اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الاجتماعية > :: منتدى الرائدية الصحي::
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-2005, 10:36 PM   رقم المشاركة : 1
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

الحجامه والقسط البحري

الحجامة والقسط البحري


تأليف
العلامة الدكتور الطبيب
محمـد نزار الـدقر
اختصاصي بالأمراض الجلدية والتناسلية والعلاج التجميلي
دكتور " فلسفة " في العلوم الطبية كاتب متخصص في الطب الإسلامي






إخوتي الشباب ساهموا معنا في ترجمة الكتاب إلى اللغات العالمية



مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على معلم الناس الخير سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وبعد، فلقد أصدرت " روائع الطب الإسلامي " في أربعة أجزاء تناولت فيها مجموعة الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هي في الحقيقية التشريع الإسلامي الذي أقامه سيدنا محمد r في دولة الإسلام في المدينة المنورة لتنظيم أمورها الصحية سواء في طعام الرعية أو شرابهم أو نومهم أو ما تضمنته عباداتهم من أمور تساعد على حفظ الصحة كالطهارة والصلاة والصيام وغيرها ،علاوة على بعض الإرشادات التي وجه النبي بها أمته إلى تعاطي عدد من الأدوية أو الطرق العلاجية أو صحح بها بعض الطرق الخاطئة السائدة في عصره .
لاقت " روائع الطب الإسلامي " رواجاً مقبولاً، واتصل بي الكثيرون مستوضحين عن بعض التفاصيل عن الأدوية النبوية ، ثم هل يصطدم تطبيقها مع تطبيق ما جاء به الطب الحديث بعد التقدم الكبير الذي حصل في هذا العلم المبارك " الطب" .
صحيح أن رسول الله r بعث هادياً ولم يبعث طبيباً، لكن بعث لبناء دولة الإسلام، وإن حفظ النفس هي من مقاصد كل الشرائع السماوية، وما جاء فيها من أوامر ونواه، والتي تدخل في المصطلح الحديث بالطب الوقائي هي أمور شرعية ملزمة لا يختلف في هذا عالمان .إلا أن الخلاف والنقاش يدور حول القسم العلاجي من الطب النبوي، هل هو دين ملزمون باتباعه، أم هو من أمور الدنيا التي قد يقع فيها الخطأ وليست ديناً يتعبد به؟ ثم إنهم يقولون: هل بعد أن تقدم الطب بهذه الخطا الكبيرة والاكتشافات المثيرة نعود لنبش الماضي ولنتعالج بهذه الطرق التراثية؟
عجيب أمر بعض أطبائنا المسلمين الذي يفجرون جام غضبهم عندما تطرح المعالجة بالطب النبوي دون أن يكون في حسبانهم اتباع الطريقة العلمية الصحيحة من أجل رفض أو قبول هذه الطريقة العلاجية .
بادئ ذي بدء أقول ليس هناك تناقض بين الطب النبوي والطب الحديث . ورسول اللهr الذي أرشدنا إلى بعض العلاجات النافعة – رحمة بنا في حالات ألهمها من رب رحيم. فالنبي r تداوى وأتى إليه الأطباء يصفون له العلاج الذي يناسب حالته وهو " عليه الصلاة والسلام " أمر بالتداوي وحث على البحث للوصول إلى الدواء الصحيح حيث يقول :" تداووا عباد الله ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء ،علمه من علمه، وجهله من جهله، فإذا أصاب دواء الداء شفي بإذن الله".
ودعوته r هذه أدت إلى تطور كبير في علم الطب حتى وصل في عهد الخلافة العباسية إلى القمة في طب ذلك العصر وكانت كتب الأطباء المسلمين المصدر الأول لتطور الطب الغربي حيث بقي كتاب القانون لابن سينا يدرس في كليات الطب الأوربية لأكثر من خمسة قرون .
إن النصوص النبوية التي صحت نسبة سندها إلى النبي r ما تزال حية تنبض بالشفاء، إلا أن ما فسرت به منذ مئات السنين، وبما يتوافق مع طب ذلك العصر لم يعد مقبولاً اليوم ، لا لخطأ في تلك النصوص ، بل لعدم فهم حقيقتها بعد التطور الواسع في العلوم الطبية. فمع تقدم الطب وتحسن وسائل التشخيص تغير مفهوم كثير من الأمراض ، كما تغير مضمون كثير من المسميات ، فكان لا بد لأطبائنا وعلمائنا من حث همهم لإجراء البحوث السريرية للكشف عن خواص العلاجات النبوية وتحديد استطباباتها في ضوء الطب الحديث ، وتحديد المقادير العلاجية لتلك الأدوية والطريقة التي يجب أن تطبق بها حتى يتحقق الشفاء بها والتي جاءت دعوة مقتضبة للإرشاد إليها من غير تفصيل في النص النبوي .
يقول العلامة ابن قيم الجوزية :" الطب النبوي والعلاج المحمدي هو أجود الطب وأنفعه ولقد استفاد منه المسلمون كثيراً واستغنوا به عن غيره في كثير من الحادثات المرضية ، كيف لا وقد استمده صلوات الله عليه من وحي السماء وتلقاه عمن أوجد الداء والدواء ! ... ثم إن طب النبي متيقن قطعي إلهي صادر عن الوحي ومشكاة النبوة وكمال العقل ، وطب غيره أكثره حدس وظنون وتجارب ولا ينكر عدم انتفاع البعض بطب النبوة فإنه ينتفع به من تلقاه بالقبول واعتقاد الشفاء به وكمال التلقي له بالإيمان والإذعان " ..
الباحث الكبير الدكتور محمد علي البار في كتابه " هل هناك طب نبوي ؟ " يؤكد " أن ما ورد عن النبي r من أمور الطب هو حق لامرية فيه ، وإن بدا في بعض هذه الأحاديث تناقض ظاهري مرده إلى عدم معرفة الأسرار الكامنة وراء هذه الأحاديث والتي جاء الطب الحديث يوضح شيئاً كثيراً من هذه الأسرار ".
نحن متفقون على أن الطب قد تطور في كثير من ميادينه وقدم الكثير من الأدوية والطرق العلاجية الحديثة لكن علينا أن لا تعمينا نشوة الظفر والتقدم عن محاذير الأدوية الكيماوية الحديثة . فكم من علاج استعملناه لسنوات كالتتراسيكلين مثلاً فظهرت لنا بعد سنوات آثاره المشوهة لأسنان الأطفال وكالتاليدوميد التي ظهرت آثاره الماسخة للجنين بعد سنوات من استعماله. نعم : يطول بنا الحديث إذا أردنا أن نعدد آلام كثير من المرضى التي نجمت عن تطبيق بعض الأدوية الحديثة والمضاعفات الكثيرة التي آلت إليها حالتهم المرضية . من هنا نجد الدعوات الكثيرة والأصوات العالية التي ترتفع اليوم للحد من استعمال الدواء الكيماوي والاستغناء عنه بطرق بسيطة معروف سلامتها طالما كان ذلك ممكناً .
نعم : إننا نسمع اليوم دعوات منظمة الصحة العالمية للعودة إلى نبش طب الشعوب والاستفادة من خبرات أجيالهم المتعاقبة فيما يستعملونه من أعشاب أو طرق علاجية كالحجامة وسواها والقيام بدراسة سريرية وتحليلية لمركباتها ليتم تطبيقها تحت قواعد علمية صارمة ، وضمن استطابات طبية سليمة . فهذه أمة الصين لم تتخل عن طبها التقليدي ورغم أنها ساهمت إلى حد كبير في تطوير الطب العصري لكنها خصصت معاهد ومشافي طورت بها أيضاً طبها " الصيني " كالوخز بالإبر ووضعت له قواعده ومبادئه العلمية فصار طباً متميزاً يناهض الطب المعاصر وينافسه في استقبال مريديه من المرضى ، وممن عجز الطب الحديث عن تخليصهم من آلامهم وهمومهم الصحية ونحن أمة الإسلام نملك في طب النبوة تراثاً خالداً من المعارف الطبية والوصفات العلاجية التي أثبت بعضها جدارته في خضم هذا الصراع ، ولا ينقص البعض الآخر إلا أن نبذل همنا بدراسته وفق نظم التطور الطبي المعاصر وحتى نتحقق من استطباباته فهي والله أحق بالتصديق والتطبيق فقد نطق به من لا ينطق عن الهوى ، "والنجم إذا هوى ، ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ، علمه شديد القوى " .
وإني في موسوعة الطب النبوي هذه – والتي أرجو الله أن يوفقني لإنجازها سأخصص لكل مادة أو مادتين من مواد الطب النبوي كتاباً مستقلاً يشمل تحقيقاً لصحة الأحاديث المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم ، ثم أنقل عن بعض خبرات علمائنا القدامى في مجال تلك المواد وتطبيقاتها ثم ننتهي بجمع الأبحاث العلمية المتطورة لهذه المواد. والتي سنرى من خلالها الإعجاز الطبي الرائع والسبق النبوي في وصف هذه المواد والله المستعان وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

هذا الكتاب ....
الحمد لله الخالق البارئ المصور، خالق هذا الجسد وهو نفسه جل جلاله، وضع له منهج حياة يتضمن أوامر ونواهٍ، وهو سبحانه أعرف بما يصلح له، ومن البدهي الذي لا مراء فيه، أن تطبيق هذا المنهج باتباع أوامره واجتناب نواهيه سيؤدي حتماً إلى صلاح هذا الجسد. والحجامة من أوامر الله عز وجلّ التي أوحى بها إلى نبيه فهي بلا شك تصلح من فساد البدن. فقد حدث رسول الله r: أنه ليلة أسري به، ما مر على ملأ من الملائكة إلا أمروه :أن مر أمتك بالحجامة / أخرجه الترمذي بسند حسن.
الصلاة والسلام عليك يا نبي الله، معلم الناس الخير. ألم يرو عنك إمام المحدثين – البخاري – رحمه الله في صحيحه قولك يا سيدي " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة "
في مقابلة على الانترنيت مع الأستاذ الدكتور أمير محمد صالح الحائز على البورد الأمريكي في الطب البديل والأستاذ الزائر في جامعة شيكاغو سُئل عن الحجامة فرد بقوله :" الحجامة، هذا العلاج النبوي الرائع، أصبح علاجاً متداولاً في كثير من عواصم العالم، لقد درست الحجامة بعمق وطبقتها في الغرب قبل أن أعرف أنها علاج نبوي، فهي طريقة علاجية تثمنها عالياً عدد من جامعات العالم وتدخل ضمن طرق العلاج بالطب البديل إذ يسمونهاCupping Therapy وعندما سئل ماذا نقول للذين يهاجمون الحجامة أجاب بقوله: أقول لهم افتحوا على الانترنت واقرؤوا واطلعوا فليس الأمر منا تعصباً للسنة النبوية بل هي مسألة علمية بحتة، فلم هذا التشكيك والغرب كله اليوم يلهث وراء هذا الطريقة البسيطة والمفيدة " .
وفي قطرنا العربي السوري ومنذ أكثر من عامين روج للحجامة بشكل غير مسبوق وأعلن في ضجة مشبوهة عن فوائد غير واقعية كمعالجة السرطان وسواه بالحجامة مما قد يسيء لهذه السنة النبوية الطاهرة بتوجيه أصابع الاتهام إليها من بعض الأطباء، وقد دعت نقابة أطباء سورية إلى عقد ندوتين في دمشق حول الحجامة نوقشت فيهما واقع الحجامة في القطر (1). وأشار الدكتور رمضان رمضان نقيب الأطباء في سورية في مستهل الندوة إلى ما ادعي من دراسة علمية نشرت حول الحجامة في الإعلام وفي بعض الكتب المتفرقة (2) فهي تفتقد بالكلية لمنهجية البحث العلمي .. وبما أنه لا توجد معايير أو استطبابات للحجامة بالمفهوم الطبي الحديث وبالتالي فإن انتشار الحجامة بالشكل الحالي يشكل خطراً على الصحة العامة، وإذا ما كان هناك بعض الاستطبابات الطبية فيجب أن تحدد حسب دراسات علمية تقوم بها جهات علمية مسؤولة /إهـ
وفي نفس الندوة تكلم العلامة الدكتور سعيد رمضان البوطي عن هذا الموضوع فأكد أن الحجامة وسيلة استطبابية قديمة، وجاء رسول الله r فتحدث عن هذا الذي عرفه الناس من قبل فقال كلمة فيها قدر كبير من الإقرار وقدر أكبر من التحفظ في حديث صحيح متفق عليه " إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطه محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار "
الحديث موجود منذ 14 قرناً، ولكن الشيء الذي أذهلني أن هياجاً غير متوقع وضجيجاً غير مرتقب قام في السنتين الماضيتين أحدث إشكالات غريبة وعجيبة جداً. تساءلت في نفسي ألم يكن الناس قد سمعوا بكلام الرسول r هذا الذي تناقلته الأجيال إلى يومنا هذا، فما الذي جعل الناس ينتقلون من النقيض إلى النقيض فيهتاجوا ويقوم ضجيج كبير بهذا الموضوع .
قلت في نفسي لعل النبي r لم يكن قد حظي بعد بشهادة التزكية من هؤلاء الذين أعلنوا عن جدوى الحجامة وعن أهميتها، فلما حظي المصطفى بهذا التزكية منهم التفت الناس إلى هذا الأمر وأقبلوا عليه، لكني نظرت فوجدت أن النبيr لم يبق له موقع بين هذا الضجيح واتجهت أجهزة الإعلام وأضواء الدعاية إلى أشخاص آخرين، ورسول الله آخر من ترتبط العلاقة بينه وبين هذا الحديث وتساءلت في نفسي لماذا يقوم الصخب وهذا الضجيج العجيب بالنسبة لمسألة واحدة تلتقط من الطب النبوي كله مع الإعراض التام على الأمور الأخرى ( العجوة، الحبة السوداء .....) هذا السؤال لم أجد عليه جواباً في ذاكرتي إلا أنني أظن أن هنالك من يتصيد من هذه المسألة دعاية ومن ثم هناك من أراد أن يقطف ثمار هذه الدعاية" .
ويتابع الأستاذ البوطي فيقول: " وإذا لاحظنا كلام النبي r عن الأدوية التي أقرها ولفت النظر إليها نجد أنه يستعمل أداة الإطلاق ولا يستعمل أداة التعميم مثل: إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم .... الخ. إذاً وليس فيها تعميم. فما الفرق بين الإطلاق والتعميم ؟ الإطلاق يعني أن هذا فيه دواء إذا صح أن تكون الحجامة دواء في مرة من المرات، لمرض من الإمراض فقد صدق هذا الكلام وليس في كلام النبي r ما يعني أن الحجامة دواء لكل داء. ندرك من هذا أن النبي r عندما يلفت نظرنا إلى الحجامة وأن فيها دواء من مرض ما فإن تنفيذ ذلك مرده إلى الطب، متى وكيف وبأي نظام وبأي طريق نستعمل. وأشد ما نخشاه من ردود الفعل التي تتولد من المبالغة والتي لا تزال تخلف الإفراط والتفريط /إهـ
وأكد الدكتور عبد الغني عرفة أن الحجامة تطبيق للنظرية العلمية القائلة بوجود جهاز مناعي ذاتي في الجسم وأن هذا الجهاز يصيبه الكسل أحياناً فهو بحاجة إلى إعادة تنشيطه، وقد أكدت التجارب الكثيرة أن الحجامة كفيلة بذلك. أما استطباباتها العلاجية فهي تطبق في الحالات التي يكون فيها الجهاز المناعي متراخياً، ولا أقول معطلاً، كما في حالات الشقيقة والآلام العصبية المختلفة وفي أمراض اضطرابات التغذية كالسكري وفي ارتفاع الضغط الدموي، لكني أقول أن هنالك مبالغة في إمكانية الشفاء إذ لا يوجد دواء عجائبي يمكنه أن يشفي كل ما خلق الله من الأمراض، وإن منظمة الصحة العالمية تدعو إلى نبش التراث العالمي للشعوب وتقول بأننا قد نجد في بعضه ما يفيد في علاج بعض ما استعصى على العلم الحديث من أمراض .
وبين الدكتور عبد المالك الشالاتي أن الحجامة تفيد بدون شك في بعض الأمراض وليس في كل الأمراض، وهي شائعة في كل أنحاء العالم، وهي نوع من الطب البديل الذي له جمعياته المنتشرة هنا وهناك إلا أنني أؤكد أن عملية الحجامة يجب أن تضبط من قبل جهات مسؤولة وأن يكون من يقوم بها مرخصاً له من قبل السلطات الصحية .
وتساءل الدكتور أحمد ديب دشاش: لماذا الحجامة الآن ، وهل عجز الطب عن مداواة بعض الأمراض ونريد تجربة الحجامة ، وهل تفضل الحجامة مثلاً لأنها أكثر فعالية ؟ ثم هل يتم تطبيقها في أماكن أو بأيد ووسائل عقيمة نظيفة تضمن سلامة المريض من انتقال العدوى بمرض خطير كالإيدز مثلاً ؟ إذن لابد من إجراء دراسة تقيم فعالية الحجامة حسب المنهج العلمي .
وأحب أن أؤكد للقارئ الكريم أني لم أكتب هذا الكتاب رداً على أحد فقد بدأت بجمع مواده منذ سنوات، لكن الضجة الإعلامية الحالية حول الحجامة ومبالغة أصحابها في الفوائد المنسوبة إليها، ومن ثم ردود الفعل من هنا وهناك وخاصة ما تكلم به العديد من الأطباء في ندوة نقابتهم جعلتني أسرع في إنجاز هذا الكتاب مع الإحاطة ما أمكن بما تقدمه لنا شبكة الإنترنت من أحدث المعلومات ليجد فيها كل من الفريقين- إن كان منصفاً – حقائق علمية وطبية مثبتة يمكن أن تكون جواباً لتساؤلاته وتمكنه بعد ذلك من الحكم الصحيح .
وقد طورت بعض المراكز الطبية في العالم الحجامة بإضافة عناصر أخرى إليها وأطلقوا عليها اسم "الحجامة الحديثة". وتصف الدكتورة هيلينا عبد الله(1) هذا المصطلح فتقول :" تعتبر الحجامة الحديثة وسيلة لاستخلاص العوادم السمية والعناصر المدمّرة الزائدة من أجسامنا عبر سطح الجلد، ومن ثم تجنيب الكليتين والكبد تبعات العمل الشاق، وهي عملية مأمونة للغاية، غير ضارة، وغير مؤلمة، وخالية من الآثار الجانبية، لكنها رغم ذلك شديدة الفعالية لدى استخدامها العلاجي بهدف تخفيف الآلام أو تنشيط الوظائف الحيوية للجسم، وكذا في الوقاية من بعض الأمراض كآفات القلب والفشل الكلوي وغيرها . والحجامة تحتل مكانة هامة في مجمعنا المعاصر ، ولقد شاهدت على امتداد سنوات، نتائج بالغة الأهمية وتحسناً كبيراً لدى كثير من مرضاي وحتى الحالات العديدة من الإعاقات الجسمية الطويلة الأمد .


لمحة تاريخية
الحجامة علاج عرفته كثير من الشعوب القديمة كالصينيين والبابليين واليونان والفراعنة إذ أن أقدم الوثائق عن الحجامة وجدت منذ 1500 ق.م عند قدامى المصريين تمثلت في نقوش تظهر أدوات طبية استخدموها لهذه العملية (1)
ويرى أبقراط (2) أن الفراعنة قسموا الطب العلاجي إلى نوعين: طب الصوم وطب الإخراج ويعنون به الحجامة عن طريق شرطات يحدثونها في الجلد . وإن ما كتبه أبقراط ( حوالي 400ق.م ) هو أقدم النصوص المكتوبة حيث كان وأتباعه يطبقون الحجامة لمعالجة المصابين بالتهاب اللوزيتن وعسرة الطمث، وكان يشترط في المحاجم أن تكون صغيرة القطر، مخروطية الشكل وخفيفة الوزن وخاصة عندما يكون المرض المعالج متركزاً في الأعماق .
وتؤكد بروس بينتلي(3) أن أبقراط عرف الحجامة بشكليها الجافة والرطبة . وأن الحجامة بقيت معروفة في الممارسة الطبية في كل أنحاء أوربا وطبقها العالم اليوناني غالن (150ق.م) وبراسيلوس(1500م) وأمبروس بار(1590م).
لقد تطورت الحجامة عبر الزمن واستخدمها بعض الأقوام لسحب السموم من لسعات الحيات وغيرها من الإصابات الجلدية باستخدامهم لقرون الحيوانات المجوفة بعد تفريغها من الهواء بمصه عن طريق الفم ثم تطورت باستخدام كؤوس من خشب الخيرزان صنعت من الزجاج(1)

كؤوس الحجامة
ومع تطور الكؤوس تطورت أيضاً التطبيقات السريرية للحجامة وكذا مع تنوع الثقافات التي هيات الحجامة لتكون آلية ممتازة لحفظ الصحة. ويبدو أن الصينيين هم الذين وسعوا الانتفاع بالحجامة. وترى أنيتا شانون أن أول تقرير طبي علمي كتب عام 28 م فيه مقولة صينية مفادها أن المعالجة بوخز الإبر مع الحجامة تشفيان أكثر من نصف أمراض البشر، وتوضح معطيات الطب الصيني أن الحجامة تبدد الركودة الدموية، والتي بسببها تعمل مؤثرات خارجية تدخل العضوية في حالات مرضية مختلفة .
جي هونغ ( عام 340م )أول من وصف في كتابه " وصفات الطوارئ " الحجامة وقررها كعلاج إسعافي واستعمل لها القرون الحيوانية .
وفي كتاب Tang Dynasty وصفت الحجامة لمعالجة السل الرئوي والأمراض المشابهة. بعد ذلك تحدث Zhao Xuemin عن أهمية الحجامة باستعمال محاجم مسخنة بحرق قطعة من الصوف فيها تصنع من الخشب أو الخزف ويصفها لمعالجة الصداع الناجم عن البرد، والدوار، والآلام البطنية وأوجاع المفاصل(1) .
وهناك نصوص من طب الفراعنة تؤكد استعمالهم للحجامة في معالجة حالات مرضية متعددة كالحمى والآلام والدوار واضطراب الطمث وضعف الشهية من أجل تعجيل شفائهم. ومن عند المصريين انطلقت الحجامة إلى اليونانيين ومنهم انتقلت إلى الشعوب الأوربية وحتى إلى الأمريكيين(1)
كما أثبتت المصادر التاريخية معرفة العرب في جاهليتهم للحجامة (2) وقد أقر النبي r قومه على الانتفاع بهذه الطريقة العلاجية، بل واستخدمها النبي r للوقاية من العديد من الأمراض كتبيغ الدم ولمعالجة بعضها الآخر كما سنجد ذلك مفصلاً في فصول قادمة من هذا الكتاب .
ومنذ مطلع القرن التاسع عشر (1)ظهرت أوراق بحث تفيد تطبيق الأطباء الأوربيين والأمريكيين للحجامة في الممارسة العملية. كما أثمرت جهود التعاون بين الأطباء السوفيت والصينين عن نتائج طيبة في التطبيقات السريرية للحجامة وأصبحت من المعالجات الأساسية هناك حيث تجدها مطبقة في معظم مشافي الصين. كما أن حجامة الثديين أصبحت تمارس لمعالجة الأثداء الملتهبة( الشكل 2) وفي اضطرابات الرضاعة حيث طبقت ممصات الثدي العائلية Breast Pumb .
وفي أواخر القرن العشرين (2)دخلت تطورات مهمة على تقنية الحجامة إذ ظهرت نوعيات من الكؤوس مجهزة بمضخات يدوية عوضاً عن استعمال النار في تفريغ الهواء حيث يوجد لها مدك وصمام يتم غلقه أثناء سحب المدكّ ثم يعاد فتحه بعد الانتهاء من عمل الحجامة فيتسلل الهواء إلى داخل الكأس ويمكن بذلك رفعه بسهولة ثم ظهرت بعد ذلك محاجم مزودة بمضخات كهربائية لتفريغ الهواء .
وفي تحقيقه لكتاب " الطب من الكتاب والسنة (3) " كتب د. عبد المعطي قلعجي مؤكداً أنه حتى عام 1960 لم تكن تصدر مجلة طبية أو كتاب في علم وظائف الأعضاء أو العلاج إلا وللحجامة فيه ذكر وفوائد وآلات. و ذكر أن بعض الشركات المختصة بإنتاج الأجهزة الطبية أنتجت حقيبة خاصة لأدوات الحجامة. وفي عام 1973 وقع بيدي كتاب عن علاج الروماتيزم والتهاب المفاصل لمؤلفه د.فورستر لنغ فوجدته يشير إلى الحجامة كمخفف للآلام الرثوية الشديدة .
و في عام 1975 ذكرها الأستاذ زكي سويدان في آخر طبعة من كتابه "التمريض و الإسعاف" القاهرة, حيث ذكر مواضع الحجامة و أنها وسيلة ناجحة لعلاج حالات هبوط القلب المترافق مع ارتشاح في الرئتين و ببعض أمراض القلب و آلام المفاصل.
و في عام 1978 ذكر الحجامة د.عبد العظيم رفعت أستاذ الجراحة في جامعة القاهرة في كتابه Surgery كطريقة لمعالجة عسر التبول الناتجة عن التهاب الكليتين و تطبق الحجامة هنا على الخاصرة.
يدل هذا على أن الطب إن أغفل الحجامة في مطلع القرن العشرين إلا أنه عاد و اعتمدها كعلاج من العلاجات النافعة يتعاضد معها للوصول إلى الشفاء و من ناحية أخرى ترى بعض الأبحاث أن الحجامة تنفرد في معالجات تنفع فيها و تخفف الآلام و ليس لها أي مضاعفات جانبية .
يقول د.أيمن الحسيني(1) في مقدمة كتابه عن الحجامة و الذي صدر عام 2003:
"الحجامة وسيلة علاجية قديمة جدا عادت للظهور و الانتشار من جديد و أصبح تعليمها و القيام بها يستهوي كثيرا من الأطباء بعدما أثبتت دراسات علمية في دول مختلفة من العالم فعالية هذه الوسيلة العلاجية القديمة في مداواة و تخفيف كثير من متاعبنا الصحية" .



الحجامة
في السنة النبوية المطهرة
1-روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال :" الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم وكية بنار وأنهى أمتي عن الكي ".
2-وروى البخاري ومسلم في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي r قال :" إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب أن أكتوي ".
3 -عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r قال :" إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي " رواه الترمذي وحسنه .
4-عن مالك بن أنس بلغه أن رسول الله r قال : "إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه " أخرجه مالك في الموطأ وقال الأرناؤوط :إسناده معضل .
5 -عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: "نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو عن البصر " وقال : "إن رسول الله r حيث عرج به، ما مر على ملأ من الملائكة إلا قالوا:عليك بالحجامة"رواه الترمذي وحسنه وهو كما قال ( الأرناؤوط ).
6 -عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عاد المقنع بن سنان فقال:لا أبرح حتى تحتجم فإني سمعت رسول الله r يقول :"إن فيه شفاء " رواه البخاري .
7-وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r " احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به " رواه البخاري.
8- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أم سلمة استأذنت رسول الله r في الحجامة، فأمر النبي r أبا طيبة أن يحجمها. قال حسبت أنه قال :" كان أخاها من الرضاع، أو غلاماً لم يحتلم " رواه الإمام مسلم .
9-وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:حدث رسول الله r أنه ليلة أسري به ما مر على ملأ من الملائكة إلا أمروه:أن مر أمتك بالحجامة. أخرجه الترمذي وحسنه.
10-وعن سلمى – خادم رسول الله – رضي الله عنها قالت: ما كان أحد يشتكي وجعاً في رأسه إلا قال:احتجم، ولا وجعاً في رجليه إلا قال:اخضبهما " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن.
11-عن سمرة بن جندب قال :"رأيت رسول الله r وهو يحتجم بقرن ويشرط بطرف سكين فدخل رجل من شمخ فقال له:لم تمكن ظهرك أو عنقك من هذا يفعل بها ما أرى:فقال r : هذا الحجم وهو من خير ما تداويتم به " رواه الإمام أحمد .
12-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "أن النبي r احتجم وهو محرم " رواه مسلم
وعن ابن بحينة رضي الله عنه " أن النبي r احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه " رواه الإمام مسلم .
13-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " أن النبي r احتجم وأعطى الحجام أجره واستعط " رواه البخاري .
14-عن عكرمة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال " احتجم النبي r وهو صائم " رواه البخاري .
15-وعن انس رضي الله عنه قال: احتجم رسول الله r حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخفف عنه وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " رواه البخاري .
16-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "أخبرني أبو القاسم أن جبريل أخبره أن الحجم أنفع ما تداوي به الناس" أخرجه البخاري في تاريخه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
أوردنا هذه الأحاديث النبوية التي هي في مرتبة الصحيح أو الحسن وأكثرها مما رواه واتفق عليه الشيخان:البخاري ومسلم ويوجد غيرها أيضاً أثبتناه في مواضع أخرى من فصول الكتاب وكلها تدل أن النبي r تداوى بالحجامة، بل وفعلها من غير سبب واضح أحياناً وهذا ما يفترضه علم الطب من قبيل الطب الوقائي ، كما أمر أصحابه بالحجم وأنه عليه الصلاة والسلام قد أُمِرَ به من الملأ الأعلى. ومع هذا كله فقد اختلفت آراء العلماء من أمتنا المسلمة من حيث تقييم الحجامة وهل أنها سنة نبوية يثاب عليها من فعلها اقتداء برسول الله r أم أنها من الأعمال الدنيوية المباحة حيث لا ثواب ولا عقاب؟
هذا وسننقل أقوال العلماء والمذاهب الإسلامية حول حكم الحجامة في مبحث الأحكام الفقهية للحجامة .
====
يتبع







رد مع اقتباس
قديم 03-12-2005, 10:38 PM   رقم المشاركة : 2
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

أوقات الحجامة
في الهدى النبوي

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي r كان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرون " أخرجه الترمذي وحسنه .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال : "إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة ويوم إحدى وعشرين " أخرجه الترمذي وحسنه .
( وهو كما قال:الأرناؤوط)(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : "من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء " أخرجه أبو داود وإسناده حسن.
عن أبي بكرة قال:أخبرتني عمتي كيَسة بنت أبي بكرة أن أباها كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء ويزعم عن رسول الله r أن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ" أخرجه أبو داود وإسناده ضعيف لضعف راويه أبي بكرة بكار بن عبد العزيز و لحالة عمته كيسة إذ لا يعرف حالها ( الحافظ ابن حجر في التقريب )
وأما ما يروى عن أبي هريرة يرفعه " من احتجم يوم الأربعاء أو يومَ السبت فأصابه وضح أو بياض فلا يلومن إلا نفسه " أخرجه الحاكم والبيهقي وفي سنده سليمان بن أرقم وهو متروك، فهو حديث ضعيف جداً / لا يصح (1)وكذا ما يروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله r يقول :"فاحتجموا على اسم الله ولا تحتجموا الخميس والجمعة والسبت والأحد، واحتجموا الأثنين، وما كان من جذام ولا برص إلا نزل يوم الأربعاء " رواه ابن ماجه من طريقين ضعفهما ابن ماجه نفسه .
قال ابن القيم في الطب النبوي:الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره، وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت من أول الشهر وآخره "... ويرى ابن القيم أن " اختيار هذه الأوقات فيما إذا كان على سبيل
الاحتياط و التحرز من الأذى، وأما في مداواة الأمراض فحيثما وجدت الحاجة إليها وجب استعمالها ".
ويقول ابن القيم: وكل الأحاديث التي ذكرت فيها الأيام ضعيفة، ولقد قال الفيروزبادي في سفر السعادة: وباب الحجامة واختيارها في بعض الأيام و كراهتها في بعضها ما ثبت منه شيء، أي في السنة .
قال الإمام ابن حجر(1)وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء( أي من الصحة ) على شرطه، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ولا تتقيد بوقت دون وقت. وينقل ابن حجر عن أطباء زمانه أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة وألا يقع عقب استفراغ أو جماع أو حمام ولا عقب جوع ولا شبع.
وأما الندب للحجامة لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين فقد قال ابن حجر: ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء فقد قال حنبل بن اسحق أن أحمد ( ابن حنبل) رحمه الله كان يحتجم في أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ...
قال ابن القيم (1) وتستحب الحجامة في وسط الشهر لأن الدم في أول الشهر لم يكن قد هاج وتبيغ وفي آخره يكون قد سكن أما في وسطه فيكون في نهاية التزايد ".
ويقول الدكتور محمد علي البار (2) في هذا المعنى: ظهرت في الآونة الأخيرة أبحاث مفادها أن القمر عندما يكون بدراً يزداد التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة. ويؤكد الدكتور ليبر ( عالم النفس الأمريكي في ميامي) أن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وخاصة بين مدمني الكحول والميالين إلى الحوادث وذوي النزاعات الإجرامية ثم إنه يشرح نظريته قائلاً:" إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي هو من المواد الصلبة، ومن ثم فهو يعتقد أن قوة الجاذبية القمرية التي تسبب المد والجزر في البحر والمحيطات تسبب هذا المد أيضاُ في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله، وهو ما عبر عنه القدماء بتهيج الأخلاط وتبيغ الدم، وكما يحدث المدُ في البحر عند اكتمال البدر يحدث هياج الدم وتبيغه في الجسم عند اكتمال القمر ..."
وفي هذا المعنى نقل عن ابن سينا (1) قوله:ويؤمر باستعمال الحجامة، لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت أو هاجت ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة تابعة في تزايدها لتزايد النور في جرم القمر ".
ويرى الدكتور محمود ناظم النسيمي (2) أن الحجامة الجافة ليس لها وقت معين لإجرائها وإنما تنفذ لدى وجود استطباب لها، أما الحجامة الدامية ( المبزغة ) فلها أوقات مفضلة في الطب النبوي إذا استعملت بشكل وقائي، أما في حالات الاستطباب العلاجي فإنها تجرى كذلك في أي وقت. فلقد مر معنا أن النبي r احتجم بعدما سُمَّ واحتجم في وركه من وثء كان به واحتجم وهو محرم على ظهر قدمه من وجع كان به، وفي رأسه من شقيقة ألمت به. ولم يرد عنه عليه الصلاة والسلام أنه انتظر في تلك الأحوال يوماً معيناً أو ساعة معينة من اليوم ولذا تحمل أحاديث تفضيل أيام معينة من الشهر لإجراء الحجامة الدامية على إجرائها لأغراض وقائية كما في الدمويين عند اشتداد الحر والله تعالى أعلم.
وخلاصة القول في توقيت الحجامة أنه لم يصح عن النبي r حديث يأمر أو ينهى عن الحجامة في يوم أو وقت معين، إلا ما كان من استحباب لعملها أيام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين من الشهر القمري حيث بلغت أحاديثها درجة الحسن ( أي دون مرتبة الصحيح )، فالمسلم الذي يرغب في الحجامة لمجرد الوقاية أو تطبيق ما ورد في السنة المطهرة يمكن أن يتحرى هذه الأيام وأما من أراد الحجامة علاجاً لمرض حاضر فليس له أن ينتظر وإنما يجريها زمن الحاجة إليها. وهذا ما اتفق عليه الجمهور من علماء الأمة ،كما يوافق الرأي الطبي السديد.




مواضع الحجامة
في الهدى النبوي
عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله r كان يحتجم في الأخدعين والكاهل" أخرجه الترمذي وأبو داود وإسناده صحيح(1) .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي r كان يحتجم في الأخدعين والكاهل وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين " أخرجه الترمذي وحسنه .
وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن رسول الله r كان يحتجم على هامته وبين كتفيه وهو يقول:من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء " أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
وعن أنس رضي الله عنه :" كان رسول الله rيحتجم ثلاثاً:واحدة على كاهله واثنتين في الأخدعين " أخرجه أحمد وأصحاب السنن وإسناده صحيح .
وعن أنس أيضاً " أنه r احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به" رواه البخاري في صحيحه .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أن رسول الله r احتجم على وركه من وثء كان به " أخرجه أبو داود والنسائي وإسناده حسن، والوثء شبيه بالخلع وليس به.
وعن عبد الله بن بحينة أن رسول الله r احتجم بلحي جبل عن طريق مكة وهو محرم وسط رأسه " رواه البخاري، ولحي جمل بقعة معروفة في الحجاز وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا( ابن حجر في فتح الباري ) .
وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله r احتجم في رأسه " رواه البخاري ".
وعن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وثء كان به " أخرجه النسائي في سننه .
والأخدعان العرقان المكتنفان للعنق في جانبيه والكاهل ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر والهامة الرأس وجمعها هام[ الشكل –3] .
قال ابن القيم:الحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذن والعين والأنف والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده أو عنهما جميعاً .... والحجامة تحت الذقن تنفع في وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس والكتف ... والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وتنفع من قروح الفخذين والساق وانقطاع الطمث والحكة العارضة في الأنثيين والحجامة أسفل الصدر نافعة في دماميل الفخذ وفي النقرس والبواسير والفيل وحكة الظهر ...../هـ.
يقول د. محمود ناظم النسيمي (1): يسمى الأخدع في المصطلح الطبي الحديث الوريد الوداجي الخارجي الخلفي وهو يصُبُ في الوريد الوداجي الظاهر، وعلى هذا فإن الحجامة في الأخدعين تحتاج إلى دقة متناهية وبأن تكون الشرطة سطحية غير عميقة وتقوم مقامها الحجامة في الكاهل وهذه أبعد علىالعروق الكبيرة وأسلم ... وقد احتجم النبي rفي الأخدعين والكاهل، واستمر تطبيق الحجامة فيهما في عهد النهضة العربية وذكرها مع استطباباتها الرئيس ابن سينا
ومن دراستنا للأحاديث النبوية التي نقلت المواضع التي طبقها النبي r حين احتجامه يبدو أنها تتعلق بالمرض المعالج، بمعنى أنها ليست أموراً تعبدية وإنما هي أمور يتدخل الطب في تحديدها، فهي بدون شك أمر اجتهادي يعلمها الناس بالخبرة .
ويرى الأستاذ د. أحمد لطفي (1) أن الحجامة تعمل على خطوط الطاقة وهي نفسها التي تستخدما طريقة المعالجة بالإبر الصينية. ويرى أن الحجامة تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، فهي تعمل على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال، كما تعمل على الغدد اللمفاوية حيث تقوم على تنشيطها، كما تعمل أيضاً على الأوعية الدموية وعلى الأعصاب أيضاً .

ويرى البروفسور أمير محمد صالح (2) أن الأسس التي يتم من خلالها تحديد منطقة الحجامة فهي ثلاثة أسس:
1- التطبيق على مناطق الألم المتصلة مباشرة بالجلد .
2- تنبيه مناطق الوصل العصبية المشتركة مع الجلد في مراكز واحدة مثل تنبيه مناطق معينة من الكتف لمعالجة آفات القلب، وتنبيه أماكن عند أسفل الظهر لمعالجة آفات البروستات ( الموثة ) حيث يكون الجلد مشتركا مع هذه الأعضاء بردود حسية عصبية واحدة .
3-تنبيه مناطق معينة من الجلد يحدث رد فعلها إفرازات في غدد معينة – وهذه الأمور الثلاثة تحتاج من الطبيب المعالج الذي يجرى الحجامة معرفة دقيقة مفصلة لهذه الأمور التشريحية .




الأحكام الفقهية
للحجامة
أوردنا عدداً كبيراً مما صح عن رسول الله r من أحاديث حول دعوة أمته للحجامة، وقاية وعلاجاً ، تجاوز الثلاثين حديثاً أغلبها عند البخاري ومسلم وأصحاب السنن. فماذا استنبط علماء الأمة وفقهاء مذاهبها من أحكام حول الحجامة . وما هو الحكم الفقهي للحجامة ، وهل يثاب فاعلها أم لا ، ثم هل تجوز الحجامة للمحرم، وللصائم، ثم هل يجوز للحجام أخذ أجرة على عمله؟ هذا ما نجيب عليه في مباحث هذا الفصل .
حكم الحجامة:
في الندوة التي دعت إليها نقابة الأطباء في دمشق(1) تحدث الأستاذ د.وهبة الزحيلي حول ما يراه الحكم الشرعي للحجامة فقال :
" في الوقت الحاضر وردت بعض الكتابات والمقولات التي تشيد بالحجامة، ولكن مع الأسف لم يكن المتحدثون أمناء في نقل الصورة الصحيحة عن الحجامة فاعتمدوا على ثمانية أحاديث كلها إما ضعيفة أو موضوعة.. هناك ثلاثة أحاديث صحيحة فقط، تدل على أن الحجامة سنة فعلية ثابتة وعلى أن النبي r احتجم وأعطى الحجام أجره، لكن هذه الأحاديث التي تدل على الحجامة ليس على المستوى الذي يتداوله الناس الآن، وأن المشروعية ترقى إلى مستوى السنة النبوية ، ليست الحجامة من السنة أصلاً بمعنى أنها ليست قربى من القرب التي يتقرب بها من الله عز وجل ، إنما هي من قبيل الأفعال الطبيعية والتي نسميها في علم أصول الفقه:الجبلية كالقيام والقعود والأكل والشرب، والعلاجات هذه كلها في الواقع ليست سنناً وإنما الذي ورد فيها يدل على أنها مباحة، فالحجامة بالتعبير الفقهي الشرعي الدقيق مجرد عمل مباح، وفعل النبي r دل على مشروعيتها ولكن لا ترقى إلى أن تكون عبادة أو قربى أو سنة من السنن" /إهـ.
أما الأستاذ د.سعيد رمضان البوطي(1) فيقول في ختام حديثه عن الحجامة والذي ذكرنا مقتطفات منه في مقدمة كتابنا :" أما ما هي الأدواء التي يمكن للحجامة أن تكون علاجاً لها والطريقة التي ينبغي أن تسلك لذلك فهي تخضع للقوانين الطبية التي يتناولها التطور والتقدم وهذا يعني أن الحجامة ليست سنة مثل ركعتي الضحى وغيرها من السنن فهي ليست قربى بشكل من الأشكال. هذا الأمر بديهي والذي يقول أنها سنة وقربى يتقرب بها الإنسان إلى الله يخالف البديهات في الواقع … أنا لا أنكر فائدة الحجامة وإلا لما قال الرسول r الصادق المصدوق هذا الكلام بحديث صحيح متفق عليه، لكني أقول أن الحجامة تخضع للشروط والأنظمة الطبية، هذا شيء يقيني، والذي يمارسها إن لم يكن طبيباً وحصل محذور للمريض (المحجوم) فهو ضامن له/إهـ.
ومحاولة منا للوصول إلى الحقيقة طرحنا الموضوع على عدد من علماء دمشق الأجلاء . وسؤالنا كان صريحاً: ما هو حكم الحجامة في الشريعة الإسلامية ؟
ثم هل يثاب المسلم إذا فعلها بنية الاقتداء بفعل النبي r ؟
كتب إلينا الأستاذ الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي يقول :
تعقيباً على ما جرى بيننا من حديث حول الحجامة وما يشيع من الحديث حول تحميلها في شرع الله مالا تحمله إلى درجة أن جعلها البعض شعيرة من شعائر الدين، شافية من كل داء بلا استثناء إلى غير ذلك من المبالغات المشينة التي يصلح أن يقال لأصحابها، أتريدون أن يكذب الله ورسوله …ثم نسمع عن آخرين جردوا الحجامة من كل صفة شرعية فلا استجابة في فعلها لشرع الله ولا أجر ولا ثواب لفاعلها … ما تباعدت فيه الأنظار واختلفت فيه الأحكام .
وسأنقل هنا أقوال بعض العلماء التي تزيد في ثراء هذا البحث. فالموضوع ما يزال مطروحاً للنظر والتمحيص ومحاولة معرفة الأحكام الشرعية للوقوف على مراد الله تعالى من عباده وما يرتبه سبحانه من الثواب والعقاب على أفعالهم وتصرفاتهم .
الإمام الرازي يقول في كتابه " المحصول" : قال الأصوليون، صيغة ( إفعل)مستعملة في خمسة عشر وجهاً …." ثم قال :
الثاني :الندب كقوله تعالى:" فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً "، ويقرب منه التأديب كقولهr"كل مما يليك" فإن الأدب مندوب إليه.ثم قال :
الثالث:الإرشاد كقوله تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم " وقوله " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه "والفرق بين الندب والإرشاد أن الندب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا، فإنه لا ينقص الثواب بترك الاستشهاد في المداينات ولا يزيد بفعله".
وتكلم الإمام الإسنوي بما يشبه كلام " المحصول" كما أني رأيت في كلام الإمام السبكي في كتابه " الإبهاج " الذي شرح به منهاج البيضاوي في علم الأصول ، تدقيقاً مفيداً ينبغي الوقوف عليه لما فيه من تحرير لهذه المسألة التي نحن بصددها. يقول رحمه الله في الجزء الثاني من كتابه :"….الثالث الإرشاد كقوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم" والفرق بين الندب والإرشاد أن المندوب مطلوب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا ولا يتعلق به ثواب البتة لأنه فعل متعلق بغرض الفاعل ومصلحة نفسه. وقد يقال إنه يثاب عليه لكونه ممتثلاً، لكن ثوابه أنقص من ثواب الندب لأن امتثاله مشوب بحظ نفسه. ويكون الفارق إذن بين الندب والإرشاد إنما هو مجرد أن أحدهما مطلوب لثواب الآخرة والآخر لمنافع الدنيا والتحقيق أن الذي فعل ما أمر به إرشاداً، إن فعله لمجرد غرضه (أي الدينوي ) فلا ثواب له، وإن أتى به لمجرد الامتثال، غير ناظر إلى مصلحته ولا قاض سوى مجرد الانقياد لأمر ربه يثاب، وإن قصد الأمرين أثيب على أحدهما دون الآخر ولكن ثوابه أنقض من ثواب من لم يقصد غير مجرد الامتثال /إهـ.كلام التاج السبكي رضي الله عنه.
وأنت ترى – أخي الكريم – هذا التحقيق الرائع فيما ينطبق على ما نحن بصدده من الحديث عن الحجامة والتي كانت زمنه r هي الدواء المتاح للناس لمعالجة بعض الأمراض لا جميعها فهي من منافع الدنيا ومصالح الناس فيها ويصدق عليها أنها من خطاب الإرشاد لا من خطاب الندب والذي لا يثاب عليه صاحبه إلا أن يقصد الاستجابة لأمر الشرع كما مر في تحقيق الإمام السبكي ولا مزيد على كلامه/إهـ.
أما الأستاذ الدكتور محمد هشام البرهاني فقد كتب إلينا جوابه حول الحكم الشرعي للحجامة يقول: الحجامة سنة نبوية، وكيف لا تكون سنة وقد فعلها النبي r مراراً وندب إليها وفعلها أصحابه رضوان الله عليهم والسلف الصالح اقتداء به صلى الله عليه وسلم.
أما تعاطيه r الحجامة فما جاء في الصحيحين: كان رسول الله rيحتجم ثلاثاً واحدة على كاهله واثنتين على الأخدعين" وأخرج الترمذي في الشمائل والنسائي وابن خزيمة وابن حيان في صحيحيهما أن رسول الله r " احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به " وفي رواية " احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع " وفي الصحيحين أن النبي r احتجم وأعطى الحجام أجره" وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه " أن رسول اللهr حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من الطعام وكلم مواليه فخفضوا عنه ضريبته وقال :" خير ما تداويتم به الحجامة".وهذا يدل على استحبابهما والندب إليها. ففي صحيح البخاري عن النبيr : " الشفاء في ثلاثة ......الخ الحديث. وأما فعل الصحابة : ففي الترمذي عن عباد بن منصور قال:سمعت عكرمة يقول:كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون فكان اثنان يغلان عليه يعملان للناس بالغلة أي بالأجرة – وعلى أهله وواحد لحجمه وحجم أهله "
ولا يزال الناس يمارسون الحجامة من عصر الصحابة إلى يومنا هذا جيلاً بعد جيل دون نكير.
ويتابع الدكتور البرهاني قوله " وما دام الإنسان يفعلها – أي الحجامة – تأسياً بالنبي rواقتداء به وبأصحابه فإنه يثاب على فعلها كما يثاب على أي عمل يقوم به متأسياً بالنبي r ومقتدياً بالسلف الصالح يقصد الثواب والقرب من الله تعالى، كيف لا وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون أفعال النبيr في بيته وخارجه وفي حله وترحاله في عبادته ومعاملته، في نومه وطعامه وشرابه ولباسه، وخير مثال على ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فقد كان يتحرى التأسي بالنبي r حتى في الأمور التي لا تبدو فيها أية حكمة إلا لمجرد المحاكاة الظاهرة، فكيف لا يثاب من يجتحم مقتدياً بالأسوة العظمى سيدنا محمد r . وقد ورد استحباب الحجامة وطلبها في تراثنا العظيم على اختلاف مشاربه ومذاهبه وفي مصادر عديدة نكتفي منها بما جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة في الكويت تحت لفظ الحجامة " التداوي بالحجامة مندوب إليه".
أما الأستاذ المحدث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط فقد كتب إلينا يقول :
إن الأحاديث النبوية التي جاءت ترغب بالحجامة كثيرة (ونقل العديد من الأحاديث والتي ذكرناها سابقاً ) ثم قال :
يفيد قول الإمام ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (4/53) قال: في ضمن هذه الأحاديث يعني التي ساقها حول الحجامة: استحباب التداوي، واستحباب الحجامة وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة .
أقول :
( وفعله صلى الله عليه وسلم الحجامة والاقتداء به في فعلها يثاب عليها فاعلها وهي سنة عملية لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلها فالاقتداء به فيها يستحب/إهـ .
وأما الشيخ العلامة محمد سكر فقد كتب إلينا يقول في حكم الحجامة :
- ذكر ملاعلي القاري (وهو حنفي): والأمر للندب وقد تجب الحجامة في بعض المواضع (مرقاة المفاتيح ،شرح المشكاة 4/505)
- وذكر ابن القيم (وهو حنبلي): أنه مستحب: واستحباب الحجامة... انظر زاد المعاد3/82
- وفي الموسوعة الفقهية 17/14التداوي بالحجامة مندوب إليها ،انتهى.
- وذكر علماء الأصول في كتب السنة النبوية المطهرة أن السنة التي لم يثبت بها الأمر أو كونها مخصوصة به صلى الله عليه وآله وسلم وكانت جبلية حياتية ،اختلف رأي العلماء فيها بين السنية والاستحباب .
- وقال العلامة ابن أبي جمرة (وهو مالكي) في بهجة التقوى شرح مختصر البخاري4/127هل الشفاء في الحجامة على العموم في المؤمن والكافر أم لا : ظاهر محتمل لكن قد جاء من طريق " شفاء أمتي.... " فيكون خاصاً بأمته صلى الله عليه وآله وسلم.
وهل يكون ذلك شفاء من كل داء أو هو من أدواء مخصوصة ، فاللفظ محتمل لكن الأظهر العموم لأنه من الرحمة والمنن وما هو من هذا الباب ، فالعموم أظهر فيه .
-وقد تكلم بعض الباحثين في هذه الأحاديث وعللوا الفائدة فيها بأن جعلوها بنظرهم راجعة إلى التجربة وما يقول فيها أهل الطب وأهل الاختصاص ، فإذا اعتمدنا قولهم، معنى هذا أنه لم يبق لقول الصادق صلى الله عليه وآله وسلم فائدة أصلاً، وهذا قول فاسد وغلط فالله عز وجل يقول: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، وقال تعالى : " وما ينطق عن الهوى " فإذا صدقنا قول أهل التجربة وأهل الطب وكلا القولين تقدير وتخمين وظن غالب ، فيجب من باب أولى تصديق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن جاعل وخالق الأشياء واخترعها بقدرته وحكمته ، فالتوفيق لا ينال إلا من طريق النعم علينا ... وأما قولنا هل يحتاج إلى نية عند استعماله فكل ما هو من طريق النبوة فالنية أصل فيه، وأما الذي يأخذه على طريق التجربة والشك فلا يزيد بذلك إلا شدَّة ..إلى آخر ما قاله رحمه الله/ إ هـ.
وخير ما أختم به هذا البحث الملاحظات حول الحجامة التي كتبها الأستاذ إياد نقشبندي مدير أوقاف دير الزور في مجلة نهج الإسلام* :
" يقبل المسلمون هذه الأيام وبشكل واسع على تطبيق سنة نبوية طيبة ألا وهي (سنة الحجامة)التي ورد ذكرها في الكثير من الأحاديث الصحيحة متناً وسنداً والتي تشير إلى فوائدها الجلية سواء للأصحاء من الناس وقاية لهم من الأمراض أو المرضى منهم علاجاً لما يعانونه من أمراض شتى ، إلا أن ذلك يجب أن يتم من قبل أهل الخبرة والاختصاص وأن يراعوا فيه القواعد الصحية السليمة والآمنة أثناء عملهم . فالحجامة بمثابة عمل جراحي يجب أن تطبق على الأدوات المستعملة فيه كل الشروط التي تطبق على الأدوات الجراحية حين تحضيرها للاستعمال .
فالحجامة سنة نبوية يطبقها الإنسان المؤمن طاعة لله ولرسوله وتيمناً ببركة هذه السنة آملاً أن يحقق الله عز وجل عندها الفائدة المرجوة إن شاء ، أو يؤجل ذلك إلى وقت آخر ، ولا رادّ لمشيئته عز وجل لذا لا يجوز التآلي على الله مسبقاً وإعطاء الناس الوعود القاطعة بأنهم إن طبقوا الحجامة فسيشفون من أمراضهم لأن ذلك مرتبط بمشيئة الله عز وجل إن شاء شفى وإن شاء أخر ذلك إلى أمد هو يعلمه وحسبنا عندئذ أن ما نناله من الأجر والمثوبة بتطبيق هذه السنة النبوية المباركة (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا –الحشر 6)( من يطع الرسول فقد أطاع الله) النساء 78 وهذه الحقيقة هي مسألة هامة في عقيدة المؤمن قد لا يدركها الكثير من العامة، لذا عندما لا يتحقق الشفاء بعد الحجامة مباشرة يتأثر إيمانهم وتحدث شبهات وربما فتن والعياذ بالله .
والحجامة سنة نبوية يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. وإن شأنها شأن كل أمر يهرع إليه المؤمن وقت الشدة أن يسبقها إقرانها بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل والعود الصادق إليه والتزام أوامره واجتناب نواهيه ثم بعد ذلك قد نكون مؤهلين لنيل المنفعة التي يهبها الباري عز وجل للصادقين معه.

==============
يتبع







رد مع اقتباس
قديم 03-12-2005, 10:39 PM   رقم المشاركة : 3
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

الصوم والحجامة:
عن عكرمة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :" احتجم النبي r وهو صائم " رواه البخاري
ويلخص د. وهبة الزحيلي (1) آراء المذاهب الإسلامية بقوله: تكره الحجامة للصائم عند الشافعية والمالكية والحنفية لكنها لا تفطره، بينما يفطر بها عند الحنابلة ويلزمه القضاء فقط .
قال ابن حجر (2):وأما قوله " واحتجم أبو موسى ليلاً " وفيه امتناعه عن الحجامة نهاراً كان بسبب الصيام لئلا يدخله خلل وإلى هذا ذهب مالك فكره الحجامة للصائم لئلا يغرر بصومه لا لكون الحجامة تفطر الصائم .....
وعن ثابت البناني، سئل أنس بن مالك رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله r؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف " رواه البخاري وأبو داود .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أنه كان يحتجم وهو صائم ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر ".
وأما ما رواه رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبي r قال :" أفطر الحاجم والمحجوم " رواه الترمذي وأبو داود (عن شداد بن أوس) وابن ماجه والدارمي. فقد قال الأستاذ الأرناؤوط (1) إسناده صحيح ولكنه منسوخ فقد ثبت أن رسول الله r رخص في الحجامة للصائم .
قال الإمام مجد الدين بن الأثير الجزري(2) في شرح هذا الحديث [ أفطر الحاجم والمحجوم ] من ذهب إلى أن الحجامة تفطر فهو ظاهر ومن قال إنها لا تفطر فمعناه: أنهما تعرضا للإفطار، أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه من ذلك فربما أعجزه عن الصوم. وأما الحاجم فلا يأمن أن يصل إلى حلقه شيء من دم المحجوم فيبلعه وهذا كما يقال: أهلك فلان نفسه إذا كان يتعرض للمهالك ....
أما من الوجهة الطبية فنحن مع د. أحمد كنعان (1) إذ يقول: فبما أن الحجامة لا تعد علاجاً إسعافياً ولا تصل الحاجة لها إلى حد الضرورة، فإننا نرى خروجاً من الخلاف إرجاءها إلى الليل، أي إلى ما بعد الفطر حيث يكون المريض أقوى على تحمل الحجامة .
الحجامة والطهارة
ذهب المالكية والشافعية إلى أن الحجامة لا تنقض الوضوء، وذهب الحنفية إلى انتقاض الوضوء بالحجامة لأن الوضوء عندهم واجب بخروج النجس، أما الحنابلة فقد ذهبوا إلى أن ما خرج من الدم إن كان فاحشاً فإنه ينقض الوضوء (2) ويندب الغسل من الحجامة عند الحنفية خروجاً من خلاف من ألزمه – وتكره الحجامة في المسجد عند المالكية، هذا إذا أمن تلوثه وإلا حرمت(3) .
الحجامة للمحرم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : "احتجم النبي r وهو محرم" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية للبخاري قال : " احتجم النبي r في رأسه وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له لحي جمل" .
وعن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: "لا يحتجم المحرم إلا أن يضطر إليه مما لابد منه " أخرجه مالك في الموطأ وإسناده صحيح .
قال الإمام النووي في شرحه صحيح مسلم وفي هذا الحديث دليل على جواز الحجامة للمحرم. وقد أجمع العلماء على جوازها في رأسه وغيره إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه. وهذا الحديث محمول على أن النبي r كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع الشعر. أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قلع شعر فهي حرام كتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا ( الشافعية) وعند الجمهور ولا فدية فيها، وعن ابن عمر ومالك كراهتها ".
قال الحافظ في الفتح:وعن الحسن فيها الفدية وإن لم يقطع شعراً، وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر وتجب الفدية.
جواز أخذ الحجام أجره
عن أنس رضي الله أنه سئل عن أجر الحجام فقال : " احتجم رسول الله r حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه وقال :" إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " رواه البخاري ومسلم .
قال أبو عيسى: حديث أنس حسن صحيح وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي r وغيرهم في كسب الحجام وهو قول الإمام الشافعي .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : " كان النبي r يحتجم ولم يكن يظلم أحداً أجره " رواه البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r احتجم وأعطى الحجام أجره" أخرجه البخاري ومسلم، وعند أبي داود بعد قوله أجره " ولو علمه خبيثاً لم يعطه ".
وعن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله r يقول: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام " رواه الترمذي والإمام مسلم .
وعن رافع أيضاً عن رسول الله r قال : " ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث " رواه البخاري ومسلم .
قال ابن الأثير في شرح الغريب:[ خبيث ] الخبيث الحرام وهو يطلق على المكروه وهو الذي عنى به في كسب الحجام، وأما قوله في ثمن الكلب ومهر البغي " فيريد به الحرام ". قال الخطابي: وقد يجمع الكلام بين القرائن واللفظ ويفرق بينهما في المعنى ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله r عن كسب الحجام وعن ثمن الكلب وكسب الفحل " رواه النسائي وأبو داود بسند صحيح ( الأرناؤوط ).
عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن رسول الله r في أجرة الحجام فنهاه عنها وكان له مولى حجاماً فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال له آخراً " اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن .
وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:" وقد اختلف العلماء في كسب الحجام فقال الأكثرون من السلف والخلف لا يحرم كسب الحجام ولا يحرم أكله لا على الحر ولا على العبد وهو المشهور من مذهب أحمد. وقال في رواية عنه قال بها فقهاء المحدثين يحرم على الحر دون العبد، واعتمدوا هذه الأحاديث وشبهها .
واحتج الجمهور بحديث ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي r احتجم وأعطى الحجام أجره ولو كان حراماً لم يعطه"، وحملوا هذه الأحاديث التي في النهى على التنزيه والارتفاع عن دنيء الأكساب والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ولو كان حراماً لم يفرق فيه بين الحر والعبد فإنه لا يجوز للرجل أن يطعم عبده مالا يحل".
وقال الحافظ ابن حجر (1):واختلف العلماء في هذه المسألة فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بحديث " احتجم النبي r وأعطى الحجام أجره " وقالوا هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم، فحملوا الزجر على التنزيه،ومنهم من ادّعى النسخ وأنه كان حراماً ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي، والنسخ لا يثبت بالاحتمال وذهب أحمد وجماعة إلى التفريق بين الحر والعبد فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة، ويحرم عليه الإنفاق على نفسه منها ويجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب منها وأباحوها للعبد مطلقاً، وعمدتهم حديث محيصة أنه سأل النبي rعن كسب الحجام فنهاه، فذكر له الحاجة فقال:" اعلفه نواضحك " (2) وذكر ابن الجوزي أن أجر الحجام إنما كره لأنه من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم إعانة له عند الاحتياج فما كان له أن يأخذ على ذلك أجراً /إهـ.
وقال ابن قيم الجوزية (3): وأما إعطاء النبي r الحجام أجره فلا يعارض قوله "كسب الحجام خبيث " فإنه لم يقل: إن إعطاءه خبيث بل إعطاؤه إما واجب وإما مستحب وإما جائز، ولكن هو خبيث بالنسبة للآخذ وخبثه بالنسبة إلى آكله فهو خبيث الكسب ولم يكن من ذلك تحريمه، فقد سمى النبي r الثوم والبصل خبيثين مع إباحة أكلهما. ولا يلزم من إعطاء النبي r الحجام أجره حل أكله فضلاً عن كون أكله طيباً فإنه r قال :" إني لأعطي الرجل العطية يخرج بها يتأبطه ناراً " والنبي r قد كان يعطي المؤلفة قلوبهم من مال الزكاة والفيء مع غناهم وعدم حاجتهم إليه ليبتلوا من الإسلام والطاعة ما يجب عليهم بذله بدون إعطاء، ولا يحل لهم توقف بذله على الأخذ بل يجب عليهم المبادرة إلى بذله بلا عوض. وهذا أصل معروف من أصول الشرع، إن العقد والبذل قد يكون جائزاً، أو مستحباً أو واجباً من أحد الطرفين، مكروهاً أو محرماً من الطرف الآخر ".
وبالجملة فخبث أجر الحجام من جنس خبث أكل الثوم والبصل، ولكن هذا خبيث الرائحة، وهذا خبيث لكسبه وهذا هو الذي قرره أهل العلم /إهـ كلام ابن القيم.
ويرى الإمام الطحاوي(1) أن النهي عن كسب الحجام ووصفه له r: كسب الحجام خبيث منسوخ بإعطائه r له أجره. وهذا الذي عليه جمهور الفقهاء من علماء المسلمين.
دفن دم الحجامة:
ويستحب أن يدفن دم الحجامة فقد ورد عن أم سعد رضي الله عنها (1) أنها قالت: " كان رسول الله r يأمر بدفن الدم إذا احتجم". وعن عبد الله بن الزيير رضي الله عنهما قال: احتجم رسول الله r وأعطاني دمه وقال: اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو إنسان، فتنحيت فشربته ثم أتيت رسول الله r فقال ما صنعت ؟ قلت: صنعت الذي أمرتني به، قال: ما أراك إلا قد شربته، قلت نعم. قال: ماذا تلقى أمتى منك. قال أبو سلمة: فيرون أن القوة التي كانت في ابن الزبير من قوة دم النبي r.
وقال الإمام النووي (2) قال أصحابنا[أي الشافعية]:" والدفن لا يختص بعضو من علم موته، بل كل ما ينفصل من الحي من عضو وشعر وظفر وغيرها من الأجزاء يستحب دفنه وكذلك توارى العلقة والمضعة تلقيها المرأة، وكذا يوارى دم الفصد والحجامة /إهـ .
وفي حاشية الشرواني عن التحفة (للشافعية) قولهم: ويسن دفن ما يزيله من شعر وظفر ودم(مغني المحتاج:حاشية الشرواني 2/476).
وعند الحنفية،ذكر ابن عابدين في حاشيته 5/26:" يستحب دفن الشعر والظفر والدم والمضغة والعلقة اللتين تلقيهما المرأة ".
وعند الحنابلة، ورد في كتاب (المغني1/64)"ويستحب دفن ما قلم من أظفاره أو أزال من شعره ، وكان يعجبه دفن الدم".

الحجامة
في التراث العربي الإسلامي
الحجامة عند ابن قيم الجوزية في كتابه الطب النبوي:
..... وأما منافع الحجامة فإنها تنقي سطح البدن أكثر من الفصد، والفصد لأعماق البدن أفضل، والحجامة تستخرج الدم من نواحي البدن. والتحقيق في أمرها وأمر الفصادة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والأسنان والأمزجة. وقد نص الأطباء على أن البلاد الحارة، الحجامة فيها أنفع وأفضل من الفصد، وتستحب وسط الشهر وبعد وسطه وفي الجملة في الربع الثالث من أرباع الشهر، لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ وفي آخره يكون قد سكن، وأما في وسطه وبعيده فيكون في نهاية التزايد.....
وبعد أن يورد ابن القيم ما ورد من أحاديث نبوية في الحجامة يخلص إلى القول :
..... ومن ضمن هذه الأحاديث استحباب التداوي، واستحباب الحجامة وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال، وجواز احتجام المحرم وإن آل إلى قطع شيء من الشعر فإن ذلك جائز وفي وجوب الفدية عليه نظر ولا يقوى الوجوب. وجواز احتجام الصائم، لكن هل يفطر بذلك أم لا ؟ مسألة أخرى والصواب الفطر بالحجامة لصحته عن رسول الله r من غير معارض. وفيها دليل على جواز استئجار الطبيب وغيره من غير عقد إجارة بل يعطيه أجرة المثل أو ما يرضيه وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة فإن النبي r أعطى الحجام أجره ولم يمنعه من أكله .../إهـ
الفصد والحجامة عند البغدادي[المتوفى عام 29هـ](1) .
قال: وهما من حوائط الصحة. بوب عليه البخاري "باب الحجامة من الداء " فقد أمر رسول الله r بالحجامة. وفي كراهة فصد العروق روايتان أظهرهما عدم الكراهة وقد بعث رسول الله r إلى أبي بن كعب طبيباً فكواه وفصد العرق. فالحجامة تنقي سطح البدن والفصد لأعماقه والحجامة تستعمل في البلاد الحارة والفصد في البلاد الباردة وينبغي أن يجتنب الحجامة بعد الحمام إلا لمن غلظ دمه، ويكره على الشبع ..../ .
الحجامة عند ابن القف (1)
" إن الحجامة عند الجراحين تعني بالمادة الدموية المستولية على ظاهر البدن لإخراجها إما بشرط(الحجامة الرطبة) أو بلا شرط (الحجامة الجافة). والتي بغير شرط إما بنار أو بغير نار(بالمص)...
والطبيب خادم الطبيعة يحذو حذو أفعالها وإذا دعت الحركة الطبيعية المادة إلى جهة من الجهات، أو مالت بنفسها إلى تلك الجهة فمن الواجب أن تُعان على إخراجها وتخفيف مقدارها وذلك بفتح مجاريها أو بشرط الجلد ثم وضع ما يعين على بروزها بالمحاجم .
والحجامة تلزم حين الحاجة لا سيما في الأبدان العليلة مع مراعاة مقدار الشرط (طوله وعمقه بحسب مقدار مادة الخلط وقواها )، و يمرخ العضو قبل الشرط تمريخاً قوياً ويعلق عليه المحاجم مرة أخرى بغير شرط لتنجذب المواد المراد إخراجها .
أما المواضع المناسبة للحجامة فمنها النقرة التي فوق القف بأربع أصابع وتنفع من الرمد وثقل الرأس، والقمحدوة والأخدعين في جانبي العنق، والذقن والكاهل(بين الكتفين) والمنكب مقابل الترقوة من الخلف والناغض خلف اليد .
والمحاجم بغير النار تمص مصاً بالغاً وتريح العضو لتسكين الوجع، والمحاجم بالنار، فيوضع قطن داخل المحجمة أو في قدح مناسب وتوقد فيه نار ثم نلقمه العضو فإنه يجذبه ويمصه مصاً قوياً .
كتاب " الفواكه الدوائي على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ".
فوائد تتعلق بالحجامة ، منها :
يستحب لمن أراد الحجامة ألا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده كذلك.ومثل الحجامة في ذلك الفصادة. ومنها: أنه إذا أراد الحجامة في الغد أن يتعشى في ذلك اليوم عند العصر ، ولا ينبغي له دخول الحمام في يومه ذلك.
ومنها أنه ينبغي أن لا يأكل مالحاً إثر الحجامة فإنه يخاف منه القروح والجرب، نعم يستحب له إثرها الحلو ليسكن ما به، ثم يحسو شيئاً من المرقة ويتناول شيئاً من الحلو إن قدر، وينبغي له ترك اللبن بسائر أصنافه ولو رائباً، ويقلل شرب الماء في يومه.
ومنها اجتناب الحجامة في نقرة القفا لما قيل من أنها تورث النسيان، والنافعة في وسط الرأس لما روي عنه عليه الصلاة والسلام " إنها في هذا المحل نافعة من وجع الرأس والأضراس والنعاس والبرص والجذام والجنون".
ومنها أنه يستحب ترك الحجامة في زمن شدة الحر في الصيف، ومثله شدة البرد في الشتاء، وأحسن زمانها الربيع، وخير أوقاتها في الشهر عند أخذه في النقصان قبل انتهاء آخره /إهـ.
مقالة في الفصد لأمين الدولة بن التلميذ ( المتوفى 560هـ)
الفصد هو تفرق اتصال إرادي، يتبعه استفراغ كلي من العروق خاصة ويتوسطها من جميع الجسم، وقولنا من العروق خاصة لنفصله عن الحجامة لأن الحجامة هي تفرق اتصال لكن أكثر استفراغها من نواحي الجلد والفضل لا من العروق خاصة .
الأغراض المقصودة في الفصد ثلاثة وهي إما نقص الكمية وإما إصلاح الكيفية وإما هما معاً .
[ثم ذكر أبواباً يفصل فيها في كيفية الفصد لسنا هنا في معرض إيرادها حتى وصل إلى الباب السادس في ذكر العلل التي يفصد لها كل واحد من هذه العروق]:
تفصد عروق الهامة لقروح الرأس والسعفة والصداع ويفصد عرق الجبهة للسدد، وثقل الرأس وغلظ الجفون، وعرق المآقين للسبل والأرماد العنيفة. وعرق الأرنبة للبثور في باطن الأنف وبخر الأنف ونتن ريحه ونتن رائحة الفم، ويفصد شريانا الصدغين للشقيقة الصعبة والنوازل الدموية إلى العينين. والعرق التي خلف الأذنين لقروح مؤخر الرأس، وأما عرق الذقن فيقال أن فصده ينفع في البخر.
والودجان يفصدان للجذام والأمراض السوداوية وخشونة الصوت والبحة المزمنة. والعرق الذي على الكبد يفصد للمستسقين الذين يحتاجون إلى إخراج الدم. والباسليقان ينفعان من أمراض التنفس وأمراض الأحشاء الامتلائية.والشريان الذي بين الإبهام والسبابة وهو الذي أمر جالينوس بفصده من اليمنى من امرأة لوجع كان في كبدها . وهو شديد النفع من الأمراض المزمنة في الكبد والحجاب .
وأما عرق النسا فيفصد من ألم مفصل الورك الممتد إلى القدم والمسمى وجع عرق النسا، والصافن يفصد لإدرار الطمث ولأصحاب الشقيقة.
الباب السابع في العلل التي ينفع بها الفصد : ينفع من أصناف سوء المزاج الحار مع مادة كالحميات الحارة والحميات الحادثة من عفونة الأخلاط كما ينفع في الأورام الحارة كالسرسام والرمد الحار وذات الرئة وذات الكبد وسائر أورام الأحشاء. وينفع في الخفقان الحار والصداع الحار والتشنج الامتلائي ويفصد من يخاف عليه حدوث ورم بعد ضربة، ويفصد من يعتريه نفث الدم من انصداع عرق في الرية لأن الدم إذا كثر في أوردتها صدع ذلك العرق فعلاً بغته الدم، فيفصد ليؤمن الانصداع .
وأما الأصحاء، فإن أصحاب الكباد الحارة وهم الذين عروقهم واسعة وألوانهم حمر جيدة ذات رونق يكون الأقدام إلى فصدهم أكثر ./إهـ(1).

الحجامة
تعريفها ..وأنواعها .
الحجم لغة: المصُ، يقال: حجم الصبي ثدي أمه إذا مصه، سمي به فعل الحاجم لما فيه من المص للدم في موضع الشرط، والفعل منه(حجم) بفتح الجيم ويحجم(بالكسر والضم)، واحتجم: طلب الحجامة، يقال: احتجم من الدم، والحجام [ المصّاص]. قال الأزهري: يقال للحاجم [حجّام ] لامتصاصه فم المحجمة. والحجامة هي فعل الحاجم وحرفته، والمحجم: الآلة التي يحجم بها، أي يمُصُ بها الدم، وهي أيضاً مشرط الحجام، وكذلك الآلة التي يجمع بها الدم[أي قارورته](1) .
فإذا استعمل المحجم للمصّ دون شرط الجلد سميت(الحجامة الجافة) كما يدعوها العوام " كؤوس الهواء" حيث تشعل ورقة أو قطعة قطن داخل الكأس لتفريغ الهواء ثم توضع مباشرة على جلد المريض، وآلية ذلك أن الهواء يسخن داخل الكأس فيتمدد بالحرارة وعند ملامسته للجلد يبرد الهواء فينكمش ويقل حجمه فيحدث فراغاً داخل الكأس مما يجذب الجلد إلى جهته، ويؤولها آخرون أن الاحتراق نفسه يستهلك الأوكسجين ضمن الكأس، ويحدث فراغاً يجذب إليه الجلد ويحدث تبيغ الدم في موضعها، حيث يتغير لون الجلد فيصبح بنفسجياً لعدة ساعات نتيجة لاحتقان الدم فيه وتمر عليه أيام قبل أن يعود إلى الجلد لونه الطبيعي (1) .
أما إذا جرى تشطيب أو شرط للجلد قبل تطبيق المحاجم عليه فهي الحجامة الدامية أو الرطبة والتي تهدف إلى استخراج كمية من الدم من الدورة الدموية للمريض وطرحها خارجاً لغاية علاجية أو وقائية.وذلك لأن المحجم أو الكأس إذا طبق على المكان المبزغ بالمشرط فإنه يسرع في خروج الدم ويعمل بذلك على منع تجمده على فوهة الجرح وتوقف سيلانه وهكذا فإن كؤوس الحجامة تمص الدم من المكان المبزغ(2)حتى تمتلئ بالدم فيرفع الكأس ويوضع مكانه رباط ضاغط، وليعلم أن مكان الشرط قد يترك ندباً دائمة لا تزول وخاصة عندما يكون الشرط عميقاً .
والفصادة مثل الحجامة تهدف إلى استخراج كمية من دم المريض على أن يتم ذلك ببزل الوريد بإبرة عريضة – وقد تتم ببزل الشريان .
يقول الدكتور النسيمي(1):" إن المصادر اللغوية وكتب الحديث تدل على أن الحجامة الشائعة عند العرب وخاصة في العهد النبوي هي الحجامة المبزغة لقوله r عنها [شرطة محجم] ولم أعثر على نصوص تفيد صراحة وجود الحجامة الجافة في ذينك العهدين، غير أن المص الذي يفيده معنى الحجم يمكن أن يتصور من دون شرط، فقد ورد عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: دعا النبي r حجاماً فحجمه بقرن وشرط بشفرة، فرآه رجل من بني فزاره فقال: يا رسول الله علام تدع هذا يقطع لحمك ؟ فقال أتدري ما هذا ؟ هذا الحجم وهو خير ما تداويتم به(2).
وكان المحجم يتخذمن أي آلة مجوفة ذات فوهتين، وأول ما اتخذ من قرون الحيوانات كقرن الثور، حيث توضع الفوهة الواسعة على المكان المختار للحجم من الجلد ثم يسحب الهواء من المحجم من الفوهة الثانية بمصه بواسطة الفم، فبالمص يخلخل الهواء في المحجم المطبق ويحدث هجوم دموي إلى الجلد بسبب ازدياد الضغط الداخلي عن الخارجي، ويخرج الدم من العروق الدقاق محدثاً ما يشبه الكدمة. وبذلك يخف أو يزول احتقان المناطق من البدن الواقعة تحت موضع الحجامة، علاوة إلى حدوث أفعال انعكاسية أخرى ذات تأثير بين في تسكين الآلام وزوال الاحتقان(1)(1).
يقول البروفسور سيرنيك عمر Sir Nik Omar من كولومبو (2) :"منذ العصور الغابرة استعمل الصينيون الحجامة بقرون الحيوانات Horn Method . وأول ما طبقت لاستخراج الصديد من مكامنه في الآفات الجلدية الالتهابية. ولقد تطورت الحجامة حديثاً وتطورت أدواتها إلى حد كبير كما توسعت استطباباتها كثيراً لبساطتها ولعظم فوائدها العلاجية ولفتت الأنظار لتطبيقها في العديد من المراكز الطبية العالمية ".
ويقول د. ستيفن ميكر Stephen Meeker (1) هناك اليوم أنواع مختلفة من المحاجم: مطاطية Rubber وخشبية ( تصنع من خشب البامبو أي الخيرزان ) وبلاستيكية وأفضلها بدون شك المحاجم الزجاجية " الشكل رقم 3" لأن أداءها جيد وتستمسك بالجلد بشكل أفضل. والمحاجم على نوعين من حيث الأداء، فالتقليدية تحتاج إلى حرق شيء داخلها بالنار لإحداث الفراغ المطلوب، والحديثة مجهزة بمكبس(مدك) يمكن عند سحبه إحداث تخلية للهواء من دون إحداث نار، وهذه المحاجم(ذات المكبس) يمكن التحكم بها بشكل أفضل، كما أن للمحاجم(الكؤوس)حجوماً مختلفة نختار منها ما يناسب المكان المراد للحجم فيه فالصغيرة للرقبة مثلاً والكبيرة للظهر وهكذا، كما أن من حسنات الكؤوس الصغيرة أنها أكثر مصاً للدم.
==========
يتبع







رد مع اقتباس
قديم 03-12-2005, 10:40 PM   رقم المشاركة : 4
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

أشكال من المحاجم
وقد استحدث الأطباء أنواعاً من المشارط الخاصة لإجرائها بشكل مبسط وتظهر الصورة رقم (2) أشكالاً لمشارط منوعة، منها مشرط فيدال ذي الثلاث، أو الثمانية شفرات، مخفية تظهر عند الضغط على زر جانبي فتحدث ثلاث، أو ثمانية شرطات بآن واحد لتسهيل العمل (1)).
الحجامة بدودة العلق Blood Sucking Leech .
العلق دود يعيش في أماكن معينة كالمستنقعات حيث يلتقط من هناك ويحفظ ضمن قوارير زجاجية تملأ بالماء ويستفاد من خاصة التصاقه بالجلد وامتصاصه لمقادير معينة من الدم وإن كان البعض يتهم استعمال العلق بإمكانية إحداثه للتلوث والأغلب أنهم يفعلون ذلك بسبب التقزز منه (2).
يقول العلامة ابن منظور (1): العلق دويدة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية لامتصاصها الدم الغالب على الإنسان، والمعلوق من الدواب والناس: الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب، وقد يشرط موضع المحاجم من الإنسان ويرسل عليه العلق حتى يمص دمه، والإعلاق إرسال العلق على الموضع ليمص الدم.
وفي الحديث عن عامر رفعه: " خير الدواء العلق والحجامة، وفيه أيضاً: "خير الدواء اللدود والسعوط والمشي والحجامة والعلق " ذكرها السيوطي في الجامع الصغير وأشار إلى ضعفها .
ويقول ابن القف في كتابه " الجراحة ": والعلق جذبه للمواد الدموية أبلغ من جذب الحجامة ولو أنه أقل من الفصد، ومن العلق ما طبعه السمية
ومنه ما هو خال من السمية وهو المستعمل في المداواة الطبية، وتصاد أو يوم واحد ثم تكب على رؤوسها حتى يخرج جميع ما في أجوافها حتى يشتد جوعها وتلتقم الجلد. حتى إذا امتلأت أجوافها تسقط ويعلق غيرها إذا لزم الأمر، وتعلق المحاجم حيث تمص مصاً قوياً لجذب الدم المتبقي" /إ هـ.
وفي القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر بلغ استعمال العلق الطبي لاستنزاف الدم أوجه من الناحية الطبية. ومنذ أوائل هذا القرن تراجع تطبيق هذه الطريقة المنفرة – كما يقولون – حتى بدا وكأنه تم التوقف عن استعمالها مطلقاً في الوسط الطبي .
يقول تشارلز لينيت (1) الذي يعمل في قسم البيولوجيا التابع لجامعة يوتا – في مدينة لوغان الأمريكية: "في الوقت الذي خلنا فيه أن هذه الدودة لم تعد الرفيقة الملازمة للطبيب، بدأت تظهر معالجات جديدة تستخدم العلق، فقد أخذ أطباء الجراحة الرأبية يلجؤون إلى العلق الطبي لإخراج الدم من الانسدادات التي تعقب العمليات، وهذا إجراء يزيد من نجاح زرع الأنسجة، ورأب الثدي، وإعادة وصل الأطراف والأصابع المبتورة بإنقاص تواتر التموت Necrosis الموضعي للأنسجة. ويجري البحث اليوم في المواد الكيميائية الهامة لتلك العملية والمطروحة في لعاب العلق، ولكونها عوامل علاجية ضد عدد من الأمراض من بينها التصلب العصيدي والخثار Thrcombosis والسرطان" .
وفي عام 1987 كتب كل من مات كلارك Matt Clark ودونا فوت (1) من لندن على أن العلق قد عاد في السنوات الأخيرة فاتخذ طريقه مجدداً إلى الممارسة الطبية، فالعلق تستخدمه اليوم مؤسسات طبية أمريكية وبريطانية وفرنسية بعد الجراحة المجهرية لإعادة وصل أجزاء من الجسم كالأصابع والأنوف، فلقد تبين للجراحين بأنهم عندما يعيدون وصل الأعضاء يمنى عملهم بالفشل خلال مدة قصيرة بسبب احتقان الأوعية الشعرية، فإذا وضعت علقة على ذلك الجزء من الجسم فهي تفتح الأوعية الصغيرة. فبعد أن تمص ما مقداره 28 غ أو نحوه من الدم وتسقط، نلاحظ عودة جريان الدم عند المريض بعد عدة أيام إلى صورته الطبيعية داخل النهاية التي أعيد زرعها.
ويرى صوير Sawyer الذي يدير مختبراً بيولوجياً في ويلز، هو في الواقع مزرعة للعلق، أن ما سيكون أشد إثارة في المستقبل هو الإمكانات الصيدلانية التي يوفرها لعاب العلق، و " الهيرودين Hirudin " تلك المادة الموجودة في اللعاب والتي تمنع تخثر الدم، كما يحتوي اللعاب على مادة الهيمنتين Hementin المشابهة والتي عزلها "صوير " من نوع من أنواع علق الأمازون والتي تميع الخثرات فور تشكلها .
ويبدو أن هناك مادة مخدرة في اللعاب يفترض بأنها تحول دون شعور مستخدم العلقة بالألم عند امتصاصها لدمه وعندما يبعدها عن جلده. وأخيراً فاللعاب يحتوي على مادة الأورغيليز Orgelease وهي خميرة تساعد على زيادة تدفق الدم في منطقة النسيج الذي تتغذى(تمص)العلقة فوقه. ويعتقد صوير أن المادتين المضادتين للتخثر علاوة على هذه الخميرة يمكن أن يبرهن على فائدتها في معالجة الذين يتعرضون للأزمات القلبيةHeart Attack لأنها تنشط جريان الدم في المناطق المؤوفة من العضلة القلبية .
وقد ذكرت مجلة نيوزويك العربية (1)أن العلق اليوم يستعان به في مشفى العيون المركزي في موسكو لإزالة ظلمة العين عند المصابين بالساد Cataract عند وضعه على صدغ المريض. كما يطبق في مستشفى هامر سميث الشهير في لندن، حيث يجد أطباء المشفى المذكور أن مداواة تلوث العلق – إن كان ملوثاً كما يدعى البعض – أهون بكثير من مداواة ما يشفيه العلق وإن كان ملوثاً .
أشكال مقترحة للحجامة ؟
يتساءل د. فاخوري (1) عن إمكانية قلع سن من فم مريض بالشقيقة ليس له حاجة به – كرحى ثالثة مثلاً فقدت مقابلتها وتطاولت – وتركها تنزف لمدة محدودة، أي باختصار القيام بعملية حجامة فموية على أسنان تحتاج للقلع ولا يقوم المريض بقلعها بسبب الخوف أو غيره، فيشجعه طبيب الأسنان على قلعها كحجامة فموية للمصاب بالشقيقة .
ويرى كثير من أطباء الأسنان أن النزف بعد القلع يخفف الألم حتى إن إحدى طرق معالجة التهاب السنخ الجاف هي تخريش مكان القلع حتى ينزف فتتحسن الحالة .
فهل نستطيع تفسير شفاء الشقيقة بالحجامة أن النزف يقلل أو يوقف الألم، وهل صحيحة تلك المقولة: أن النزف والألم لا يلتقيان ؟
الحجامة الحديثة: ما هي ؟
تقول د. هيلينا عبد الله من ماليزيا(1) أن الحجامة الحديثة طريقة معاصرة هدفها تنظيف الدم من خلال الجلد. فمن خلال هذه الطريقة يتسنى للجسم التخلص من فضلاته السمية الموجودة في الدم، دون استنزاف ثروة الدم المتنقلة في أجسادنا. وهذه الطريقة خالية من المحاذير أو المفاجآت غير السارة. ويمكن أن تلبي احتياجات المجتمع المعاصر. وتعتبر الحجامة الحديثة طريقة مأمونة جداً وغير مؤلمة وغير ضارة، وتستعيد وظائف الجسم وتحقق الوقاية جنباً إلى جنب مع العلاج لكثير من الأمراض. ويؤدي استخدامها المتكرر إلى التخلص من الفضلات السمية الموجودة في الدم ومن الفضلات الموجودة تحت الجلد.
وترى د. هيلينا أن المؤشرات العامة إلى استخدام الحجامة الحديثة هي:
1- عندما يكون الدم زائداً جداً لدرجة أن مرضاً ما يوشك أن يظهر نتيجة لذلك.
2- عندما يكون المرض موجوداً بالفعل .
3- الآلام التي يعاني منها الجسم ابتداء من الضجر والخفقان وحتى الآلام الحادة .
4- الأضرار الناتجة عن السقوط أو الصدمات أو الحوادث .
5- الضعف العام والإعياء .
6- مشكلات التنفس كاللهاث أو صعوبة التنفس أو التنفس بألم .
7- المالنخوليا أو الإحباط الشديد .
8- الالتهابات .
وتتكون الحجامة- كما تقول د. هيلينا – من أربع عمليات للعلاج. وهكذا لا يتركز العلاج على تقليل الفضلات السمية في الدم فحسب ولكنها تركز على تقوية حيوية الجسم ومقاومته للأمراض إلى جانب التخلص من الفضلات الراكدة.
أما العمليات الأربع فهي:
1- الوخز بالإبر:
تتحرك عملية الوخز بالإبر خلال إجراء الحجامة حيث تستخدم كاسات بلاستيكية وذراع امتصاص لإحداث عملية الامتصاص على نقاط الوخز مما يعطي الجسم إحساساً بالتوازن في ضغطه. وبالإمكان التحكم في الضغط الناتج بواسطة اليد حسب تحمل المريض، كما يجب أن تكون تلك العملية مريحة للمريض.وحيث يخفف الضغط إذا بدا للمريض أي ازعاج .
2- فصد الدم :
يتم وخز البقعة المشكلة بواسطة إبرة معقمة ثم يتم الضغط على نفس البقعة من الجلد باستخدام كأس بلاستيكية والذي يحدث بواسطة المضخة اليدوية المتصلة بالكأس بواسطة الضخ وهكذا ينشأ عنه تفريغ شديد يؤدي إلى إجبار الفضلات السمية الراكدة في الدم على التدفق خلال الجلد الموخوز .
3- تنشيط نقاط الوخز:
يحدث تنشيط نقاط الوخز عندما يتم وخز الجلد بالإبر وتتركز جميع الوخزات حول نقطة وخز معينة وعند معالجة الأمراض المزمنة كالصرع والسعال المزمن والبلغم، ويتم اختيار نقاط بعينها للوخز وإبراً للعلاج وذلك حسب علم الكونيات وأنشطة العناصر الخمسة للطبيب الصيني ين يانج.
4- المعالجة المثلية:
تحدث أثناء إجراء الحجامة الحديثة حيث يتم اختيار المعدات المستخدمة بطريقة تبدو وكأن حارساً ما يحمي إبرة الوخز .
ويبدو مما تشرحه د.هيلينا أن الحجامة الحديثة طريقة تخلط أعمال الحجامة التقليدية مع طريقة الوخز بالإبر المعروفة عند الصينيين.وأرى أنها تتعدى مفهوم الحجامة النبوية و موضوع كتابنا هذا وينبغي لمن أراد أن يدرسها أو يطبقها أن يراجع المراجع الخاصة بها .


شروط السلامة
لمن أراد الحجامة .
كتب السيد علاء الدين محمد السيد في جريدة الرياض السعودية يقول(1):
لقد بدأت الحجامة تأخذ دوراً في المعالجات الطبية فأنشئت معاهد متخصصة في هذا الشأن في ألمانيا وفرنسا والصين وأمريكا وماليزيا والدانمارك. فها هو الغرب قد سبقنا بتطبيق سنة النبي r، يزحف وراء العلاج بالحجامة، وهي نوع من الطب البديل له عياداته المتخصصة في أنحاء العالم، أخذ روادها يتزايدون يوماً بعد يوم لتطبيقها بدل الأدوية الكيميائية والتي أضرت بكثير من الناس، كيف لا والحجامة أمر بها من لا ينطق عن الهوى.
وهناك آداب وشروط عامة لابد في توفرها فيمن يريد أن يمارس الحجامة كتقوى الله والحياء منه سبحانه وتعالى، لكن أهم شروطها :
أولاً : العلم بالطب لقول النبي r:" من تطبب ولم يعلم منه الطب فهو ضامن" فالطبيب باستطاعته تشخيص المرض ليطبق الحجامة في الموضع الصحيح .
ثانياً : أن يمتنع عن إجرائها عند وجود أحد محظوراتها التالية :
ارتفاع الحرارة عند المصاب، والمرضى المصابين بآفة كبدية وخاصة التهاب الكبد الفيروسي، والمصابين بميوعة الدم، وكذا الأطفال الصغار وكبار السن، و المصابين بالرشح أو البرد، ولمن بدأ بالغسل الكلوي .
ثالثاً: أن تطبق مع اتخاذ إجراءات التعقيم الجراحية الخاصة كاستخدام الأدوات الطبية المعقمة من قفازات ومشرط وكؤوس .
رابعاً : يجب أن يكون الحجام أو من يساعده سليماً من الأمراض المعدية وخاصة آفات الكبد الفيروسية والسل الرئوي وغيرها .
خامساً : يجب أن يخضع الحجام لدورة خبرة معتمدة وتحت إشراف خبراء اختصاصيين لضمان شروط السلامة .
وفي كتاب الجراحة يفضل (1) عند إجراء الحجامة أن يستلقي المحجوم على جنبه المقابل للطرف الذي ستطبق عليه المحاجم، كما يمكن اجراؤها والمريض جالس علىكرسيّ أن يميل إلى الإمام. ولا تجوز الحجامة والمريض واقف، أو كان على كرسي ليس له جوانب تمنع المريض من السقوط على الأرض، لأنه قد يغمى عليه وقت الحجامة.
وتمنع الحجامة على جلد مصاب بقوباء أو أمراض جلدية معدية ، كما لا يجوز إجراؤها في المواضع التي لا يكون فيها نسيج عضلي مرن، ولا في الأماكن التي تكثر فيها الأوردة البارزة كظهر اليدين والقدمين عند الأشخاص ضعيفي البنية. كما لا تحجم المرأة الحامل في أسفل البطن ولا على الثديين ومنطقة الصدر خاصة في أشهر الحمل الثلاثة الأولى. ويزيد آخرون بعض الملاحظات كتجنب الحجامة على أربطة المفاصل الممزقة وفي الأيام شديدة البرودة، وعلى الركبة المصابة بالماء(المفاصل المتورمة) ولكن بجوارها .
ويوصي بعضهم بتجنب الحجامة بأكثر من كأس لمن يعاني من فقر دم أو يعاني من انخفاض الضغط، ولمن حجامته على الفقرات القطنية لأنها تسبب في انخفاض ضغط الدم بسرعة، وينصح بأن يشرب المصاب شراباً حلواً أو طعاماً يزوده بسعرات حرارية قبل الحجامة .
ويضيف د. النسيمي كمضاد لاستطباب الحجامة: الداء السكري بعدما ذكر الإنتانات الجلدية وعندما يخشى الطبيب من استمرار النزف مكان التشريط بسبب وجود اضطراب في أزمنة النزف والتخثر والبروترومبين وفي قصورات الكبد.




الحجامة الجافة
وقد عرفناها بأنها تطبيق المحاجم على الجلد الطبيعي دون إجراء تبزيغ أو تشطيب مسبق له . ولإجراء الحجامة تحضر الكؤوس(المحاجم)المعقمة جانباً، ثم يعقم الموضع المراد حجامته بالمطهرات الطبية .
قد نضطر لدهن حواف الكأس بقليل من الزيت أو الفازلين أو كريم كامفوفينيك أو أي مادة مزلقة حتى يحكم لصق المحجم على الجلد، كما يرى كثيرون(1) ضرورة طلي المنطقة كلها بتلك المادة المزلقة لإجراء
حركات(تمسيد) دائرية بكأس الحجامة أثناء تطبيقه .
ثم إن كانت المحاجم تقليدية (الحجامة بالنار): نضع قطعة قطن مبللة بقليل من الكحول أو قطعة ورق، ثم تشعل ويوضع الكأس على المكان المراد من الجلد ( الشكل رقم –7). أما المحاجم ذات المكبس فتطبق على المكان المراد ثم نلجأ إلى سحب المدكَ لإجراء تفريغ الهواء من المحجم .. وإذا حدث ألم ما فيمكن إنقاص حجم الهواء المخلى كما أن هذه الطريقة تسمح بتحريك المحاجم بشكل أسهل .
وهكذا سوف ينسحب الجلد على شكل نصف كرة داخل الكأس ويمكن نزعه بعد 5-10 دقائق بلطف بالضغط على الجلد عند حافة الكأس، وفي حالة حجامة الوجه يجب أن لا تزيد المدة عن ثلاثين ثانية – وينصح البعض بزلق الكأس كل 5 دقائق من مكان إلى آخر لتأخذ المعالجة سطحاً أوسع، وهي ما يدعوها البعض بالحجامة المتزحلقة(1).
تنتهي الحجامة بتشكيل بقعة قرمزية غامقة، وأحياناً يظهر مجرد احمرار خفيف وأحياناً يسود الجلد وقد يكسو سطحه نقط صغيرة من المصل. وبعد رفع المحاجم لا تدهن المنطقة بأي مستحضر، بل بالعكس امسح بلطف المادة المزلقة التي دهنت به. تبدو البقع وكأنها مؤلمة، لكنها ليست كذلك ويتراجع اللون غالباً خلال24ساعة إلا إذا اسود الجلد فإنه يتأخر بالتراجع. أما الأعراض التي طبقت من أجلها الحجامة من ألم وسواه فهي تزول خلال بضعة أيام .
فالحجامة الجافة (1) تفيد في تخفيف أو إزالة الاحتقان من المناطق في البدن الواقعة حولها، علاوة على حدوث تأثيرات انعكاسية أخرى ذات تأثير بين في تسكين الألم وتخفيف الاحتقان. ومن أهم استطباباتها آفات الرئة الحادة واحتقانات الصدر الناتجة عن الإصابات القلبية والرئوية، احتقانات الكبد، التهابات الكلية، التهاب التامور وفي العصابات القطنية الوربية .
ويمكن أن تقوم الحجامة الجافة مقام الاستدماء الذاتي لدى الأطفال أو لدى من يتعذر العثور على أوردتهم من الكهول. والاستدماء الذاتي يكون بنقل الدم من وريد المريض وحقنه في عضله الإليوي، وهي طريقة عامة لإزالة التحسس وتقوية الدفاع الذاتي للمريض .
وتحت عنوان " الحجامة المدلكة من أجل حفظ الصحة " كتبت اختصاصية العلاج الفيزيائي الأمريكية (2) أنيتا شانون Anita Shanon تقول :
الحجامة المدلكة هي تطوير حديث لعلاج قديم وتعتبرإضافة فعالة لعملية حفظ الصحة ومتممة لعلاج عدد من الأمراض الشائعة. ولقد اعتمدت التطبيقات العلاجية للحجامة من خلال إحداث تبيغ في الجلد المحجوم من أجل :
1- تصريف السوائل الفائضة والسموم .
2- حل التصاقات وتنشيط الأنسجة الضامة .
3- تنشيط الدوران الدموي في الجلد والعضلات القريبة .
4- تنشيط الجهاز العصبي المحيطي .
وتتابع الدكتورة شانون بحثها فتقول : التطبيق المفضل للمحاجم هو السطح الواسع للظهر ونتائجها لا تصدق خاصة كمعالجة مضافة للتدليك، وهي مسكنة بشكل فعال للجهاز العصبي كما تساعد على دخول العضوية في حالة من الاسترخاء، وليس نادراً أن تؤدي إلى غطيط عميق. وهي مفيدة جداً لمعالجة ارتفاع الضغط الدموي، والقلق والتعب، والصداع المزمن، والآلام العصبية، والتقفع العضلي، إذ أن العضلات المتقلصة والمحتقنة تتلين وتسترخي بسرعة بعد دقائق من الحجامة التالية للتدليك .
وترى د. شانون أن تخلية الهواء من الكؤوس يحاكي فعلها فعل الضغط الدائري للمساج العميق دون إحداث أي انزعاج. وحركة الكؤوس يمكن أن تكون دائرية أو خطية وهي مناسبة لحل العقد الجاسئة أو المعندة من الجلد المؤوف . واحمرار الجلد مكان التطبيق يدل على حضور جيد للدوران الدموي في سطح الجلد الذي يمكنه عند تطبيق المروخات والحلالات النباتية المائية المسكنة فوراً بعد الحجامة أن تمتص عميقاً في الأنسجة وتؤدي إلى فاعلية سريعة .
تقول د. شانون : إن زيادة الورود الدموي الهائل إلى المنطقة تحضر إليها التغذية الكافية وتؤدي إلى سحب السموم خارج المنطقة عن طريق العود الوريدي. وفي الحقيقة شعور المرضى لا يمكن وصفه (يكاد لا يصدق) والمرضى كثيراً ما يصفون شعورهم بدفء عميق ودغدغة لطيفة تستمر في المنطقة لما بعد انتهاء الحجامة، وخلاصة القول ترى [ شانون ] أن الحجامة ليست مؤذية للبدن ولا للجلد، تطرد الالتهاب وهي عملية ممتازة خاصة عند تطبيقها كعلاج مغاير أي حين تتبع بتطبيق مروخات علاجية أو كمادات باردة.
ومن مستشفى هوليود (1)كتب ستيفن ميكر معللاً الآلية الإمراضية الفاعلة للحجامة يقول:" عندما تشعر بالألم فإن ذلك يعود إلى نقص الأوكسجين في الخلايا بصرف النظر عن سبب أو نوع الألم، وعندما تكون الدورة الدموية أو اللمفاوية في حالة ركود في منطقة ما، أو أن الدم لايستطيع الانتشار نحو الخلايا بشكل صحيح فإنه يفسد بما تتراكم فيه من فضلات استقلابية ومن ثم يبدأ بإعاقة عمل الأجهزة .






المخطط النوعي للحجامة مرحلة وضع كؤوس الحجامة منطقة الجلد المحتقن
في منطقة أعلى الظهر التي تؤدي لاحتقان الدم نتيجة تطبيق كأس حجامة




وضع كؤوس الحجامة مكان
الاحتقان لتشطيبها بعد ذلك






تطبيق جروح سطحية سحب الدم المحتقن الشيخي مظهر الجروح السطحية
بشفرة المشرط ليخرج الدم بواسطة كؤوس الحجامة (التشطيب) بعد الانتهاء من الحجامة
المحتقن الشيخي ( التشطيب)
مراحل إجراء الحجامة المبزغة
والصينيون يسمون هذه الحالة بالسم الدموي أو باختصار SA ويشخصونها عند وجود ألم في المنطقة، ومن انخفاض نسبي في القدرة على الحركة مع وجود علامة ابيضاض الجلد عند ضغطه. وعندما يشخص الطبيب الصيني هذا التناذر SA فإن الحجامة هي العلاج المفضل عندهم ".


=================
يتبع







رد مع اقتباس
قديم 03-12-2005, 10:47 PM   رقم المشاركة : 5
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

الحجامة الرطبة [ المبزغة أو الدامية ]
وهي الحجامة التي يسبقها شرط للجلد وهي التي تشير إليها الأحاديث النبوية الداعية للحجامة والتي يؤكدها قول النبي r " وشرطة محجم ".
ولإجراء الحجامة الرطبة، ننظف الجلد المراد حجامته، وتعقم أدوات الحجامة من كؤوس ومشارط، ويستحسن استخدام مشرط جديد معقم لكل مريض. ثم يعقم الموضع المراد بالمطهرات اللازمة وربما نحتاج وضع قليل من الزيت أو الفازلين على حافة الكأس حتى يحكم التصاقه بالجلد .
يفرغ الكأس من الهواء بحرق قطعة من القطن داخله إذا كان من النوع التقليدي ثم يوضع على الجلد، أما إن كان من النوع الحديث الذي يستعمل المكبس، فيوضع الكأس أولاً على الجلد ثم يخلى من الهواء بسحب المدك .
بعد خمس دقائق بنزع الكأس بالضغط برفق على الجلد عند حافة الكأس ثم يجرى شرط أو تشطيب موضع الحجامة بالمشرط تشريطاً سطحياً خفيفاً، بحيث يتوجب كون التشريط على امتداد العروق أي طولياً من ناحية الرأس إلى القدم وليس عرضياً يتقاطع مع العروق .
توضع الكؤوس(المحاجم) مرة أخرى على المكان المشرط، وينسحب الجلد إلى داخل الكأس ويخرج الدم من خلال الجروح التي أحدثها المشرط . ينزع الكأس عند امتلائه بالدم ويفرغ، ويمكن أن تكرر العملية في نفس المكان حتى تخرج الكمية اللازمة من الدم .
ينظف الموضع عند الانتهاء بالمطهرات المعروفة ويغطى بلاصق طبي وتمسح جوانبه بمنشفة مبللة بماء دافئ .
ويرى الدكتور محمود النسيمي (1) استطبابات هامة للحجامة الرطبة منها :
1- الاحتقانات كاحتقانات الرئة والكبد ووذمة الرئة الحادة وهذه تتطلب السرعة لإسعاف المريض بالحجامة .
2-التهبات التامور والتهاب الكلية الحاد .
3-الآلام العصبية القطنية والوربية والألم الناخس. فالحجامة مسكنة للألم سواء منها الجافة أو الرطبة بحيث توضع المحاجم عند الإصابة بالآلام العصبية القطنية جانبي العمود الفقري وليس على العجز أما في الآلام الوربية فتوضع على الظهر .
4-لأخذ الدم من أجل إجراء الفحوص المخبرية حينما لا يتمكن المخبري من بزل الوريد لأخذ الدم خصوصاً عند الأطفال .
5-الحجامة يمكن أن تقوم مقام الفصد العام أيضاً عندما لا يتمكن الطبيب من بزل الوريد بإبرة غليظة. وقد يوصي الطبيب بالحجامة الدامية إذا ظهرت لدى المريض بعض الأعراض الخطرة من زلة وزرقة بسبب إصابة قلبية أو ارتفاع توتر شرياني شديد .
ويعترف الطب الغربي، وخصوصاً الفرنسي بفوائد الحجامة في الأمراض الجلدية وخاصة الذئبة السلية والذئبة الحمامية والأكالات الحادة والاكزيمة (1).
وفي مستشفى (1) Tianjin أجرىالبروفسورZang z دراسة على تأثير الحجامة المبزغة لمعالجة 45 مريضاً مصابين بالتهاب حاد في العصب مثلث التوائم مع مقارنتها بالطرق العلاجية المألوفة. لم يجد الباحث أي علاقة مميزة للحجامة في التأثيرات المسكنة المؤقتة عن العلاجات المعروفة، لكن وجد امتيازات واضحة في النتائج النهائية العلاجية للحجامة عن مجموعة الشاهد التي عولجت بالطرق الدوائية، وهذا يشير إلى أن الحجامة المبزغة طريقة علاجية فعالة للمصابين بهذه الآفة .
وتفيد الحجامة (2) لمعالجة المصابين بالتهاب الكبد – ث[Hepatitis-c ] ويعلل الدكتور أحمد عبد السميع رئيس قسم الكبد بمستشفى هيئة مصر للطيران استجابة هؤلاء المرضى للعلاج بالحجامة بقوله :" إن الحديد يوجد في جسم الإنسان على هيئات مختلفة، منها تلك الجزئيات الحرة وهي التي تسبب أكسدة الخلايا فتقلل من مقاومتها للفيروس ومناعتها ضده، وإن المرضى الذين ترتفع نسبة الحديد لديهم تكون استجابتهم للعلاج أقل من غيرهم. وقد أثبتت الأبحاث السريرية أن تخليص الجسم على فترات من كمية من الدم تساعد في رفع نسبة الاستجابة للعلاج والإسراع في شفاء هؤلاء المرضى، وليست الحجامة إلا شكلاً من استخراج الدم للتخلص منه. وإني أطلب من الذين يهاجمون الحجامة عمل دراسة طبية منهجية ضمن المعايير العلمية السليمة لإثبات كفاءة العلاج من عدمها .
ومن فنلندا كتب كل من Vaskilampi T, Hanninen O. (1) معتبرين الحجامة الرطبة شكلاً من الطب التقليدي الفلندي حيث عولج 15 مريضاً بهذه الطريقة العلاجية، ويحدث هؤلاء المرضى أن الحجامة كانت نافعة جداً من آلام الأسنان المستمرة والنوبية، ولعلاج آلام الرأس والرقبة والكتفين والظهر، كما أفادت في معالجة ارتفاع الضغط الدموي وعدد من الجلادات المزمنة، ويستحسن إجراؤها بعد مساج للمنطقة أو بعد حمام ساونا ساخن .
- ويقول د. أمير محمد صالح(2):" لقد درست الحجامة بعمق وعالجت بها عدداً كبيراً من الأمراض وكانت فائدتها ملحوظة عند المصابين بآفات في الكبد حيث تؤدي إلى تحسن وظائفه. كما حققت نتائج جيدة عند الأطفال المصابين بشلل نصفي، كما نجحت في علاج البدانة والأمراض المتعلقة بضعف المناعة في البدن وفي علاج حب الشباب المعقد /إهـ.
وينقل الدكتور أيمن الحسيني(1) عن عدد من الباحثين خلاصة دراستهم العميقة للارتكاسات الايجابية الجيدة التي تحصل نتيجة الحجامة. فقد قام فريق طبي بدراسة مخبرية لدم الحجامة، ومن الطريف أن أغلب الكريات الحمراء هرمة وشاذة [الشكل8] وكانت نسبة الكريات البيض محدودة نسبياً، وكأن الحجامة تحفظ بذلك خلايا الدم السويّة بينما تخلص البدن من الخلايا الشاذّة. وينقل عن الطبيب الفرنسي كانتيل توصله لحقيقة مفادها أن الأشخاص الذين أجريت لهم الحجامة تزيد عندهم قدرة الكريات البيض على إنتاج الإنترفون بمعدل عشرة أضعاف قدرتها بعد عمل الحجامة مقارنة لها بقدرتها على إنتاجه عند الأشخاص غير المحجومين. ومادة الأنترفيون هذه هي مادة بروتينة تصنعها الكريات البيض، لها مفعول قوي ضد الفيروسات التي يمكن أن تغزو الجسم، وبالتالي فإن زيادة الأنترفيرون تعني زيادة مناعة الجسم ضد العدوى والمرض .
كما يؤكد الدكتور كانتيل أن عدد الكريات البيض في الدم ترتفع بعد الحجامة ويفسر ذلك بحدوث تنشيط لنخاع العظم المنتج للكريات البيض بعد الحجامة وكأنه قد أفاق وتخلص من تعبه بعد تخليص الدم من الشوائب والأخلاط الغريبة.
وعن خلاصة لدراسة أمريكية يكتب د. الحسيني: أن التهاب الكبد الفيروسي في حالاته الشديدة يزيد من القابلية للإصابة بسرطان الكبد، وتضيف الدراسة أن حدوث هذا السرطان عند الرجال حوالي 74% بينما تنخفض عند النساء إلى حوالي 6%، واعتبرت الدراسة أن أهم أسباب هذا الفارق الكبير في نسبة الإصابة بسرطان الكبد بين الجنسين تميز النساء بالمحيض، معتبرين أن خروج دم الحيض ينقي الجسم ويريح الأعضاء وكأنه حجامة طبيعية ربانية!...
وأثبتت العديد من الدراسات أن مختلف أعضاء البدن تتمتع بحالة من الانتعاش والكفاءة العالية بعد عمل الحجامة، فالكبد تصبح أكثر قدرة على تمثيل الكولسترول والدهون الثلاثية وتخزين السكر الزائد في الدم، كما تتحسن وظيفته في إبطال عمل السموم Detoxification، كما ترتفع كفاءته على تجديد أنسجته الذاتية، ويصبح أكثر قدرة على مقاومة العدوى الفيروسية .أما العيون، فإن آفاتها الناتجة عن نقص التروية تتحسن بشكل جيد بعد الحجامة كما تحسن الحجامة من وظائف الكلية وتقي صاحبها من الفشل الكلوي.







الاستطبابات الحديثة
للحجامة
كتب Subhuti Dharmanda مدير معهد الطب التقليدي (1) في بورتلاند عن آلية تأثير الحجامة يقول:
تعود الحجامة لممارسات صينية قديمة وهي طريقة علاجية لها صلة بتقنيات تدليكية خاصة مثل الوخز والقرص السريع.ومن تلك الممارسات التي يسمونها بالتونيا:
" الجلد الذي يقرص أو يوخز في نقاط معينة حتى يحمر". فالحجامة تطبق في مناطق تطابق نقاط الوخز بالابر,أو مناطق من الجسم متأثرة بالألم. و حيث أن الألم بالحقيقة أعمق من النسج التي يمكن أن تجس, فقوارير الحجامة حين تتحرك على مناطق من سطح الجلد , فالمعالجة تذكرنا حينئذ بالغواشا Guasha أو ما يسمى في الأدب الطبي Sand scraping و هي علاج شعبي في جنوب شرق آسيا يجرى بتشطيب الجلد بواسطة مسامير أو ما يشبهها , لكن حركة المحاجم ألطف و أسلم.
كما أن القوارير المستخدمة في الحجامة /بالنار/ لها شبه بالمعالجة بالكي, وإن الهواء الساخن داخل الكأس له تأثير حاث أو منبه جيد. و يعمل التشطيب (بتزيغ الجلد) قبل وضع المحاجم على تنشيط الدوران الدموي وإزالة الركود منه , فهو يزيل الاحتقان و الوذمات(التورم) ويسكن الألم .
ثم إن Subhuti يؤكد فوائد الحجامة في معالجة الأمراض التالية:
في أمراض الجهاز التنفسي تفيد في معالجة التهاب القصبات المزمن – الربو، التهاب القصبات الحاد والمزمن عند الأطفال.
وفي أمراض الجهاز الهضمي تفيد لمعالجة الزحار، الاسهال الصباحي المبكر
Early Morning Diarrhea والتهاب المعدة المزمن. وتقترح الحجامة حول السرة وفي أسفل البطن ومنطقة المعدة. كما يعالج بها الأطفال المصابون بعسرة الهضم.
وفي تناذر الألم تفيد في معالجة الصداع المزمن والشقيقة، وألم العصب مثلث التوائم، آلام الأسنان و أذيات النسج الرخوة.
وفي اضطرابات الجهاز التناسلي عند المرأة تفيد الحجامة في معالجة بعض حالات العقم واضطرابات الطمث والضائعات البيض وتجري تحت الفقرة القطنية الثالثة، كما تفيد في المعص الرحمي Uterine Cramps .
و تفيد الحجامة أيضاً لمعالجة المصابين بالأرق وفي شلل العصب الوجهي.أما في الأمراض الجلدية فقد ذكر Chen Decheng (1) فائدتها في معالجة العد الشائع كما
ذكر(2) Wang Huaiping فائدتها في معالجة الشرى المزمن حيث ذكرها مع وجوب التشطيب المسبق للجلد [ الحجامة المبزغة ] .



الإعجاز الطبي
في الوصفات النبوية للحجامة
لقد ثبتت في الأحاديث الصحيحة احتجام النبي r بعد اصابته بعدة أمراض، أو أن أمره بالحجامة ووصفه لها قد ثبتت لعدد من الحالات المرضية. وفي هذا الفصل سنعدد الاستطيايات النبوية للحجامة، ومن ثم نستعرض نتائج بحوث طبية علمية حول هذه الاستطبابات تثبت السبق النبوي في تعينها.
الحجامة من الشقيقة والصداع
عن سلمى خادم رسول الله r، قالت : " ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله وجعاً في رأسه إلا قال احتجم ولا وجعاً في رجليه إلا قال : اختضبهما ".أخرجه أبو داود وهو حديث حسن ( الأرناؤوط ).
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " احتجم رسول الله r وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له لحي جمل " رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنه أيضاً أن رسول الله r احتجم وهو محرم من شقيقة كانت به " رواه البخاري في صحيحه .
للصداع (1)أسباب كثيرة كظاهرة وحيدة وأكثرها حدوثاً الصداع المرافق لفرط التوتر الشرياني [ ارتفاع الضغط الدموي ] والصداع الوعائي المسبب للشقيقة . ولعل الحديث الأول التي روته سلمى – خادم رسول الله – يمكن أن يحمل على الشقيقة أو على أي صداع بسبب آخر .
فأما صداع فرط التوتر الشرياني فهو صداع غالباً ما يأتي في الصباح الباكر ويتوضع في مؤخرة الرأس ويتحسن عادة بمعالجة ارتفاع الضغط عند المريض .
والشقيقة (1)عبارة عن نوبات متكررة من الصداع الذي يكون وحيد الجانب في بدايته غالب الأمر، وقد تترافق بحس غثيان وقمه وأقياء، وتسبق بعض النوبات، أو ترافقها اضطرابات حسية حركية أو اضطرابات في المزاج وغالباً ما تكون مرضاً عائلياً . وأثبتت الدراسات الحديثة أن الشقيقة تحدث بنسبة أكبر عند مرضى فرط التوتر الشرياني وسبب ذلك مجهولاً .
وتدعى الشقيقة بالإنكليزية والفرنسية Migraine (2)وهو اسم مشتق من اليونانية لأنها تصيب بآلامها شق من شقي الرأس . وهذا التعبير اليوناني ينطبق على التعبير عندنا بالعربية لأن الشقيقة هي مؤنث شقيق والذي هو بدوره تصغير لشق كما تدعى أحياناً بالصداع النصفي ، وتصيب الشقيقة من 10-20% من البشر كما تصيب النساء منها ضعف الرجال . وقد صدر حول الشقيقة في الولايات المتحدة كتب متخصصة وأفردت لها المجلات صفحاتها ، كما أن البريطانيين ساهموا بالبحث والتأليف وإنشاء الجمعيات المهتمة بأخبارها ، ونظموا المؤتمرات العلمية الخاصة بمناقشة أعراض هذا المرض المزعج وتطوراته ومعالجته ، منها مؤتمراً حضره أكثر من 220 طبيباً من شتى أرجاء العالم(1) .
يقول د. ظافر العطار متابعاً : " كل هذا الاهتمام لم يؤد إلى علاجها جذرياً وإن كان تخفيف حدتها وارداً حسب رأى الجراح برنارد في كتابه " الهيمنة على الشقيقة "(2) فهو يمنع مرضاه من التدخين ويحرم عليهم الخمرة بمختلف أشكالها ويوصيهم بالابتعاد عن أكل الجبن. وأما الحل الجذري لعلاج الشقيقة فيذكره الإمام البخاري في كتاب الطب من صحيحه " احتجم رسول الله r من شقيقة أصابته".
ويورد د. العطار حالة السيدة أ . م . في الـ 45 من عمرها ، مصابة بالشقيقة منذ 20عاماً وازدادت حدة المرض في السنين الأخيرة حتى أنها أخذت إلى المشفى مرة بحالة إسعاف ، احتجمت منذ 15 يوماً وشعرت بزوال الأعراض منذ إجراء الحجامة واستغنت عن كل المسكنات التي كانت تأخذها ، الجبن يسبب لها نوبة ولكنها لا تحب الجبن بشكل طبيعي ، الشوكولا والدخان لا يؤثران عليها . كمية الدم التي استخرجها الحجام تعادل كأس ماء من طرفي نقرتها بالقرب من كل أذن . جدُ المريض كان مصاباً بالشقيقة …. وقد أكدت المريضة أن الخمسة عشر يوماً التي قضتها بدون ألم بعد الحجامة تستحق أكثر من عملية الحجامة بكثير حتى ولو عادت رأساً الآن …
ويرى د. محمود النسيمي (1) أن فائدة الحجامة وسط الرأس ، أي بعيدة عن العروق الكبيرة ، في تسكين صداع الشقيقة يعلل بحدوث انعكاسات على الأوعية الدموية في الدماغ والتي يؤدي انقباضها في الأصل إلى حدوث ذلك الصداع .
وهكذا يتبدى لنا الإعجاز النبوي الطبي في وصفة النبيr في معالجة هذا المرض المحير والذي لم يجد له الأطباء العلاج الشافي حتى اليوم.



الحجامة لتبيغ الدم
وردت كلمة " تبيغ الدم " في أحاديث صحت عن النبي r منها ما ورد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r " إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة ، لا يتبيغ الدم بأحدكم فيقتله " رواه الحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : " نعم العبد الحجام، يذهب الدم ويخف الصلب ويجلو عن البصر " رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب .
ا لتبيغ في اللغة "الزيادة" من قولهم: بغى فلان على فلانة أي زاد عليه ، وقال أبو عبيد عن الكسائي:
التبيغ التهيج . وفي لسان العرب تبيغ به الدم : هاج به ، وذلك حينما تظهر حمرته في البدن، وقد استعمل القاموس الطبي الموحد كلمة التبيغ ترجمة عن كلمة Hyperemia.
وأكثر ما يحدث التبيغ(1) في ارتفاع الضغط الشرياني حيث يحدث ما يسمى بالتبيغ الأحمر ، أي المترافق باحتقان الوجه والملتحمة والشفة واليدين والقدمين ، كما يحدث التبيغ في فرط الكريات الحمر الحقيقي،الذي منه ما يكون أساسياً وهو نادر ، ومنه الثانوي الذي ينجم عن العلل القلبية الخلقية مع الزرقة ، وارتفاق التامور ، والتضيقات الرئوية التي تعيق التهوية وتصلب الشريان الرئوي ، والآفات الرئوية من منشأ إفرنجي ، وفرط الكريات الحمر في المرتفعات ، وفرط الكريات الحمر السمّي وسل الطحال وكيسته المائية ، وكلها أمراض لم تشخص قديماً ولم تفرق عن بعضها وإنما اكتفي بذكر العلامة المشتركة بينها وهي تبيغ الدم .
ومن الأعراض المشاهدة في فرط التوتر الشرياني وفي الأمراض التي يحدث فيها فرط كريات حمر حقيقي يذكر الصداع والدوار وسرعة الانفعال ، وقد تحدث اضطرابات بصرية . وتعتبر الحجامة المبزغة اليوم أوالفصادة دواءً ناجعاً لها .
وفي تعليقه على أحاديث الحجامة والتبيغ يقول الدكتور محمد علي البار(1) :
التبيغ هو غلبة الدم من الإنسان فإذا هاج الدم وارتفع الضغط فإنه قد يسبب انفجار أحد شرايين الدماغ فيقتل المصاب أو يصاب بالفالج [ الشلل النصفي ] كما أن ارتفاع الضغط الدموي قد يؤدي إلى هبوط القلب وحدوث ما يسمى بالجلطة [ احتشاء العضلة القلبية ] وإما إلى الفشل الكلوي وكلاهما قاتل لصاحبه .
فارتفاع ضغط الدم من الأمراض الشائعة التي قد تقتل صاحبها إذا أهمل علاجها . وارتفاع الضغط يسبب إصابة الكلى ثم فشلها وكلما أصيبت الكلى ارتفع الضغط فيدخل المريض في حلقة مفرغة ، كما أن ارتفاع الضغط يسبب تضخم العضلة القلبية ثم هبوطها وخاصة في الجانب الأيسر مؤدية إلى ضيق نفس شديد ( زلة تنفسية ) تزداد عند الاستلقاء أو النوم أو بعد الجهد ، وارتفاع الضغط يزيد في إصابة الشرايين بالتصلب وإذا أصيبت الشرايين القلبية بالتصلب يمكن أن تحدث الجلطة القلبية .
ويتابع د .البار قوله: ويعالج ضغط الدم بإقلال تناول الملح ، وإعطاء خافضات الضغط وقد كانت الحجامة أو الفصادة أحد أركان العلاج في هذه الأمراض ، والغريب حقاً أن الأبحاث الحديثة ذكرت لأدوية علاج الضغط أضراراً قد تفوق فوائدها ، وأوضحت هذه الدراسات أن الذين تلقوا علاجاً بمدرات البول لخفض الضغط المرتفع زادت حوادث جلطات القلب لديهم نسبة لأولئك الذين لم يتلقوا أي علاج . كما أن هناك أبحاثاً تتهم بعض العقاقير المضادة لارتفاع الضغط مثل حاصرات بيتا بتسبب زيادة الكولسترول الدموي، وبالتالي إيجاد عامل خطر جديد لإحداث جلطات القلب . وأن الفائدة المرجوة عن خفض ضغط الدم قد تقلل منه الأضرار الجانبية لهذه العقاقير.
ويقول د . محمد علي البار متابعاً : وما يمكن أن نستنتجه هو أن ضغط الدم المرتفع ارتفاعاً بسيطاً أو معتدلاً قد لا يستفيد المصاب به بمعالجته بالعقاقير المستخدمة وأن اللجوء إلى المعالجات البديلة البسيطة بخفض الملح في الطعام ، وتناول الثوم ، والحجامة تمثل وسيلة فعالة لمعالجة مثل هذه الحالات وتجنب أضرار العقاقير .
ويربط ابن سينا (1)بين تبيغ الدم والدورة القمرية فيقول :
" ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت ، بل في وسط الشهر حيث تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزايد النور في جرم القمر ، وتزيد الدماء في الأقحاف ، والمياه في الأنهار ذوات المد والجزر " .
وهذا المعنى يتوافق مع ما رواه أنس رضي الله عن النبي r قوله : من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين ولا يتبيغ الدم بأحدكم فيقتله " رواه ابن ماجه بسند ضعيف لكن أبو داود رواه بسند حسن [ الأرناؤوط ] .
وهكذا نرى من الأبحاث التي ساقها الدكتور البار وغيرها أن الحجامة المبزغة تعتبر العلاج الأمثل لتبيغ الدم ومن ثم لمعالجة ارتفاع الضغط المسبب له، وهنا تتجلى المعجزة النبوية في هذه الوصفة الرائعة التي نطق بها من لا ينطق عن الهوى.
الحجامة في معالجة الوثي
الوثي هو التواء المفصل العنيف منذ تمطط الربط حتى انقطاعها .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أن رسول الله rاحتجم على وركه من وثء كان به " رواه أبو داود وهو حديث حسن(1) ( الأرناؤوط في جامع الأصول ) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن النبي r احتجم وهو محرم من وجع كان به" رواه أبو داود وفي رواية النسائي " من وثء كان به " الحديث إسناده صحيح
( الأرناؤوط ) .
ولقد ذكر ابن سينا في قانونه استعمال الحجامة بلا شرط على الورك لعرق النسا وخوف الخلع .
وتؤكد المصادر الطبية الحديثة صدق دعوة النبيr للاستشفاء بالحجامة عقب الإصابة بالرض أو الوثي نتيجة حادث ما. فالدكتورة هيلينا عبد الله(2) ترى تحسناً سريعاً للآلام ونقص للوذمة عند معالجة المصابين بالرضوض والوثي وغيرها بالحجامة . وكذلك أكدت أبحاث Subhuti (1) فائدة الحجامة المبزغة في شفاء تناذر الألم وخاصة في أذيات النسيج الرخوة الناجمة عن الرضوض .
معالجة الخراج بالحجامة
يقول د.النسيمي : وذلك بشرط الخراج أي شقه ليخرج منه الصديد ثم وضع المحجم لمص كافة محتوياته .
عن عاصم بن عمر بن قتادة رحمه الله قال : جاءنا جابر بن عبد الله في أهلنا ورجل يشتكي خراجا به – أو جراحاً – فقال : ما تشتكي ؟ قال خراج بي قد شق علي . فقال يا غلام ائتني بحجام فقال له : ما تصنع بالحجام يا أبا عبد الله ؟ قال أريد أن أعلق فيه محجماً . فقال والله إن الذباب ليصيبني أو يصيب الثوب فيؤذيني ويشق علي فلما رأى تبرمه من ذلك قال : إني سمعت رسول الله r يقول : إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار وما أحب أن اكتوي . قال : فجاء بحجام فشرطه فذهب عنه ما يجد " رواه مسلم .
يقول البروفسور(1) Sir Nik Omar من كولومبو :" استخدم الصينيون الحجامة بقرون الحيوانات منذ العصور الغابرة وأول ما طبقت الحجامة لاستخراج الصديد من مكامنه في الآفات الجلدية الالتهابية..."
الحجامة بعد التسمم
يقر الطب الحديث بفائدة الفصادة في معالجة بعض التسممات وقد يوصي بإجراء نقل الدم بعدها ومن البدهي أنه عندما لا يتمكن الطبيب من بزل الوريد بإبرة غليظة فإن الحجامة، التي تعتبر شكلاً من الفصادة الموضعية هي ملجؤه الوحيد./النسيمي/(2)
عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما " أن النبي r احتجم بعدما سُمَ ".
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات ولم يرد نص صحيح في تعيين الموضع المختار للحجامة من تبيغ الدم أو الصداع أو السم ولعله في الأخدعين والكاهل وهما المكانان المعتبران لمعظم استطبابات الحجامة وخاصة الكاهل حيث احتجم رسول الله r .
عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن النبي (ص) احتجم تحت كتفه الأيسر من الشاة التي أكل يوم خبير "(1).
ذكرعبد الرزاق في مصنفه (2) عن عبد الرحمن بن كعب أن امرأة يهودية أهدت إلى النبي r شاة مصلية بخبير فقال ما هذا ؟ قالت هدية . فأكل منها النبي r وأكل الصحابة ، ثم قال r : أمسكوا ، ثم قال للمرأة : هل سممت هذه الشاة ؟ قالت من أخبرك بهذا ؟ قال هذا العظم – لساقها وهو في يده – قالت نعم ، قال : لم ؟ قالت : أردت إن كنت كاذباًَ أن يستريح منك الناس وإن كنت نبياً لم يضرك ، قال : فاحتجم النبي r ثلاثة على الكاهل وأمر الصحابة أن يحتجموا ، فمات بعضهم ".
قال ابن القيم : معالجة السم تكون بالاستفراغات وبالأدوية التي تعارض فعل السم وتبطله ، إما بكيفياتها وإما بخواصها ، فمن عدم الدواء فليبادر إلى الاستفراغ الكلي وأنفعه الحجامة . فإن القوة السمية تسري إلى الدم فتنبعث في العروق حتى تصل إلى القلب فيكون الهلاك . فالدم هو المنفذ الموصل السم إلى الأعضاء فإذا بادر المسموم وأخرج الدم خرجت معه تلك الكيفية السمية التي خالطته ...



=========
يتبع







رد مع اقتباس
قديم 03-12-2005, 10:51 PM   رقم المشاركة : 6
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

الفصادة
Phlebotomy – Venisection
الفصادة(1) أو الفصد هي شق أو قطع العرق أو الوريد لاستخراج الدم، وهي بذلك تختلف عن الحجامة التي تجري بتشريط الجلد وليس شق العرق. عن جابر بن عبد الله:" أن النبي r بعث إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع له عرقاً و كواه عليه " أخرجه مسلم.
لمحة تاريخية (2) :
الفصد مذهب في العلاج عريق في القدم ورد ذكره في أوراق البردي الفرعونية كما خصص له كل من أبو قراط وجالينوس مقالة مفردة . والحقيقة فإنه منذ نشوء الطب وحتى بداية القرن العشرين، خضع الطب لمذاهب شتى وجدت كلها في الفصد وسيلة لعلاج الإنسان ولوقايته من كثير من الأمراض. وأول نظرية متكاملة عللت مقاصد الفصد وضعها أرسطو طاليس في القرن الثالث قبل الميلاد، ثم إن جالينوس وإن كان قد انتقد أرسطو طاليس في تفسيره لمنافع الفصد ، لكنه أقر بفوائده الجمة وأنه يهدف إلى تعديل الأخلاط في الجسم – أو تحريكها، إذْ كان يُرجع أسباب المرض إلى خلل في هذه الأخلاط .
والأطباء المسلمون في عصر نهضتهم طبقوا الفصد مؤكدين أثره الوقائي وهذا ما يؤكده الرئيس ابن سينا(1) إذ قال :" يجب أن تعلم أن هذه الأمراض مادامت مخوفة ولم يوقع فيها فإن إباحة الفصد فيها أوسع، فإن وقع فيها فليترك الفصد أصلاً". ويرى أبو القاسم الزهراوي أن الفصد إما أن يستعمل لحفظ الصحة وإما أن يستعمل في علاج الأمراض .
وقد كان الفصد الوقائي شائعاً في أوربا حتى ظهور الطباعة عام 1462. أما الفصد العلاجي فقد شملت استطباباته جميع الأمراض تقريباً وتفاوتت سعة وضيقاً من زمن لآخر ولم تكن يوماً محددة بوضوح . وفي القرن السابع عشر كان الفصد واسع الانتشار في ايطاليا ، يدلنا على ذلك تلك الآنية الجميلة التي خصصت لجمع دم المفصود. ورغم ظهور معارضين للفصد أمثال هارفي ومالبيغي ، فقد استمر الأطباء في القرن الثامن عشر في الفصد على اختلاف مذاهبهم الطبية .
وفي أمريكا وفي عام 1800 نجد أن بنيامين روش اعتمد في معالجاته على إحداث نزف غزير لمعالجة الحمى الصفراء حيث يعطي المرضى الملينات ويعالجهم بالفصادة.
وعرف الفصد أوج تطبيقه في بداية القرن التاسع عشر حيث كان 75% من نزلاء المشافي يفصدون في أوربا حتى أن المجلة الشهيرة Lancet أخذت اسمها من أداة الفصد ، وكان الجراح الفرنسي بروسي Broussais من أهم الدعاة إليه وكان يعالج به مرضى الالتهاب الرئوي الحبني ، واضعاً قواعد للفصد تعتمد على النبض والحالة العامة ، كما دعا بروسي بتطبيق العلق وكانت ممرضته تسأل الوافد الجديد عن مكان ألمه ثم تعلق له من 10-30علقة وفق إجابته .
وفي عام 1840 كتب Boulland عن الحمى الرثوية وأثبت أنها غالباً ما تفضي إلى التهاب القلب وكان يرى أن الفصد يقي المريض من هذا الاختلاط الخطير . وفي عام 1892 كتب Osler بأن الفصد علاج جيد للالتهابات وأنه قد ينقذ حياة المريض في التهاب الرئة . ويرى أن الأطباء قد أسرفوا في الماضي باللجوء إلى الفصد كعلاج ثم هم اليوم يسرفون في الإعراض عنه، وظل يذكر الفصد في طبعات كتابه المتتالية حتى عام 1947ثم حذفه نهائياً . ولم ينتصف القرن العشرين حتى غدا الفصد منسياً أغفلته كتب الطب وغدا مذهباً مندثراً من مذاهب العلاج بعد أن تداوى الإنسان به خلال 25قرناً خاصة لمعالجة ارتفاع الضغط وفي تعزيز المناعة والوقاية من الأمراض .
ولعل أفضل ما أقدمه للقارئ العربي تحت هذا العنوان ، ما جاء في الموسوعة الطبية السوفياتية الكبرى حيث كتب البروفسور ب. كونيايف وآخرون يقولون (1) :
الفصادة هي طرح لكمية من الدم من الدورة الدموية لغاية علاجية بحتة بطريقة البزل للوريد بإبرة أو جرح الوريد أو تشطيبه وأحياناً ببزل الشريان . وهي طريقة معروفة منذ القديم، ولقد تغيرت النظرة نحو فوائدها من زمن لآخر . ففي القرن الثامن عشر كانت النظرة عن الفصادة أنها طرح لمواد سمية من البدن يؤذيه بقاؤها فيه ، وتغلبت النظرة الناقدة للحجامة في القرن التاسع عشر معتبرين إياها طريقة تقوم على الدجل وأن الأساس الذي تقوم عليه ضعيف، إلا أن الاهتمام بهذه الطريقة العلاجية عاد في أوائل القرن العشرين حيث درس تأثيرها على نطاق واسع في المجال السريري وأصبح لها استطباباتها التي تقوم على أساس علمي .
وللفصادة على العضوية تأثيرات كثيرة . وإن الطرح المقصود لكمية كبيرة من الدم في وقت قصير تعادل تأثيرات النزف الدموي الحاد . فهي تنقص الدم الجائل وينخفض معها إلى حد ما الضغط الدموي الشرياني ، وخاصة الوريدي مما يملك تأثيرات إيجابية حالة وجود فرط توتر وريدي ناجم عن قصور البطين الأيمن ، وإن عودة الدم الجائل إلى حجمه الطبيعي يتم بسرعة عقب الفصادة بسبب موه الدم Hydremia إذ تزيد نسبة الماء فيه أكثر من 15% من الحدود السوية ، وموه الدم هذا مرتبط بآلية عصبية – خلطية ناظمة لحجم الدم الجائل .
والفصادة العلاجية تعتبر مثيرة لارتكاسات العضوية الدماغية ، كما أن ما تستدعيه الفصادة من إعادة توزيع بعض العناصر في العضوية كالماء والشوارد والعناصر المكونة للدم تترافق مع زيادة نشاط آلية التنظيم العام والموضعي لدينمية الدم Hemodynamies يؤهب لتراجع الاضطرابات في الدوران الدموي . وهذا ما يوضح ما نراه بعد الفصادة من تحسن الحالة العامة للمرضى وزوال الآلام في الرأس وخلف القص .
وتلخص الموسوعة الطبية هذه استطبابات الفصادة في الحالات التالية :
1-قصور البطين الأيمن المترافق مع ارتفاع الضغط الوريدي .
2-القصور الحاد في البطين الأيسر المترافق مع وذمة الرئة .
3-حالات الارتعاج Eclampsia المرافقة لالتهاب الكلي أو الحمل .
4-الانسمامات المزمنة التي طال فيها وجود السم في الدم .
5-فرط الكريات الحمراء في الدم .
وتمنع الفصادة مطلقاً عند وجود هبوط مرضي في الضغط الدموي أو وجود نقص في حجم الدم ، كما أن من مضادات استطباباتها النسبية التصلب العصيدي الدماغي وفقر الدم من أي منشأ خاصة إذا ترافق مع ميل لتشكل الخثرات .
وهناك بعض الاختلاطات التي قد تنجم عن الفصادة غير المراقبة بسبب هبوط الضغط أو نقص الخضاب وعدد الكريات الحمر في الدم الجائل كحصول فقر دم موضعي دماغي عند المصابين بالتصلب العصيدي يعالج بإعادة حجم الدم بحقن المصورة أو نقل كمية من الدم . كما قد يحصل غشيان عند الأشخاص الضعفاء عند السحب السريع للدم حيث توقف العملية فوراً وينشق المريض الغول النشادري .
وقد أكد اختصاصي القلب " جيروم سوليفان(1) في المركز الطبي في شارلستون بولاية كارولينا الجنوبية أن فقدان الدم بانتظام قد يؤدي إلى حماية الإنسان من النوبات القلبية، فعندما يفقد الجسم كمية من الدم ، فإنه يفقد أيضاً عنصر الحديد الذي يخزنه الجسم في صورة مركب الفريتين . ويقول : إن الناس الذين يحتوي دمهم على نسبة قليلة من الحديد هم الأقل عرضة للإصابة بالنوبات القلبية ويضيف : إن أبحاثي تؤكد أن الحديد المختزن عامل شديد الخطورة ، وتأكدت هذه النظرة بعد سلسلة من الأبحاث أجراها عدد من الأطباء الفنلنديين ، الذين تابعوا مجموعة من الرجال من متوسطي العمر لمدة خمس سنوات حيث وجدوا أن الرجال الذين أصيبوا بنوبات قلبية هم الذين تزداد نسبة الحديد في دمائهم . وعلاج هذه الحالة " فقدان الدم بشكل منتظم " وهي مشكلة محلولة عند النساء بسبب الدورة الشهرية عندهن . أما عند الرجال فأفضل طريقة هي تبرعهم بالدم بشكل منتظم وبحد أدنى 3 مرات في السنة .
وقد قام البروفسور سالونين Salonen(1) وثلاثة من زملائه من جامعة كيوبيو Kuopio بفنلندا بدراسة على 2682 شخصاً ولمدة ست سنوات عن فائدة الفصادة [ عن طريق التبرع بالدم ] في أمراض القلب والأوعية فتبين أن 83% من أمراض القلب والأوعية قد اختفت بفضل التبرع بالدم أي أن معظم المتبرعين بالدم قد تخلصوا من آفات القلب والأوعية التي تصيب غيرهم من غير المتبرعين ، ولا شك أن الحجامة تشترك مع الفصادة في إدراك هذه الفوائد ، كيف لا وقد وصفها نبي الرحمة (ص) بأنها أمثل ما نتداوى به كما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه .
وقد سئل البروفسور أمير محمد صالح(2) هل تغني عملية التبرع بالدم عن الحجامة ؟
قال : التبرع بالدم ينتمي إلى الفصادة وليس إلى الحجامة ، والفصادة كما نعرفها تخلص من كمية من الدم بواسطة بزل الوريد . أما الحجامة فهي بالإضافة إلى كونها تخلص من كمية من الدم عن طريق الجلد فلها فوائد أخرى في تنبيه أماكن معينة من الجلد مستنفرة بذلك كامل الجهاز المناعي في البدن . فالحجامة تحدث تخريشاً موضعياً يستدعي تدفق الكريات البيض إلى الموضع المحجوم وتزيد في إفرازاتها المناعية مما يرفع في طاقة الجسم المناعية . ففعل الحجامة يمكن أن تشبه بتأثير الإبر الصينية بتنبيه مناطق معينة من الجلد ، لكن الحجامة تفضلها، ذلك لأن في المعالجة بالإبر الصينية يتم تنبيه مراكز الإحساس الجلدية أما في الحجامة فإنه يتم تنبيه هذه المراكز علاوة على تحريك الدورة الدموية في المنطقة وتنبيه جهاز المناعة العام في البدن/إهـ.




نصائح
بعد الحجامة
يحذر ستيفن ميكر (1) Meeker مرضاه الذين أجريت لهم الحجامة من ممارسة الجنس قبل يوم وليلة من إجرائها وكذلك بعد إجرائها مثل ذلك . كما يوصيهم بالامتناع المطلق من تعاطي المشروبات الكحولية لأربع وعشرين ساعة بعد الاحتجام ، كما أن عليهم أن يمتنعوا من تناول المثلجات والمشروبات الباردة في تلك الفترة أيضاً ، أما متعاطي الماريجوانا فيمنعهم من تناولها لمدة 48 ساعة . وينقل عن الأطباء الصينين قولهم أن داخل المريض يعتبر مفتوحاً إلى الخارج بعد الحجامة ليوم كامل ويمكن أن يلتقط البرد أو الانفلونزا سريعاً إذا تعرض للبرد لذا فهو يوصي مرضاه بحفظ المنطقة مدفأة ومغطاة خلال ذلك اليوم .
وينصح بعض المؤلفين المحجوم ألا يأكل بعد الحجامة طعاماً مالحاً أو فيه بهارات بل ينتظر لمدة ثلاث ساعات . وبشكل عام لابد أن يرتاح المحجوم ليوم أو يومين لا يجهد نفسه خلالها وأن لا ينفعل أو يغضب فالتوتر الشديد وعدم أخذ الراحة الكافية بعد الحجامة قد تكون سبباً لعودة الآلام إليه ثانية .
ويشير البعض إلى أن حرارة المريض قد ترتفع قليلاً خلال يوم من الحجامة فهذا أمر طبيعي ويزول بسرعة ، كما أن هناك بعض العوارض قد تظهر عند المحتجم كالغثيان والدوار ، وقد يحصل إسهال عند الاحتجام في الظهر فهذه عوارض طبيعية تزول خلال ساعات .
وينبغي أن يدفن الدم بعد الحجامة ، فقد قال الإمام النووي(1) :قال أصحابنا ،أي الشافعية "والدفن لا يختص بعضو من علم موته، بل كل ما ينفصل من الحي من عضو وشعر وظفر وغيرها من الأجزاء ، يستحب دفنه ، وكذلك توارى العلقة والمضغة تلقيها المرأة ،كذا يوارى دم الفصد والحجامة /إهـ.
وقد ورد الأمر بدفن الدم بعد الحجامة في عدد من الأحاديث ، كلها ضعيفة، منها ما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أم سعد رضي الله عنها أنها قالت :كان رسول الله r يأمر بدفن الدم إذا احتجم .
وقد فصلنا في رأى المذاهب الأربعة عن دفن الدم في مبحث سابق(1

عليكم بالقسط
التعريف: جاء في القاموس المحيط أن القُسْط بضم القاف عود هندي وعربي ، مدر نافع جداً للكبد والمغص والدود وحمى الربيع شرباً وللزكام والنزلات والوباء بخوراً، وللبهاق أو برص العوام والكلف والحلأ أو زوال الشعر طلاء. وأما في لسان العرب فقد ورد أن القسط عود يتبخر به وهو عقار أو علاج من عقاقير البحر يؤتى به من الهند ويجعل في البخور والدواء وهو ضرب أو نوع من الطب وهو طيب الرائحة تتبخر به النساء .
القسط في الهدي النبوي :
عن أنس رضي الله عنه أن النبي r قال : ( لا تعذبوا صبيانكم بالغمز وعليكم بالقسط ) رواه البخاري . وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قُسطاً فتحكه بماء ثم تسعطه إياه) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن . وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي r احتجم وأعطى الحجام أجره ، واستعط ) رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عباس أيضاً أن النبي r قال : ( إن خير ما تداويتم به السعوط ) رواه الترمذي .
وقد روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه أن النبي r دخل على عائشة ( رضي الله عنها ) وعندها صبي يسيل منخريه فقال : ما هذا ؟ فقالت : إنه العذرة .فقال : ويلكن لا تقتلن أولادكن أيما امرأة أصاب ولدها العذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطاً هندياً فلتحكه ثم يسعط به ) فأمرت عائشة فصنعت به فبرئ. وقد روى البخاري أن أم قيس بنت محصن الأسدية أتت النبي r بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة فقال النبي:(علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق ؟ عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب ) يريد الكست ...
وفي رواية أخرى للبخاري عن أم قيس بنت محصن أنها قالت: سمعت النبي r: "عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية: يستعط به من العذرة ويُلَد به من ذات الجنب".
وفي رواية أخرى للبخاري عن أم قيس بنت محصن أنها قالت : سمعت النبي r يقول: ( عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية : يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب ).
قال ابن حجر(1): والسعوط ما يجعل في الأنف مما يتداوى به ، وقوله ( استعط ) أي استعمل السعوط ، وهو أن يستلقي على ظهره وجعل ما بين كتفيه يرفعهما لينحدر رأسه ويقطر في أنفه ماء أو دهناً فيه دواء (ينطبق القول على أي قطرة ) ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه ( المقصود بلعومه الخلفي ) لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس . والعذرة ( بضم العين ) وجع في الحلق يهيج من الدم، وتسميها العامة ببنات الأذن. وهذا التفسير يوافق في الطب أمراض الحلق التي تترافق باحتقان دموي سواء أكان التهاب لوزات أو التهاب لهاة أم التهاب بلعوم. وكان نساء المدينة وما يزال نساؤنا حتى اليوم يلجأن إلى معالجة العذرة بالأصبع أو غمز الحلق بها. والإعلاق في اللغة أيضاً الدغر وتعني غمز العذرة بالأصبع .
وقد يلجأن إلى إدخال فتيل من خرقة في أنف المريض فيطعن به البلعوم الأنفي فينفجر منه دم . ويقال عذرت المرأة الصبي إذا غمزت أو أعلقت أو دغرت حلقه من العذرة.
ومن توجيهات النبي الكريم (1) في هذا المجال أن نبه إلى وجوب تجنب الخطأ في بعض المعالجات الشعبية والتي لا تستند إلى أساس علمي فنهى النساء عن مثل هذه المعالجة القاسية والمؤذية أحياناً مقدماً لهن العلاج الأمثل في هذه الحالة وهو القسط . قوله ( ويلد به من ذات الجنب ) يعني يسقاه في أحد شقي فمه وهو تنبيه إلى طريقة لسقي المريض دواء عندما لا يتمكن من الجلوس أو من تناوله بيده أو عندما يثير ذلك ألماً شديداً لديه ، واللدود ما يسقى الإنسان في أحد شقي الفم، أخذ من لديدي الوادي وهما جانباه، واللدود (بضم اللام ) الفعل. فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي r قال : ( خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي) رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب .
وروى زيد بن أرقم أن النبي r قال : ( تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
ولقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة القسط مع الشب اليماني وزر الورد، وسقوط اللهاة هو ضخامتها المتأتية عن التهابها .
وقال الموفق البغدادي (1) ( وذات الجنب قسمان: حقيقي وهو ورم حاد يعرض في الغشاء المستبطن للأعضاء، وغير حقيقي وهو ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات، إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخس).
وقال الدكتور القلعجي (2) معلقاً : تنطبق هذه العلامات على التهاب الغشاء المبطن للرئة Pleurisy الذي يترافق بألم حاد شديد يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال بالإضافة إلى سعال جاف وارتفاع حرارة وإنهاك القوى العامة وقد يتجمع في الغشاء سوائل في بعض الحالات . ويرى الدكتور النسيمي أن ذات الجنب الواردة في الأحاديث هي الألم الجنبي الناتج غالباً عن البرد أو الرثية ( الروماتيزم ).
وذكر الكحال ابن طرخان(1) طريقة المعالجة بالقسط للألم الجنبي فقال : يدق القسط ناعماً ويخلط بالزيت المسخن دون غلي أو قلي ويدلك به مكان الألم ، ويلعق .
أما ابن القيم (2) فقد أكد هذا المعنى بقوله :( والعلاج الموجود في الحديث عن آفة في الصدر تنجم عن ريح غليظة فإن القسط البحري إذا دق ناعماً وخلط بالزيت المسخن ودلك به مكان الريح المذكور أو لعق كان دواء موافقاً لذلك نافعاً له محللاً لمادته مذهباً لها، مقوياً للأعضاء الباطنة ).
قوله r ( فإن فيه سبعة أشفية ):قال البخاري : قال الراوي: فسمعت الزهري يقول : بين لنا اثنتين ولم يبين لنا خمسة . وقال ابن حجر: كذا وقع الاختصار في الحديث عن السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوي أو اقتصر على الاثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما. وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاء .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما. قال الموفق البغدادي ( وفي جمعه r بين الحجامة والقسط سر لطيف وهو أنه إذا طلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد أثر المشاريط وهذا من غرائب الطب فإن هذه الآثار إذا نبتت في الجلد قد يتوهم من رآها أنها بهق أو برق والطباع تنفر من هذه الآثار. فحيث علم ذلك مع الحجامة ما يؤمن من ذلك. والقسط قد جعله النبي r أمثل ما يتداوى به لكثرة منافعه، ينفع الفالج ويحرك الباه وهو ترياق لسم الأفاعي، واشتمامه على الزكام يذهبه، ودهنه ينفع وجع الظهر).
قال ابن حجر: ويحتمل أن تكون السبعة أصول التداوي بها لأنها إما طلاءٌ أو شربٌ أو تكميد أو تقطير أو تبخير أو سعوط أو لدود. فالطلاء يدخل في المراهم ويحل بالزيت ويلطخ، وكذا التكميد. والشرب يسحق ويجعل في عسل أو ماء وغيرها. وكذا التقطير والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف والدهن والتبخير واضح. وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم .
وخلاصة ما كتبه شراح الحديث (1) أن نبات القسط، الموصوف في السنة، نبات يعيش في الهند وخاصة كشمير وفي الصين، وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت القسط البحري. كما كان يسمى بالقسط الهندي. وقد يدعى الأبيض بالقسط البحري والأسود بالهندي كما ورد في السنة باسم العود الهندي كمترادفات، إلا أنه من غير شك غير العود الهندي الذي يتخذ في البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان. وقال البخاري تحت باب السعوط بالقسط الهندي والبحري، وهو الكست ( بالقاف والكاف) مثل كافور وقافور وكشت وقشطت.
قال ابن القيم : القسط نوعان: أبيض يقال له البحري وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة والأبيض ألينهما ومنافعهما كثيرة: ينشفان البلغم، قاطعان للزكام، وإذا شربا نفعاً من ضعف الكبد والمعدة وقطعاً وجع الجنب ونفعاً من السموم وإذا طلي الوجه بمعجونه مع الماء والعسل قلع الكلف .
ويرى الدكتور النسيمي أن القسط الأبيض المر الذي يكون بلون البقس والذي يكثر في بلاد الشام والمسمى لذلك بالقسط الشامي والذي يعرف أيضاً بـ(الرندة)ليس هو القسط الذي وصفه النبي الكريم r ، وليس له فائدة القسط الهندي أو البحري .
أما قسط أظفار فهو نوع من الطيب غير القسط الذي نتداوى به، وقد ورد ذكره في صحيح البخاري عن حفصة عن أم عطية قالت: (كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرً ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوباً مصنوعاً إلا ثوب عصب وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار ).
وذكر ابن حجر في تعليقه على حديث ( القسط البحري....) : هو محمول على أنه وصف لكل ما يلائمه فحيث وصف الهندي كانت الحاجة إلى معالجة أشد حرارة، وحيث وصف البحري كان دون ذلك في الحرارة .
أما الدكتور أحمد الرشيدي (1) فقد ذكر أن للقسط Costus نحواً من 15 صنفاً وأن الأصلي منه هو القسط الجميل C.Speciosus ومأواه الهند، ومن أنواعه القسط العربي C.Arabicus. وذكر أن ابن سينا نقل عن ديسقوريدس بأن للقسط ثلاثة أنواع: صنف أبيض خفيف عطري هو القسط العربي أو البحري، وصنف أسود خفيف غليظ قليل العطرية هو الهندي، وصنف ثالث ثقيل يشبه خشب البقس، رائحته ساطعة هو القسط الشامي .
وينقل عن الدكتور ميره قوله أننا إذا جرينا على كلام المؤلفين نسبنا الجذر الذي يسمى عندنا الآن بالقسط العربي للقسط الجميل وهو أبيض فطري مائي عذب الطعم يقرب قليلاً لرائحة الزنجبيل، وهذا يوافق أيضاً ما يسمى بالقسط الحلو C.Duleis.
مكانة القسط Costus في الطب الحديث:
ذكرت مجلة التايم (1) في صفحتها العلمية (1999) أن القسط نبات ينمو بشكل عشوائي بدون زراعة في منطقة الهيمالايا الحاوية على قمة أفرست الأعلى ارتفاعاً في العالم . ويعتبر القسط أهم ركائز الطب التيبتي التقليدي. وقد كان الكنهة هناك لا يكشفون عن طبهم هذا إلا لأمثالهم ليبقى سراً بينهم إلى أن جاء زعيمهم الأخير دالاي لاما فأسس كلية للطب التيبتي لتعليم أي كان وذلك في منطقة Dharamsala ( ضر مسلاً ) على الحدود الهندية للتيبت ليحافظ على ذلك الطب من الاندثار. وبدأ الكهنة في التيبت يسوقون وصفاتهم الطبية على شكل خلطات مرقمة لشركة بادما Padma السويسرية ومنها الخلطة رقم 28 لإذابة جلطة أوعية الساق وفيها خلاصات من نبات القسط، إذْ ليس في جعبة الطب الحديث دواء ناجع لها سوى الطلب إلى المريض عدم تحريك ساقه لأسابيع حتى تذوب تلك السدادة ببطء وحتى لا تنطلق إلى الدوران الدموي فتحدث خثرة في مكان آخر.



ويذكر معجم أسماء النبات (1)أن القسط على شكلين:
قسط العود الهندي والقسط المر البحري من عائلة الزنجبيليات. وله أنواع كثيرة عدد منها كتاب المرجع المفهرس لأصل السلالات النباتية:
القسط العربي:
ويستعمل في أوربا لأمراض الكبد.
والقسط المهدب:
المنتشر في فنزويلا لمعالجة مرض الزهري، والقسط الأسطواني في أمريكا
الوسطى المستعمل أيضاً لمعالجة بعض الأمراض التناسلية كما هو مطهر للدم. وقسط الزهاد في الباراغوري من أجل الإخصاب، والقسط الحريري في جزر كارولين في المحيط الهادي لمعالجة الدمامل والقشعريرات، والقسط النوعي في أوربا وجزر هاواي والهند وجاوة والملايو من أجل علاج الثعلبة والإمساك المزمن والربو والتهاب القصبات وسرطان الفم والكوليرا والسعال والاستسقاء والزحار والحميات والرمال والجذام والتهاب العين وعضة الأفعى وغيرها. والقسط الشوكي في الدومينيكان بأريكالدنسو طارد للريح ومدر للبول ولمعالجة الاحتقان و الروماتيزم .. والقسط اللولبي في البرازيل للأورام.
وقد ذكر المرشد إلى المصادر العالمية للنباتات النافعة (1)أن للقسط أنواعاً كثيرة، وأكد على المنافع الطبية لثلاثة أنواع:
القسط الجميل Costus Speciosus:
وهو المسمى أيضاً بالقسط العربي C.Arabicus وهو ينتشر تلقائياً في جنوب شرقي آسيا من جبال هيميالايا وحتى سيلان وفي الهند الصينية والفيليبين وتايوان. ويزرع في الهند وأندونوسيا وتؤكل سوقه الحاوية على 24% من تركيبها على النشاء. ويستعمل علاجياً في آفات الصدر والسعال والربو.
القسط الأفريقيC.Afrri
ويسميه الانكليز Ginger lily وهو منتشر في أفريقيا الاستوائية، تستخدم جذوره لتحضير عجينة لصنع الورق. أم طبياً فيستعمل مسحوق سوقه لمعالجة السعال. أما الصبغة المحضرة من جذوره فتدخل في عداد تركيبة دوائية لمعالجة داء النوم. وتطبق أوراقه المسلوقة موضعياً لمعالجة الرثية، أما الجذور المسلوقة فتفيد موضعياً لشفاء التقرحات الجلدية .
القسط الموبر C.Villiosissimus
ومن أسمائه C.Spicatus,C.Spetimus وينتشر في كولومبيا وأمريكا الاستوائية وخاصة في البيرو وغويانا ويستعمل طبياً لعلاج النزلات الشعبية وخاصة المعوية منها وفي حمى التيفوس .
وفي كتاب النباتات النافعة في غرب أفريقيا أشار J.Dalziel فقط إلى القسط الأفريقي وأكد فائدته كدواء للسعال حيث يؤخذ مغلي سوقه أو مدقوق ثمرته أو تعلك سوقه طازجة وقد يستعمل مغلي جذوره لنفس الغرض. كما تطبق أوراقه المسلوقة كمادة محمرة لمعالجة الآلام الرثوية. ويشير إلى ما يعتقده سكان سيراليون وساحل الذهب وغيرها حول القدسية لهذه المادة العلاجية عندهم .
ويذكر قاموس وبستر (1) Webster زيت القس Costus Oil وأن هذا الزيت أصفر فاتح اللون يستخرج من الجذر العطري للقسط وهو عشب ينمو في كشمير( القريبة من التيبيت ) ويستعمل في حماية الفراء وصناعة العطور .
ويقسم كتاب أزهار العالم (2) القسطيات إلى 4 فروع و200 نوع وهي نباتات إستوائية وحيدة الفلقة تشابه عائلة الزنجبيليات ولكن ينقص أوراقها الرائحة العطرية لتلك العائلة.
والقسط هو الفرع الأكبر من القسطيات ويحوي مائة وخمسون نوعاً. أشهر أنواعه القسط الناري البرازيلي ذي الأزهار الصفراء البرتقالية على جذوع ورقية، وهذه الأوراق مستطيلة ومستدفة ومرتبة بشكل لولبي، وتحتاج زراعتها لمناخ حار وتربة غنية وسقاية جيدة وحماية من التعرض المباشر لأشعة الشمس، والقسط العجيب موجود من شرق أفريقيا إلى غربها حيث يشكل أحزمة من الورود ملتصقة بالتربة وبأوراق ثخينة تجلس في وسطها أزهار صفراء أو برتقالية لا ساق لها .
أما كتاب الأزهار البرية للعالم (1) فقد أورد أن للقسط 150 نوعاً في كل المناطق الاستوائية من العالم، وتتتميز عن بقية الزنجيليات بضخامة حوافها وبروز السدى. وأهم أنواعها القسط العجيب وهو نبات الأماكن الصخرية الرعوية المغطاة بالأشجار المتناثرة ويمتد انتشاره من السنغال وعلى طول ساحل إفريقية الغربي إلى شرق إفريقيا الاستوائية وأنغولا ويتألف من حزام وردي بأربعة – 6 أوراق مستديرة وممتلة شيئاً ما. غالباً ما تتلون بالأحمر الأرجواني، حوافها مشعرة وممتدة باسترخاء على التربة. وتظهر الأزهار بدون ساق بلون برتقالي ناصع من تاج الحزام الوردي وبزمن واحد مع الأوراق ثم يتبع ذلك ظهور الثمار ذات المحفظة الغشائية، إلا أن أحزمة الورد في القسط العجيب تختلف عن بقية الأنواع.
ويرى الدكتور ظافر العطار أن القسط الجميل والقسط النوعي شيء واحد لأن الاسم اللاتيني لهما واحد Costus Specious .
وختاماً، وحيث لم نجد أبحاثاً حديثة تكشف أسرار هذه المادة العلاجية النبوية التي دعانا إلى التداوي بها من لا ينطق عن الهوى وأنها من أمثل الأدوية وتحدثنا عن جواهر فعالة مدروسة فيها فإننا نحث هم الباحثين من علمائنا وأطبائنا لدراسة هذه النبتة ومعرفة خواصها الدوائبة واستطباباتها السريرية في مختلف الأمراض .

===========
تم منقول من ايميلي







رد مع اقتباس
قديم 04-12-2005, 12:19 PM   رقم المشاركة : 7
سطام الشمري
مستشار الرائدية
 
الصورة الرمزية سطام الشمري
الملف الشخصي







 
الحالة
سطام الشمري غير متواجد حالياً

 


 



mahrooom

يعطيك العافية على هذه التغطية الرائعة







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 05-12-2005, 08:03 AM   رقم المشاركة : 8
mhrooom
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
mhrooom غير متواجد حالياً

 


 

هلا والله فيك سطام
واهم شي الواحد يفيد ويستفيد من غيره ومع غيره







رد مع اقتباس
قديم 15-12-2005, 10:06 AM   رقم المشاركة : 9
ابتسـ ألم ـامة
,. مؤسس الرائدية
 
الصورة الرمزية ابتسـ ألم ـامة
الملف الشخصي







 
الحالة
ابتسـ ألم ـامة غير متواجد حالياً

 


 



هــلا وغــلا
أخوي mhrooom



موضوع قيم


وفي فائدة كبيرة



أما بالنسبة للترجمة


فلابد أن تكون من متخصص بالترجمة


وإن شاء الله نرى مثل هذه الكتب الرائعة


مترجمة لجميع لغات العالم



لك الشكر على هذا النقل المتميز


يعطيك العافية







كلمــات مــن ذهــب

لايعـدم الصبـور الظفـر
وإن
طــــال الزمــــان







التوقيع :







تابعونا على ../ فيس بـــوك و تويتــــــــر ..!!
http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=116374

رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
*¤®§(*§برنامج حفل التخرج §*)§®¤* الابتدائية 11 إرشيف منتدى المدارس 7 03-06-2011 08:43 PM
التجرد من القوانين ..!! عبدالعزيز الاحمد منتدى المقالات والكتابات الشخصية 22 05-04-2011 08:24 PM
اوقات الحجامه الروحاني المنتدى الإسلامي 3 01-08-2007 12:22 PM
الحجامه -موانعها ومواضعها ومستحباتها وخطواتها - ابو ايمان المنتدى الإسلامي 5 24-04-2007 04:22 PM
هيا لنلقى نظره مقربه عن( الحجامه ) سوليتير :: منتدى الرائدية الصحي:: 10 29-03-2006 01:10 PM



الساعة الآن 07:20 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت