[align=center]
كان أحد أصدقائي مبتعثاً من قبل القوات المسلحة السعودية لدراسة الأركان بالولايات المتحدة، وكانت تربطه صداقة بجنرال أمريكي، بعد أن تعرف عليه في الكلية.
في إحدى الأمسيات كانا يلعبان الشطرنج في بهو المنزل، وفجأة فتح الباب، ودخلت ابنته، وهي مرتدية سروالاً قصيرا (شورت)، ويسير خلفها صديقها الأصلع الذي يضع نظارتين طبيتين على عينيه.
مرت الابنة بجوارهما، ولوحت بيدها اليمنى قائلة لهما (هاي)، ثم مر الشاب، وقال مثلها، وتبعها إلى غرفة النوم، سأل صديقي السعودي الجنرال قائلاً له: أنا لا أعترض على أسلوب الحياة الأمريكي، لكني أعرف أنه من غير اللائق لديكم أن يذهب الصديق مع صديقته إلى غرفة النوم؟ رد عليه الجنرال بضيق شديد، قائلاً: أكمل اللعب.
بدأ التوتر يظهر على الجنرال في رعشة أصابعه، وهو يحمل حبات الشطرنج، ما هي إلا دقائق حتى نزلت ابنته من غرفتها، وأخذت طريقها إلى الخروج مع صديقها فلوحا بأيديهما قائلين: باي، وأغلقا الباب خلفهما.
ساد الصمت أجواء المنزل، وفي حركة انفعالية قام الجنرال بطي رقعة الشطرنج بعصبية بالغة، فتناثرت القطع، ثم نظر إلى صديقي قائلاً له: اسمع: أنا جنرال في أكبر دولة وأقوى دولة في العالم، وأحكم أكثر من عشرة آلاف ضابط وجندي، لكني لا أستطيع أن أتحكم في بيتي.
ولو اعترضت على ابنتي لجاءت بالشرطة، وتعرضت للمحاكمة وربما السجن، أسمع: إنكم في السعودية أسعد الناس تديرون بيوتكم بحرية مطلقة، لكم السلطة في أبنائكم وزوجاتكم، لا يخدعونكم، فنحن لا نشعر بالسعادة ولا الطمأنينة.
واليوم نجد منظمة حقوق الإنسان الأمريكية (هيومان رايتس ووتش) تشن هجوماً حاداً على المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع المرأة، ودعت المملكة إلى اتخاذ تدابير فورية لتصحيح ما وصفته بانتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن الوصاية الذكورية، وطالبت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها حكومة المملكة العربية السعودية بوضع حد للنظام الذي يحظر على المرأة العمل، أو السفر، أو الزواج، أو الاستفادة من الخدمات الطبية دون إذن من ولي أمرها.
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن السلطات السعودية تتعامل مع المرأة كقاصرة، وأن هذا يحرم المرأة من أبسط الحقوق، وأضافت إلى أنه حتى بعد صدور تعليمات حكومية جديدة للحد من هذه القيود، فإن بعض المسؤولين لا يتبعون دائماً هذه التعليمات.
نحن لا ننكر بأن هناك أخطاء بسبب بعض الممارسات الشخصية، سواء كان ذلك من الأفراد أو من بعض الذين يتولون تطبيق التعليمات، فالمنظمة استغلت حادثة المستشفى التي نشرتها الصحف لتشن هجوماً على المملكة ونظامها، وربما على الإسلام، فحادثة المستشفى أفزعت منظمة حقوق الإنسان، ولم تفزعها الممارسات التي قامت بها الولايات المتحدة في سجن أبوغريب وجوانتنامو.
لماذا لم تتكلم المنظمة عن السجون السعودية التي قال عنها أحد أعضاء المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ندوة الأحدية المنبثقة عن مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية: لقد قمنا بزيارة إلى معظم سجون العالم، فلم نجد معاملة أفضل من سجون المملكة، أليس هذا قدحاً من مصداقية منظمة هيومان رايتس ووتش، حينما تكون تقاريرها انتقائية؟
صحيح إننا نعيش في عصر العولمة، التي تعني: فرض نمط من أنماط الثقافة على باقي الأمم والشعوب بقصد الهيمنة عليها. فهل أصبحت هذه المنظمة سلاحاً من هذه الأسلحة التي لا تحترم الثقافات والديانات؟
إننا في حاجة إلى الحفاظ على قيمنا الدينية والأخلاقية، ولكننا أيضاً مطالبون بإيقاف الممارسات الخاطئة من بعض أبنائنا في تعاملهم مع زوجاتهم، وبناتهم فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى في حجة الوداع، وفي كل مناسبة بالنساء خيراً فهو الذي قال: لا يعزهن إلا عزيز ولا يذلهن إلا ذليل والذليل في النار[/align]