بدت حالة من الخلط في الأوراق السياسية والقضايا المنتظر ان تبتها السلطتان التشريعية والتنفيذية خلال الأيام القليلة المقبلة بعد احداث جلسة مجلس الأمة الاخيرة التي فتحت حسابات جديدة لدى الحكومة وعند الاطراف النيابية التي تبحث عن اجواء هادئة تهيئ الظروف لتمرير القضايا الشعبية كزيادة الرواتب واسقاط الفواتير ووقف الاستقطاع من معاشات المتقاعدين، لكن الاستقطابات السياسية للنواب والوزراء والتي تقودها بعض الاطراف من شأنها ان تخلق حالة من الفرز في المواقف قد تؤدي الى تعطيل «مكنة» العمل السياسي والتشريعي في البلاد خاصة مع ازوف الوقت وبدء العد التنازلي لفض دور انعقاد المجلس الحالي.
وفي وقت تأكد فيه اقرار الحكومة لزيادة الرواتب من خلال توافق اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة الخيارات البديلة، الا ان هذه الزيادة لن تطال الجميع وانما الشرائح التي لم تحصل على زيادات خلال السنوات العشر الأخيرة.
واوضح مصدر وزاري في اللجنة لـ «الوطن» امس ان الحكومة ستدفع وبقوة نحو تخفيف وتقليل التكلفة المترتبة على الزيادة قدر المستطاع من خلال تحديد من ستشملهم الزيادة بعد استثناء العسكريين والمهندسين وقطاعات اخرى حصلت خلال السنوات الخمس الماضية على بدلات تكلفتها السنوية 93 مليون دينار، مشيرا الى ان الحكومة ستطلب ايضا ترك موضوع (الزيادة) لها لتصدرها بقرار كما فصلت في كادر المهندسين خاصة وان هدف السلطتين مشترك والقضية لا تحتمل المزايدة.
واكد المصدر ان الحكومة ستخرج من اجتماع لجنة الرواتب المشتركة البرلمانية التي سيحضر اجتماعها السبت المقبل سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الاحمد ورئيس المجلس جاسم محمد الخرافي واعضاء اللجنة، بقرار نهائي حول الموضوع ليصار الى عرضه على المجلس في جلسته الاثنين المقبل.
يأتي هذا فيما تحدث مصدر برلماني عن ضبابية في الموقف وعدم وضوح للصورة قبل اجتماع اللجنة المشتركة بعد غد السبت وخاصة وان اعضاءها عبدالوهاب الهارون ويوسف الزلزلة وعادل الصرعاوي خارج البلاد ضمن وفود برلمانية ويرجح عودتهم قبل الاجتماع.
واكد المصدر ان بت الموضوع والاتفاق عليه داخل اللجنة افضل من نقل الخلاف الى جلسة المجلس متوقعا ان يتم الاتفاق على الموضوع خاصة بعد اعتراف الحكومة بصحة الارقام التي توصلت اليها اللجنة البرلمانية حول الكلفة المتوقعة للزيادة.
أكد مصدر حكومي لـ «الوطن» ان الحكومة ستقدم اربعة بدائل في شأن الزيادة المقترحة على الرواتب وذلك خلال الاجتماع المقرر مع اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة من قبل مجلس الأمة بدراسة الاقتراحات النيابية المطروحة.
وقال المصدر ان سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد سيستعرض مع المجلس تكلفة كل بديل من البدائل الاربعة وتكلفتها على الميزانية العامة للدولة لافتا الى ان البدائل مختلفة الكلفة، فاحدها يكلف 280 مليونا والثاني يكلف 260 مليونا والثالث 160 مليونا والرابع يكلف 90 مليونا.
واوضح ان البدائل موزعة على شكل شرائح وهي اما ان تكون للجميع بـ 50 دينارا او تكون زيادة متفاوتة للموظفين على الدرجة الخامسة وما دون او الدرجة السادسة وما دون او ان تكون هناك زيادة متفاوتة على العلاوة الاجتماعية.
واكد المصدر الإصرار الحكومي على ان لا يتعدى المبلغ العام 90 مليونا وهو البديل الرابع الذي ستتمسك به الحكومة.
وقال المصدر ان الحكومة ستوافق على موضوع زيادة الرواتب من حيث المبدأ خلال الاجتماع ولكنها ستقدم هذه البدائل مع التأكيد على ان من يتعدى راتبه (1000) دينار يفضل الا يتم احتسابه مع محدودي الدخل من الموظفين واصحاب المعاشات التقاعدية غير الحاصلين على شهادات عليا وايضا الموظف العازب الذي يقل راتبه عن 250 دينارا والمتزوج الذي يقل راتبه عن 400 دينار ومن يتلقى المساعدات الحكومية.
واكد ان الحكومة ستطلب عدم تحديد مبلغ الزيادة بـ50 دينارا حيث انها تفضل ان تكون متفاوتة من موظف لآخر وذلك بهدف تحقيق مبدأ العدالة التي تسعى الحكومة جاهدة لتحقيقها في مسألة زيادة الرواتب.
واكد المصدر ان المستشارين الاقتصاديين في مجلس الوزراء شددوا على ضرورة الا يتعدى المبلغ الاجمالي للزيادة 90 مليون دينار حتى لا يشكل المبلغ وهذه الزيادة عبئا على الميزانية العامة للدولة والباب الاول الذي يعاني من تضخم كبير.
الى ذلك، وضمن الأوراق الهامة في الساحة تستمر حالة التهيؤ والاعداد لاستجواب وزير التجارة عبدالله الطويل في وقت تدخلت فيه اطراف نيابية وحكومية من اجل التوصل الى «مصالحة» تقرب الخلاف وتهدىء النفوس المشحونة بين النائب جمال العمر والوزير الطويل.
وفي موضوع قانون البلدية رفض مصدر اسلامي اعادة التصويت على القانون مهما بلغت الظروف من تصعيد، مشيرا الى ان القبول بالتصويت بعد قرار سقوط القانون كما فهمته غالبية الاطراف هو عودة عن الحق وتكريس لمفاهيم جديدة تضر بالعمل البرلماني وتاريخه بالكويت.
واقترح المصدر على الحكومة ان تقدم الاقتراح بقانون من جديد ليأخذ «دورته» البرلمانية قبل التصويت عليه.
غير ان مصادر في كتلة المستقلين اكدت توافق غالبية اعضائها مع الطلب الحكومي في اعادة التصويت على القانون في ظل تغير في الظروف والمعطيات وبعد تنازل الحكومة عن ادخال المرأة في الانتخابات المقبلة للبلدية وتأجيلها حتى 2009 الى جانب الضوابط الشرعية والاجتماعية.
وفي شأن الموقف بين النائب جمال العمر والوزير الطويل كشف العمر ان الايام المقبلة ستشهد اجراءات كثيرة بحق الوزير الطويل من خلال الاتفاق عليها في اجتماع لكتلة المستقلين.
وأشار العمر في تصريح لـ «الوطن» الى وجود تنسيق فعلي بين المستقلين والكتلة الاسلامية بخصوص الاستجواب المزمع تقديمه من قبل النائب د.عواد برد ضد الطويل، لافتا الى ان معلومات مهمة وقضايا رئيسية قام بتسليمها للنائب برد وان برد هو من يملك الحق في اختيار المناسب من المعلومات كونه هو من سيتصدى للاستجواب بما يحقق مصلحة البلاد والشعب الكويتي اظهاراً للامانة النيابية وابرازا للحقيقة.
الى ذلك اعرب العمر عن استيائه للطريقة التي نقلتها بعض الصحف للمشادة الكلامية التي حدثت بينه وبين الوزير الطويل خلال جلسة المجلس الماضية.
مشيرا الى ان بعض الصحف نقلت الموضوع ووجهته بناء على توجهاتها وبعيدا عن الامانة، كما لفت في ذات الوقت إلى التزام بعض الصحف بدقة النقل المتجرد ومنها صحيفة «الوطن».
وفي صدد الموقف من الطويل ايضا اكدت مصادر مقربة من النائب الدكتور عواد برد انه يعد لاصدار بيان صحافي او عقد مؤتمر صحافي في مجلس الأمة السبت المقبل بشأن استجوابه الذي سيوجهه الى وزير التجارة والصناعة عبدالله الطويل قريبا لبيان الاسباب التي دفعته إلى الاستجواب والفترة المتوقعة لتقديمه.
واشارت المصادر الى ان شخصيات اقتصادية عديدة بادرت بالاتصال بالنائب برد لتزويده بالعديد من المخالفات والتجاوزات على الوزير الطويل موثقة بالادلة والمستندات.
كما بادر عاملون بوزارة التجارة والصناعة ومن مختلف اداراتها للاتصال بالنائب لتزويده بمخالفات اخرى وتجاوزات ما يشير الى ان الاستجواب سيكون مفتوحا في محاوره على عدة بنود قانونية ومالية وادارية تتكون منها محاوره.
والى ذلك اكدت المصادر المقربة من برد انه لم يتحدث مع غير نائب للدخول معه في هذا الاستجواب الذي كان يعد ملفه منذ مدة ليست بالقصيرة نسبياً من خلال عدة اسئلة وجهها الى الوزير الطويل واخرى الى وزراء اخرين حول قضايا ذات علاقة بوزارة التجارة والصناعة.
وبشأن الاوضاع في الساحة السياسية قال عضو لجنة زيادة الرواتب النائب د.ناصر الصانع ان المواجهات النيابية الوزارية امر لا يمكن وقفه باعتبار الامر قضية تقديرية للنائب في القدرة على قياس موعد المواجهة ودرجتها عند التجاذب مع أي من الوزراء أما من ناحية موقف الوزراء فينبغي الا يعلقوا الامور ويتركوها حتى تعلق القضايا الحساسة وبالتالي يخلقوا مبررا للتدخل النيابي.
واضاف الصانع حول الموقف من زيادة الرواتب قائلا «نشم رائحة تراجع لدى الحكومة» عن الروحية التي رأيناها خلال الاسبوعين الماضيين، مشيرا الى ان اي قارئ للساحة يدرك ان كل التمنيات هي في الا تكون هناك درجة عالية من التراجع الحكومي عن زيادة الرواتب اما في اتجاه شريحة من ستشملهم الزيادة او واقع قيمة هذه الزيادة.
وذكر الصانع لـ«الوطن» ان مبدأ الزيادة متفق عليه ومقبول من الحكومة ولكن الخلاف سيكون حول التفاصيل متمنيا حسمها في اجتماع لجنة الرواتب يوم السبت المقبل.
واكد ان اللجنة لديها تقرير جاهز لذلك فإن القرار اما التعديل نحو الافضل والا فإن اللجنة ستتمسك بتقريرها.
ومن جانبه قال النائب خالد العدوة انه من الصعب اعطاء شريحة زيادة في الرواتب دون غيرها، مطالبا بشمول الجميع لهذه الزيادة كما حصل في المنحة الاميرية التي مست القاعدة العريضة من المواطنين البسطاء.
واضاف في تصريح لـ «الوطن» انه وكي تبرهن السلطتان على أن العلاقة بينهما مازالت متماسكة وفيها جسور من التواصل والتفاهم فإنه ينبغي اقرار الزيادة بسرعة خاصة بعد اعلان سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد وحرص النواب على اقرارها ضمن النقاط التي تعزز وتقوي العلاقة بين المجلس والحكومة التي اعترتها فترات من الجفاء واخرى من التفاهم وليس الطلاق، معتبرا القضية مرشحة لاعادة السلطتين الى خط التفاهم والتلاقي.
واضاف العدوة انه وفي ظل تحسن اسعار النفط دوليا واستقرار الوضع الاقتصادي للبلاد فإنه من المناسب بعد تجاهل الحكومة مراجعة الرواتب لسنوات ان تقر هذه الزيادة بعيدا عن مبالغة بعض الاطراف في مجلس الوزراء عن التكلفة الحقيقية لهذه الزيادة التي لا تشكل عبئا على خزينة الدولة.
تحياتي محمد العنزي عرعر
--------------------------------------------------------------------------------