منْ أبرز الصفات التي تغلب على الإنسان ِ مُنذ القدم هي فضوله وتطلعه لِمعرفة القادم ، ولعل أقدم الطـُرق البـِدائية التي استخدمها الإنسان هي قراءة كف اليد أو الفنجان وهي وسيلة لمحاولة استشفاف المستقبل عن طريق تحليل الخُطوط وَ التعرجات الموجودة عَلى كفِ الإنسان أو فنجانه ومحاولة إيجاد صلة ٌ بينها وبين صاحبها وشخصيته ، وَما يخبىء لهُ المستقبل مِن أحداث وَتغيُرات.
حيث يبدأ ُ الكثيرُ مِن الناسِ في خوضِها من بابِ التسلية وينتهي بِالتصديق والاعتماد عليها فِي أخذ قرارات شخصية واجتماعية ومصيرية بينما يجده البعضُ الآخر ذريعة ٌللكشفِ فقط عما إذا كَانوا قد تعرضوا لِسحر ٍ أو حسد ، مما يفتحُ عليهم أبواباً لا نهاية لها مِن الأوهام.
ولعل ما أثار هذا الموضوع خادمة آسيوية لقريبٍ لنا كانت تهوى قراءة أيدي صغارنا .. لتخبرنا بما سيحدث لهم مستقبلا، بالرغم من تنبيهها أكثر من مرة، إلى أن انتهى الأمر بـِترحيلها بعد إصرارها على ممارسة هذه الطقوس.
والأكثر غرابة ً هو انتشار مواقع إلكترونية تعنى بذلك مانحة إياه لقب علم! وهو ما يدخل تحت باب العرافة فِي حقيقته،حيثُ يدخل من يختص بِقراءة الكف تحت حُكم العرافْ وقد حَذر نبينا مُحمد صلى الله عليه وسلم من الذهابِ إلى العرافين أو تصديقهم لأنهم كفروا بزعمهم معرفة الغيب وإدعائهم مشاركة الله سبحانه وتعالى في صفة من صفاتِه الخاصة بـِه وهي علمُ الغيب.
فقد روى مُسلم في صحيحه هذا الحديث بلفظ: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وقد رواه أحمد بلفظ: من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.وقد صححه الأرناؤوط.
كَما قد خالفوا قوله تعالى:
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) سورة الأنعام آية 59
وقد قال الشيخُ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله - ردا ً على فتوى في ذلك:
(كل هذا بدعة، وكل هذا منكر لا صحة له، صاحب الفنجان وقراءة الكف ورمي الودع وضرب الودع أو الحصى، كله من تعاطي علم الغيب، كله باطل، ومنكر ولا صحة له، وهو دجل وكذب وإفتراء، كونهم يدعون علم الغيب بأشياء أخرى غير هذا كذب)
لذا يَجب التَوكل عَلى الله وحده والإيمانُ بـِه أشد الإيمان فعن عبد الله بن عَباس رضي الله عنهما قال : كُنت خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي :
( يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف) .
وأخيراً قال أحد الشعراء:
أتقصد عبـداً لايضــــرُّ ويـــنفـعُ
تطوفُ على ذاك الضريحِ وتركعُ
وتشكو له همّاً وتــطلـب حاجـةً
وربُّك يعلم كل غيـــبِ ويسمـعُ
فيا ليت شعري من يجنِّبك الرَّدى
ومن ذا الذي من أمر ربك يمنعُ
فإن يرد الرحمنُ خيراً وجدتـهُ
وإن يبتلي يوماً فمن ذا سيدفعُ
عليك بتقوى الله في الأمرِ كلَِّـهِ
وأفلـحَ مَـن عينيـهِ للهِ تدمـعُ
يناجي إله الكونِ من دونِ خلقهِ
وحيداً ويحيي ليـــلـهُ يتضرّعُ
ألم ترى أن الله يرزقُ من دعـا
وأن إجـــابتهُ أبـرُّ وأســـــرعُ