هذا هو جديد أبي الطيب المتنبي الذي هو دائم البهاء لا يزول رونقه، ولو أردت أن أنتقي من شعره أبياتاً جديدة، لما وسعتها صفحات هذه الصحيفة ولظللت أختار ما لا يخطر على بال سواه وليس ذلك بعجيب عليه، وهو القائل:
أنا السابق الهادي إلى ما أقوله
إذ القول قبل القائلين مقولُ
1ـ «عشق الوجوه»
مما أضر بأهل العشق أنّهُمُ
هووا وما عرفوا الدنيا وما فطِنوا
تفنى عيونُهُمُ دَمعاً وانْفُسُهُمْ
في إِثْرِ كُل قَبيحٍ وجهُهُ حَسَنُ
2ـ «الكريم»
يعطيك مبتدراً فإن أعْجَلْتَهُ
أعطاك مُعْتَذِراً كَمَن قد أجرما
3ـ «كرامة»
والاّ تمُت تحت السيوفِ مُكَرماً
تَمُتْ وتُقاسي الذل غيرَ مكَرّمِ
4ـ «بخل»
ولا تُنكر عَصْفَ الرياح فإنها
قِرى كُل ضيفٍ بات عند سِوارِ
سوار: اسم رجل يهجوه المتنبي لبخله
5 ـ «عشق»
وعذلتُ أهل العشق حتى ذُقْتُهُ
فَعَجِبْتُ كيف يموتُ من لا يعشَقُ
6ـ «دنيا»
نبكي على الدنيا وما من معشرٍ
جَمعتْهُمُ الدنيا ولم يتفرقوا
7ـ «تناقض»
حشايَ على جمرٍ ذكيٍ من الهوى
وعيناي في روضٍ من الحسن ترتَعُ
8ـ «صورة مبالغة»
إذا الليل وارانا أرتنا خفافها
بقدح الحصى ما لا ترينا المشاعل
9ـ «طرفا نقيض»
لقد تصبرت حتى لات مصطبرٍ
فالآن اقحم حتى لاتَ مقتحم
لاتَ: بمعنى ليس
10ـ «سَعَة»
تضِيقُ عن جيشِهِ الدنيا ولو رَحُبت
كصَدرِه لم تَبِن فيها عساكِرُهُ
رحُبت: بمعنى اتسعت
11ـ «عيون»
عزيزُ إِساً من داؤُه الحَدَق النجلُ
عياءٌ به مات المحِبون مِن قبلُ
عزيز: بمعنى نادر، إساً: دواء، عياء: مرض، نُجل: واسعة
12 ـ «امتزاج»
قالت وقد رأت اصفراري مَن بهِ
وتَنَهدَت فاجبتُها المتنهدُ
13ـ «ثبات وثقة»
كن أيها السجنُ كيف شئتَ فقدْ
وطنْتُ للموت نَفْسَ معتَرِفِ
14ـ «تحقير»
وكنتُ من الناس في محفَلٍ
فها أنا في محفَلٍ من قُرودِ
15ـ «رجولة»
ألاَ حَبذا قومٌ نُداما هُمُ القَنا
يُسَقونَها رِيا وساقيهِمُ العَزْمُ
16ـ «خفاء»
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مخاطبتي إيّاك لم ترَني
17ـ «لقاء يشبه الوداع»
بأبي من ودِدْتُهُ فافترقنا
وقضى الله بعد ذاك اجتماعاً
فافترقنا حَولاً فلما التقينا
كان تسليمه عَلي وَدَاعاً
18ـ «قمة السهر»
بئس الليّالي سَهِدْتُ من طرَبٍ
شوقاً إلى من يبيتُ يَرقُدُها
19 ـ «طرب للسيف لا للخمر»
لأحبتي أن يملأوا
بالصافيات الأكْوُبا
وعليهمُ ان يبذُلوا
وعلي أن لا أشربا
حتى تكون الباتراتُ
المُسْمِعاتِ فاطرَبا
20ـ «تفكير»
كثيرُ سُهادِ العين من غيرِ عِلةٍ
يؤرقُهُ في ما يُشَرفُه الفِكرُ
يُشَرفهُ: أي يرفع قدره
21 ـ «خجل»
ما بالُهُ لا حَظْتُهُ فَتَضَرجَتْ
وَجَنَاتُهُ وفؤاديَ المجروحُ
تضرّجت: احمرت من الخجل
22ـ «الوداع كُله»
وجلا الوداعُ من الحبيب محاسناً
حُسْنُ العَزَاءِ وَقد جُلين قَبيحُ
فَيَدٌ مسلمَةٌ وطَرْفٌ شاخِصٌ
وَحَشاً يذوب ومَدْمَعٌ مسفوحُ
23 ـ «رثاء»
ما كنت أحْسِبُ قبل دفنِك في الثرى
أن الكواكب في التراب تَغُورُ
24ـ «أمل»
طوى الجزيرة حتى جاءني خَبَرٌ
فزعتُ منه بآمالي إلى الكذِبِ
25ـ «طُهْر»
هَجَرتُ الخمر كالذهَبِ المصفّى
فخمري ماءُ مُزْنٍ كاللجين
اللجين: الفضة
26ـ «شعر»
وكأني بأبي الطيب يسأل عن حال الشعر في هذا الزمان فيقول:
إلى كم ذا التخلف والتّواني
وكم هذا التّمادي في التّمادي
وشَغلُ النفس عن طلب المعالي
ببيع الشعر في سُوق الكسادِ
( منقول عن صحيفة البيان )
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
