألفا واستخلف على الشام الضحاك بن قيس فلما بلغ الحسن أن معاوية عبر جسر منبج عقد لقيس بن سعد على اثني عشر ألفا فسار إلى مسكن وأقبل معاوية إلى الأخنونية في عشرة أيام معه القصاص يعظون ويحضون أهل الشام فنزلوا بإزاء عسكر قيس وقدم بسر بن أبي أرطاة إليهم فكان بينهم مناوشة ثم تحاجزوا قال الزهري عمل معاوية عامين ما يخرم عمل عمر ثم إنه بعد