جاء الفوز الكبير للشباب والمهين للهلال ليؤكد براعة وقوة وإمتاع وإبداع الأول، بينما وضع الأخير أمام (كشف حساب) دقيق وتشخيص صحيح وصريح لأوضاعه وأوجاعه، بل الأهم من هذا كله أنه رسم لرئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد صورة كاملة ومعبِّرة وصادقة لواقع الفريق الأزرق الفني والعناصري والإداري.. كيف كان.. وماذا جرى.. وإلى أين انتهى..؟!
خارج حدود البيت الهلالي، سبق للأمير عبد الرحمن أن أعلن عن استيائه من أجواء الكراهية والأحقاد السائدة في الوسط الرياضي، ومن التناقضات والمعايير المزدوجة في القرارات، ومن برامج وجدولة المسابقات، وأشياء أخرى ذكر بعضها تلميحاً والبعض الآخر الأكثر تعاملاً معه بصمت وحلم ومثالية تحوَّلت فيما بعد إلى (نقمة) وفُسرت خطأ لدى المعنيين على أنه ضعف يسمح بتمرير الأخطاء والاستهداف وإهدار الحقوق..
الآن وبعد موسم صعب وشرس حافل بالآلام والخذلان والصراعات المؤذية، وبعد أن بانت الحقيقة واتضحت صورة ما يدور في الهلال وفي الوسط الرياضي السعودي عموماً، وحتى لا نخسر شخصية رياضية راقية ورئيساً مميزاً في أخلاقه وتواضعه وإنسانيته وثقافته وتربيته وحضاريته، وكذلك حتى لا يتضرر الهلال من انضباطيته واحترامه للقرارات والأنظمة مهما بلغت قسوتها وتناقضاتها، نتمنى من الأمير عبد الرحمن بن مساعد أن يعيد النظر في مستوى وطبيعة تعامله مع الأسماء والجهات التي تشن الحروب المعلنة والخفية ضد كل ما هو هلالي، ومع الأندية التي دائماً ما تجتمع وتتحالف وتتآمر عليه، ومع الأجهزة والأفكار والتعاقدات والاستشارات القريبة منه والمسؤولة عن إدارة الفريق وشؤون النادي.
قياساً بعقلية وفكر وإخلاص الأمير عبد الرحمن، وبما قدمه من جهد ومال وبذل وعطاء، فمن غير المعقول ومن المسيء للرياضة السعودية أن يكون تثمين وتقدير ذلك مواقف وقرارات وتعاملات رسمية وإعلامية تثير التوتر والتذمر والاحتقان من جهة وتلحق الضرر بنادي الهلال من الجهة الأخرى، ومن الظلم لرئيس الهلال أن تضيع جهوده وأمواله وطموحاته في دوامة الفوضى والتلاعب والأنانية، وأن تهدر حقوق ناديه في مغبة الأهواء والأمزجة والمصالح الخاصة لمجرد أنه لا يجيد لغة العنف والكذب والافتراء، ولا الدخول في لعبة الدهاليز المظلمة..!
ظلموك يا عميد
فجأة وبعد عشرين عاماً من الشتم والتجريح والغمز واللمز ومصادرة ألقابه وإنجازاته وعمادته والتقليل من نجوميته وعالميته وإسهاماته للطائي ثم الهلال ولوطنه وبأرقام وحقائق لم يصل إليها أي نجم سعودي.. فجأة أفاقوا من سباتهم العميق وتفتحت بصائرهم وتكرمت أقلامهم ليكتشفوا بعد عقدين من الزمن.. وبعد أن أوشك على الاعتزال أن هنالك نجماً سعودياً اسمه محمد الدعيع..
اكتشافهم المتأخر هذا ليس من باب الإنصاف أو لإراحة ضمائرهم من عذاب التجني والافتراء، وإنما بسبب تصريح نفى فيه الدعيع عبر موقعه الإلكتروني ما قيل عن أنه عُرضت عليه (رشوة) من عضو شرف اتحادي ورفضها قبل ستة مواسم، علماً بأنه قبل النفي بثلاثة أيام حقق الدعيع إنجازاً عالمياً جديداً باختياره عبر محطة (cnn) ضمن أفضل عشرة حراس على مرّ التاريخ على مستوى العالم، ومع هذا لم ينشر الخبر في كثير من مطبوعاتهم ولم يصدر منهم أية إشادة أو تعليق إلا بعد صدور النفي..
هكذا عانى العملاق والظاهرة والأسطورة محمد الدعيع من ألوان القهر والظلم والتهميش محلياً، بينما يأتي الشكر والتحفيز والإنصاف والتقدير من الخارج.