قبل ساعات من وصول الفريق النفسي لوزارة الصحة
الدموع تكسر حاجز اللقاء الأول لاسرتي الطفلين السعودي والتركي
محمد المؤيد، قايد آل جعرة، محسن الربيعان (نجران)
للمرة الأولى منذ 4 سنوات احتضن السعودي محمد آل منجم والتركي يوسف جوجا أمس طفليهما .. وسط أجواء خيم فيها البكاء واختلطت العبرات مع انفاس الفرحة.. وارتعشت الاجساد خوفاً من ردة فعل طفل يتصرف بعفوية.. تجاه غريب يراه للمرة الأولى في حياته. وفي وقت قبل ان يحط الفريق النفسي الذي كلفته وزارة الصحة بتأهيل طفلي نجران اللذين تبدلا خلال عمليتي الولادة قبل 4 سنوات بمستشفى الملك خالد.. حسمت احضان آل منجم وجوجا اللقاء الأول الصعب الذي نجح القنصل التركي في ترتيبه فيما اعترف مدير عام الصحة النفسية بالوزارة رئيس الفريق النفسي ان مجهوداتهم كانت فردية مع الاسرتين لمحاولة تقريبهما لعقد اللقاء الأصعب. وقبل 24 ساعة من بدء الاجراءات الرسمية في المحكمة الشرعية «اليوم» لعملية تثبيت نسب طفلي نجران وجد يعقوب وعلي نفسيهما أمس وجهاً لوجه أمام أبوين سعودي وتركي ظل كل منهما يرى طفل الآخر. وبدأ السيناريو بدخول آل منجم الى شقة التركي جوجا الذي ما ان فتح له حتى بدأت عيناه تراقبان من يرافقه املاً في ان يرتوي بابنه «علي» فيما ظلت أعين آل منجم ترقب ما في داخل الشقة بحثاً عن فلذة الكبد «يعقوب». وبدأت المصافحة بخوف.. تقدم آل منجم خطوة وتراجع اخرى.. وارتعش جوجا التركي وانهار ليجد نفسه ضعيفاً كطفل صغير ويجهش بالبكاء، ليأتي دور الرقيب القنصل التركي حسين كونوش الذي تدخل لتهدئة الوضع قبل ان ينفرط عقد الخوف وينهار اللقاء.
ونجح آل منجم في الاحتفاظ بهدوئه الحذر ليطبع اثمن قبلة على خدي (يعقوب).. ويضع في يده أغلى هدية هي الأولى لطفله منذ أربع سنوات.
وما أن أمسك بها الطفل حتى بدأ اللسان يردد عبارات الشكر باللغة التركية.. عندها تسرب الانهيار إلى آل منجم.. كيف يتفاهم مع ابنه الذي لا يعرف العربية؟
وراودته الدموع لكنه نجح في حبسها داخل عينيه حتى تلقفتها المناديل.
عندها استرد جوجا التركي أنفاسه، وبدأ في طبع أول وأغلى قبلة على خدي (علي) ولم يشأ ان تفارق شفتاه وجه طفله.. ليفاجئ (يعقوب) الجميع برغبته في طبع قبلة مماثلة على وجه الطفل الذي دخل منزلهم فلم يتمالك الحضور أنفسهم وبدأت الدموع تقهر سجونها في العيون لتعلن انه لا حبس لمشاعر ابوين التقى طفلاهما للمرة الأولى بعد 4 سنوات، وسرعان ما حرك الطفلان هدوء المكان، اذ بدأ (يعقوب) في فتح هديته التي احضرها له آل منجم (والده الغائب).. واستعان بـ (اخيه) علي ليقاسمه أول لعبة تربطهما سويا، وما ان طغت البراءة على الموقف حتى عادت الثقة والاتزان إلى السعودي آل منجم والتركي جوجا، اللذان بدآ في طبع قبلتين متساويتين على خدي الطفلين معلنين ان كلا منهما رزق طفليه.
ومن وراء حجاب كانت هناك أعين تغمرها الدموع، ترقب حركات الطفلين وتتلهف لعناق واحتضان (علي).. وتخشى ان تفقد (يعقوب)..
هناك ظلت زوجة جوجا تتابع الموقف بحذر حتى سمح لها برؤية ابنها لأول مرة وما ان لمست يداها جسد علي حتى اجهشت بالبكاء لتحرم لسانها من أي تعبير. وحرصا على عدم تفجير الموقف.. انسحب الطفلان بهدوء الى حيث دراجة توسطت صالون المنزل، وركبا فيها ليبدأ آل منجم وجوجا في تسيير دفة اللعب، على أمل أن يجدا القبول منهما ولكسر الحاجز النفسي امام الطفلين.
ومع ان اللغة التركية ظلت التعبير الوحيد على لسان يعقوب (السعودي) ولغة الدهشة سيطرت على الطفل علي (التركي).. الا ان الابتسامة كانت القاسم المشترك الذي ازاح الهم من نفوس الأبوين والحضور ليختتم اللقاء بهدوء.
رؤية الأبوين
واتفق آل منجم وجوجا على صعوبة أمر تأهيل الطفلين والاسرتين، وطالبا بمراعاة ظروفهما في ذلك.. خاصة ان يعقوب السعودي يتعلق بشدة بمن رباه (جوجا) ولا يتحدث اي كلمة عربية، فيما علي التركي لا يعرف سوى العربية. الأمر الذي يتطلب تعليم الطفلين لغة الاخر.
واعتبر الابوان ان تأمين سكن مشترك في نجران وتركيا للاسرتين السبيل الوحيد في اطار التأهيل الشامل.. واعربا عن املهما في النظر في موضوع الجنسية للاسرتين لتسهيل الزيارات ولتعميق تواصل الطفلين.
لقطات ومشاهد معبرة
-قام القنصل التركي بتوزيع هدايا والعاب على الطفلين ويداعبهما في احضانه سويا
-احتضن كل من آل منجم والتركي طفليهما واللذان كانا ينظران الى والديهما باستغراب
-قام يوسف التركي بتقبيل ولده علي فطلب منه يعقوب باللغة التركية ان يقبله هو ايضا
-قام يعقوب بدعوة علي الى مشاركته قيادة الدباب معه واخذ يقبله في خده اثناء اللعب
-سالت الدموع من عين يوسف وهو يشاهد ابنه لأول مرة وهو يلعب مع يعقوب
-آل منجم بدت عليه الفرحة وهو ينظر الى ابنه يعقوب وهو في احضانه ويقبله بينما يقوم يعقوب بمداعبة والده والتصفيق على يده.