السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه من والاه وبعد:
من عاش في هذه الدنيا وتقلب في أيمها ورحمه الله وأمد في عمره. وسلم من الاسقام والاوجاع وفجأة الموت وبغتته. فإن عمره كما قال _ عليه الصلاة والسلام _لن يتجاوز السبيعن: ((أعمار أمتي مابين الستين والسبعين)) رواه الترمذي
وإذا سلمنا بفترات الطفولة وعدم النضج في استثمار الفرص واستغلال مواسم العبادة . فإن موسم شهر رمضان المبارك يمر على الناس أربعين مرة قي عمره كله وهي فرصتة قليلة الانقضاء سريعة المرور.
امرأة عجوز كبيرة في السن نشأت وترعرعت في بيت علم وعبادة . هذه المرأة تجاوز عمرها الثمانين عاما . وكانت قي أواخر أيامها تقول عن الدنيا وسنواتها الثمانين:إنها كالسحاب. مرت كطرفة عين ! وكان دينها قراءة كتاب الله _ عزوجل_ وحديثها التذكير بأهمية الوقت وسرعة انقضاء العمر . والحرص على اغتنامه في الطاعة .
فجأة بدأ بصرها يضعف وأتي لها بمصحف كبير لتقرأ فيه. وبدت المشقة ظاهرة عليها حين القراءة. واستمرت الحال شهورا. لما أتت السنة التالية بدأ البصر يخفت شيئا فشيئا حتى أصبحت لاترى إلا الضوء الباهر . عندها قال لها أحد الاحفاد وهو يتحدث من نظرته للدنيا ومحبته لها : الان ياجدتي لاترين صغار الاطفال ولا تبصرين الاحفاد قالت وهي ترد سوء الفهم عنها : ياولدي تكدرت أيامي وطال حزني . لم اعد أرى حروف المصحف.
هذه حال امرأة مسنة أرهقها الزمن وأتعبها المرض . أما تلك الفتاة الشابة حفيدة عائشة وفاطمة _ رضي الله عنهما _ فإنها تقرأ في رمضان مابين المغرب والعشاء ثلاثة أجزاء من القران: وهذا الوقت غفل عنه الكثير حتى من الاخيار..!
إنهم أصحاب الهمم في كل المراحل شيبا وشبابا :(((أولئك يسرعون في الخيرات وهم لها سبقون))) (المؤمنون :61).
ونحن في هذا الشهر الكريم ياترى كيف حالنا مع كتاب الله_عزوجل إنها فرصة لن تعود .وأيام لن تتكرر . قال ابن الجوزي ((فإذا عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا: فرضنا ستين سنة. فإنه يمضي منها ثلاثين سنة في النوم .ونحو خمس عشرة سنة في الصبا . فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمطاعم والمكاسب .فإذا خلص للاخرة وجد فيه من الريا والغفلة كثيرا ..... فبماذا تشتري الحياة الابدية وإنما الثمن هذه الساعات ؟!)).
ألى من أمد الله في اجالهم هذه الايام . أين المسارعة ألى الخيرات .والمسابقة إلى جنة عرضها الارض والسموات؟